إدارة المخاطر.. ما مفهومها واستراتيجياتها؟ وما هو أثرها على الأعمال التجارية؟
تعد إدارة المخاطر جزءًا مهمًا من التصورات المالية لأي مشروع ناجح، حيث تتجسد أهميتها الخاصة في عمليات اتخاذ القرار والتخطيط لمستقبل المؤسسات واستدامتها، لكن هذا المصطلح غالبًا ما يثير مشاعر سلبية لدى البعض، ربما لما يتضمنه من احتمالية لخسارة رأس المال والاستثمار، ولكن المخاطرة هنا ليست دائمًا سيئة، نظرًا لأن الاستثمارات التي تنطوي على مخاطر أكبر غالبًا ما تأتي مع مكافآت أكبر وأكبر، وهي العلاقة الطردية التي يدركها رواد الأعمال الأكثر مغامرة ونجاحًا حول العالم، فمعرفة المخاطر وكيفية التعرف عليها مع استخدام تقنيات إدارة المخاطر المناسبة، يمكن أن تساعد في تجنب الخسائر، أو تخفيفها، أو حتى الحد منها أثناء مرحلة جني الثمار.
ما هي إدارة المخاطر؟
إدارة المخاطر هي العملية المستمرة لتحديد وتحليل وتقييم ومعالجة التعرض للخسارة، ومراقبة المخاطر والموارد المالية للتخفيف من الآثار السلبية لهذه الخسارة، وتتضمن تحديد أماكن وجود المخاطر، والحد من عدم اليقين في قرارات الاستثمار، حيث يتم مراقبة التهديدات المالية المرتبطة بالاستثمار، مع تحديد واتخاذ القرارات حول كيفية التعامل معها، وهي العملية التي تحدث بشكل أساسي عندما يقوم المستثمر، أو مدير الصندوق بتحليل ومحاولة تحديد احتمالية حدوث خسائر في الاستثمار، حتى يتخذ الإجراءات المناسبة التي تمكنه من تحقيق أهدافه، التي هي بالضرورة أهداف المشروع.
والحقيقة أنه لا يمكن فصل المخاطرة عن العائد في عالم الاستثمار، فكل استثمار في العالم، ومهما اختلف في شكله وأسلوبه وطريقة إدارته، ينطوي على درجة معينة من المخاطر، وبينما يمكن أن يقترب من الصفر بالنسبة لبعض الاستثمارات المحدودة والنادرة، يمكن كذلك أن يكون مرتفعًا للغاية بالنسبة لاستثمارات أخرى، ولعل الفهم العميق للمخاطر بأشكالها المختلفة يمكن أن يساعد المستثمرين على فهم أفضل للفرص والمقايضات والتكاليف المرتبطة بأساليب الاستثمار المختلفة، والأمثلة على هذه العملية التي تحدث في كل مكان في عالم التمويل كثيرة، يجسدها على سبيل المثال وليس الحصر، الاختيار من بين سندات الخزانة أو الشركات، وتنويع المحفظة الاستثمارية من الأصول المختلفة لتخفيف المخاطر أو إدارتها بشكل فعال، وصولاً إلى إجراء البنك فحصًا ائتمانيًا للفرد قبل إصدار حد ائتماني شخصي، وغيرها الكثير من الأمثلة التي تجسد إدارة المخاطر بصور مختلفة.
وقد تنجم الخسائر نتيجة لعدد من المخاطر، منها المخاطر المالية مثل تكاليف المطالبات، أو المخاطر التشغيلية مثل الإضرابات العمالية، أو المخاطر المحيطة بما في ذلك الطقس أو التغيير السياسي، أو المخاطر الاستراتيجية بما في ذلك التغييرات الإدارية أو فقدان السمعة، وتعمل إدارة المخاطر المؤسسية على توسيع نطاق إدارة المخاطر، ومن ثم يتم تعريف المخاطر على أنها أي شيء يمكن أن يمنع الشركة من تحقيق أهدافها، وعلى الرغم من أن الخسائر العرضية تكون غالبًا غير مخطط لها، إلا أن هناك طرقًا يمكن أن تجعل الأحداث أكثر قابلية للتنبؤ بها، وكلما كان الحدث أكثر قابلية للتنبؤ، قلّت المخاطر المرتبطة به، حيث يمكن منع حدوثه أو تخفيف حدته، أو على الأقل يمكن تقدير النفقات ووضع الميزانية المناسبة له، مع التأكد من أن الإجراءات التي يتم تنفيذها مرغوبة وضرورية وفعّالة لتقليل التكلفة الإجمالية للمخاطر، وهي أمور تمثل جوهر برامج التأمين في عالمنا.
