كيف يساند الرئيس التونسي السبسي المرأة في قضايا الإرث والمساواة مع الرجل ؟
يصنف الرئيس التونسي قائد السبسي بأنه نصير قوي للمرأة، وهو لا يوفر ُمناسبة لاعلان بشجاعة بأن بلاده "ستمضي في إقرار المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، بما في ذلك المساواة في الإرث".
الرئيس التونسي يكشف تفاصيل رسالة وجهها لولي العهد الأمير محمد.. ويتحدث عن رأيه في التحالف العربي
وفي تصريح للسبسي الذي اختارته مجلة الرجل شخصية غلافها الجديد، والذى جاء في خطاب ألقاه مؤخراً في قصر الرئاسة بقرطاج، بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة، وبحضور أعضاء الحكومة والبرلمان وممثلين عن أحزاب ومنظمات تونسية، أكد فيه أن "الدولة ملزمة بتحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وضمان تكافؤ الفرص بينهما في تحمل جميع المسؤوليات، وفق ما نص عليه البند 46 من الدستور".
الرئيس التونسي السبسي يروي تفاصيل 60 عاما قضاها في عالم السياسة
واستطرد قائلا: ّ"لدي ثقة بذكاء رجال ّالقانون، وسنجد صيغاً قانونية لتجنب الاصطدام بمشاعر التونسيين، بما لا يتعارض مع الدين ومقاصده، ولا مع الدستور ومبادئه في اتجاه المساواة الكاملة".
وتابع "لن نمضي في إصالحات قد تصدم مشاعر الشعب، الذي في أغلبه مسلم، لكننا نتجه نحو المساواة في جميع الميادين".
ودافع السبسي عن رؤيته موضحاً أن "الإرث ليس مسألة دينية وإنما مسألة بشرية، لهذا يمكن الحديث عنه، وأن العقل القانوني التونسي سيجد الصيغ الملائمة لمشروعية الإرث التي لا تتعارض مع الدين ومع القانون". على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أشار إلى "أنه من بين 217 مقعداً في البرلمان هناك 75 ّ نائب امرأة، وقد قدمن إضافة لا يستهان بها في مجال التشريع".
الرئيس التونسي يكشف حقيقة مشاركته في ثورة الياسمين ورؤيته الإصلاحية للبلاد
وأوضح أن "النساء يمثلن %60 من العاملين في قطاع الطب، و%35 في الهندسة، و%41 في القضاء، و%43 في المحاماة، و%60 من حاملي الشهادات العليا، كما أن المجتمع المدني يقوم على المرأة أساساً".
وسبق أن تقدم 27 نائباً، من كتل برلمانية مختلفة، بمبادرة تشريعية تتعلق بتحديد نظام المنابات (الأنصبة) في الميراث، تتضمن ثالثة بنود، وتقر المساواة في الإرث بين المرأة والرجل.
ولاقت المبادرة معارضة شديدة داخل البرلمان، وتوقفت النقاشات فيها منذ أشهر، دون تقديم مبررات لذلك.
ولا تزال تصريحات رئيس الجمهورية التونسي الباجي قائد السبسي تتفاعل في المجتمع التونسي، وتثير عدداً من ردود الفعل.
مواقف السبسي، دفعت بالمكتب التنفيذي لحزب "تيار المحبة"، لإطلاق عريضة شعبية على موقع "فيس بوك"، تطالب مجلس نواب الشعب بسحب الثقة منه وعزله، بتهمة مخالفته الصريحة للفصل الأول من الدستور.
بالمقابل ساند مئات التونسيين على الشبكات الاجتماعية، مطالب السبسي لأنها "حداثية وشجاعة".
ويتصف السبسي بالشجاعة في مواجهة خصومه وطرح افكاره الليبرالية، فهو لم يتوقف عند حق المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل، بل كان آخر ما دعا اليه، ضرورة مراجعة القانون المتعلق بمنع التونسية من الزواج بغير المسلم.
ويرى السبسي أن الحرية هي اساس المواطنة، ما دفعه مؤخراً الى إصدار بلاغ رئاسي يعلن إحداث لجنة الحريات الفردية والمساواة لدى رئاسة الجمهورية.
