للوقاية من الفيروسات.. إليك أفضل الفيتامينات والمعادن المعززة للمناعة
أرأيت حارسًا يدور طوال الوقت مُفتشًا عن أي دخيلٍ دون كلل أو ملل؟ هذا الدخيل قد يكون فيروسًا أو بكتيريا مميتة، أو حتى خلية طبيعية انقلبت فجأة إلى خلية سرطانية، فلو تُرِك هؤلاء الدخلاء وشأنهم لانهار الجسم تمامًا في ثوان معدودة، فهؤلاء الدخلاء مُتجدِّدون على الدوام، لا تمر ثانية إلّا وتتعامل المناعة معهم.
تتسلَّط الخلايا المناعية على الأجسام الغريبة والميكروبات التي تدخل إلى الجسم، ويُعاوِنها في ذلك بعض الفيتامينات والمعادن، التي قد يُؤدِّي نقصها إلى ضعف الاستجابة المناعية، مثل فيتامين د، وفيتامين ج، بل إنّ فيتامين ج تركيزه في الخلايا المناعية أكثر 100 مرة من تركيزه في البلازما، والزنك يخفض فترة استمرار أعراض نزلات البرد، فهلّم بنّا نغوص في أعماق الجهاز المناعي.
ماذا تعرف عن مناعة الجسم؟
المناعة هي خط الدفاع الأول للجسم تجاه الميكروبات والأجسام الغريبة التي قد تتسلّل إليه وتُسبِّب أمراضًا، وليست المناعة دفاعية فقط، بل هي تساعد في إصلاح الأنسجة والتئامها بعد تعرّضها لالتهابٍ أو إصابة.
الجهاز المناعي، حسب "clevelandclinic"، هو شبكة كبيرة من الأعضاء، وخلايا الدم البيضاء، والبروتينات، والمواد الكيميائية، التي تتآزر معًا في حماية الجسم من الميكروبات، وكذلك تُساعِد في تعافي الأنسجة بعد العدوى أو الإصابات.
أجزاء الجهاز المناعي
تشمل أبرز أجزاء الجهاز المناعي الوظيفية ما يلي:
- كرات الدم البيضاء: هي الخلايا الرئيسة في مجابهة العدوى، والتي تُحفِّز الهجوم المناعي على البكتيريا والفيروسات والميكروبات، مثل الخلايا التائية، والخلايا البائية، والعَدِلات.
- الأجسام المضادة: تساعد الجسم في قتال العدوى عبر التعرّف على الأنتيجين على سطح الميكروب، ثُمّ استهداف هذه الأنتيجينات للتدمير، وتُنتَج الأجسام المضادة من الخلايا البائية.
- الغدد الليمفاوية: تحبس الميكروبات وتتجمّع فيها الخلايا الليمفاوية قبل الانطلاق وراء الأجسام الغريبة.
- الطحال ونخاع العظام: يُساعدان في إنتاج كرات الدم البيضاء.
- الغدة التيموسية أو الغدة الزعترية: تُنتِج الخلايا التائية.
- البشرة: تُنتِج زيتًا قاتلاً للبكتيريا، وتُعدّ حاجزًا يحول دون دخول الأجسام الغريبة.
- الجهاز التنفسي: يُفرِز مخاطًا لحبس الأجسام الغريبة وطردها مع السعال خارج الجسم.
- الجهاز الهضمي: تحتوي البطانة المخاطية على أجسام مضادة، وكذلك حمض المعدة الذي يقتل البكتيريا.
- اللوزتان واللحمية والزائدة الدودية: تتجمّع فيها الأنسجة الليمفاوية؛ لأنّها تُعدّ البوابات الأولى لدخول مُسبِّبات الأمراض إلى الجسم.
العوامل التي تؤثر على مستوى المناعة في الجسم
يتأثَّر نشاط الجهاز المناعي وكفاءته في حماية الجسم بعِدّة عوامل، مثل:
1- السمنة
السمنة مُنذِرة بضعف المناعة عاجلاً أو آجلاً، فقد أشار موقع "health" إلى أنَّ مرضى السمنة كانوا أكثر عُرضةً للإصابة بكوفيد-19 والمعاناة من أعراضه الشديدة، مقارنةً مع غيرهم مِمّن لا يُعانُون السمنة.
