أعراض ارتجاع المريء النفسية.. قد يكون السبب وراء اكتئابك!
يصيب ارتجاع المريء العديد من الأشخاص ويسبب لهم مشكلات في المعدة ويكثر من القيء ويسبب السعال المستمر، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن ارتجاع المريء وثيق الصلة ببعض الأعراض النفسية التي تصاحبه، كالقلق واضطرابات النوم ،ولكن سنتحدث عن أعراض ارتجاع المريء النفسية بعد أن نلم إلمامة سريعة بماهية ارتجاع المريء وأسبابه وأضراره.
ما هو ارتجاع المريء؟
ارتجاع المريء هي حالة تنشأ في الغالب نتيجة ضعف أو ارتخاء المصرة المريئية السفلية (Lower esophageal sphincter) والتي تمثل صماما ينفتح ليسمح بدخول الطعام للمعدة ثم ينغلق ليمنع الأحماض والطعام من الصعود من المعدة عائدًا إلى المريء.
بشكل أدق، ارتجاع المريء عبارة عن تلف بالغشاء المخاطي قد ينتج عنه عدد من الأعراض المزمنة بسبب الارتداد غير الطبيعي لحمض المعدة إلى المريء، وغالبا ما تظهر أعراض المرض لدى الأشخاص المصابين به مرة واحدة أسبوعيًا على الأقل.
أسباب الإصابة بمرض ارتجاع المريء
1. التغييرات على العضلة العاصرة بين المريء والمعدة: هناك سبب عام يمكن أن نرجع له سر الإصابة بمرض ارتجاع المريء، وهو التغييرات التي تحصل على الحاجز بين المريء والمعدة، مثل الارتخاء غير الطبيعي للعضلة العاصرة السفلية التي تفصل بين المعدة والمريء، والتي تعمل في الحالة الطبيعية على منع ارتداد حمض المعدة إلى المريء، أمّا مع ارتخائها يحدث ارتجاع المريء.
2. ضعف قدرة المريء على إعادة الأحماض إلى المعدة: يمكن أن يكون ضعف قدرة المريء على إعادة الأحماض إلى المعدة سببًا في الإصابة بارتجاع المريء.
3. فتق الحجاب الحاجز: قد ينتج عن وجود فتق في الحجاب الحاجز أعراض ارتجاع المريء سواء بشكل مؤقت أو دائم.
4. القلق والاكتئاب: كما سنذكر في السطور اللاحقة، فإن القلق والاكتئاب هما من أعراض ارتجاع المريء النفسية، لكنهما أيضا قد يلعبان دورا في الإصابة به، وقد أظهرت دراسة علمية حديثة أن الأعراض المرافقة لارتجاع المريء كانت أكثر حدة بشكل خاص بين مرضى ارتجاع المريء الذين يعانون من مستويات قلق واكتئاب عالية بشكل مدروس.
عوامل ترفع نسبة الإصابة بمرض ارتجاع المريء
1. الإصابة ببعض الأمراض: مثل مرض الذئبة، ومرض التهاب المفاصل الروماتويدي.
2. السمنة: تُسهِم السمنة في الإصابة بمرض ارتجاع المريء نظرًا لضغط الدهون والوزن الزائد على المنظومة الهضمية بشكل كامل ما يؤثر على المريء والمعدة ويسبب خللا في عملهما.
3. الإفراط في تناول الطعام: دخول كميات كبيرة في الطعام يصعب من عملية الهضم ويضغط على الحجاب الحاجز والمعدة، كما يؤدي إلى السمنة، وكل هذا يرفع نسبة الإصابة بمرض ارتجاع المريء.
4. الحمل: أحيانا تكون الحموضة التي تشعر بها الأمهات الحوامل سببها ارتجاع في المريء نتيجة ضغط الجنين على المعدة والحجاب الحاجز والمريء.
5. اضطرابات النوم: بعض اضطرابات النوم، مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي لإحداث تغييرات معينة في الضغط المفروض على المجاري التنفسية في الجسم، قد تتسبب في زيادة نسبة الإصابة بارتجاع المريء.
