الامير مقرن لـ"الرجل":الطيران في دمي.
من صفاته أنه يبتعد كثيراً عن الأضواء، لا تغريه "فلاشات" العدسات، ولا يجذبه صخب الميكروفونات وضجيجها، صادق مع نفسه ومع الناس، منكر لذاته، يعمل بصمت دون ادّعاء أو حب للظهور، إيمانه راسخ وعميق بأن الأعمال تتحدث عن نفسها ،انه الامير مقرن بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي الذي بدء حياته العملية ضابطاً في القوات الجوية، مروراً بكل المراحل التي تبوّأ فيها مسؤوليات قيادية رفيعة، شارك خلالها في صناعة القرارات، هو رجل دولة بامتياز ، فهو القريب من صنّاع القرار، وأحد اركان القيادة السياسية للبلاد ، سياسي عُرف عنه ثقافته وإطلاعه الواسع، ولعل ذلك يتضح في المكتبة الضخمة التي يمتلكها وتزخر بمئات العناوين بشتى اللغات ، يعشق الزراعة ويمارسها، وليس غريبا ايضا انه يعشق الطيران وعلم الفلك وكل ما يتعلق بالإدارة الإلكترونية وأتمتة الأعمال ، ويملك الامير معرفة واسعة بالدول واللغات العالمية، فهو في الأصل ضابط في القوات الجوية، أكمل دراسته في هذا المجال في بريطانيا عام 1968.
تدرج الأمير مقرن بن عبد العزيز في العديد من المواقع، منذ تخرجه في معهد العاصمة النموذجي عام 1967، حيث حظي بثقة خادم الحرمين الشريفين حاكماً ورئيساً ومستشاراً ـــ وحالياً ــــ نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، خمسة عقود من عمره قدمها مقرن في خدمة الوطن، بدأها من القوات الجوية الملكية السعودية، ثم تولّى إمارتي حائل والمدينة المنوّرة، قبل أن يتسلّم زمام رئاسة الاستخبارات العامة.
يعتبر الأمير مقرن من صنّاع التنمية والتطوير في المملكة ويتمتع بخبرات جمعت بين العسكرية والمدنية، جعلت منه استثنائياً في جميع المواقع والميادين التي كلف بالعمل فيها. هذا باختصار هو الأمير مقرن بن عبد العزيز. الضابط، والطيار، والحاكم، الذي خص مجلة "الرجل" بهذا الحوار الاستثنائي:
الرياض- علي المقبلي
تصوير: خضر الزهراني
عندما حُدد لنا موعد للقاء الامير مقرن بن عبد العزيز ،في مقرّ الديوان الملكي في قصر السلام بجدة، استقبلنا الأمير في الموعد المحدد تماما، وهو ما عرف عنه بحسب مقربين ،احترامه الكبير للوقت ،كيف لا وقد تمرّس في الثكنات العسكرية وكان أحد أبرز صقور الجوّ، وعرف عنه الجدية والانضباط والصرامة طوال خدمته العسكرية، إلى جانب ما يتمتّع به من سموّ الخلق وشهامة العربي الأصيل في كل أفعاله وأقواله .
- بداية كيف تقرأ المنجزات التي تحققت في عهد خـــادم الحــرمين الشريفين الملــك عبد الله بـن عبد العزيز؟
لا شك أن عهد سيّدي خادم الحرمين الشريفين ـــ يحفظه الله ـــ قد شهد قفزات نوعية في المجالات التنموية كافة، كالصحة والتعليم والأمن والخـدمات، والمواطنون يلمسون هذا ويعبّرون عنه بوسائل مختلفة.. كمـا أنني ألاحـظ أن هناك رأياً عـاماً مُتفائلاً بين المواطنين تجـاه عهـد سيدّي خادم الحرمين الشريفين والمنجزات التنموية التي شهدتها البلاد.
- بحكم قربكم من خادم الحرمين الشريفين.. ما الذي يشغل بال الملك؟
كثيرة هي الأمور التي تشغل بال خادم الحرمين الشريفين، ومنها أحوال المواطنين ومعيشتهم ومستوى الخدمات التي تقدمها مؤسّسات الدولة، ليس آخرها متابعة الملك ـــ وفقـه الله ـــ لأحداث السيول التي تعرّضت لها البلاد أخيراً، وحرصه على سلامة المواطنين، ومُعاقبة المُقصّرين في أداء مهامهم.