كذلك تزيد السمنة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي، وهذه المشكلات الصحية تُضعِف جهاز المناعة، وتتناوب السمنة في إضعاف المناعة بطرق أخرى من خلال تحفيز الالتهابات في الجسم وزيادة السيتوكينات.
السيتوكينات هي بروتينات تساعد في محاربة العدوى، لكن وجودها بكميات كبيرة يُضعِف المناعة وله مخاطر على الجسم.
2- نقص بعض المعادن والفيتامينات
لا تنقص المعادن والفيتامينات الرئيسة للجهاز المناعي إلّا مع عدم الاهتمام بتحصيلهم عبر نظامٍ غذائي متوازن، فقد يُؤدِّي نقص بعض العناصر إلى قصور الجهاز المناعي عن أداء وظيفته ومنها:
- قد يتسبَّب نقص الزنك في ضمور النسيج الليمفاوي، وضعف استجابة الخلايا الليمفاوية "نوع من الخلايا المناعية".
- قد يُؤدِّي نقص النحاس إلى خلل استجابة الخلايا التائية.
3- التدخين
النيكوتين الذي يستنشقه المُدخّن للسجائر، يزيد مستويات الكورتيزول في الدم، والكورتيزول هو هرمون التوتر الذي يضر خلايا الجهاز المناعي المسؤولة عن الدفاع عن الجسم ضد الأجسام الغريبة.
4- النشاط البدني
قلة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضية من مُثبِّطات الاستجابة المناعية؛ إذ تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى، ما قد يزيد الالتهابات، ويُعرِّض الإنسان لأمراضٍ مزمنة.
كذلك قد يُؤدّي الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية إلى إثقال الجسم بمزيدٍ من التوتر، ما يفتح المجال أمام الإصابة بالعدوى، ومِنْ ثَمَّ ينبغي ألا يخلو يومك من بعض التمارين الرياضية المناسبة التي لا تُرهِق الجسم بشِدّة.
5- الهرمونات
قد تُؤدِّي زيادة مستويات بعض الهرمونات في الدم، مثل هرمون الكورتيزول مع التوتر إلى عدم كفاءة الجهاز المناعي في مكافحة العدوى، وكذلك قصور الخلايا المناعية عن أداء وظيفتها.
6- العمر
تتراجع قوة الجهاز المناعي مع تقدُّم العمر؛ إذ تُقدَّر نسبة الوفاة من كوفيد-19 لمن يبلغ 20 عامًا نحو 0.3% فقط، بينما تقفز هذه النسبة إلى 7.8% لمن يبلغون 80 عامًا من العمر؛ إذ تتراجع قوة الاستجابة المناعية مع تقدُّم العمر، ويصير المرء مُعرّضًا لكثيرٍ من الأمراض والعدوى.
7- الجينات أو العوامل الوراثية
قد تتسبَّب بعض العوامل الجينية أو الوراثية في خلل الاستجابة المناعية عند بعض الناس، فالجينات تُهيمِن على طريقة عمل الجهاز المناعي وكيفية استجابته للتهديدات التي تجتاح الجسم. ومن الاضطرابات المناعية التي قد تحدث بفعل العوامل الوراثية:
- اضطرابات المناعة الذاتية، وفيها يُهاجِم الجهاز المناعي أنسجة الجسم، ما يُؤدِّي إلى التهابها.
- صعوبة محاربة العدوى، ومكوثها فترة طويلة في الجسم حال الإصابة بها.
- تكرُّر الإصابة بعدوى شديدة عند الأطفال مع المعاناة من نقص المناعة الأولي، مثل التهاب الأذن الوسطى.
8- قلة النوم
نعم، قد يتأثَّر جهازك المناعي بنومك، فعندما ننام تتواصل الخلايا المناعية مع بعضها؛ للتعامل بأمثل طريقة مع المرض، وذلك التواصل يكون بأفضل ما يكون عندما ينام المرء عددا كافيا من الساعات.
وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ قلة النوم قد تُؤدِّي إلى الالتهابات، وتجعل الإنسان عُرضةً للأمراض.
ويظن الباحثون أنَّ الحصول على قسط وافر من النوم، يخفض مستويات الكورتيزول هرمون التوتر، ما يُعزِّز نشاط واستجابة الجهاز المناعي ويمنع قصوره.
9- ميكروبات الأمعاء
بالأمعاء ميكروبات نافعة تساعد على الهضم وتُعزِّز مناعة الإنسان، وتمنع نمو البكتيريا الضارة، بل إنَّ 80% من الجهاز المناعي يقبع في الجهاز الهضمي، ويمكن تعزيز هذه الميكروبات بتناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، مثل الزبادي.
10- الأدوية
تُؤثِّر بعض الأدوية في مناعة الإنسان، مثل:
- المضادات الحيوية: خاصةً مع الاستخدام المُطوّل لها؛ لأنَّها تقتل في طريقها البكتيريا النافعة أيضًا لا الضارة فقط، ما يُعطِي الفرصة لنمو البكتيريا الضارة داخل الأمعاء وإلحاق أضرار بالجسم.
- مُثبِّطات مضخة البروتون لارتجاع المريء: مثل أوميبرازول، فهي تُخفِّف ارتجاع المريء، لكنّها قد تُؤثِّر في ميكروبات الأمعاء النافعة، كما قد تُغيِّر درجة حموضة المعدة، بما يُؤثِّر في امتصاص العناصر الغذائية الضرورية للمناعة.
- أدوية الكورتيكوستيرويد "الكورتيزون": تُثبِّط الجهاز المناعي مباشرةً كي تُحدِث أثرها بتخفيف الالتهابات أو علاج الحساسية، ومِنْ ثَمَّ فقد تجعل الإنسان مُعرّضًا للعدوى أكثر من أي وقتٍ مضى.
- أدوية العلاج الكيميائي: لمن يُعانُون السرطان؛ إذ تتسبَّب في قلة العَدِلَات "neutropenia"، وهي نوع من الخلايا المناعية التي يحتاج إليها الجسم في مكافحة العدوى.
11- الكحول
يتسبَّب استهلاك الكحول - خاصةً مع الإفراط فيه - في تأثُّر الوظائف المناعية، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى.
12- الجنس
الخلايا المناعية التكيُّفية "الخلايا التائية والبائية" أنشط عند النساء مقارنةً بالرجال، والتي تساعد في مكافحة العدوى، بينما المناعة الطبيعية أنشط عند الرجال، وهي التي تُحدِث استجابات عامة للدفاع عن الجسم، لكنّها ليست استجابات مناعية مُوجّهة إلى أنواع مُعيّنة من العدوى، وهذا قد يُفسِّر سبب تعرُّض الرجال للعدوى، خاصةً مع تجاوز 65 عامًا من العمر.
أبرز الفيتامينات التي تعزز المناعة
تُعزِّز كثير من الفيتامينات مناعة الإنسان، بل لا ينبغي الاستغناء عنها في أي حالٍ من الأحوال، وإلّا فقد تضعف المناعة نتيجة نقص هذه الفيتامينات:
1- فيتامين أ
يُساعِد فيتامين أ في تعزيز المناعة بشتّى الطرق، ويُمكِن عرض أدواره التفصيلية في مناعة الإنسان على النحو التالي:
فيتامين أ والأنسجة الظهارية والمخاطية
الأنسجة الظهارية هي التي تُغطّي السطح الخارجي للجسم وكذلك معظم الأسطح الداخلية، وهي حائط الصد المنيع ضد الميكروبات؛ إذ تمنع نفاذها إلى داخل الجسم، ويُسهِم فيتامين أ في تكوين النسيج الظهاري، ونضج خلاياه.
كذلك يُعدّ فيتامين أ جزءًا لا يتجزأ من الطبقة المخاطية للجهاز التنفسي والأمعاء، ومعلومٌ دور المخاط المناعي في مكافحة الميكروبات والأجسام الغريبة التي قد تلج إلى الجسم دون سابق إنذار، وهذا حسب مجلة الطب السريري "Journal of Clinical Medicine".
