سرطان الحنجرة: الأسباب والأعراض والتشخيص وأفضل طرق العلاج
سرطان الحنجرة من أخطر السرطانات التي تُصِيب الرجال، فهو لن يمنع مرور الهواء فحسب، بل قد يُؤثِّر في الأحبال الصوتية، بما يُغيِّر صوت الإنسان الذي ألفه من حوله، والسرطان لا يقف عند هذا الحد، بل طالما أنّ خلاياه نشطة فقد تنتشر إلى أماكن أخرى غير الحنجرة، فما أسباب ذلك السرطان؟ وكيف يُشخَّص؟ وما أفضل الطرق لعلاجه والحفاظ على الصوت؟
ما هو سرطان الحنجرة؟
سرطان ينشأ في الحنجرة، وهي الجزء المسؤول عن التحدُّث والتنفُّس، إذ بها الأحبال الصوتية للإنسان، وفي ذلك المكان تحديدًا تنمو خلايا سرطانية خبيثة، لا يُمكِن السيطرة عليها ولا التحكُّم بها، ويختلف سرطان الحنجرة حسب موقعه فيها:
- فوق المزمار (الجزء العلوي من الحنجرة): يُصِيب 1 من كل 3 سرطانات للحنجرة هذا الجزء (35%).
- المزمار (منتصف الحنجرة): أكثر من نصف سرطانات الحنجرة تبدأ من هنا (60%)، وتلك المنطقة هي المحتوية على الأحبال الصوتية، التي يتحدّث الإنسان ويُسمَع صوته بنشاطها.
- تحت المزمار (الجزء السفلي من الحنجرة): أقل من 5% من سرطانات الحنجرة قد تحدث هنا.
أعراضه
إذا كانت الأحبال الصوتية في الحنجرة، والسرطان أقام بذلك المكان ملازمًا له، فبلا شك سيتأثَّر صوت الإنسان، لكن تغيُّر الصوت ليس هو العرَض الوحيد ولا يمكن التعويل عليه وحده، ومِنْ ثَمّ تشمل أعراض سرطان الحنجرة، حسب "clevelandclinic"، ما يلي:
- بحّة الصوت المستمرة لأكثر من أسبوعين.
- احتقان الحلق أو السعال الذي لا يتحسَّن.
- الألم مع البلع أو صعوبته.
- الشعور بكُتلة في منطقة الحلق أو الرقبة.
- اضطرابات الصوت.
- ألم الأذن؛ نعم قد يكون ألم الأذن دليلًا على سرطان الحنجرة، خاصةً إذا صاحبته الأعراض السابقة، وتحديدًا بحّة الصوت المستمرة.
- خسارة الوزن دون سببٍ واضح، وهي علامة على السرطان.
وليت الأعراض تتوقّف هنا فحسب، بل مع نمو السرطان وتوحشه، قد تظهر على المريض أعراض أخرى، يجب استشارة الطبيب على الفور عند ظهورها، مثل:
- ضيق التنفُّس.
- التنفُّس الصاخب وعالي النبرة (صرير)، وهو أحد دلائل انسداد الحنجرة أو صعوبة مرور الهواء عبرها.
- الشعور بأنّ شيئًا ما أو جسمًا ما في حلقك.
- بصق الدم أو السعال المصحوب بدم.
أهم أسبابه
يحدث سرطان الحنجرة نتيجة خروج بعض الخلايا عن السيطرة، إذ تحدث تغيُّرات في الحمض النووي للخلايا، ما يجعلها تنمو وتتكاثر بشكلٍ غير طبيعي، فتنقلب إلى خلايا سرطانية، ما تلبث أن تجتمع معًا لتشكيل كتلة هي الورم.
ولا تُوجَد أسبابٌ واضحة بعد لما يُؤدِّي إلى تغيُّر نشاط الخلايا بهذا الشكل، لكنّ ذلك قد يكون مُرتبطًا بما يلي:
- فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو أحد الفيروسات المنقولة بالاتصال الجنسي.
- التعرُّض لبعض المواد الكيميائية التي قد تُسبِّب السرطان، مثل تبغ السجائر.
