أسرار التعامل الراقي لموظفي "ديزني لاند"
محمد النغيمش
لا يعلم كثير من الناس أن مدينة "ديزني لاند" الترفيهية التي ابتكرها "والت يزني" من عدم، تقوم على أسس راقية في تعامل الموظفين مع روادها تسهم في بث مشاعر الراحة والأنس والمرح في أرجاءها.
وهذه الأسس أو "الأسرار"، إن جاز التعبير، تقوم عليها خدمات الشركات العالمية المميزة أيضا التي يمكن أن نستفيد منها كأفراد وكمؤسسات في الارتقاء في تعاملنا مع الآخرين.
من الأمور اللافتة التي لا ننتبه إليها عادة أن طاقم العاملين في "ديزني لاند" غير مسموح لهم أن يقولون "لا أعلم" للأسئلة التي تطرح عليهم. فهم مطالبون أن يبذلوا ما بوسعهم كأن يسألوا زميلا آخر أو يرفعوا سماعة الهاتف للتحدث مع المسؤولين بحثا عن إجابة. ألا يشعرك هذا التصرف البسيط بأهمية سؤالك مهما صغر؟
ومن لطائف تعاملات الموظفين أنهم لا يشيرون بالسبابة في وجه السائل حينما يرشدونه إلى وجهة محددة يقصدها. وهو نوع من الاحترام إذ يشيرون براحة اليد المفرودة الأصابع أو بإصبعين على طريقة بعض البلدان الأسيوية التي شاهدتها عندهم وهو أسلوب مؤدب مع السائل.
ولأن مبتكر المدينة "والت ديزني" يحب أن ينادى باسمه الأول (والت) وليس باسم العائلة على الطريقة الانجليزية الرسمية فإن كل العاملين يعلقون يافطة صغيرة (باجة) فيها اسمهم الأول فقط الأمر الذي يضفي جو وديا في التعامل.
ويستخدم الموظفون أيضا كلمات رمزية ضمن إطار أجواء الألغاز التي دأبت عليها أفلام الشخصيات الكرتونية مثل "ميكي ماوس" ورفاقه. فتجد الموظف حينما يشاهد حالة تقيؤ أحد ركاب الألعاب فإنه يقول لزملائه: "protein spill" أي "سائل البروتين". وغيروها الآن إلى كلمة "code v" في إشارة إلى الحرف الأول من كلمة تقيؤ بالانجليزية.
والأمر نفسه يحدث في الطائرات اذ حدثني قبل أيام قبطان طائرة مدنية عن الكلمات السرية بين طاقم المضيفين التي يتم تحريفها حتى لا ينتبه إليها الركاب مثل نداء الإخلاء الفوري للطائرة في لحظة وقوع مكروه فيقول مثلا، "eco v" وهي اختصار محرف لكلمة "evacuate" أي إخلوا الطائرة فورا.
وكذلك يفعل الأطباء في أثناء الجراحة أو علاج الأسنان فيطلبون من الممرضين أدوات بأسماء يصعب أن يفهمها المريض وهو أسلوب جيد لطمأنة المريض. فتخيل لو أنه يسمع الطبيب يقول: ناولين الإبرة بسرعة أو المشرط الحاد!
الشركات المميزة بعد عقود من الخبرة والنجاحات والإخفاقات المتراكمة أدركت ماذا يسعد العميل وماذا يزعجه. لذا فهي تتحفنا بأفكار ودقائق أمور أصحبت جزءا من لوائحها وسياساتها الداخلية واستمارة تقييم الموظف السنوية. ولم تعد رهن اجتهادات العاملين. فتكون تجربة العميل متشابهة مهما تغير زمان ومكان الخدمة. وهذا هو الفارق بين العمل الخدمي المؤسسي والعمل المزاجي المتقلب.