فيتامين أ والمناعة الطبيعية
يُسهِم فيتامين أ في تكاثر ونضج خلايا المناعة الطبيعية، وهذه الخلايا هي البلاعم والعَدِلات، التي تُحفِّز الاستجابة الأولية أمام غزو الميكروبات من خلال البلعمة "ابتلاع الميكروب وتدميره"، وتنشيط الخلايا التائية القاتلة الطبيعية، إذ يُعزِّز فيتامين أ نشاط الخلايا المناعية عمومًا.
فيتامين أ والأجسام المضادة
تُنتِج الخلايا البائية المناعية الأجسام المضادة، وقد ثبت أنَّ تناول الأطعمة الغنية ببيتا كاروتين "طليعة فيتامين أ"، يزيد مستويات الأجسام المضادة في الدم، ومِنْ ثَمّ تتحسّن المناعة؛ إذ تستهدف الأجسام المضادة الأجسام الغريبة التي دخلت الجسم بدقّة عالية.
فيتامين أ ومرض السل
مرض السل أحد الأمراض المزمنة التي يستغرق علاجها وقتًا طويلاً، وقد صارت الأدوية التقليدية غير فعالة كما كانت في السابق إثر تزايُد مقاومة بكتيريا السل.
وقد أظهرت دراسات الأوبئة أنّ الأصحاء لديهم مستويات أعلى من فيتامين أ مقارنةً مع المُصابين بمرض السل، ومِنْ ثَمّ فقد يكون نقص هذا الفيتامين مرتبط بالإصابة بمرض السل، لكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث قبل استخدام مكملات فيتامين أ في علاج السل.
فيتامين أ والأمراض المُعدية عند الأطفال
أظهر بحثٌ مؤخرًا، حسب مجلة الطب السريري "Journal of Clinical Medicine"، أنَّ هناك علاقة قريبة بين نقص بعض العناصر الغذائية، مثل فيتامين أ، والأمراض المُعدية التي تنتشر عبر الجهاز التنفسي والهضمي عند الأطفال.
فقد تُسبِّب بعض الأمراض المُعدية نقص مستويات فيتامين أ في الجسم، بسدّها للشهية، ما يُؤدِّي إلى قلة امتصاص فيتامين أ من الأمعاء، فالمريض لا يأكل كما ينبغي.
ونظرًا لدور فيتامين أ في تعزيز المناعة والحفاظ عليها، فإنّ هذه الأمراض قد تُشكِّل خطورة، كما أنَّ فيتامين أ أظهر تأثيرًا علاجيًا إلى حدٍ ما في الأمراض المنقولة عن طريق التنفّس، مثل الالتهاب الرئوي والحصبة عند الأطفال، وأمراض الجهاز الهضمية المُعدية عند الأطفال، مثل الإسهال، ومِنْ ثَمّ يتلقّى الأطفال تطعيمات لفيتامين أ وفق توجيهات منظمة الصحة العالمية؛ لمنع نقص الفيتامين لديهم.
مصادر فيتامين أ
فيتامين أ أحد الفيتامينات الذوّابة بالدُهن، ويتوفَّر في كثيرٍ من الأطعمة، لكن بصورٍ مختلفة، ففي الأطعمة الحيوانية يتوفَّر في صورة الريتينويد، ومن مصادره:
- السلمون.
- البيض.
- الزبادي.
- كبد البقر.
- زيت السمك.
أمّا في الأطعمة النباتية، فيتوافر في صورة الكاروتينويدات، وأشهرها بيتا كاروتين، ويُمكِن الحصول عليه من:
- الجزر.
- البطاطا الحلوة.
- الفلفل الأحمر.
- المانجو.
- الطماطم.
- الكرنب.
- السبانخ.
- البروكلي.
