كيف تقوي الشركة علاقاتها بموظفيها؟ 3 طرق غير تقليدية
بمرور الوقت، شرع كثير من قادة الشركات حول العالم في استخدام عبارة "الأسرة" –في إشارة منهم إلى شركاتهم- حتى قرر أحدهم الانتقال بها إلى المستوى التالي، واصفًا شركته بما فيها من عمال، بقوله متفاخرًا: "نحن عائلة واحدة".
لكن الشركة، في واقع الأمر، ليست أسرة.
فعندما تفرط الشركات في استخدام كلمة "عائلة"، نادرًا ما تكون النتائج إيجابية. في الواقع، يمكن أن يؤدي الضغط على العمال في الشركة من أجل الوصول إلى مستويات الالتزام الأسري نفسها لديهم، إلى الإضرار بثقافة الشركة ومعنويات موظفيها.
وفي السطور التالية سنسلط الضوء على الآثار المترتبة على استعارة كلمة "العائلة" ولصقها بالشركات، وما تؤدي إليه من اختلال وظيفي، كما سنوضح الخطوات التي يمكن للقادة اتخاذها لتحويل "أسرهم" العاملة المختلة وظيفيًا مرة أخرى إلى فرق عمل مزدهرة طالما سعت إلى بنائها في المقام الأول.
فيمكن أن يؤدي إساءة استخدام لفظة "أسرة واحدة" في وصف الشركة في العمل إلى معاناة الموظفين بعدة طرق، من بينها الثلاث التالية:
اقرأ أيضا: كيف يمكن للرؤية المساهمة في تحقيق نجاح الشركة؟
1. تصبح حدود العمل والحياة غير واضحة
ينتهي الأمر بكثير من الشركات والمؤسسات التي تؤكد كونها "أسرة واحدة" إلى اتخاذ إجراءات تطمس الخطوط الفاصلة بين العمل والحياة لموظفيها. شوهد هذا كثيرًا قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، عندما كانت الشركات تروج للطعام المجاني والتنظيف الجاف وقضاء الأوقات السعيدة وجميع أنواع وسائل الراحة المصممة لجعل الحياة أسهل، طالما أن الناس لم يتركوا العمل.
لكن ذلك أصبح مشكلة في حد ذاته. لم يترك الموظفون العمل، حيث يقضون المزيد والمزيد من الوقت مع "أسرة العمل" ولكنهم لم يحصلوا على وقت التوقف الذي يحتاجون إليه للحفاظ على إنتاجيتهم.
2. الاستفادة من الموظفين الملتزمين
عندما تبالغ الشركات أو قادة الفريق في تأكيد الاستعارة العائلية من خلال وصف الشركة بـأنها "أسرة"، فإن الخطوة التالية هي طلب التزام على مستوى الأسرة من الموظفين. وهذا يخلق الكثير من الفرص للقادة للاستفادة من الموظفين، بل استغلالهم في أداء المهام المتعددة. ينفذ مشروع تلو الآخر، دون مراعاة أعباء العمل الحالية، حيث يكون من الصعب على الموظفين قول "لا".
في أسوأ التصورات، يمكن أن يُطلب من الموظفين المرهقين تجاوز العمل الزائد وارتكاب أعمال غير خُلقية. عندما يكون بقاء الشركة -أو العائلة- على المحك، يمكن أن يشعر الموظفون بالضغط لاستخدام أي وسيلة ضرورية.
3. يُصنف الموظفون الراحلون عن الشركة على أنهم خونة
إذا قرر الموظفون أنهم لا يروق لهم الحدود الضبابية بشأن العمل والحياة أو بشأن الأخلاقيات واختاروا المضي قدمًا والرحيل عن الشركة، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور مشكلة جديدة تمامًا. في الشركات التي تبالغ في التركيز على مناخ "الأسرة"، يصبح من السهل على القادة وصف الأشخاص الراحلين بـ"الخائنين".
ومن المألوف جدًا أن تقطع الشركات الاتصال بالموظفين السابقين وتطلب من موظفيها الحاليين فعل الشيء نفسه. بالإضافة إلى كون هذا خطأ واضحًا، يمكن لهذه العقلية أن تحد من تقدم الشركة، لأن الأبحاث تظهر أن الزملاء السابقين الذين يظلون على اتصال بشركاتهم القديمة يصبحون مصادر قوية للمعرفة الجديدة لبعضهم، ولأصحاب العمل الجدد في المؤسسات التي يعملون بها.