وستتولى هذه اللجنة "إعداد تقرير عن الإصالحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة، استناداً إلى مقتضيات دستور 27 يناير 2014، والمعايير الدولية لحقوق الانسان،
والتوجهات المعاصرة في مجال الحريات والمساواة.
ويعوّل السبسي الذي اختارته مجلة الرجل شخصية غلافها الجديد على الشباب، يصغي إليهم، ويحيط نفسه بعدد ممن يعملون معه في القصر، ويحرص على الاهتمام بمشكلاتهم، وإيجاد الحلول لها من خلال تفعيل التنمية في البلاد ومكافحة الفقر وتحسين الظروف الاقتصادية، ويبدو واضحا من كلام الرئيس التونسي أنه يولي أولياته للشباب والتنمية والازدهار وترسيخ معنى المواطنة. حيث يمثل الشباب التونسي حوالي ٦٠٪ من عموم التركيبة السكانية في البلاد ولها دور مهم في الشأن العام، اذ يعتبر الشباب في تونس هم مفتاح النجاح والنهضة.
ويملك الباجي قائد السبسي الذي بلغ التسعين من عمره ارثا نضاليا طويلا حيث يعود العدد الى البدايات وكيف نشأ الرئيس التونسي والظروف المحيطة به والتي يتحدث عنها الرئيس قائلا: "عشت وحيداً في صغري، وكان يمكن أن أنحرف بسهولة أمام الظروف التي عشتها، لكن المولى سبحانه وتعالى وفقنا وأرشدنا الى الطريق السوي".
كما يتوقف العدد عند الحياة العائلية للرئيس ويستعرض اراء الأشخاص المحيطين به من عائلته المقربة، كيف يصفونه وكيف يقضي وقته خارج إطار عمله.
أما فيما يتعلق بالحياة السياسية فيدخل العدد في دهاليزها وذكرياتها التي تعود لأكثر من تسعين عاما منذ عهد بورقيبة زميل الدراسة مرورا بانقلاب زين العابدين بن علي وصولا الى الثورة التونسية عام ٢٠١١ ثم دخول البلاد مرحلة سياسية جديدة شعارها الحرية التي يتحدث عنها السبسي قائلا: " صون الحرية من شطط أنصار الحرية كان أصعب بكثير من مقاومة اعداء الحرية".
وبالنسبة للعلاقة مع السعودية يؤكد السبسي بأنها علاقة استراتيجية ويعدّها امتداداً لما بدأه الزعيم الحبيب بورقيبة خلال زيارته للسعودية، ولقائه الملك عبد العزيز رحمه الله، عام 1951، أي قبل استقلال تونس بسنوات.
ويرى الرئيس التونسي أن السعودية لم تكن اليوم فقط، مركزاً مهماً للقرار السياسي والتأثير، ولكن اليوم كلنا مدعوون لأن نرص الصفوف أمام التحديات" وبرأي السبسي أن السعودية بقيادة الملك سلمان، "تقوم بدور أساسي في العالم العربي اليوم، ومتفائل بالمستقبل، غبنا زمناً عن هذه الأوضاع التي تتغير بشكل متسارع في المشهدين الإقليمي والدولي، وأعتقد أن السعودية واضحة وتعرف ما دورها ودور العرب، وضرورة التضامن والتآلف والتآزر الذي يجعلنا نصمد أمام كل التحديات".
كما عبر عن يقينه بأن الأمير محمد بن سلمان جدير بالثقة يتمتع بكياسة وفطنة وحماسة الشباب للتطوير والرقي والازدهار.
ويؤيد السبسي التحالف الإسلامي بقيادة السعودية، ويرى أن "مبادرة التحالف ضرورة، لأن العالم يقول لنا عن سوء أو حسن نية، إن الكل يحاربون داعش، وأنتم العرب ساكتون، وهذه أمور خاطئة؛ تونس مثلاً ضحية الإرهاب، ويجب ان تكون في المقدمة لمحاربته، ولهذا نحن مع هذا التحالف".