2- فيتامين ب 6
حسب دراسةٍ منشورٍة في سبتمبر العام 2023 في مجلة الطب الحيوي "Biomedicines"، فإنَّ فيتامين ب 6 أظهر خصائص قوية في مكافحة الالتهابات، كما ارتبط نقص فيتامين ب 6 بوقوع التهاباتٍ في الجسم، زالت وقلّت وطأتها مع الحصول على مكملات فيتامين ب 6، ومِنْ ثَمّ فقد يكون الفيتامين مفيدًا في الحالات الالتهابية الشديدة حسب هذه الدراسة، لكن استخدامه لهذا الغرض ما زال بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الأبحاث.
على صعيدٍ آخر، فإنّ فيتامين ب 6 يُعزِّز المناعة بطرقٍ عدة:
- تخفيف الالتهابات، ومِنْ ثَمّ تثبيط عاصفة السيتوكين التي قد تصحب بعض الأمراض، مثل كوفيد-19.
- زيادة مستويات الكارنوسين "حامي القلب".
- المساهمة في إنتاج الخلايا التائية والإنترلوكين "سيتوكينات تُحفِّز المناعة لمقاومة المرض".
- يُؤدِّي نقص الفيتامين إلى ضعف المناعة، وتراجُع إنتاج الأجسام المضادة.
- تنقص مستويات فيتامين ب 6 لدى المصابين بمرض السكري أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
فيتامين ب 6 والسرطان
أظهرت مراجعة لـ 130 دراسة أنّ فيتامين ب 6 قد يُساعِد في الوقاية من السرطان، حسب موقع "verywellhealth"، كما ثبت أنّ الحصول على فيتامين ب 6 من مصادره الغذائية مرتبط بتراجُع خطر الإصابة ببعض السرطانات، مثل:
- سرطان المريء.
- سرطان البنكرياس.
- سرطان القولون.
لكن هذا التأثير كان مقتصرًا على المصادر الغذائية، أمّا عند الحصول على فيتامين ب 6 من الغذاء والمكملات، فلم يكن له نفس الأثر في الوقاية من السرطان، ما يجعله محل بحثٍ لمعرفة حقيقة دوره في الوقاية من السرطان.
مصادر فيتامين ب 6
يُمكِن الحصول على فيتامين ب 6 من:
- اللحوم.
- الدجاج والديك الرومي.
- الحبوب الكاملة.
- الموز.
- البطاطا.
- الحبوب المُدعّمة.
3- فيتامين ج "فيتامين سي"
فيتامين ج أحد مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم، وتُعزِّز المناعة، كما يُسهِم فيتامين سي في إصلاح الأنسجة والتئامها، ما يجعله متكاملاً من ناحية دوره المناعي.
فيتامين ج والخلايا المناعية
حسب دراسةٍ منشورةٍ في يناير العام 2023 في مجلة "Cureus"، فإنَّ أهمية فيتامين ج للخلايا المناعية تكمن في احتشاده بداخلها، بمعنى أنَّ كرات الدم البيضاء تحتوي على تركيز من فيتامين ج أكبر 100 مرة عن تركيزه في البلازما.
أيضًا يُسهِم فيتامين ج في حفز استجابة العَدِلات "أحد أنواع الخلايا المناعية" بعد وقت قصير من الإصابة بالعدوى، كما ساعد الحصول على مكملات فيتامين ج في تعزيز الانجذاب الكيميائي للعَدِلات إلى أماكن العدوى بنسبة 20%.
يُساعِد فيتامين ج في قيام الخلايا التائية والبائية بأدوراهما المناعية؛ إذ يتحسّن نضج الخلايا التائية وتكاثرها مع وجود فيتامين ج بتركيزٍ طبيعي في الجسم.
أمَّا الخلايا البائية المُنتِجة للأجسام المضادة، فإنَّ فيتامين ج يُساعدها في إنتاج مزيدٍ من الأجسام المضادة المقاومة للأجسام الغريبة التي تلج الجسم.
فيتامين ج مضاد للأكسدة
يحمي فيتامين ج خلايا الجسم عبر نشاطه مضادًا للأكسدة؛ إذ يحمي خلايا الجسم من مُركَّبات الأكسجين التفاعلية التي قد تنشأ خلال الاستجابات المناعية، وتضرّ خلايا الجسم.
كذلك تستخدم الخلايا المناعية فيتامين ج في خضم الاستجابة المناعية؛ لحماية نفسها من مُركّبات الأكسجين التفاعلية.