إذن ما الخطأ في أن تكون "فريق عمل" بدلاً من "عائلة"؟
قد تكون النية الحسنة هي ما تقف وراء تصنيف الشركة كـ"أسرة"، فالمؤسسات والقادة يرغبون في ثقافة قوية تتكون من موظفين مرتبطين، ويدفع بعضهم بعضًا إلى مستويات جديدة من الأداء الراقي.
ولكن إذا كان هذا ما نريده، فما الخطأ إذن في تسمية هذا بـ"الفريق"؟ وسواء كنت تعمل في شركة تسيء استخدام استعارة "الأسرة" أم لا، فإليك بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لبناء فريق أقوى.
1. أعد تحديد هدفك
كان أحد أسباب اختيار الشركات لاستعارة "الأسرة" هو المحاولة الفاشلة للربط بين الأفراد والفرق والمؤسسات. ولكن، كما نعلم جميعًا، القول بأنك "أسرة" فحسب لا يبني روابط.
بدلاً من ذلك، تشير الأبحاث إلى أن إحدى الطرق الأكثر فاعلية لتوطيد العلاقات بين أفراد الفريق تتمثل في الإشارة إلى ما يسمى بـ"أهدافهم"، وهي أهداف كبيرة جدًا تتطلب التعاون.
2. تشجيع الحدود
على الرغم مما قد يبدو عليه الأمر في البداية، فإن وجود موظفين ملتزمين لا يعد دائمًا إيجابيًا لأن الخط الفاصل بين الأشخاص الملتزمين والأشخاص الملتزمين للغاية ضعيف بشكل لا يصدق. يعتقد كثير من القادة والمديرين أنهم يريدون الأشخاص الذين سيعملون لفترات تستمر لما بعد دوامهم الأصلي، ويصلون مبكرا ويبقون في العمل لساعات متأخرة إذا لزم الأمر.
ولعل الطريقة الوحيدة لضمان بقاء الأفراد منتجين بطريقة مستدامة هي التأكد من أن كل موظف يستمتع بوقت فراغه أيضًا. تؤدي كثير من الشركات تجربة طرق لتعزيز الحدود مثل منع إرسال رسائل البريد الإلكتروني وتلقيها بعد ساعات العمل، والتحول إلى العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع أو حتى دفع المال للناس ليأخذوا إجازتهم. وتشير النتائج جميعها إلى الشيء نفسه: قضاء الوقت بعيدًا عن العمل يجعل عمل الأشخاص أفضل.
3. الاحتفال بالراحلين عن الشركة
بغض النظر عن مدى التزام موظفي الشركة، سيتحرك معظمهم في النهاية. تقدم الفرص الجديدة نفسها، وتحدث تغييرات في الحياة، وكذلك هناك الكثير من الأسباب الأخرى للموظفين للبحث في مكان آخر. في مواجهة هذه الحتمية، فإن التعامل مع الراحلين عن الشركة على أنهم خونة ليس منطقيًا.
بدلاً من ذلك، يجب الاحتفاء بهؤلاء الراحلين. ويجب أن يُنظر إلى الموظفين الذين يغادرون بشروط جيدة على أنهم موظفون سابقون يمثلون الشركة حتى في وظائفهم أو حتى مساعيهم الجديدة للعمل. ولا ينبغي أن ننسى أن الموظفين الراحلين يفسحون الطريق أمام تعيينات عمال جدد في الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن معاملة الموظفين الراحلين بشكل جيد لها تأثير محفز وإيجابي على الموظفين الحاليين، لأنهم يرون مدى الإيجابية التي ظهرت من خلال معاملة زملائهم الراحلين ويثقون بأنهم سيحصلون على الاحترام والتقدير نفسيهما في يوم من الأيام، حال رحلوا عن الشركة.
والخلاصة هو أن وصف شركتك بـ "الأسرة" هو تعبير مجازي حسن النية فحسب، ولكنه ليس مفيدًا. لا يرغب معظم الموظفين في أن يكونوا جزءًا من "أسرة" أخرى. بدلاً من ذلك، يريدون أن يكونوا جزءًا من فريق عمل مرتبط بهدف مشترك مبني على الثقة والاحترام. إنهم يريدون معرفة قيمة مساهماتهم حتى بعد رحيلهم عن الشركة. إنهم لا يريدون قادة يبالغون في الالتزام ويستغلون ولاءهم. إنهم يريدون قادة يساعدونهم على أداء أفضل عمل على الإطلاق