عوامل خطر الإصابة بسرطان الحنجرة
رغم عدم وضوح أسباب سرطان الحنجرة، إلّا إنّ هناك بعض العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بذلك السرطان، مثل:
- التدخين أو التعرُّض للمُدخّنين.
- شُرب الكحول (أكثر من مشروب كحولي واحد يوميًا).
- التقدُّم في العمر، وبلوغ 65 عامًا أو أكثر.
- زيادة الوزن.
- ارتجاع المريء.
- التعرُّض لبعض المواد في أماكن العمل، مثل غبار الخشب، وكذلك مواد البناء، والصناعات المعدنية والبترولية.
- المعاناة من بعض المتلازمات الجينية، مثل فقر دم فانكوني.
- سبق الإصابة بسرطان في منطقة الرأس والرقبة.
تأثير التدخين على سرطان الحنجرة
يُعدّ التدخين من أهم عوامل خطر الإصابة بسرطان الحنجرة، فكُلّما كان الرجل مُدخّنًا لفترة أطول، زاد خطر إصابته بسرطان الحنجرة، حسب جمعية السرطان الكندية "Canadian Cancer Society"، كما أنّ خطر الإصابة بسرطان الحنجرة ينخفض بعد الإقلاع عن التدخين.
أيضًا فإنّ من يُخالِطون المُدخّنين أو يتعرّضون لهم، مُعرّضون هم أيضًا للإصابة بسرطان الحنجرة، حتى لو لم يُدخِّنوا معهم، وكُلّما زادت المُخالطة، ارتفع خطر الإصابة.
أنواعه
يختلف نوع سرطان الحنجرة حسب المنطقة المصابة، إذ قد تنتشر الخلايا السرطانية في منطقة الحلق والأوتار الصوتية، واللوزتين. وتشمل أنواعه:
1-سرطان الخلايا الحرشفية:
يصيب الخلايا السطحية المبطنة للحلق.
2-السرطان الغدي:
يصيب مناطق الغدد الليمفاوية.
3-سرطان البلعوم:
تنقسم أنواع سرطان البلعوم إلى: سرطان البلعوم الأنفي، والفموي، والسفلي.
4-سرطان الأحبال الصوتية:
يصيب منطقة الأحبال الصوتية.
هل سرطان الحنجرة قاتل؟
قد يتسبب هذا النوع في موت المصاب به، خاصة في حالة الاكتشاف المتأخر، وانتشار السرطان إلى باقي أعضاء الجسم.
وعلى الرغم من ذلك تبلغ نسبة الشفاء لدى مرضى سرطان الحنجرة في المراحل الأولى حوالي 9%.
ووفقًا للأبحاث العلمية فقد يعيش 90% من الأشخاص المصابين بسرطان الحنجرة بالمراحل الأولى حوالي 5 أعوام من تاريخ تشخيص المرض.
فيما قد يعيش 40% من الأشخاص المصابين حوالي 5 أعوام من تاريخ تشخيص المرض المتأخر.
اقرأ أيضًا: أعراض سرطان البروستاتا.. وكيف يمكن علاجه؟
كيفية تشخيصه
يبدأ التشخيص من خلال معرفة الطبيب للأعراض التي يُعانِيها المريض وما إذا كان قد عانى أمراضٍ أخرى سابقًا، ثُمَّ قد يطلب إجراء الاختبارات الآتية لتشخيص سرطان الحنجرة:
1. اختبارات تصويرية
تُجرَى بعض الاختبارات التصويرية المساعدة في رصد مكان السرطان وحجمه، مثل التصوير المقطعي المحوبسب، أو التصوير بالرنين المغناطيسي؛ إذ يطّلع الطبيب على صورٍ مُفصّلة لما هو داخل الجسم.
كذلك قد يُجرَى اختبار تصوير الصدر بالأشعة السينية، لمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر إلى الرئتين أم لا.