فيتامين ج وإصلاح الأنسجة
يُسهِم فيتامين ج في تكوين الكولاجين، الذي يُعدّ البنية الرئيسة لمُعظم أنسجة الجسم، كما يُؤدِّي نقص فيتامين ج إلى صعوبة التئام الجروح، وسهولة تكوّن الكدمات.
وقد ثبت تعزيز فيتامين ج لالتئام الجروح لدى المُصابِين بقرح القدم المزمنة، وكذلك التعافي بعد عمليات الأسنان، ومِنْ ثمّ فهو ضروري عمومًا لالتئام الجروح وإصلاح الأنسجة التالفة.
فيتامين ج والوقاية من الأمراض
يرتبط نقص فيتامين ج بتزايُد خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، كما ساعد الحصول على 200 مغم من فيتامين ج يوميًا في تقليل فترة المعاناة من نزلات البرد الفيروسية بنسبة 8% لدى البالغين و13.5% لدى الأطفال، لكن تناول الفيتامين كان قبل الإصابة بنزلات البرد.
وعندما يحصل الإنسان على فيتامين ج والبروبيوتيك، فإنّ فرص الإصابة بالعدوى الفيروسية التنفسية، مثل نزلات البرد، تتراجع بنسبة 33%، خاصةً لدى الأطفال قبل سن المدرسة.
مصادر فيتامين ج
يُمكِن الحصول على فيتامين ج من:
- الفواكه الحمضية، مثل البرتقال والكيوي والليمون.
- الفلفل الحلو.
- الفراولة.
- الطماطم.
- الخضراوات الصليبية، مثل البروكلي والكرنب.
- البطاطا البيضاء.
4- فيتامين د
فيتامين د أحد الفيتامينات التي تقوي المناعة، والتي لها صلة مباشرة بتقوية العظام أيضًا، والوقاية من الاكتئاب، وقد تناولت دراسةٌ منشورة في إبريل عام 2023 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة "International Journal of Environmental Research and Public Health" بعض آثار فيتامين د، نقتطف منها ما يلي:
فيتامين د والمناعة الطبيعية
تُنظَّم مستويات فيتامين د داخل الخلايا المناعية بفعل بعض الإنزيمات، ويُسهِم فيتامين د في بدء الاستجابة المناعية الطبيعية ضد مُسبِّبات الأمراض؛ إذ تتكوَّن بعض المُركّبات الكيميائية المُقاوِمة للبكتيريا وبعض الفيروسات، بما يُضعِف الأغشية البكتيرية، ويمنع دخول الفيروسات وتضاعفها.
ويساعد فيتامين د - حال وجوده بمستويات طبيعية - في الوقاية من عدوى الجهاز التنفسي، وتعزيز وظائف الخلايا المناعية في الجهاز التنفسي.
فيتامين د وكوفيد-19
يُؤدِّي تواجد فيتامين د في الجسم بكمياتٍ كافية إلى تراجع خطر الإصابة بكثيرٍ من الأمراض المزمنة التي قد تُساعِد على الإصابة بكوفيد-19.
وقد تكاثرت الأدلة على أنّ الذين يُعانُون نقص فيتامين د لديهم نتائج إيجابية بشأن الإصابة بكوفيد-19 مقارنةً بغيرهم.
فيتامين د والوقاية من العدوى
يُساعِد فيتامين د في الوقاية من العدوى عن طريق:
- تقوية المَوصِل الفجوي للحاجز الظهاري التنفسي، الذي يُعدّ أحد الطبقات الدفاعية في الجهاز التنفسي.
- تحفيز إنتاج الببتيدات المضادة للميكروبات، مثل الكاثيليسيدين، وغيرها من المركبات التي تُقلِّل تكاثر الفيروسات.
- تعزيز التعبير الجيني لعوامل مضادات الأكسدة، لا سيما مُختزِل الجلوتاثيون، الذي يُحافِظ على مستويات فيتامين ج.
