محمد سليمان العمر : الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي والدتي علمتني تحدي الصعاب
رأي 15 مارس 2014
الكويت: فادية الزعبي
لو لم يكن محمد سليمان العُمر متميّزاً ، لما تقلد مناصب رفيعة، في بيت التمويل الكويتي أكبر البنوك الإسلامية في العالم.
فالعُمر يشغل حالياً مناصب عدة، هي الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي "بيتك"، ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي التركي "بيتك- تركيا"، ورئيس مجلس إدارة شركة بيت التمويل الكويتي الاستثمارية.
لم تأته تلك المناصب على طبق من فضة، بل جاهد، وبنى نفسه علمياً وعملياً، ووضع لنفسه هدفاً منذ كان على مقاعد الجامعة في الولايات المتحدة الأميركية، كان يردد حينها "أريد أن أكون لبنة في بناء جديد، أو كلمة في فكرة مبتكرة."
-بعد أن أنهى محمد العمر دراسة المرحلة الثانوية في الكويت، سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية والتحق بجامعة " شابمان يونيفرستى" وتخرج فيها عام 1986 بإجازة في الاقتصاد التجاري. ثم عاد إلى الكويت ليعمل في إحدى الشركات العقارية.
عن أول عمل مارسه بعد التخرج، يقول العمر "هذه المرحلة أعدّها من أهم مراحل حياتي، فهي تجربتي العملية البكر في العمل بالقطاع الخاص التي تعلمت منها الكثير، لكن حلمي السابق في أن أكون لبنة في بناء جديد أو كلمة في فكرة مبتكرة، ظل يشغلني وأسعى إلى تحقيقه."
• كيف انتقلت للعمل في بيت التمويل الكويتي؟
- التقيت ذات مرة العم أحمد بزيع الياسين "بو مجبل" مؤسس بيت التمويل الكويتى، ودعاني للعمل فى بيت التمويل. فكانت هذه فرصتي وأولى خطواتي لتحقيق حلمي. فالتحقت ببيت التمويل عام 1992.
• هل أنت راضٍ عما قدمته لبيت التمويل الكويتي؟ وما دافعك للعمل في مصرف إسلامي؟
- لقد مضى على عملي في بيت التمويل أكثر من 22 سنة، وأنا – والحمد لله – راض كل الرضا عما أنجزته على مختلف المستويات الإدارية.
أما دافعي للعمل في مصرف إسلامي فيتمثل في إيماني القوي بأن الصيرفة الإسلامية لديها عناصر قوة وتميّز ومحددات أمان، ويمكنها أن تضيف بعداً جديداً لاقتصادات العالم، وقيماً مهمة للحركة الإنسانية.
كما أنني مقتنع تماماً بأننا نعمل مستندين إلى أصول حقيقية ومشاريع فعلية بهدف تعزيز التنمية وإعمار الأرض.
وقد أثبت منهج عمل البنوك الإسلامية أنه متاح للجميع، ويمكن للكل الاستفادة منه، وليس حكراً على دين أو جنس أو عرق.
• عرف عنك اهتمامك بإبراز الصكوك منتجاً شرعياً بديلاً عن السندات. فإلى أي مدى نجحتم في هذا المجال؟
- الصكوك الإسلامية أداة تمويل شرعية مهمة للشركات لتنفيذ خطط التوسع بكلفة اقل على ميزانياتها. وقد جرى ترتيب وعقد العديد من الصفقات في هذا المجال، مما دفع بيت التمويل الكويتي إلى تأسيس شركة مستقلة للعمل في مجال الصكوك.
ووفق هذا التوجه شارك "بيتك" في إدارة وإصدار صكوك وصلت قيمتها إلى نحو 5 مليارات دولار شملت شركات وحكومات في الخليج وأوربا والولايات المتحدة والصين واليابان.
ومن منطلق إيماني الشديد بدور الصكوك منتجاً تمويلياً شرعياً بديلاً عن السندات، فإنني لا أنفك أدعو إلى إصدار المزيد من الصكوك كلما حللت ببلد أو جرى استثمار لنا مع شريك تجاري.
* كان لكم رأي ينادي بزيادة الإنفاق الحكومي في الكويت. فأي المجالات تقصد زيادة الإنفاق عليها؟
- أقصد زيادة الإنفاق الحكومي الذي تعتمد عليه حركة السوق بشكل أساسي في الكويت. مثل إنشاء مدن سكنية لحل أزمة الإسكان الخانقة، وتنشيط حركة الاقتصاد عبر إفساح المجال أمام القطاع الخاص لتمويل وقيادة تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى باعتباره عصب تقدم الاقتصاديات على مستوى العالم حالياً، وتدريب الشباب وإتاحة فرص العمل أمامهم وتنمية روح القيادة لديهم، واستخدام أدوات جديدة لتمويل المشروعات ذات الفاعلية مثل الصكوك، وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للدخل.
