راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : مرحبًا بالعام الجديد
مع دخول العام الجديد، ينشغل كثير منا بفكرة تحديد الأهداف للسنة الجديدة، ومن تحديدها إلى كيفية تنفيذها، والوقت اللازم لذلك، ولكن ما إن يمر الشهر الأول من السنة حتى يفقد كثيرون الطاقة المحركة خلف تنفيذ الأهداف. تثبت الإحصاءات أن أكثر من 80% من الناس يتوقفون عن العمل بالخطط الموضوعة خلال الشهر الأول من العام. وذلك بسبب فقدانهم للشغف المحرك أو بسبب مشاغلهم الحياتية والروتين أو بسبب عدم وجود رؤية واضحة وخطة عملية لتحقيق الأهداف.
فكثيرًا ما تكون الأهداف عامة وفيها الكثير من الخيال ودون خطة عملية سهلة التنفيذ، ما يجعلنا نفقد الطاقة اللازمة لأننا لا نرى المخرجات المتوقعة، إما لأننا عديمو الصبر أو لأنه لا توجد خطة لمخرجات بسيطة صغيرة أسبوعية أو شهرية.
وهنا أريد أن أقترح أنه بدلًا من أن نركز على الخطط والأهداف، علينا أن نراجع عاداتنا اليومية وما الجيد منها الذي نريد أخذه معنا خلال العام، وما العادات السيئة التي يجب أن نعمل على التخلي عنها.
فسِرُّ تحقيق نتائج وأهداف عظيمة له علاقة كبيرة بنمط الحياة والعادات اليومية. سمعنا الكثير أن الأشخاص الناجحين يستيقظون مبكرًا وينامون مبكرًا، وأنهم يستخدمون ساعات الصباح الأولى لأنشطة نموهم الشخصي، بين ممارسة الرياضة، والتأمل، والقراءة والتحضير ليومهم، وهذا ما يحدث الفرق. هؤلاء الأفراد يستيقظون نحو الساعة 5 صباحًا كل يوم لممارسة هذه الطقوس، حيث يجدون أن عقولهم في أهدأ وأوضح حالاتها، ومن ثم يمكنهم ممارسة جميع طقوسهم والتركيز على ما يريدون تحقيقه دون أي تشتيت. السر هنا ليس في الاستيقاظ الباكر ولكن في وجود روتين وعادات يومية صحية للعقل والبدن، ووجود انضباط ونظام حياتي عالٍ جدًّا.
فالأمر كله يتعلق بالعقلية ووعي الذات، وكم لديك من الإرادة لتتكيف وتتحول إلى نسخة أفضل من نفسك بمعرفة العادات التي تريد اكتسابها أو الالتزام بها إلى تلك التي تريد التخلص منها. وتذكر أن الأمر ليس متعلقًا بعدد الأيام أو الأسابيع التي يجب أن تمارس فيها العادات المرغوب فيها، بل يتعلق بالتكرار والالتزام. لذا، يجب أن تكررها لفترة كافية لتصبح عادة تلقائية. فالعادات التلقائية أو اللاإرادية تشكل أكثر من 40% من يومنا، لذا كلما كانت لدينا عادات جيدة أكثر، كانت لدينا عادات تلقائية أكثر، ومن ثم كانت أيامنا وحياتنا أفضل.
اقرأ أيضًا: راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : ما في قلبه على لسانه
والسر هنا هو الخطوات الصغيرة والبسيطة لكسب العادات الحسنة والالتزام بها. وإليك بعض الخطوات التي ستساعدك على كسب العادات التي تريدها، أو التخلص من العادات التي لا تريدها.
التلقائية: صمم البيئة التي تكون فيها محفزات اكتساب العادة واضحة جلية وسهلة. فمثلًا إن كنت تريد عمل نشاط رياضي كل صباح فاجعل البيئة حولك جاهزة ومحفزة لذلك من لحظة استيقاظك من النوم.
الجاذبية: اجمع بين فعل تحتاج إليه وفعل ترغبه، وحدد لذلك طقوسًا تحفيزية، فإن أتممت ما تحتاج إلى فعله فكافئ نفسك بما ترغبه. مثلا لا تأخذ كوب القهوة من المقهى المفضل لديك إلا إن أكملت عشرة آلاف خطوة مشيًا في هذا اليوم.
السهولة: اختزل عدد الخطوات التي عليك اتباعها للوصول إلى اكتساب عادتك الجديدة، فلا تشترك في نادٍ رياضي بعيد عن مقر عملك أو سكنك كي تتعذر بالمسافة.
الإشباع: اربط كل ذلك بجائزة لك، تشجعك على الالتزام بتلك العادة. فإن التزمت بالمواظبة على الرياضة لمدة ستة أشهر مثلًا، فاجعل لنفسك مكافأة مثل السفر أو شراء قطعة ملابس جديدة أو أي شيء ترغب في شرائه.
باختصار، عليك التركيز على عاداتك اليومية والروتين المتبع، وبعدها ستجد أن أهدافك ستتحقق تباعًا.
"تعريف الفشل هو تكرار الخطأ في الحكم على الأمور بصفة يومية، وتعريف النجاح هو الانضباط في تكرار عادات جيدة بصفة يومية". – جيم رون