- تنظيم الاستجابة المناعية عبر تقليل السيتوكينات المُؤيدة للالتهابات، والتي قد تُتلِف النسيج الرئوي، إضافةً إلى تحفيز إنتاج السيتوكينات المضادة للالتهابات.
مصادر فيتامين د
يمكن الحصول على فيتامين د من مصادره الغذائية، مثل:
- زيت كبد الحوت.
- السلمون.
- التونة.
- كبد البقر.
- صفار البيض.
- السردين.
5- فيتامين هـ
يُعدّ فيتامين هـ من أبرز الفيتامينات التي تقوي المناعة، والتي تناولته العديد من الدراسات، فهو يدعم المناعة من عدة نواحٍ، كما أنَّه أحد مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم.
فيتامين هـ والاستجابة المناعية
أشارت بعض الدراسات إلى تعزيز تكاثر الخلايا الليمفاوية وإنتاج الإنترلوكينات مع الحصول على مكملات فيتامين هـ بكمياتٍ تتجاوز المقدار المُوصَى به، وفي نفس الوقت نفت بعض الدراسات وجود أي فرق في تكاثر الخلايا الليمفاوية.
ويُظنّ أنّ ذلك الفرق في الاستجابة قد يعود إلى اختلاف الجرعات المُستخدمة في الدراسات، أو أعمار المشاركين، أو غيرها من العوامل.
فيتامين هـ والأمراض المُعدية
دلّلت العديد من الدراسات على تحفيز فيتامين هـ للمناعة، بما يُحسِّن المقاومة أمام العدوى، لكن هذه التأثيرات كانت صغيرة نوعًا ما.
فيتامين هـ والخلايا المناعية
يُساعِد فيتامين هـ في عمل الخلايا المناعية، وتعزيز وظائفها خاصةً مع تقدُّم العمر، كما أثبتت بعض الدراسات أنَّ الحصول على مكملات فيتامين هـ، عزّز نشاط الخلايا الفاتكة الطبيعية "NK" عند المُصابين بسرطان القولون، وهي من الخلايا التي تستهدف الخلايا السرطانية، ومع ذلك فإنّ هذه الدراسات غير كافية لتأكيد نشاط فيتامين هـ ضد السرطان.
فيتامين هـ مضاد للأكسدة
يدعم فيتامين هـ المناعة عمومًا من خلاله نشاطه مضادًا للاكسدة؛ إذ يحمي الخلايا من التلف، وكذلك من الشوارد الحرة التي قد تُسبِّب التهابات مزمنة، وتزيد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
مصادر فيتامين هـ
يُمكِن الحصول على فيتامين هـ من مصادره الغذائية، مثل:
- بذور دوّار الشمس.
- اللوز.
- الفول السوداني.
- الأفوكادو.
- الكيوي.
- المانجو.
- التوت الأسود.
- السبانخ.
- الخضراوات الورقية.
- البروكلي.
أبرز المعادن التي تعزز المناعة
ليست الفيتامينات وحدها هي من تُعزِّز المناعة، بل للمعادن دورٌ لا يمكن إغفاله في تقوية المناعة ودعم نشاط خلاياها، مثل:
1- الزنك
يحمل الزنك خصائص مضادة للالتهابات والفيروسات، كما يُحافِظ على سلامة حواجز الأنسجة التي تحول دون دخول الميكروبات إلى الجسم، مثل النسيج الظهاري للجهاز التنفسي.
كذلك يُؤثِّر نقص الزنك على المناعة مباشرةً؛ إذ يختل نشاط وتكاثر الخلايا الليمفاوية، وكذلك نشاط الخلايا الفاتكة الطبيعية والخلايا التائية، وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، خاصةً العدوى الفيروسية.
الزنك ونزلات البرد
في الدراسات التي أُجريت لدراسة تأثير مكملات الزنك على نزلات البرد، حصل المشاركون على الزنك في صورة مستحلب أو شرب يلتصق مؤقتًا بالفم والحلق، ما يُبقِي الزنك متصلاً بالفيروس الأنفي في تلك المناطق، والزنك ذو نشاطٍ مقاوم للفيروسات.