2. تنظير الحنجرة
المنظار من أدقّ الطرق التي يتمكّن بها الأطباء من التشخيص، وهنا يُدخِل الطبيب منظارًا دقيقًا في الحنجرة لرؤية ما بداخلها، وما إذا كان هناك ورم أم أن بها مشكلة أخرى هي ما سبَّب الأعراض.
3. التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني
في ذلك الاختبار يُحقَن المريض بجرعة صغيرة وآمنة من مادة مُشعّة، ثُمَّ تُسلِّط تلك المادة الضوء على المناطق التي تحتوي على خلايا سرطانية، ما يُسهِّل كشف سرطان الحنجرة.
4. خزعة
الخزعة هي الحصول على عيِّنة أو قطعة صغيرة من الأنسجة غير الطبيعية في الحنجرة لفحصها تحت المجهر، وتحديد نوع السرطان، ووضع الخطة العلاجية المناسبة له، فليس علاج السرطانات جراحيًا فقط بل قد يكون إشعاعيًا أو كيميائيًا، أو غير ذلك.
اقرأ أيضًا: أعراض سرطان الثدي عند الرجال وأسبابه وأنواعه
أبرز مراحله
تشمل مراحل سرطان الحنجرة خمس مراحل:
مرحلة 1: يقتصر تواجد الورم في المنطقة العليا من خلايا الحنجرة.
مرحلة 2: فيها يكون حجم الورم 2 ملم تقريبًا، ويتواجد فقط في المنطقة المصابة من الحنجرة.
مرحلة 3: يكون حجم الورم 2-4 ملم تقريبًا، ويبدأ في النمو للمناطق المجاورة.
مرحلة 4: يكون حجم الورم أكبر من 4 ملم تقريبًا، ويبدأ الورم في الانتشار، وقد يصل إلى الغدة الليمفاوية.
مرحلة 5: يبدأ الورم في الانتشار إلى باقي الغدد الليمفاوية، وباقي أعضاء الجسم.
علاجه
تختلف طرق علاج سرطان الحنجرة حسب المرحلة التي وصل إليها السرطان، وتشمل طرق العلاج بناءً على ذلك، حسب موقع "verywellhealth"، ما يلي:
المرحلة 0 من السرطان
الورم صغير في هذه المرحلة وليس متوغلًا في عمق النسيج، ويُمكِن علاجه في تلك المرحلة من خلال:
- الجراحة بالمنظار: يستخدم الجرّاح المنظار مع أدوات خاصّة تمرّ عبر الحلق للعثور على الورم.
- العلاج الإشعاعي: يعتمد على الأشعة السينية عالية الطاقة لوقف نمو الخلايا السرطانية أو القضاء عليها.
المرحلة 1 والمرحلة 2 من السرطان
قد يكو نالسرطان في هذه المرحلة قد انتشر إلى الأحبال الصوتية، وأثَّر في حركتها الطبيعية، وهنا يتضمّن علاج السرطان أيًا مما يلي:
- استئصال الحنجرة الجُزئي: يستأصل الجرّاح المنطقة المُصابة من الحنجرة، مع ترك أكبر قدرٍ ممكن من الأنسجة السليمة، كي يحتفظ المريض بقدرته على التحدُّث.
- استئصال الحنجرة النِصفي: يستأصل الجرّاح جانبًا واحدًا من الحنجرة.
- استئصال الحنجرة فوق المزمار: يستأصل الطبيب جزء الحنجرة الواقع فوق الأحبال الصوتية.
- قطع الحبل الصوتي: يُستأصَل أحد الأحبال الصوتية أو كليهما.
المرحلة 3 والمرحلة 4 من السرطان
تضمّن هذه المراحل انتشار السرطان إلى الأحبال الصوتية، وربّما إلى العقد الليمفاوية المجاورة، أو قد ينتشر أيضًا إلى أعضاءٍ أخرى في الرقبة، مثل الغدة الدرقية أو المريء، ومع تقدُّم السرطان قد ينتشر إلى أماكن أبعد من ذلك.
وفي تلك المراحل يمكن علاج سرطان الحنجرة من خلال:
- العلاج الإشعاعي والكيميائي: يُستخدَم كلٌ منهما لقتل أو وقف نمو الخلايا السرطانية قبل أو بعد الجراحة.