ما هي أنواع المخاطر؟
هناك العديد من أنواع المخاطر التي قد تتعامل معها إدارة الأعمال في مختلف المؤسسات، وبينما يمكن أن تدمر بعض هذه المخاطر المحتملة الأعمال، يمكن للبعض الآخر منها أن يسبب أضرارًا جسيمة ومكلفة، تستغرق وقتًا طويلاً لإصلاحها، ورغم ذلك يظل هناك إمكانية لدى مسئولي هذه الشركات لتفادي ذلك، بتوقع تلك المخاطر والاستعداد لها، بغض النظر عن حجم أعمالهم، وقد تشمل هذه المخاطر والتهديدات المحتملة مخاطر الموقع مثل الحرائق والأضرار الناجمة عن العواصف، ومخاطر التكنولوجيا مثل انقطاع التيار الكهربائي، والمخاطر الاستراتيجية مثل الاستثمار في البحث والتطوير، وغيرها من المخاطر التي يمكن التوصية بالاستعداد المناسب لها حسب كل مشروع عن طريق تدريب الموظفين، وفحوصات السلامة، وصيانة المعدات، ووضع سياسات التأمين اللازمة.
فعندما تصبح المخاطر حقيقة واقعة، يمكن للأعمال المعدة جيدًا الحد من تأثير كافة أنواع المخاطر، ومن ثم تقليل التأثير على الأرباح والوقت الضائع والإنتاجية المهدرة والتأثير السلبي على العملاء والعاملين، ولذلك تعد القدرة على تحديد المخاطر جزءًا أساسيًا من التخطيط الاستراتيجي للأعمال، مع ما يتضمنه ذلك من ضرورة تحديد أنواع هذه المخاطر المحتملة، ووضع الإجراءات الكفيلة بالتعامل معها بشكل مثالي، ومن هذه المخاطر:
1- المخاطر المالية
حسب خبراء الإدارة، فإن معظم أنواع المخاطر لها عواقب مالية، متمثلة في التكاليف الإضافية، أو الإيرادات المفقودة، ومع ذلك، تشير المخاطر المالية على وجه التحديد إلى الأموال المتدفقة داخل وخارج المشروع، وفرصة التعرض لخسارة مالية مفاجئة، على سبيل المثال، إذا كانت شركتك تتوسع دوليًا، فإن تقلب أسعار الصرف يفرض مخاطرة مالية يجب أن تأخذها في عين الاعتبار، لأنها ستؤثر على إيرادات شركتك المقومة بالعملة في نهاية المطاف، ومن ثم لا يمكن تحقيق أهداف أي منظمة دون وجود إدارة مالية سليمة، تتوقع المخاطر المالية، وتقييم تأثير تلك المخاطر، مع الاستعداد لاتخاذ الإجراءات المثالية حيالها أو تجنبها.
2- المخاطر القانونية
تقوم المشروعات المختلفة بتنفيذ نشاطها في ظل مجموعة من القوانين الحكومية للدول الخاضعة لنظمها، ومن ثم ينبغي القيام بذلك مسترشدة بقوانين الصناعة والتجارة واللوائح والسياسات، وأفضل الممارسات المعمول بها لضمان الممارسات التجارية الأخلاقية، ويمكن أن يؤدي عدم الامتثال لهذه الالتزامات إلى ظهور آثار مالية وقانونية كبيرة على المؤسسات، ما يشكل مخاطر على تحقيق أهداف العمل بشكل عام، وفي عالم اليوم سريع الخطى والمترابط عالميًا، يمكن أن تتغير القواعد واللوائح بسرعة كبيرة، وقد يؤدي ذلك إلى صعوبة في التنقل بين الأطر القانونية، ولهذا السبب يجب إعطاء الأولوية لإدارة المخاطر القانونية لتوضيح أي من حالات عدم اليقين، ومن ثم ضمان عدم وقوع المشروع في شراك عدم الامتثال أو الالتفاف حول القوانين السارية، ما قد يؤدي لمخاطر جمة على المدى الطويل.
