لماذا ينجحون..
ينحازون لخياراتهم ويمتلكون الثقة والجرأة على اتخاذ القرارات الصعبة. يقررون الإبحار في اللحظات التي يخشى فيها الآخرون الاقتراب من الشاطئ. ولهذا هم ينجحون ويصنعون الفرق. هم يفتحون آفاقاً جديدة ويقودون برؤاهم إلى عوالم جديدة.
فالنجاح قريب من الإنسان، يحتاج إلى خطوات وإرادة؛ فأقرب لحظات النجاح هي فترات اليأس، اذا ما تجاوزها الشخص وكثف جهوده؛ فهو يصل لأنه في الأغلب في الشوط الأخير قبل الوصول الى منصة النجاح، وكما يقولون: نور الفجر يبزغ بعد الظلام الحالك.
الناجحون لديهم مناعة ضد الأصوات السلبية، فهم يتجاهلون هذه النداءات المحبطة أو الآراء المثبطة للهمم، ويتغاضون عن محاربي النجاح، وهم في عالمنا كثر. هولاء الذين يتجاهلون تطوير أنفسهم ويتفرغون لحسد الآخرين ومحاربتهم.
وحينما يشعر الشخص بشدة الحروب التي تقوم حوله وتستهدفه، تكون ردة فعله مضاعفة جهوده والتركيز على برنامجه الذي يسير فيه، فهو يدرك انه لو تفرغ للرد على الآخرين والدخول في مهاتراتهم، فسيفشل مشروعة ويفرط في وقته في أمور جانبية لن تنتهي.
في داخل كل قصة نجاح، تجربة فشل، لكنها تجربة تبني ولا تحطم؛ هذه المحطات التي تقوي الانسان في مسيرته، فرجل الأعمال يحكي لك عن خسارته المؤلمة في أول مشروع له، ولكنها كانت المحفز لمشاريع ناجحة ومثمرة. المخترع يعترف بأن فشله الدراسي وتعثر تجاربه العلمية، كانا السبب في أنه واصل حتى حقق إنجازات علمية. والروائي الذي كان يعتقد ان أول رواية ستحقق جائزة نوبل، اكتشف ان كل دور النشر رفضتها لرداءتها، ولكنه لم يتوقف ويبكي حظه العاثر، بل رآها فاصلة بين مرحلة وأخرى، واستمر يثابر، حتى فرض اسمه وإبداعاته.
كل هذه التجارب والقصص تعطينا خلاصات مهمة: أن المثابرة والالتزام ووجود هدف يسعى من اجله الشخص ويكافح، هو مفتاح لنجاحات كبيرة، ويحقق فيها ذاته والرضا عن نفسه؛ فالامكانات موجودة ولكن الأهم هو استثمارها.
الاحلام والطموحات حق مشروع لكل شخص، لكن أن نحلم دون أن نترجم هذا الحلم الى واقع، هو تمسك بالوهم وابتعاد عن الواقع. والمصارحة مع الذات وسيلة مهمة لبناء رقيب ذاتي يكون المقيّم لنجاح الشخص وتطوره.
في كل مسيرة، مرحلة توقف أو تراجع، ولكنها حالة طبيعية في أي رحلة، فالتراجعات جزء من ضريبة الحياة، والمحطات المقبلة تلتهم تعثرات التجارب الماضية، وهذا يجعل الشخص اكثر صلابة وثقة بأنه سيحقق ما يسعى اليه؛ فالتأخر في الوصول لا يعنى الغاء الرحلة.
مقياس النجاح ليس كم يحقق الشخص من ثروة او منصب، بل هو في القدرة على استثمار امكاناتك وقدراتك، فالمقارنات غير عادلة، والصور من الخارج تبدو خادعة أحياناً؛ فحينما ننجح ونكون متوازنين في حياتنا، فإننا نسعد بها وبمن حولنا، ثم بنجاحنا، لأن فقدان ترتيب الأولويات هو ضياع لكل إنجاز يصنعه الانسان.
نعم؛ نستطيع ان ننجح، و في الوقت نفسه، نصنع السعادة لمن حولنا. يكون العطاء اسلوبنا ونعطي لمن يستحق، وندين بالفضل لمن كان له دور، ولو بسيط، في صنع نجاحنا. نتفاءل دائماً بالغد، فالتفاؤل هو أسلوب الأشخاص الناجحين.