- هـل يشعر من حوله بانزعاجه مـن أمر معين أو من قضية مـا ؟
نعم، يشعرون بانزعاجه عندما تصله ـــ حفظــه الله ـــ شكاوى من المواطنين تفيد بنقص الخدمات، أو ضعف أداء أحــد الأجهزة الحكومية.
- كيف تقرأ السعادة في وجه الملك؟
من السهل جداً أن تشعر بالرضى والسعادة في وجه الملك ـــ حفظه الله ــــ فهو إنسان يتميز بالصدق الشديد.. وشفّاف جداً في مشاعره، ولا يتصنّع.
- ينظر المواطنون للملك نظرة خاصة جداً، وهم يرونه المُنقذ لهم من كل الأزمات، كيف تسير الأمور في مجلس الملك لتأصيل ذلك؟
هــذه النظرة التي لدى المواطنين، هي بالتأكيد هبة من الله ـــ عز وجل ـــ وتوفيق منه. وإجماع الناس على حبّ الملك عبد الله، واقتناعهم بأنه بمنزلة الأب الحريص على أمور أسرته ورعيته، هما حصيلة للأعمال والمُنجزات التي شهدها عهده ـــ حمــاه الله ـــ إضافة إلى سماته الشخصية التي تُجبر الناس على محبته، لشعورهم بأنه صادق ومُخلص.
- اقتربت كثيراً من خادم الحرمين الشريفين في المواقع التي تقلدتها؟ هل لك أن تصف لنا هذا القائد الحكيم؟
بصراحة خادم الحرمين الشريفين مدرسة في جميع المجالات، إن تحدثت عن حنانه ورقته مع بعض المواقف التي تمرّ به ولا يبيّنها، وهو بالفعل من أرقّ خلق الله ودمعته قريبة عندما يشاهد طفلاً أو إنساناً في حالة سيّئة، وشاهده الجميع في مقابلته مع بعض أطفال شهداء الواجب، وكذلك دائماً همّه الأول والأخير المواطن، وهذا ما نسمعه وأسمعه شخصياً منه؛ فدائماً يحثّ الوزراء في كل مناسبة، وكذلك لديه بعد نظر بعيد جداً، فعلى سبيل المثال كان ــ أطال الله في عمره ـــ منذ خمس سنوات يقول أنا في خاطري شيء ما منذ زمن ـــ إن شاء الله ـــ أنه يتحقق، فعندما سألناه رفض إخبارنا وقال إنها في مخيلته منذ 25 سنة ماضية، ألا وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وفي حديث لنا بيّن أنه يرغب في إنشاء جامعة تكون من أفضل الجامعات على مستوى العالم، والهدف منها استقطاب العقول العربية والمسلمة، بدلاً من مغادرتها للغرب لعدم وجود مكان لاحتضانها. ويقول إن العلوم والأبحاث المتقدمة مكلفة والمردود غير معروف، وبالفعل نشأت الجامعة وهي في غنى أن أتحدث عنها.
- هل لك أن تصف لنا علاقتك بالأمير سلمان بن عبد العزيز وليّ العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران؟
الأمير سلمان علاقتي به منذ أن كان أميرنا في الرياض ولا يزال، وكذلك يعدّ هو مستشاري الخفيّ، فعندما تسلّمت إمارة منطقة حائل، بصراحة كانت خبراتي لا تتجاوز أني ضابط عسكري متوسط الرتبة، كانت لدي مسؤوليات، ولكن لم تكن بالمستوى العالي، فعندما تمرّ علي قضايا أقوم بالاتصال بالأمير سلمان وأخبره بالقضية وأسأله عن ماذا يصنع إذا مرّت به مثلها، فيخبرني بحكم خبرته وما مرّ به من قضايا من هذا النوع، وأتخذ الإجراء بما لا يخالف الشرع ولا النظام، وأكثر القضايا كنت أحلّها بهذه الطريقة بالاستشارة منه حفظه الله.