3- المخاطر التشغيلية
على الرغم من أن العمليات اليومية يتم تجربتها واختبارها في كثير من الأحيان لتقليل المخاطر، إلا أنه لا يزال من الممكن وقوع حوادث أو ظروف غير متوقعة، وتشير المخاطر التشغيلية إلى مخاطر الخسارة الناتجة عن فشل العمليات الداخلية، أو الأحداث الخارجية، أو الأشخاص، أو الأنظمة، كما تشمل الأمثلة الأزمات العالمية، والكوارث، وفشل أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وانتهاكات البيانات، والاحتيال، وفقدان الأشخاص، وغيرها من الأمور التي قد تعيق تحقيق الأهداف، ولذلك يجب على المؤسسات أن تدرس وتحدد الوظائف والعمليات والأنظمة اليومية التي تعد بالغة الأهمية لأعمالها، وأن يكون لديها خطط وإجراءات معمول بها لإدارة تلك المخاطر وضمان العمل بالشكل المعتاد يوميًا في مختلف الظروف، وعمومًا يمكن للشركات تحديد وتقييم المخاطر المحتملة وقياسها، ووضع الضوابط إما للتخفيف منها، أو القضاء عليها تمامًا، ومن المهم أن تقوم الشركات بمراقبة عملياتها وتقنيات إدارة المخاطر لمعرفة ما إذا كانت تعمل أم لا وإجراء التغييرات كلما لزم الأمر.
4- المخاطر الاستراتيجية
المخاطر الاستراتيجية ليست شيئًا غير مرغوب فيه على الإطلاق، إذ تتحمل مؤسسات مالية مثل البنوك تلك المخاطر عند إقراض العملاء، بينما تتعرض شركات الأدوية مثلاً لهذه المخاطر خلال البحث عن الأدوية الجديدة، حيث ترتبط المخاطر هنا بأهداف عمل هذه المشروعات، التي قد تصبح مربحة للغاية إذ ما تم تنظيمها بكفاءة، مع قبول مثل هذا النوع من المخاطر، وعمومًا تشير المخاطر الاستراتيجية إلى الأسباب أو الظروف الخارجية التي في حالة حدوثها، ستكون خطيرة بدرجة كافية لتغيير الاتجاه الاستراتيجي للشركة، ما يؤثر على نجاحها أو فشلها في المستقبل، فيما يمكن للشركات المعرضة للمخاطر الاستراتيجية الكبيرة أن تخفف من احتمالية حدوث عواقب سلبية، من خلال إنشاء وصيانة البنى التحتية التي تدعم المشاريع عالية المخاطر، للتحكم في الصعوبات المالية التي قد تحدث عند فشل مشروع ما، وذلك يتضمن غالبًا تنويع المشاريع، وضمان التدفق النقدي السليم، والقدرة على تمويل مشاريع جديدة بطرق ميسورة التكلفة، مع التحليل والمراجعة الشاملة للمشاريع المحتملة بناءً على العائد المستقبلي.
5- المخاطر التكنولوجية
ربما يكون انقطاع التيار الكهربائي هو الخطر التكنولوجي الأكثر شيوعًا للعديد من المشروعات، ولذلك تعد مولدات الطاقة الاحتياطية مثلاً ضرورية للحفاظ على التشغيل المنتظم وضمان طاقة المرافق، فيما يمكن صيانة أجهزة الكمبيوتر وتشغيلها باستخدام بطاريات احتياطية عالية الأداء، وقد تحدث زيادات في الطاقة أو انقطاع لسبب ما، لذا يجب على المؤسسات تزويد أنظمة الأعمال المهمة بأجهزة حماية من زيادة التيار أو انقطاعه، لتجنب فقدان المستندات والحفاظ على المعدات من التلف، كما يعد التخزين السحابي مصدرًا آخر للمخاطر، ولذلك يجب إنشاء أنظمة نسخ احتياطي للبيانات، وهي مهمة ضخمة يجب أخذها في الاعتبار نظرًا للاعتماد على البيانات السحابية لتشغيل معظم الشركات الآن، إذ تعد هذه العملية حيوية ومهمة لحماية المستندات التي تؤثر بدورها على استمرار وتطور أي مشروع، مثلما يجب توفير وسائل الاتصالات المختلفة التي أصبحت مكونًا رئيسًا في إدارة ونجاح واستمرار أي مشروع.
