قفزة استثنائية بإنفاق الزوار في 2023.. السياحة السعودية تواصل حصد النجاح
في تقرير مفصل لتحليل وضع السياحة في المملكة العربية السعودية على وقع النقلات النوعية التي تعيشها، يبرز الإنجاز القياسي للقطاع الذي شهدته المملكة في أعقاب الربع الثالث من العام 2023.
وتشير الأرقام إلى زيادة في إنفاق الزوار وصل إلى أكثر من 100 مليار ريال، مُحققةً فائضًا فاق الـ 37.8 مليار ريال، بنسبة نمو تصل إلى 72% مقارنةً بالعام السابق، وفق ما أكدته وزارة السياحة وبيانات البنك المركزي السعودي.
وعزا خبراء متخصصون في هذا القطاع تلك النتائج الرائدة إلى 6 عوامل أساسية نستعرضها وفقا لما يلي:
1. التخطيط الجيد ضمن رؤية المملكة 2030، والتماهي معها في تحويل السياحة إلى مورد اقتصادي مهم.
2. التنويع الاقتصادي بتوجه السياسة المالية نحو الاستغناء التدريجي عن الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس.
3. تحسين البنية التحتية السياحية المتمثلة في الفنادق والمرافق الأساسية والكمالية للزوار.
4. تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات لزيادة سهولة الوصول.
5. تنظيم رحلات جوية بكثافة عبر شركات الطيران الوطنية والدولية.
6. الحفاظ على السياحة الداخلية وتعزيزها من خلال شبكة طيران محلية قوية.
ونوه الخبراء إلى أن هذه العوامل مجتمعة دفعت بالمملكة لتحقيق تعافٍ كامل للقطاع السياحي بل وتجاوز مستويات الفترة ما قبل جائحة كوفيد-19.
اقرأ أيضا: معرض إكسبو 2030 يعزز شغف السياحة بالمملكة ويفتح أفقًا جديدًا للاستثمار
وقد تحولت السعودية إلى نقطة جذب للسياح على المستوى الدولي بمعدلات نمو تفوق نظيراتها في مجموعة العشرين، كما أنها في المركز الثاني على مستوى العالم للوجهات السياحية الأسرع نموًا، وفق تقارير منظمة السياحة العالمية.
المشهد السياحي في المملكة لم يكتسب تألقه من فراغ، بل من استراتيجيات طموحة وإجراءات منهجية، تُوّجت بدعم لا محدود من القيادة وإرادة سياسية تسعى إلى إعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي، وتفعيل السياحة كركيزة أساسية في الناتج المحلي.
ويُعد هذا الأداء المتميز ليس مجرد قفزة نوعية لقطاع السياحة السعودي وحسب، إنما يعكس المستقبل المشرق الذي ينتظر الاقتصاد السعودي بشكل عام كنتيجة لسياسات تنموية هادفة تسير بهدوء وثبات نحو تحقيق الرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030.
نجاح السياسات التنموية
والحقيقة أن التوسع والإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المملكة جعلت من قطاع السياحة محركًا رئيسًا للنمو. وفي ظل تحقيق إنفاق سياحي يتخطى الـ 100 مليار ريال خلال تسعة أشهر فقط من العام 2023، يُعد هذا المؤشر إشارة قوية لمدى نجاح السياسات التنموية والترويجية التي أُخِذت.
ولفهم زيادة هذا الإنفاق على نطاق أكبر وأوسع، لا بد من النظر إلى التحولات التي خضعت لها البنية التحتية السياحية في المملكة. فالحركة النشطة في بناء الفنادق والمنتجعات الفاخرة، بالإضافة إلى تحديث المطارات وتوسيع خطوط الطيران كلها أسهمت في جذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
فضلاً عن الدور الكبير الذي لعبه الاستثمار في الفعاليات الثقافية والترفيهية، حيث تم استقطاب عدد كبير من الزوار الدوليين والمحليين عبر المهرجانات والأحداث الرياضية من العيار العالمي، إضافة إلى ذلك، فإن الترويج للمواقع الأثرية والتاريخية المتنوعة قد عزز من تنويع عروض المملكة السياحية.
وأيضًا لا يُمكن إغفال الدور الذي لعبته السياسات المرنة في تسهيل السفر والتأشيرات، خاصةً مع إدخال التأشيرة الإلكترونية التي وفرت للزوار سهولة في إتمام إجراءات السفر، ما عكس روح الانفتاح والاستقبال لدى المملكة.
ومع الحفاظ على السياحة الداخلية، فقد عملت المملكة أيضًا على تعزيز جودة تجربة الزائر وتحسين الخدمات السياحية، وهو ما يُترجم في الولاء وإعادة الزيارات من السياح، ما يعود بفوائد اقتصادية إضافية.
نمو ملحوظ في عدد الزائرين
بالإضافة إلى ما تقدم، فإن استراتيجية المملكة للتسويق السياحي والعلامة التجارية للوجهات السياحية قد ساهمت في تعزيز الصورة الإيجابية للسياحة السعودية عالميًا، ما قاد إلى تحقيق نموٍ ملحوظ في عدد الزائرين وزيادة الإنفاق السياحي.
في المحصلة، يُشير الرقم القياسي لإنفاق الزوار القادمين إلى أن المملكة العربية السعودية قد غدت نموذجًا يُحتذى به في إدارة القطاع السياحي، وتُظهِر بما لا يدع مجالاً للشك الإمكانيات الكامنة في هذه الصناعة الواعدة التي من شأنها أن تساهم بقوة في الاقتصاد الوطني وتحقيق رؤية المملكة 2030.