6. التدخين: من الأشياء الضارة التي تسبب مرض ارتجاع المريء الإفراط في التدخين.
7. شرب الكحوليات: العديد من الأضرار يسببها شرب الكحوليات، من أبرزها تكرار الإصابة بارتجاع المريء.
اقرأ أيضًا:ما هي أعراض ارتجاع المريء؟ وهل يسبب الوفاة؟
أعراض ارتجاع المريء الجسدية عند البالغين
هناك بعض الأعراض التي يؤكد اجتماعها أنك مصاب بمرض ارتجاع المريء، وفي بعض الأحيان يكون عرض واحد من بينها كافيًا لتشخيص الإصابة على أنها ارتجاع المريء، هذه الأعراض هي:-
1. حرقة المعدة
تُعدّ حرقة المعدة العرَض الأكثر شيوعًا لارتجاع المريء، إذ يشعر المريض بحرقة في أعلى الصدر، كما يقد يُعانِي آلامًا حادة في الصدر، وكل ذلك بسبب انتقال حمض المعدة إلى المريء ثُمّ الحلق، حسب موقع "health".
وعادةً تحدث حرقة المعدة بعد تناول الطعام، خاصةً الوجبات الكبيرة، أو مع تناول القهوة أو الشوكولاتة أو صلصة الطماطم أو الأطعمة الحارة.
2. الغثيان
قد تشعر بطعم حامض في فمك بسبب أحماض المعدة، وهذا المذاق إلى جانب التجشؤ والسعال المتكرر، قد يُسبِّب الغثيان، وهذا الغثيان قد يكون وحيدًا أو إلى جانب أعراض أخرى، مثل حرقة المعدة وانتفاخ البطن، وتكراره أحد أعراض ارتجاع المريء.
3. القلس
هو اندفاع محتويات المعدة عبر المري إلى الحلق والفم، وكأنّه سائل دافئ مُتراكم في الحلق نهاية الفم، ما يُشِعر المرء بمذاقٍ مرير، وقد يكون القلس المتكرر علامة على ارتجاع المريء.
4. السعال المستمر
قد يُؤدِّي ارتداد الحمض المتكرر إلى تهيّج المريء والحنجرة من التعرّض لذلك الحمض، ما قد يُؤدِّي إلى سعال مزمن وصعوبات التنفس.
اقرأ أيضًا:كيف تتجنَّب ارتجاع المريء مع الصيام؟
5. بحة الصوت
كذلك قد يُؤدّي تعرّض الحنجرة المتكرر لحمض المعدة إلى الإحساس بعدم الراحة عند التحدُّث والتهاب الحلق، وتغيّرات الصوت، وعادةً ما تكون بحة الصوت أسوأ في الصباح وتتحسّن على مدار اليوم.
6. صعوبة البلع
قد يُهيّج حمض المعدة الحنجرة ويُتلِفها خلال انتقاله عبر المريء إلى الحلق، والحنجرة ذات دورٍ أساسي في التنفس والتحدث والبلع.
وعادةً ما تظهر صعوبة البلع عند المُصابين بارتجاع المريء، إذ تتأثَّر المعصرة المريئية العُلوية، وهي منطقة واقعة بين المريء ومؤخرة الحلق، كما قد يتسبَّب ارتجاع المريء في فرط حساسيته لحمض المعدة، ما يُفضِي إلى مشكلات البلع.
7. تكرّر نوبات الربو
قد يصحب الربو ارتجاع المريء، وإن كانت العلاقة الدقيقة بيهما غير واضحة بعد، إذ يُمكِن أن يُؤدِّي ارتداد الحمض إلى تشنج القصبات الهوائية أو ضيق العضلات في مجرى الهواء، ما يُفاقِم الربو، ويُسبِّب السعال وصعوبة التنفس.
وقد يكون ارتجاع المريء هو السبب وراء تفاقم الربو بعد الأكل أو الاستلقاء أو ممارسة الرياضة، حسب الكلية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي "American College of Gastroenterology".
