قصة زوجة اشترت فرحتها !
نعم اشتريت سعادتي وثوب زفافي وتحديت الظروف، دفعت ثمن هنائي وأملي في أن أصبح أماً رغم سنوات عمري التي تعدت الأربعين؛ أغريت زوجي بالشقة وفخيم الأثاث...وكانت صفقة مربحة.
واليوم أعيش أجمل أيام حياتي، السعادة تغمرني والحب والألفة بين يدي، مر على زواجي أكثر من عام، الناس يمضون شهراً واحداً وأنا مازلت غارقة في السعادة حتى اليوم.
شيء واحد كان يضايقني ..خوف يطفو على السطح ويخبو، يشككني في عدم استمرار هذا النعيم؛ فأنا أخشى أن يتركني زوجي، يبحث عن أخرى تناسبه عمراً، أن يصرح ويجهر بما لا أود سماعه؛ وإن كنت -لازلت- أحتفظ بملامح وجه وجسد جميل، خفة ظل وشخصية مريحة، والأهم أنني وريثة أبي الوحيدة؛ لا أخ لي ولا أخت، وأعيش أنا وأمي في شقة تمليك كبيرة مكدس فيها أفخم الأثاث.
التقيت بزوجي بقاعة أحد الأفراح، وقتها ترك كل من بالحفل وسعى إليّ، اختارني أو ربما سأل وعرف بالتفصيل عمن أكون! ولماذا لا أقول جذبته ملامحي وهدوء شخصيتي فتساءل: ولماذا لم ترتبط بعد؟ ليأتي الجواب على لسانهم ولساني: إنها القسمة والنصيب.
أنا جامعية عملت لسنوات ولم أرحب بالاستمرار؛ عندي ما يكفيني وأمي تحتاجني بجانبها، وقطار العمر يمضي بي دون أن أرتبط ..إلى أن رأيته، شاب جامعي دخل من الباب وطلبني من أمي، وكانت المشكلة أنه يصغرني بتسع سنوات؛ هو في الثالثة والثلاثين وأنا فوق الأربعين، ورغم ذلك رحبت أمي وفتحت ذراعيها، وكان شرطي الوحيد أن نتزوج في شقتي وأمي تسعد وسطنا، ومن دون التزامات تزوجته، دون مهر أو مؤخر زواج رضيت به، وبدون خوف أو حذر مضيت وسلمت أمري لله تعالى!
الجميع من حولي قالوا وعادوا: "هي صفقة رابحة، هو زواج مصلحة..قدمت له مالك وبقية عمرك وهو مد يديه لك بثوب الزفاف..ملوحاً لك بأحلام وردية تدوم وتدوم، وربما استدفأ بحنان الأمومة في صدرك أو أراد اختصاراً لمشوار الكفاح!!"
لم أشغل نفسي بتلك التحليلات والتخوفات، مادام القدر وافق وجمعنا، سعيدة أنا، وأمي خف قلقها عليّ وخوفها من أن تتركني وحيدة ، في صمت أخبركن: سنوات عمري أمدتني بالخبرة وحسن التعامل، فلم أحول حياتي إلى حلبة لصراع الأفكار أو عراك لإثبات من الأصح ومن الأفضل؟ شغلت نفسي بحياتي الجميلة وحب زوجي وتقديم يد العون لأفكاره ومشاريعه التي أخذت تنمو يوماً بعد يوم.
لم أحزن على ما فعلت يوماً، وليكن ما بيننا نظام مقايضة؛ هو أعطاني الحب والآمان وأبعد شبح العنوسة عني، وبادلته أنا حباً بحب ولم أمانع تدعيم أحلامه بالمال، الحياة أبسط من أن أمسك لها ورقة وحساباً، ولماذا أحتار وأدقق وأشعر ببعض النقص، وهناك أزواج لا يرتبطون إلا بامرأة عاملة، وربما اشترطوا استمرار عملها بعد الزواج؛ أزواج كثيرون يتقاسمون نفقات المعيشة، وما حال الزوجات الحاصلات على أعلى المناصب وراتبهن يفوق راتب أزواجهن..والحياة تسير بهما من أحسن إلى أحسن.
كثيراً ما يسألونني: وماذا عن فارق النضج بينكما؟ فأجيب: لا علاقة بين العمر ودرجة النضج؛ فقد يكون شاباً صغيراً وناضجاً، وقد يكون كبيراً وغير متزن، داخل بيوتنا وغرف نومنا لا مكان للعمر أو درجة النضج، مادمت أقدم الحب والحنان والدفء وربما الأمومة في أجمل صورها...المشكلة تكمن في حساسية العرف والتقاليد، أن يكبر الزوج زوجته بسنوات، هو مفهوم الرجولة التقليدي المطالب بتحمل العبء الأكبر ومعظم تكاليف الزواج!..مايهم اشتريت فرحتي وتحديت الظروف.