اقرأ أيضا: المملكة في المقدمة.. أشهر وجهات السياحة العلاجية "استمتاع وشفاء"
ما هي أهم الوجهات السياحية في المملكة؟
نستعرض فيما يلي بعض الأمثلة على الوجهات السياحية في المملكة هي:
مدائن صالح:
وهي موقع أثري يضم آثار الحضارة النبطية، ويعد أول موقع سعودي يدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
حي طريف:
وهو حي تاريخي في الرياض، يعود تاريخه إلى القرن الـ 18، ويضم مجموعة من المباني القديمة المصنوعة من الطين والحجر.
قرية الحبلة:
وهي قرية جبلية تقع في منطقة عسير، تشتهر بمنازلها الملونة والمزينة بالنقوش الفنية، وتعكس تراث وثقافة المنطقة.
مدينة جدة:
وهي مدينة ساحلية تقع على البحر الأحمر، تعد بوابة الحجاج إلى مكة المكرمة، وتضم العديد من المعالم السياحية مثل البلد القديم والكورنيش ومتحف الفن الحديث.
مدينة تبوك:
وهي مدينة تقع في شمال غرب المملكة، تشتهر بمناخها المعتدل وطبيعتها الخلّابة، وتضم العديد من الأماكن السياحية مثل وادي اللوز ووادي الديسة ومحمية الشعراوي.
ما هي أفضل الأوقات لزيارة المملكة؟
أفضل وقت لزيارة المملكة يعتمد على النشاطات التي ترغب في القيام بها والمناطق التي تريد زيارتها.
بشكل عام، يمكنك زيارة المملكة في أي وقت من السنة، لكن تذكر أن الطقس يختلف بين المناطق الساحلية والداخلية والجبلية. إليك بعض النصائح لمساعدتك في اختيار أفضل وقت لرحلتك:
- إذا كنت تريد رؤية المعالم السياحية في الرياض وجدة، فأفضل وقت للسفر هو بين أكتوبر ومارس، حيث تكون الحرارة معتدلة والأجواء جافة.
- إذا كنت تحب الشواطئ والرياضات المائية، فالصيف هو الوقت المناسب لك، خاصة في المدن الساحلية مثل جدة والليث ومكة، حيث تكون الرياح البحرية منعشة والمياه دافئة.
- إذا كنت تبحث عن مغامرة شتوية في السعودية، فعليك زيارة منطقة عسير في الجنوب، وخاصة مدينة أبها، التي تقع على سفح جبل السودة، أعلى نقطة في المملكة. وستجد هناك ضبابًا وثلوجًا ومناظر طبيعية خلّابة.
- إذا كنت تريد الاستمتاع بالطبيعة والتخييم في الصحراء، فالشتاء هو الوقت المثالي لك، لكن تأكد من اصطحاب ملابس دافئة، فالحرارة تنخفض ليلاً إلى ما دون الصفر في بعض المناطق.
هذا وتستمر تلك التحولات المبشرة بتنمية الاقتصاد السعودي وفقًا للرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030 لترسخ من مكانتها كوجهة سياحية رائدة.
اقرأ أيضًا:"نيوم".. مركز جديد لصناعة السينما العالمية والإبداع الفني
وقد يتساءل المراقبون إلى أي مدى يمكن للاتجاه الصاعد بشكل متزايد في إنفاق الزوار أن يستمر في المملكة، وما هي الاستراتيجيات التي يمكن تبنيها لضمان استمرارية النمو والاستدامة في هذا القطاع، وما يمكن قوله هنا هو أن الأمور تسير على أفضل ما يكون فيما يتعلق بهذا الجانب.
كما تتضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص في تأسيس مبادرات وبرامج مبتكرة لتحسين تجربة الزوار، مثل توسيع الفعاليات ذات الصلة بالتراث ومشاريع البنية التحتية المستقبلية مثل مشروع نيوم ومشروع القدية، خاصة وأن مثل هذه المنشآت الضخمة تُقدم للزوار خيارات ترفيه وثقافة جديدة تسهم في زيادة متوسط الإنفاق اليومي لكل زائر.
وهناك عامل مهم يكمن في قدرة المملكة على جذب الفعاليات الدولية والمؤتمرات والمعارض، والتي تحظى بدور كبير في تعزيز الإنفاق السياحي على المدى الطويل. ويتزامن ذلك مع الاستثمار في القطاعات المتعلقة، مثل تطوير قطاع الضيافة الراقي والخدمات الترفيهية الفاخرة.
ولتحقيق استدامة النمو في الإنفاق السياحي، يجب على المملكة مواصلة تعزيز علامتها التجارية السياحية، وتحسين جودة الخدمات والمرافق، والتركيز على توفير تجارب وتنوع سياحي يلبي تطلعات شرائح متنوعة من الزوار.
وفي الختام يتضح أن الإنفاق الهائل من قبل الزوار على المملكة يعد شهادة واضحة على نجاح السعودية في استثمار قطاع السياحة وتطويره ليصبح أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني. ومع تصاعد دور السياحة كمحرك للنمو الاقتصادي والتنمية، تبرز المملكة كنموذج يُحتذى به في الشرق الأوسط والعالم.