أعراض ارتجاع المريء النفسية
أظهرت العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة، حسب دراسةٍ منشورةٍ في فبراير 2023 في مجلة "Frontiers in Psychiatry" وجود علاقة محتملة بين ارتجاع المريء واضطرابات القلق والاكتئاب، إذ كان مرضى ارتجاع المريء لديهم مستويات أعلى من القلق والاكتئاب مقارنةً بغير المصابين به، لذلك تشمل أعراض ارتجاع المريء النفسية:
1. القلق والاكتئاب
كشفت دراسة جماعية أُجريت اعتمادًا على قاعدة بيانات أبحاث التأمين الصحي الوطنية في تايوان، عن انتشار أعلى بكثير للقلق والاكتئاب عند المُصابِين بارتجاع المريء، مقارنةً بغيرهم.
بل إنَّ شِدّة ارتجاع المرء تُسهِم في حدوث الاضطرابات النفسية، إذ قلّت أعراض الاكتئاب عند مرضى ارتجاع المريء مع العلاج باستخدام مُثبِّطات مضخة البروتون "نوع من أدوية ارتجاع المريء".
وجد الباحثون أيضًا أنّ استمرار ارتجاع المريء لفترة طويلة قد يكون عامل خطر لحدوث الاكتئاب عند مرضى ارتجاع المريء.
في حين أنّ هذه الدراسات القائمة على الملاحظة لا يُمكِن أن تُفسِّر العلاقة السببية بين ارتجاع المريء والقلق والاكتئاب، لكنّها تُقدِّم أدلة كافية على ارتباط ارتجاع المريء بالقلق والاكتئاب، إذ ثبت أنّه قد يزيد خطر هذه الاضطرابات النفسية، ما يجعلها ضمن قائمة أعراض ارتجاع المريء النفسية.
اقرأ أيضًا:هل اللبن مفيد لحرقة المعدة أم أضراره أكثر؟
2. اضطرابات النوم
يُعانِي مرضى ارتجاع المريء اضطرابات النوم، خاصةً مع نوبات ارتجاع المريء الليلي، التي تُفاقِم اضطراب النوم،إذ قد تُوقِظ الإنسان بصورةٍ متكررة، وهذا الاستيقاظ المُتكرِّر يُنشِّط الجهاز العصبي اللا إرادي، وتحديدًا زيادة نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي، ما يُؤدِّي إلى تفاقُم اضطرابات النوم.
بالإضافة إلى ذلك، يُحفِّز ارتداد الحمض العصب الحائر، الذي يتسبَّب في ضيق الشعب الهوائية وتضييق مجرى الهواء، ومِنْ ثَمّ مُفاقمة اضطراب النوم.
وقد حدَّد الباحثون الأرق المزمن على أنّه عامل خطر للقلق والاكتئاب، كما أنّ الحرمان من النوم يُؤدِّي إلى فرط حساسية المريء عند احتكاك حمض المعدة به.
لذلك من الضروري لمرضى ارتجاع المريء الحرص على حماية أنفسهم من أعراضه ليلًا، لتحسين جودة النوم، والوقاية من اضطراباته، وأيضًا الوقاية من اضطراب القلق والاكتئاب، اللذين قد ينجمان عن مشكلات النوم.
هل التوتر يسبب ارتجاع المريء؟
قد يكون العكس صحيحًا في أحيان أخرى، فقد يكون ارتجاع المريء عاملًا مساهمًا في تزايد شعور البعض بالقلق والتوتر والاكتئاب، إذ أظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص المصابين بمشكلة ارتجاع المريء قد يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالقلق والاكتئاب.
يترافق مرض ارتجاع المريء مع مجموعة من الأعراض التي قد تحفز شعور المريض بالقلق والاكتئاب أو حتى إصابته بنوبات الهلع، لا سيما إذا ظهرت عليه أعراض صعوبة البلع وآلام الصدر.