- هل لك من ذكريات مع والدكم المؤسس الملك عبد العزيز؟
كنت آنذاك صغيراً في السابعة أو الثامنة من عمري، وكان في هذه السنوات بدايات مرضه ـــ رحمه الله ـــ وكنا نأتيه أطفالاً، أنا والأمير هذلول والأمير حمود ـــ رحمهما الله ـــ ولكن لم يكن احتكاكنا فيه كبيراً كإخوتنا الكبار.
- ما دور المجالس المفتوحة في تعميق الروابط المتميّزة بين القيادة والشعب؟
لقد كان توجيه الملك ـــ حفظه الله ـــ واضحاً لجميع المسؤولين في الدولة بأن تكون أبوابهم مفتوحة، لاستقبال طلبات المواطنين وملاحظاتهم وشكاواهم، وقد بدأ الملك ذلك بنفسه، فمجلسه معروف منذ عقود بأنه من أكثر المجالس اكتظاظاً بالمواطنين، واستقبالاً لمطالبهم وشكاواهم، والواقع أن الملك عبد الله يُدرك أن الأبواب المفتوحة ستُجبر المؤسسات والمصالح الحكومية والوزارات على الارتقاء بمستوى الخدمات والتواصل مع مُتلقّي الخدمة من المواطنين.
وعمـوماً فإن المجالس المفتوحة تقليد عريق ومن سمات الحكم السعودي، وتميُّز المملكـة عن غيرها من الدول، وهذا ما يُفسّر العلاقة الطيبـة التي تربط بين الحاكم والمحكوم في بلادنا.
- كيف يرى الأمير مقرن الاستثمار في ابن الوطن؟
"ابن الوطن" هو رأس المال الحقيقي لهذه البلاد، وهو مجال الاستثمار الأكثر فائدة بين مجالات الاستثمار الأخرى، حيث لا شيء يوازي عوائده، ولهذا فإنني أعتقد أن الاستثمار في "ابن الوطن" ليس خياراً من بين خيارات، وإنما هو ضرورة مُلحّـة يجب العمل عليها اليوم لنجني عوائدها غداً.
- كيف ترون خطوات الإصلاح التي أحدثها الملك في شتى المجالات؟
لقد سبق أن ذكرت ذلك في أحاديثي الخاصة والعامة، أن خادم الحرمين الشريفين، قــد بادر وما زال يعمـل ـــ رعــاه الله ـــ على تحقيق جُملة من التغييرات والإصلاحات التي كان دوماً يُتابعها ويُشرف على تنفيذها وتطبيقها شخصياً، لأنه يسعى إلى قيادة مرحلة جديدة من النماء لبلاده وشعبه.
- اشتراك المرأة في عجلة التنمية وفتح الفرص أمامها لعضوية مجلس الشورى، جعلها رافداً في البناء والعطاء، ما الدور المنتظر منها؟ وهل نرى المرأة قادمة لمجلس الوزراء؟
رؤية المليك ـــ وفـقــه الله ـــ للمرأة، أنها نصف المجتمع، فهي الأم والأخت والابنة، لـذا فإن دورها مهم وأساسي بدءاً من دورها في بناء اللبنة الأولى من المجتمع "أسرتها"، إلى المجتمع الأكبر وصولاً إلى وطنها، الذي يُقدّرها ويُقدّر دورها في عجلة التنمية.
- كيف تُدّار جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية؟
من الطبيعي أن تقوم الأمانة العامة للمجلس بتوزيع جدول أعمال الجلسة قبل عقدها بفترة، حيث يقوم كل عضو في المجلس بقراءته وإعداد ما لديه من رؤى ووجهات نظر، حيث تسود جلسات المجلس نقاشات هادئة وحكيمة، للخــروج بمرئيّات عن مـواضيع النقاش، بما يُسـهم في الوصـول إلى نتائج تعود بالنفع والصالح لخدمة الوطن والمواطن.
- عُرف عنكم البساطة في الأمور، واليوم تُعّـد الرجل الثالث في الدولة السعودية، كيف توائم بين الأمس واليوم؟
لا يحتاج الـرجل إلى أساليب للحفاظ على البساطة، إذا كانت تلك البساطة جزءاً من طبيعته التي لم تتأثر بالمنصب، لأن البســاطة وليـدة العفوية.