6- مخاطر الأداء
يطلق على هذا النوع من المخاطر أيضًا المخاطر الوظيفية، ولعل من أمثلتها التوضيحية الأشهر، عندما يشتري شخص ما مسحوقًا أو منظفًا لغسل ملابسه، لاعتقاده -المستمد من الدعاية في الغالب- بأن هذا المسحوق يزيل جميع البقع، إلى أن تتحطم هذه الصورة الذهنية حول هذا المسحوق مع تجربة المنتج واكتشاف أنه لا يزيل جميع البقع، ما ينسحب ليؤثر على العلامة والشركة وسمعتها، وهي الأشياء التي يسعى القائمون على الشركة للحفاظ عليها، خاصة في ظل ثورة الاتصالات وتحكم وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبح لها تأثيرًا واضحًا على اتجاهات المستهلكين، ما يجعل من الصعب على الشركات التحكم في كيفية النظر إليها إذ ما فقدت صورتها الذهنية المثالية، ومن ثم يجب مراعاة أبعاد تلك المخاطر الوظيفية التي قد تؤثر على كافة أجزاء المشروع، وأرباحه وربما مستقبله.
أهمية إدارة المخاطر
كما ذكرنا في السطور السابقة فإن إدارة المخاطر هي عملية تحديد وتقييم ومراقبة المخاطر المالية والقانونية والاستراتيجية والأمنية، التي تهدد رأس مال المنظمة وأرباحها، وهي عملية متواصلة تتكيف وتتغير مع مرور الوقت، لضمان أقصى قدر من تغطية المخاطر المعروفة وغير المعروفة، ويمكن أن تنبع هذه المخاطر من مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك عدم اليقين المالي، والالتزامات القانونية، وأخطاء الإدارة الاستراتيجية، والحوادث والكوارث الطبيعية وغيرها من التهديدات، فإذا وقع حدث غير متوقع في مؤسسة ما لم تكن مستعدة له، قد يكون لهذا الحدث مثلاً تأثير بسيط على التكاليف العامة للمشروع، بينما قد يتصاعد الأمر في أسوأ السيناريوهات ليكون كارثيًا على حاضر ومستقبل المشروع بما له من تداعيات خطيرة، قد تتمثل في عبء مالي كبير، وصولاً إلى الإغلاق التام والانسحاب من الأسواق من خلال الإفلاس أو التصفية.
ولتقليل مثل هذه المخاطر، تحتاج المنظمة إلى استخدام الموارد لمراقبة والحد من تأثير الأحداث السلبية، مع تعظيم الأحداث الإيجابية بما يساعد في تحديد أفضل السبل للوقوف على المخاطر الكبيرة وإدارتها والتخفيف من حدتها، من خلال توفير برامج تقييم المخاطر، لتزيد بذلك من احتمالية استمرارية الأعمال ونجاحها، وهنا تبرز ثلاث خطوات مهمة لمثل هذه العملية، تتلخص في تحديد المخاطر، وتحليلها وتقييمها، ثم تخفيف المخاطر ومراقبتها، وهي إجراءات تؤكد أن إدارة المخاطر تعد جزءًا أساسيًا من عالم المال والاستثمار، إذ يمكن لإدارة المخاطر الدؤوبة أن تساعد بذلك في تقليل فرص حدوث الخسائر، مع ضمان تحقيق الأهداف المالية، عن طريق توفير الخطط المدروسة لاتخاذ قرارات ترتبط بتحقيق أهداف المشروع والمستثمرين، بينما تؤدي عدم كفاية إدارة المخاطر إلى عواقب وخيمة على الشركات والأفراد والاقتصاد.