* ما الصفات التي ترى أنها يجب أن تتوافر في المدير التنفيذي لمصرف إسلامي؟
- كما يقول الإسلام "القوى الأمين". فهذه مقولة تلخص أهم الصفات المطلوبة.
لكن هناك صفات أخرى مثل الخبرة والاحترافية في العمل، والثقة بالمنهج الذي يعمل من خلاله، والالتزام بالضوابط الشرعية والرقابية، والقدرة على العمل بروح الفريق.
وكذلك يجب أن يكون لديه التفويض والمحاسبة، بالإضافة إلى الدقة والحرص والاطلاع الدائم، ومتابعة الأسواق والتطورات الاقتصادية.
* من الشخصيات التي تأثرت بها وكانت دافعاً لك على التقدم والنجاح؟
- أهم الشخصيات التي تأثرت بها في مجال عملي، هي شخصية العم أحمد بزيع الياسين "بو مجبل" مؤسس بيت التمويل الكويتي رحمه الله، فقد كان موسوعة في الاقتصاد الإسلامي، ولديه خبرة كبيرة بالتعاملات المالية وفق الشريعة الإسلامية، وكان يتحلى بروح القيادة، ولديه فراسة، كما كان والداً في استقطاب الكفاءات الواعدة من الشباب وإتاحة فرص العمل أمامهم.
أما الشخصيات التي تأثرت بها خلال نشأتي المبكرة، فهي شخصية والدي "سليمان العمر"، الذي عمل بالتجارة والسياسة معاً، وفى سبيلهما تغرّب وسافر، وشخصية والدتي المربية الفاضلة "لطيفة البراك"، وهي من أوائل الكويتيات اللواتي عملن بالتدريس في الكويت. فمنهما تشربت حب العلم ومتعة النجاح ومواجهة الصعاب.
• درجت المصارف الكويتية والشركات أيضاً على تقديم مساهمات اجتماعية. فما الدور الذي قام به بيت التمويل الكويتي تجاه مجتمعه؟
- يولي بيت التمويل الكويتي "بيتك" المسؤولية الاجتماعية جل اهتمامه. ومنهج عمله يتمثل في أنه يرى للمال دوراً في المجتمع، فتتوجه مساعداته إلى دعم أعمال الخير وأنشطة التنمية، عبر الهيئات والمؤسسات والوزارات وجمعيات النفع العام الرسمية تعزيزاً لجهود الحكومة.
ويعطي "بيتك" الأولوية للمساهمة بفاعلية في إنجاح المشروع التنموي العام للدولة بمفهومه الشامل، أي المشروع الذي تتضافر فيه جهود كل مكونات المجتمع، ابتداء من الخطة العامة التي تضعها الدولة وتنفذها الجهات الحكومية في شتى المجالات، وتوجه إلى كافة شرائح المجتمع مروراً بالمشاريع التي تقوم بها جمعيات النفع العام التي تهدف إلى تقديم خدمات لجمهور المستفيدين.
كما تتوجه مساعدات "بيتك" إلى المستشفيات والجامعات والمدارس ومراكز البحوث ومراكز تعليم وتأهيل المعوقين. ويتولى بيت الزكاة توزيع المساعدات على المحتاجين.
ويساهم "بيتك" – كذلك - في جهود الحكومة لمواجهة بعض الأخطار التي تتربص بالمجتمع، فأقام "بيتك" مستشفى لعلاج الإدمان بتكلفة نحو 15 مليون دينار لدعم هذه الجهود، بالإضافة إلى بناء دار لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة الزور، وأقام نحو 20 نقطة إسعاف على الطرق السريعة.
ويتفاعل "بيتك" أيضاً مع مجتمعه الإسلامي الكبير، فيهبّ لنجدته عبر القنوات الرسمية ويكون أول المتبرعين عندما يتم الإعلان عن حملات التبرع عبر القنوات الحكومية.
* كم ساعة تعمل في اليوم؟ ومتى تقرأ؟ وماذا؟
- اعمل نحو 12 ساعة في اليوم. وهناك عمل بشكل دائم لا ينقطع يومياً يتمثل في المتابعة والاتصالات وذلك على مدار الساعة. فأنا لا أتوقف عن التفكير في أمور بيت التمويل الكويتي ومصلحته ومصلحة العمل والموظفين ومصلحة العملاء أيضاً. فالعمل في "بيتك" مسؤولية ومهمة ثقيلة، نسال الله أن يعيننا عليها.
أما عن قراءاتي، فإنني أقرا في أوقات الفراغ حين أجد وقتاً لذلك. وأحرص بعد قراءة كتاب الله على قراءة الكتب المتعلقة بالاقتصاد ونظريات الإدارة وبعض الكتب التاريخية وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. بالإضافة إلى الدوريات المتخصّصة في متابعة تطورات الأسواق العالمية وحركة الاستثمارات وكذلك بعض المجلات الاقتصادية المتخصّصة.