- عرف عنكم كذلك حبكم لمجال الطيران، هل تمارسون هذه الهواية في الوقت الحالي؟
رغم مرور كل هذه السنوات، فإن الطيران لا يزال في دمي، بل إنني كثيراً ما أربط بين بعض ما يرد في ذهني من مواضيع عامة بعلم الطيران، إلّا أن ظروفي العملية تحـول دون ممارسة هذه الهواية حالياً.
- لكن لك قصة عشقك مع الطيران؟ نودّ أن ترويها لنا ؟
معظم الناس يقولون إني هاو للطيران وما إلى ذلك، والطيران لا ينفع مع الهواة إما أن تكون محترفاً في المجال أو لا تكون كذلك، ولا يصل إلى مرحلة الاحتراف فيه إلا شخص تعلّم وتدرب كثيراً على أيدي أساتذة كبار في هذا المجالن حتى تتراكم لديه الخبرات. وأن تكون طياراً أو لا تكون هذه من الله ولا تنمّ عن خوف أو عدم ذكاء، ولكن بعض الناس خلق ليكون كذلك، وأذكر أول دفعة عندما ذهبنا لدراسة الطيران، كنا نحو 45 شخصاً، ولم يتخرج إلا تسعة، وهذا لا يعني أن البقية الذين لم يوفقوا لديهم نقص ذكاء أو شيء من هذا القبيل، بل العكس هناك زميل من ضمنهم من ذكائه وعلمه ولباقته، أصبح واحداً من أفضل مهندسي الرادار في القوات الملكية السعودية، وهذا يعني أنه ليس قليل ذكاء وليس بشجاع، ولكن الله ـــ عز وجل ـــ لم يكتب له أن يكون طياراً.
- سيدي، ما الهوايات الأخرى التي يُمارسها النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء؟
لـديّ هوايات كثيرة قريبة من قلبي، منها الزراعة والفلك اللتان كنت أمارسهما بشكل مكثف خلال فترة وجودي في منطقة "حــائل"، وخلال العمل على تطبيق التعاملات الإلكترونية فـي "المدينة المنورة"، أُتيحت لي فرصة كبيرة للتعرف إلى المزيد حـول هذا الجـانب، وبالتالي تفاصيل أكثر عن "التقنية" التي أجـد متعة كبيرة في متابعة كل جديد فيها. إضافة إلى هوايات أخرى أستمتع بممارستها، مثل: القراءة والصيد والتصـوير.
والزراعة بدت فعلاً لديّ هواية، وبدأت في استضافة دكاترة في هذا المجال، وأنشأت مكتبة لا بأس بها ومختبراً، وكان لديّ خلفية كيماوية كأي طالب في المدرسة ولكن بدون تعمق، ومع القراءة والممارسة بدأت أقوم بتحاليل زراعية، وليس عن معرفة أو ادّعاء، ولكن قراءة وتطبيق، وفي تحاليلي للمعدات التي كانت موجودة لديّ في المختبر لا تحتاج إلى علم قويّ، ولكن عند القراءة والتطبيق بدقة تخرج النتائج جيدة ـــ بإذن الله ـــ فمنها بدت مزرعة العزيزية التي جعلتني أميل إلى المكينة، وهذا ما يعرفه القليل أنه بحكم عملك، بغض النظر أن تكون في منصب أم لا تكون، فمستوى النفاق يرتفع إلا عند المكينة وعند النبتة لا تعرف التعامل مع النبتة هل تنمو وتزدهر ويكون لها نتيجة.
- كان لكم تجربة فتح جهاز الاستخبارات العامة أمام وسائل الإعلام؟ كيف تقيّمون تلك التجربة؟
بعـد أن تعرفت إلى تفاصيل عمـل جهاز الاستخبارات، وجدت أنه لزاماً عليّ إيضاح الصورة الإيجابية لهـذا الجهاز للمواطن السعودي الذي أيقنت أنه يجب ألا يخشى هذا الجهاز، بل يجب أن يفتخر به.
- سيّدي، مع وجود الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، هل يُتابع النائب الثاني هموم الوطن والمواطن عبر تلك الشبكات؟
أتابع أبـرز ما يُنشر على مـواقع التواصل الاجتماعي.