استراتيجيات إدارة المخاطر
استراتيجية إدارة المخاطر، هي خطة مخصصة توضح بالتفصيل كيفية تعامل المؤسسات مع المخاطر المختلفة، سواء بشكل استباقي أو عند وقوع الحوادث، وبذلك توفر نظرة تفصيلية لرواد الأعمال والمديرين التنفيذيين حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات مستنيرة، وتعد استراتيجية إدارة المخاطر جزءًا أساسيًا لأي خطة في هذا الخصوص، ومن ثم يتم تحديد هذه الاستراتيجية بعد تحديد المخاطر وتقييم احتمالية حدوثها، بالإضافة إلى التأثير الذي يمكن أن تحدثه، ومن ثم سوف يحتاج واضع الاستراتيجية إلى تحديد كيفية التعامل والنهج الذي سيتبعه لإدارة المخاطر وعلاجها، ويعني الاختيار الصحيح هنا الفرق
بين إدارة المخاطر المحتملة بفعالية، أو مواجهة عواقب وخيمة قد تلحق الضرر بالعمل، فيما يعد وجود استراتيجية مناسبة لإدارة المخاطر أمرًا بالغ الأهمية، للتعامل مع أنواع التهديدات العديدة التي قد يواجهها المشروع، ولكن ما هي الاستراتيجيات المستخدمة لإدارة المخاطر؟ سؤال نجيبه بينما نوجز الأساليب الأربعة الشائعة لبناء تلك الاستراتيجيات أو خيارات معالجة المخاطر:
1- قبول المخاطر
خلال هذه الاستراتيجية يتم قبول المخاطر دون اتخاذ أي إجراء للتخفيف منها، وبالتالي لا يقلل هذا النهج من تأثير الخطر أو حتى يمنع حدوثه، ولكن هذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا، ففي بعض الأحيان، قد تتجاوز تكلفة تخفيف المخاطر تكلفة الخطر نفسه، وفي هذه الحالة يكون قبول المخاطرة أكثر منطقية، فلماذا ننفق 200 ألف دولار مثلاً لمنع مخاطرة قدرها 20 ألف دولار فقط؟! ومع ذلك، فإن هذا النهج يتضمن المقامرة، إذ ستحتاج إلى التأكد من أن مشروعك سوف يكون قادرًا على التعامل مع المخاطر في حالة حدوثها في المستقبل، وهو أمر بالتأكيد في علم الغيب ولا يمكنك الاطلاع عليك بقراءة النجوم!، ولهذا السبب من الأفضل قبول المخاطر فقط عندما تكون فرصة حدوث المخاطر منخفضة للغاية، أو عندما يكون تأثيرها ضئيلاً جدًا في حالة الحدوث.
2- نقل المخاطر
يمكن تعريف هذه الاستراتيجية باعتبارها وسيلة يتم بها نقل خطر ما، عبر عقد إلى طرف خارجي يتحمل المخاطر نيابة عن المشروع أو الشركة، إلا أن هذا النقل لا يقضي تمامًا على الخطر القائم، ولكنه فقط ينقل المسؤولية من مؤسستك إلى أخرى، ويعد تأمين السفر مثالاً واضحًا على ذلك، إذ تدفع شركات الطيران للتأمين على طائراتها ضد المخاطر المحتملة، مثلما تدفع أنت أو شركتك لشركة التأمين للتعويض في حال فقد حقيبتك، والشيء نفسه ينطبق على العمل، إذ يمكن الاستعانة بمصادر خارجية هنا لتحمل المخاطر بدلاً منك، لحماية أصولك أو استثماراتك في الأوقات الصعبة من خلال عقود محددة.
3- تجنب المخاطر
في هذه الاستراتيجية يتم القضاء على الخطر، من خلال تجنبه وعدم اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعني احتمالية حدوث الخطر، وإذا اختار القائمون على المشروع مثل هذا النهج، فإنهم يهدفون إذن إلى القضاء تمامًا على أي احتمال لحدوث المخاطر، وأحد الأمثلة على ذلك هي تجنب الاستثمار نفسه إذا رأيت، بعد تحليل المخاطر المرتبطة به، أنه محفوف بمخاطر مرتفعة، وهنا تتخذ إجراءً واحدًا ببساطة، وهو ألا تقوم بالاستثمار في مثل هذا المشروع، إذ يقتصر علاج المخاطر هنا على تجنبها، ومع ذلك، إذا تجنبت كل المخاطر التي تواجهها، فقد تفوت فرصًا إيجابية لا تعرفها، ولهذا السبب من المهم جدًا وقبل استخدام هذه الاستراتيجية أن تجرى تحليلاً شاملاً للمخاطر، بحيث تتخذ الحكم الأكثر استنارة قدر الإمكان.