وقد ثبت أنّ الزنك يُساعد في تقليل فترة استمرار أعراض نزلات البرد، لا شِدّتها، خاصةً إذا تناوله الإنسان بعد إصابته بنزلة البرد بوقتٍ قصير.
مصادر الزنك
يُمكِن تحصيل الزنك من مصادره الغذائية، مثل:
- المحار.
- سرطان البحر.
- لحم البقر.
- الدواجن.
- الفاصوليا.
- المكسرات.
- الحبوب الكاملة.
- منتجات الألبان.
2- السيلينيوم
السيلينيوم من المعادن الضرورية للمناعة، ولا يقل أهمية عن الزنك؛ إذ يُسهِم في نضج الخلايا التائية وأدائها لوظائفها المناعية، كما يخفض خطر الإصابة بالعدوى.
وقد ثبت أنَّ نقص السيلينيوم مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالعدوى، وتراجُع نشاط الخلايا الفاتكة الطبيعية، إضافةً إلى توحّش بعض الفيروسات إن دخلت الجسم، مثل فيروس التهاب الكبد الوبائي ب وج.
كذلك يُعدّ السيلينيوم مضادًا للأكسدة، ومِنْ ثَمّ يُساعِد في الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان.
مصادر السيلينيوم
يتوفّر السيلنيوم في الأطعمة الآتية:
- المكسرات البرازيلية.
- المأكولات البحرية.
- اللحوم.
- الدواجن.
- البيض.
- منتجات الألبان.
- الحبوب.
3- الحديد
يشتهر الحديد بدوره في تكوين الهيموغلوبين والوقاية من فقر الدم، لكنّه ضروري كذلك لمناعة الإنسان، وذلك لأنّه مُكوِّن رئيس في:
- بعض الإنزيمات: تحتاج الخلايا المناعية نشاط بعض الإنزيمات لأداء وظائفها، وهذه الإنزيمات لا تستغني عن الحديد، وتُعدّ العَدِلات "Neutrophils" الخلايا المناعية الدفاعية الأولى عند دخول جسم غريب؛ إذ تُفرِز بعض الإنزيمات القاتلة للميكروبات، وقد يُؤدِّي نقص الحديد إلى ضعف نشاط هذه الإنزيمات.
- تنظيم الأكسدة: الأكسدة عملية طبيعية داخل الجسم، لكنّها قد تكون خطيرة أحيانًا إذا خرجت عن توازنها، ويُساعِد الحديد في تنظيم عمليات الأكسدة ومنع اختلال توازن هذه العمليات، خاصةً عمليات الأكسدة داخل الجهاز المناعي.
مصادر الحديد
يُمكِن الحصول على الحديد من مصادره الغذائية التالية:
- المحار.
- السبانخ.
- الكبد.
- اللحوم الحمراء.
- الكينوا.
- البروكلي.
- السمك.
- الشيكولاتة الداكنة.
أشهر الأمراض المرتبطة بنقص المناعة
يُنذِر نقص المناعة بالإصابة بأمراضٍ خطيرة، بل إنّها مميتة في بعض الأحيان، فالمناعة هي خط الدفاع الأول والحاسم تجاه مختلف أنواع العدوى والأجسام الغريبة، وتضمّ أشهر الأمراض المرتبطة بنقص المناعة ما يلي:
- مرض الإيدز أو العوز المناعي: يُعدّ مرض الإيدز أو عدوى فيروس العوز المناعي البشري أكبر دليل على حالة الجسم عندما يتجرّد من مناعته؛ إذ تتراجع أعداد الخلايا التائية تحديدًا إلى مستويات غير مسبوقة، ما يجعل مختلف أنواع العدوى، بل أضعفها تأثيرًا ينهش في الجسم، إضافةً إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطانات.
- سرطان الغدة الدرقية: قد يتسبَّب نقص المناعة في زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مباشرةً، مثل سرطان الغدة الدرقية.
- مرض السل: مرض السل من الأمراض المزمنة التي قد تُصِيب الرئة أو غيرها من أنسجة الجسم، كما أنَّه من الأمراض العنيدة التي يستغرق علاجها وقتًا طويلاً، وقد يكون الإنسان مُعرّضًا له مع ضعف مناعته.