- يذكر أن لكم فلسفه خاصة في التعامل مع الأشخاص وحلّ القضايا؟
أنا وجدت أن الإنسان بطبيعته طيّب، وإذا قدرت عقله واحترمت ذكاءه وصدقت معه فستكسبه، ونصيحتي ألا تعد بما لا تملك حتى وإن غضب منك شخص ما، فعلى الأقل أنك احترمته وقدرته ولم تعده بما لا تملك، وقد حصل لي الكثير من القصص، منها عندما كنت في حائل أعتقد أن أهل حائل يتذكرونها، أتاني أحد الآباء وذكر أن لديه ابناً عمره 16 عاماً، وأنه ليست لديه القدرة أن يأتي بسائق لعائلته، ولديه بنات وزوجة لهنّ متطلبات تحتاج للتوصيل من مدارس ومستشفيات وغيرها، فبصراحة كان من المنطق أن أعطيهم رخصة قيادة لمدة سنة، ولكن الأنظمة لم تكن تسمح، فأعطيته ترخيص قيادة لولده لمدة عام، وبعد أن أعطيناهم التراخيص لهذه الأعمار ازدادت الحوادث، فأوقفت التراخيص لمن هم في هذه الأعمار، فقام من لديه هذه التراخيص برفع شكوى، وكان جوابي لهم الاعتذار، وبيّنت أن التمادي في الخطأ هو الخطأ في حد ذاته، والعودة إلى الحق هي الصواب في اعتقادي، وأني أريد منهم أن يخرجوا من مكتبي وهم غاضبون ومتحاملون عليّ، ولكن لا أريد أن آتي لهم أو لغيرهم وأعزيهم في أولادهم عن خطأ أنا اقترفه. فالإنسان له حق الاجتهاد، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر ومن أجتهد وأصاب فله أجران، ولسنا معصومين من الخطأ.
- تنقلتم من حائل إلى المدينة إلى جهاز الاستخبارات إلى منصبكم الحالي، كيف تصف علاقاتك مع أهالي منطقتي حائل والمدينة؟
نعم علاقات جيدة جداً، وإلى الآن أنا على تواصل معهم وهم كذلك، وبصراحة هذا اليوم الذي أحاوركم فيه، لديّ بعد حواركم لقاء مع بعض من أهالي حائل. فكانت تجربة ثرية في حائل، وليس عليّ إلا الدعاء لهم، لأنهم أعانوني على خدمتهم وكانوا صبورين عليّ. وأنا الحمد لله لم أكن بتلك القسوة، ولكن كنت صريحاً، وهم فهموا وقدروا ذلك، ومن سيقرأ الحوار من أهل حائل، وخصوصاً رؤساء اللجان في مجلس المنطقة سيعرفون ماذا أقصد ممّا قلته لهم أمام الأمير نايف يرحمه الله. ولكن لن أبوح لكم به.
- من خلال ما قرأنا في سيرتكم، أنكم تحبون القراءة ولديكم مكتبة، ما نصيب الكتاب من وقت النائب الثاني مع كثرة المهام وتعددها؟
نعم كنت كذلك، ولكن بعد تسلّمي للاستخبارات وإلى ما بعدها، قلّت قراءتي للكتب بحكم ما أقرأه من جهات أخرى.
- وما معدّل قراءتكم يومياً؟
عندما كنت في حائل والمدينة كل زملائي الذين إلى جانبي لم يشاهدوني في اجتماعنا اليومي بعد المغرب بدون حملي لكتاب، أما الآن فقلّ ذلك كثيراً.
