العمل من البيت: هل هو تحدٍ للعلاقات الزوجية أم فرصة للتقارب؟
العمل عن بُعدمصطلح ربما لم يكن معروفًا في جميع المجتمعات قبل جائحة كورونا، ولكنه أصبح وسيلة فعالة لمساعدة المؤسسات والشركات المختلفة بعد انتشار هذا الفيروس، وما فرضه من عزلة وتباعد، ولأنه نظام جديد علي المجتمع الوظيفي وعلى الموظفين، الذين اعتادوا العمل من مكاتبهم والتواصل مع زملائهم ومديريهم وجهًا لوجه، تسبب في تبعات اجتماعية بالنسبة للبعض، لعل منها تلك المنعكسة على الأسرة والحياة الاجتماعية، ولذلك أطل سؤال حول مزايا وعيوب العمل عن بُعد، وهل يؤثر في الحياة الزوجية للرجل؟
العمل عن بُعد والحياة الزوجية
تجيب عن هذا السؤال "ساندرا وسيم السيسي" استشاري الطب النفسي والإدمان، التي قالت: لابد من التفرقة بين أمرين في موضوع العمل عن بُعد، الأول: أن يكون أحد الزوجين يعمل من المنزل والآخر يضطر إلى النزول للعمل من مكتبه، والثاني: أن يكون عمل الزوجين عن بُعد من المنزل، ما يعني البقاء لفترات طويلة معًا.
وأضافت "ساندرا" لمنصة "الرجل": "إذا كانت الزوجة هي الطرف الذي يعمل من المنزل، والزوج يعمل من مكتبه، فهنا تستطيع الزوجة أن توفق بين متطلبات بيتها وعملها، وهذا النظام يعطي لها فرصة جيدة لقضاء احتياجات منزلها بيسر وسهولة، ما يجعلها تحقق التوازن المطلوب بين الحياة العملية والحياة الشخصية، أما إذا كان الزوجان يعملان عن بُعد من المنزل ويضطران لقضاء وقت طويل مع بعضهما، فهذا أصعب بكثير من الناحية النفسية، لأنه يؤثر على نفسيتهما ويصيبهما بالاكتئاب، لاختفاء روتين الحياة الطبيعية من الحركة والنشاط والاحتكاك بالناس والزملاء".
وأشارت استشاري الطب النفسي إلى أن العمل من المنزل له مميزات وعيوب، موضحة أن أبرز عيوبه تتمثل في الشعور بالعزلة عن المجتمع الخارجي، نظرًا لقضاء وقت طويل في البيت، "كما يقلل من الروابط الاجتماعية، ويؤثر على التوازن الاجتماعي والنفسي للشخص، سواء على مستوى العمل أو على مستوى علاقة الشخص بأسرته".
وأكملت: "كما يؤدي العمل عن بُعد، إلى الاستمرار والبقاء لفترات طويلة في البيت جالسًا بدون حركة، ما يؤدي إلى الشعور بالخمول والكسل والملل، وهذا بالطبع يؤثر علي علاقة الرجل بزوجته، مما ينتج الكثير من المشكلات الزوجية بينهما".
اقرأ أيضًا: الصراعات الزوجية.. ما تأثيراتها على صحة الزوجين؟
نصائح للتأقلم مع العمل عن بُعد
وكشفت استشاري الطب النفسي نصائح لتجاوز الآثار السلبية للعمل عن بُعد، موضحة أنها تتمثل في الآتي:
-إنشاء روتين خاص بالفرد، والتفكير وابتكار عادات تساعد الرجل على الإحساس بالتغيير، منها على سبيل المثال تخصيص مكتب في مكان ما في البيت للعمل من خلاله.
- ارتداء ملابس الخروج وقت العمل، وعند الانتهاء منه ترك الحجرة والمكوث في مكان آخر حتي لا يشعر الرجل بالملل.
- تخصيص يوم في الأسبوع عطلة له، تجعله يعيش دون ضغوط العمل، يستطيع فيه أن يصطحب زوجته للخروج والتنزه وكسر رتابة وروتين الحياة العملية.
- ممارسة الرياضة، والذهاب إلى "الجيم" لتجديد الطاقة والنشاط بشكل مستمر، ومن ثم تحسين الحالة النفسية والمزاجية للفرد، مع تناول الطعام الصحي.
- تخصيص وقت لمقابلة الزملاء بالعمل للتناقش في أمور العمل، وحل المشكلات التي قد تواجه الرجل في حالة ما إذا كان يعمل عن بُعد، فالتواصل الاجتماعي مع الآخرين يعتبر مهمًا جدًا لأجل التوازن النفسي.
اضطراب في الأدوار
وأوضحت "ساندرا"، أنه "في حالة إذا كان الرجل يعمل من البيت والزوجة تخرج للعمل، فإن هذا يؤثر على نفسية الرجل، لأن الزوجة تعود مجهدة جدًا، وترى أن زوجها هنا يجب أن يساعدها على أداء الأعمال المنزلية، لذلك يحدث اضطراب في الأدوار التي يجب أن يقوم بها كل طرف".
وأضافت: "يتوقع الزوج من زوجته أن تقوم بجميع مهام البيت، والزوجة تعود من عملها مجهدة، وترى أن مساعدة زوجها لها في الأعمال المنزلية شيء ضروري وواجب عليه، لذلك تلقي عليه اللوم، والرجل الشرقي بطبعه لا يحب المساعدة في الأعمال المنزلية، بغض النظر عن نزول زوجته للعمل، لذلك تحدث الكثير من المشاجرات".
التواصل بين الزوجين
أما بالنسبة لعملية التواصل فتقول استشاري الطب النفسي: "لا يوجد علاقة بين العمل عن بُعد وعملية التواصل بين الزوجين، فالأمر يتوقف هنا على طبيعة الشخصية ذاتها، فإذا كانت الشخصية لديها مشكلة في التواصل فسينعدم التواصل بين الزوجين، وإذا كان الزوجان يعملان مع بعض من المنزل، فإن هذا قد يُحدث نوعًا من الرتابة والملل في العلاقة الزوجية لكثرة الاحتكاك، أما إذا كانا يعرفان ويجيدان التواصل، فسيحلان الموضوع بسهولة، لذلك أنصح بضرورة توافر المرونة في التفكير والتصرفات".
العمل عن بعد يعزز العلاقات الزوجية
وفقًا لدراسة "National Library of Medicine"، فإن العمل عن بُعد يسهم في تعزيز العلاقات الزوجية، من خلال المشاركة في الأعمال المنزلية، حيث يوفر مرونة أكبر في الوقت، ويسمح بقضاء المزيد من الوقت مع شريك الحياة والأسرة، ما يعزز من التواصل ويسهم في تحقيق توازن أفضل بين الحياة العملية والحياة الشخصية.
وقد أظهرت نتائج الدراسة، أن مشاركة الأزواج في الأعمال المنزلية يؤثر إيجابيًا وبشكل ملحوظ على الألفة الزوجية، ورضا العمل لدى النساء المتزوجات، دون أن يكون لهذا العامل تأثير سلبي على الحالة النفسية.