- اضطرابات النوم: المرضى المصابون بمرض ارتجاع المريء تعد نسبة إصابتهم بمشكلات النوم مرتفعة نسبيًا، وقد لوحظ أن نسبة كبيرة من المرضى المصابين بارتجاع المريء يعانون من مشكلات في النوم أبرزها الاستيقاظ فجأة من النوم في الليل، إذا فهي علاقة متبادلة يعاني المريض في طرفيها.
- تدني جودة حياة المريض: أعراض ارتجاع المريء لها دور كبير في تدني جودة حياة المريض وإصابته بالعديد من الأشياء التي من شأنها أن تكدر حياته، وبالتالي يكون للأمر تداعيات نفسية، فالتعرّق المستمر والإصابة بالاختناق وعدم القدرة على التنفس، وغير ذلك من الأعراض، تلعب دورا كبيرا في تفاقم القلق والاكتئاب والتوتر وقد يتطور الأمر لفقدان الشخص ثقته في نفسه ووجود ميل عام لليأس في كل سلوكياته.
أعراض ارتجاع المريء والوسواس
البعض يربط بين أعراض ارتجاع المريء والوسواس والخيالات وما إلى ذلك من الحالات النفسية، ورغم تكرار ظهور هذه الأعراض في كثير من الحالات إلا أنه من غير المؤكد إثبات ذلك علميًا.
علاج أعراض ارتجاع المريء النفسية
إذا كُتَ تُعانِي ارتجاع المريء والقلق في آن واحد، فلا بد من وضع خطة علاجية تشمل علاج كليهما معًا:
علاج القلق
قد تُساعِد بعض الأدوية المُصابين بالقلق وارتجاع المريء، مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أو مُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية، لكن أشار الباحثون، حسب موقع "psychcentral" إلى أنّ هذه الأدوية قد تُقلِّل الضغط في المعصرة المريئية السفلية، ما قد يزيد أعراض ارتجاع المريء.
أمّا مُثبطات استرداد السيروتونين والنورإبنفرين "SNRIs"، فهي تُستخدَم عادةً لعلاج القلق، ولم يثبت أنّها تُؤدّي إلى زيادة أعراض ارتجاع المريء.
كذلك يمكن علاج القلق عبر العلاج المعرفي السلوكي بمساعدة الطبيب المُختص في الصحة النفسية.
علاج ارتجاع المريء
غالبًا يُمكِن علاج ارتجاع المريء بمزيج من الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، ونادرًا ما تكون هناك حاجة إلى الجراحة، وتشمل الأدوية المُستخدمة في علاج ارتجاع المريء:
- مضادات الحموضة التي لا تسستلزم وصفة طبية.
- حاصرات الهيستامين H2.
- مثبطات مضخة البروتون.
أمّا الجراحة، فتشمل عملية تثنية القاع لنيسين، التي تُجرى بالمنظار، وتهدف إلى تقوية المعصرة المريئية السفلية لعلاج ارتجاع المريء.
تعديلات نمط المعيشة
ليس العلاج محصورًا في الأدوية فقط، بل قد يكون المريض بحاجةٍ إلى تغيير بعض العادات، وربّما كانت هي الأهم في علاج أعراض ارتجاع المريء النفسية والجسدية، وذلك مثل:
- تجنُّب الأطعمة التي تُحفِّز أو تزيد حرقة المعدة، مثل الأطعمة الحارة والمقليات.
- تناول طعامٍ صحي، مثل الحبوب الكاملة، والفواكه والخضروات.
- رفع السرير قليلًا من ناحية رأسك، أو النوم على وسادة مرتفعة بعض الشيء، لرفع مستوى الرأس والصدر عن البطن، ومنع ارتجاع المريء خلال الليل.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي.
- تجنُّب المشروبات الغنية بالكافيين أو تقليل تناولها، مثل القهوة.
- خسارة الوزن الزائد.
- عدم الأكل قبل النوم ب3 ساعات على الأقل.
- تقليل التوتر من خلال تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل أو التنفس العميق، أو ممارسة الأنشطة التي تُعِيد إليك هدوءك.