الأمير مقرن بن عبد العزيز لديه الكثير من العلاقات مع المواطنين، وله الكثير من الصداقات، وهذا من لطفكم وتواضعكم وتزورن العلماء في منازلهم وتزورون أعيان البلد، هذه الزيارات والعلاقات ماذا استفدتم منها؟ وماذا تعني لكم؟
تعني لنا الكثير، فأولاً نحن كلنا مجتمع واحد، وثانياً عندما تكون في أي مكان ولديك مسؤوليات معيّنة ويأتي خادم الحرمين الشريفين ويقول يا أصحاب المعالي الوزراء، أنتم خدم وأنتم مستأجرون لخدمة هذا المواطن، فإذا لم نكن نعرف هموم المواطن فكيف سنخدمه، فنحن لا نؤمن بالوقوف في برج عاجي ونقول إن كل شيء على ما يرام، ولكن عندنا يأتي المواطن ويتحدث عن همومه الفعلية نستطيع خدمته، وأستغل هذا الفرصة لمطالبة زملائي أصحاب المعالي الوزراء بالخروج في التلفزيون والإعلام للناسن لأن هناك مغالطات كثيرة، وهناك أشياء كثيرة تحدث في البلد، ولكن معظم المواطنين وحتى جزء من المسؤولين لا يعرفون الأرقام الحقيقية، فعلى سبيل المثال أتمنّى على "مجلتكم" مقابلة وزير التربية والتعليم والردّ على من يتحدث عن نقص وقصور في المدارس، وبالفعل لدينا نقص بسبب ما أسمّيه انفجاراً سكانياً، وكذلك اتساع الرقعة السكانية، فعليكم سؤاله كم يستلم من مدرسة جديدة يومياً ومبنى حكومي على مدار الأعوام الماضية والقادمة.
هل لكم جولات سرية في جدة أو في أي منطقة تحلّون فيها، جولات تنظرون فيها لأوضاع المنطقة وتنقلونها لخادم الحرمين الشريفين؟
نعم لا أخلو من ذلك، والدين النصيحة، فقد أشاهد أشياء لم يشاهدها أي من المسؤولين ونتبادل الآراء حيال ذلك.
كيف هو جدول النائب الثاني اليومي؟
أنا من الناس الذين يقومون مبكراً، وأعمالي اليومية كانت تتوقف عند المنصب الذي كنا نشغله، فإمارات المناطق لها برنامج وكذلك الاستخبارات، وفي نهاية الأسبوع كان لديّ مزرعة لها برنامج.
في المواقع التي تقلّدتموها، ما أقربها إليكم؟
هذا السؤال فيه إحراج نوعاً ما، ولكن بلا شك أن الوقت الذي أمضيته في حائل وأصبحت بيني وبينهم عشرة وليست علاقة حاكم ومحكوم، وكذلك علاقتي مع أهل المدينة كانت ممتازة.
اسمح لي أن انتقل بكـم لمحور اقتصادي، كيف يرى النائب الثاني مستقبل اقتصاد المملكــة؟
تمتلك السعودية ـــ وبحمد الله ـــ بنيـة تحتية اقتصادية قويـة، كما أن لديها تنوعاً واسـعاً في المـوارد، وقد سمعنا عن التقرير الصادر أخيراً عـن "باركليز كابيتال"، الذي أشار إلى أن المملكة حققت ثاني أسرع نموّ اقتصادي ضمن دول مجموعة العشرين. كـل هذا يطمئننا إلى أن المستقبل واعد ـــ بإذن الله ـــ في ظل قيادة حكيمة تسعى لتحقيق التنمية الحقيقية، وبدعم شعب مُحـّب لبلاده ويمتلك طموحاً وعـزيمة لا تضعف تجاه المزيد من التقدم والتطور والنمـو.
مع مهامكم الحالية، ما نصيب الأسرة من جدول الأمير مقرن بن عبد العزيز؟
أميل كثيراً إلى الأجواء العائلية والأُسـرية، لذا فإنني عوّدت نفسي على ضرورة قضاء جـزء من وقتي مع عائلتي وأبنائي، لأنني "صدقاً" أستمتع بهذه الأجواء التي أشعر خلالها بارتياح نفسـي كبيـر ولله الحمـد.
ما حلم النائب الثاني الذي يتمنى تحقيقه؟
حلمي بالفعــل أن أرى بلادي السعودية، وهـي تُحــافظ دوماً على مكــانتها في مقدمة الدول من النواحي الاقتصادية والاستقرار والتطـور المستمر.
كلمة أخيرة تودّ أن توجهها إلى آبائكم وإخوانكم من المواطنين؟
أسوأ شيء عند الإنسان أن يصبح عاجزاً عن الشكر لبعض الزملاء في العمل في السابق والحالي، والمواطن بلا شك هو همّ خادم الحرمين الشريفين ووليّ العهد، وأنا همّي من همّهما أنا وجميع الوزراء، فلولا المواطن ليس للوزارات مكان، وأشكر كل من وقف معي ونصحني وكل من قام بالدعاء لي.