4- الحد من المخاطر
باستخدام هذه الاستراتيجية يتم الحد من المخاطر، خاصة عندما يصبح الخطر أقل تهديدًا من خلال الإجراءات المتخذة لمنع تأثيره أو تقليله، وهي استراتيجية شائعة عندما يتعلق الأمر بمعالجة المخاطر التي تُعرف أحيانًا باسم تقليل المخاطر، وباختيارها سوف تحتاج إلى تحديد التدابير أو الإجراءات التي يمكنك اتخاذها، والتي من شأنها أن تجعل المخاطر أكثر قابلية للإدارة، وأحد الأمثلة على الحد من المخاطر سيكون في التصنيع ومخاطر المنتجات التي يتم إنتاجها بمواصفات غير صحيحة، من خلال استخدام أنظمة إدارة ومراقبة الجودة، حيث يمكن تقليل فرص حدوث تلك الأخطاء، وفي قطاع التمويل قد تواجه مخاطر مرتبطة باللوائح الجديدة، ويعد تنفيذ حل رقمي لمساعدتك في إدارة المتطلبات التنظيمية وسيلة جيدة للحد من مخاطر عدم الامتثال، وهكذا تختلف طرق التعامل والإدارة باختلاف الأنشطة.
إدارة المخاطر والأعمال التجارية
تناولنا في السطور السابقة أهم المخاطر المتعلقة بالأعمال التجارية، كالمخاطر المالية والقانونية والتشغيلية والاستراتيجية والتكنولوجية ومخاطر الأداء الوظيفية، التي تشتمل في تفاصيلها مختلف المخاطر التي قد يتعرض لها أي مشروع، وكذلك استعرضنا أهم الاستراتيجيات المتبعة لإدارة مثل هذه المخاطر كاستراتيجية قبول المخاطر أو نقلها أو تجنبها أو الحد منها، اعتمادًا على المشروع وظروفه المختلفة وتوجهات القائمون عليه، وبوصلتهم المحددة لاتجاهات المشروع ومستقبله، ومن ثم يتبقى أن ينتبه هؤلاء إلى إيجاد خطط واضحة لضمان إدارة فعالة للمخاطر، تعمل على تجنب تفاقم الآثار السلبية على المشروع، ومنع الخسائر والحد منها، والحفاظ على ما تحقق من نتائج إيجابية وتنميتها.
وحسب الخبراء، فإن الأعمال التجارية لا يمكنها تجنب المخاطر بشكل كامل، ولكن لا ينبغي إهمال ذلك، فشركات الطيران على سبيل المثال دائمة التعرض للمخاطر بحكم نوعية استثمارها، ولكنها رغم ذلك تتجنب إطلاق رحلاتها في ذروة العواصف الرعدية، وتنتظر حتى يبدأ الطقس في التحسن، ومن ثم فإن هناك ضرورة لاستخدام الأدوات الأساسية لإدارة المخاطر، بتحديد المخاطر وتقييم التهديدات وتحليلها ومراقبتها للتخفيف من حدتها، مع استخدام استراتيجيات الاستجابة للمخاطر والعلاج، ومراعاة معايير إدارة المخاطر، وتحديد أولويات المخاطر وإدارتها وفقًا لاحتمال حدوثها وقابليتها للتأمين، بينما يعد أفضل تأمين ضد المخاطر في الأساس هو الوقاية منها، بينما تقوم الشركات الأكثر ذكاءً بكتابة تعليمات إدارة المخاطر الخاصة بها في خطة المشروع نفسه بحيث تحدد نطاق عمل المشروع، والمخاطر الحالية والمستقبلية، والجداول الزمنية والفرص المحتملة والتوقعات، والاستجابات المناسبة لضمان الاستقرار ثم الاستمرار والاستدامة.