- الجراحة: قد تتضمّن استئصالًا كُلّيًا للحنجرة، أو استئصال الغدة الدرقية إن وصل إليها السرطان.
طرق علاج أخرى
قد يقترح الطبيب طرقًا أخرى لعلاج سرطان الحنجرة تبعًا للمرحلة التي وصل إليها، وذلك مثل:
- العلاج المُوجَّه: تُركِّز هذه الطريقة العلاجية على تعطيل قدرة الخلايا السرطانية على النمو باستهداف جزيئات مُعيّنة فيها.
- العلاج المناعي: يُساعِد ذلك العلاج الجهاز المناعي في العثور على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.
اقرأ أيضًا:أعراض سرطان القولون.. التشخيص المبكر الطريق الوحيد للنجاة
كيف أتعامل مع الآثار الجانبية لعلاج سرطان الحلق؟
قد يُعانِي المريض آثارًا جانبية مع أي طريقةٍ من الطرق العلاجية لسرطان الحلق أو الحنجرة، فإذا كان مُصابًا بألم أو احتقان الحلق مثلًا، يُنصَح بتناول مُسكِّنات الآلام، وحسب الآثار الجانبية التي يُعانِيها تكون طريقة التعامل:
- التعب والإرهاق: الراحة عند الحاجة إلى ذلك، ويُمكِن ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة.
- احمرار البشرة أو تغيرها إلى لون داكن: خاصةً مع العلاج الإشعاعي، وقد يصف الطبيب للمريض بعض الكريمات لتهدئة البشرة.
- صعوبة البلع: تناول أطعمة لينة، وشُرب 3 لتر من الماء كل يوم، ومضغ الطعام ببطء مع تجنُّب الأكل بالليل.
- قصور الغدة الدرقية: قد يُؤثِّر العلاج الإشعاعي في الغدة الدرقية، ما يجعلها خاملة، وهنا يجب استشارة الطبيب للحصول على هرمونات الغدة الدرقية وتعويض نقصها.
كذلك ينبغي اتّباع تعليمات الطبيب قبل وبعد العمليات الجراحية للوقاية من مضاعفاتها وآثارها الجانبية، خاصةً مع علاج سرطان الحنجرة.
نصائح لمرضى سرطان الحنجرة
من المهم أن يُحافِظ المريض على نفسه حال إصابته بسرطان الحنجرة، وليس ذلك بالقلق أو التوتر، فقد أشارت الأبحاث إلى أنّ الرعاية الذاتية المنتظمة، تُقلِّل من آثار مشكلات القلق والتوتر والنوم، ومِنْ ثَمّ يُنصَح مرضى سرطان الحنجرة بما يلي:
- تخصيص وقتًا هادئًا لجسمك وعقلك كل يوم.
- تحديد وقتٍ كل يوم للحركة أو ممارسة التمارين الخفيفة بعد استشارة الطبيب لو أحببت.
- تخصيص وقت للهوايات أو القراءة أو المشي، أو ممارسة أي نشاطٍ يُحسِّن حالتك النفسية.
- إعطاء الأولوية للنوم الجيد.
طرق الوقاية منه
-الابتعاد عن مناطق التلوث البيئي أو التعرض لمواد البناء الخطرة.
-الالتزام بنظام غذائي صحي سليم غنى بالخضراوات والفواكه، والتقليل من استهلاك الدهون والأملاح، وتناول الحبوب الكاملة.
-الابتعاد عن التدخين، وتجنُّب الجلوس مع المدخنين، أو الأماكن المغلقة التي بها تدخين.
-الحفاظ على النظافة الشخصية، للوقاية من الإصابة بالأمراض ومنع تدهور المناعة.
-الابتعاد عن شرب الكحوليات.
-تناول الأطعمة الغنية بفيتامين أ والبيتا كاروتين، مثل: الجزر والبطاطا الحلوة، والأوميجا 3 مثل: الأسماك.
-تجنب الأطعمة المصنعة غير الصحية.