الطرد يمكنه أن يكون إنسانياً.. وفوائده تطال الجميع
كل مدير يعرف «أصول» عملية الطرد. حديث مباشر مختصر لا لبس فيه، مرافقة الموظف الى الباب وحجب حق دخوله الى بيانات الشركة والبريد وأي أمور أخرى تتعلق بعمله السابق. هي عملية صعبة وتأثيرها النفسي سلبي على الطرفين ولكن بطبيعة الحال المتضرر الأكبر هو الذي يتعرض للطرد، لانه يخسر مصدر دخله ويتم عرقلة مسيرته المهنية كما أن للطرد تأثيره النفسي السلبي الذي يستمر لفترة طويلة. الإلتزام «بقواعد» عملية الطرد لم يعد يجدي نفعاً وعليه باتت الشركات تبحث عن مقاربة أكثر إنسانية لإبلاغ الموظف بأنه سيخسر عمله.
المقاربة المعتمدة حالياً يتم تسميتها «بالإنفصال الواضح» وهي قائمة على مقاربة تتعامل مع الموظف كإنسان له مشاعره وله أحلامه وطموحاته. فما هي الأسس التي تقوم عليها هذه المقاربة وما هي فوائدها للشخص الذي يتعرض للطرد وللشركة التي تقوم بالطرد؟
عملية الطرد الإنسانية
عادة في عمليات الطرد التقليدية يتم إبلاغ الموظف بقرار فصله عن العمل من دون إنذار مسبق، وعليه يكون الامر مفاجئاً ومباغتاً. ولكن المقاربة الإنسانية تتطلب وضع الموظف في الأجواء العامة قبل الطرد.
المقاربة الإنسانية لعملية الطرد تشجع الموظف على البدء بالبحث عن عمل قبل أن يتم طرده فعلياً. رغم أن المقاربة لا تحدد مهلة زمنية ولكن عادة يتم منح الموظف بمنصب «عادي» مهلة ٦ أسابيع و ٣ أشهر للذين يشغلون مناصب عليا. ولكن المهلة الزمنية هذه مرنة إذ يمكنها أن تكون أقل، في حال عثر على وظيفة خلال مدة زمنية أقصر أو يمكنها ان تكون اطول في حال لم يكن قد عثر على بديل بعد. ولكن في هذه الحالة الاخيرة غالباً ما يتم اعتماد مقاربة اكثر «جدية» في حال كان الموظف لا يبذل ما يكفي من الجهود للعثور على بديل.
بعض الشركات تسمح للموظفين بالتغيب خلال ساعات العمل في حال كان هناك مقابلة عمل في مكان آخر ولكن «هامش» الغياب المسموح به محدود. بطبيعة الحال المطلوب من الموظف في المقابل القيام بعمله داخل الشركة على أكمل وجه.
بعض الشركات قد تذهب الى أبعد من ذلك وتساعد الموظف على العثور على وظيفة في مكان اخر لأن هبالنسبة لهذه الشركات الموظف الذي «لا ينفعها» لا يعني بأنه غير نافع لشركات أخرى ولا يعني ذلك بالتأكيد أنه موظف سيء.
الجهات الرابحة في هذه المقاربة هي الموظف الذي يتم طرده، المدير، وبقية الموظفين الذين لم يتم طردهم.
كيف يستفيد الموظف الذي تعرض للطرد؟
الموظف الذي تعرض للطرد يصعب عليه العثور على وظيفة، واقع يعرفه الجميع. بينما الموظف الذي ما زال في عمله ويبحث عن خيار اخر فإن حظوظه بالتأكيد مرتفعة. اي شخص يتقدم للعمل في شركة ما ويكون معروفاً بانه تعرض للطرد فهو «يظلم» وبشكل تلقائي ويتم الإستنتاج بانه موظف سيء.
كيف تستفيد الشركة من المقاربة الانسانية للطرد؟
في الواقع الشركة هي التي تستفيد أكثر من غيرها من خلال تبني هذه المقاربة الإنسانية لعملية الطرد وذلك من خلال النقاط التالية .
- علاقات أفضل مع الموظفين: الموظف الذي تم طرده بشكل إنساني لن يغادر الشركة وهو يكن مشاعر الكره والضغينة للشركة. الموظفون الذي لم يتم طرده سيشعرون أيضاً بالراحة النفسية وبالتالي سيجدون أنفسهم يعملون في مكان يمكنهم الوثوق به. فهم يدركون بأنه في حال حان دورهم يوماً ما فإن الموقف لن يكون صعباً أو مهيناً أو مدمراً على الصعيدين المالي أو المهني.
عملية إنتقال أسهل: الوقت الذي يتم منحه للموظف للعثور على وظيفة اخرى أيضاَ يمنح الشركة الوقت للعثور على بديل جيد. فعوض الإسراع في عملية التوظيف فقط من أجل سد الفراغ، الشركة ستملك وقتها الكامل من أجل العثور على بديل مثالي يمكنه القيام بعمل أفضل من الذي سبقه.
الحد من خطر التعرض للملاحقة القانونية: كل عملية طرد تجعل الشركة عرضة للملاحقة القانونية بغض النظر عن كل الإحترازات التي يتم أخذها. بشكل عام هناك دائماً خلل ما في مكان ما وبالتالي يسهل مقاضاة الشركة بسبب المعاملة غير العادلة. ولكن حين يتم منح الموظف الوقت من اجل العثور على بديل فإن إمكانية قيامه بملاحقة الشركة قانونياً تصبح شبه معدومة.
كسب زبائن جدد: الشخص الذي تم طرده بشكل إنساني قد يتحول الى زبون مستقبلي وتشجيع اخرين ليكونوا كذلك. وهو سيتحول الى مصدر لدعاية مثالية للشركة التي تعاملت معه بشكل إنساني. أما الشركة التي تطرد موظفها بشكل تعسفي أو وفق المقاربات التقليدية فهي تكسب عدواً همه الوحيد سيكون تشويه السمعة.
الموظفون الاخرون يستفيدون أيضاً
طرد الموظف بشكل مفاجئ سيشكل صدمة للاخرين الذي يعملون معه لسنوات. هم سيشعرون بالخوف على مركزهم كما أنهم سيشعرون بالإرتباك وبعض المشاعر السلبية بحكم ان «جارهم» في المكتب المجاور لن يعود مجدداً. ولكن وبما أن عملية الطرد تمت على دفعات وتم منح الشخص الوقت والمساحة للعثور على بديل يعود عليه بالفائدة فإن الموظف سيشعر بأنه يعمل في شركة تحميه وتحمي مصالحه كموظف.
هل تنفع المقاربة هذه لجميع عمليات الطرد؟
في حال كانت عمليات الطرد تتم بشكل فردي بين حين واخر فالمقاربة الإنسانية لعملية الطرد نافعة ويمكن تطبيقها. ولكن إن كانت الشركة تقوم بتسريح عدد كبير من الموظفين فحينها لا يمكن تطبيق المقاربة الإنسانية لعملية الطرد لان الشركة لا يمكنها احتمال تكلفة منح كل هؤلاء وقتاً إضافياً.