متى يمكن أن يفقد البشر وظائفهم أمام الذكاء الاصطناعي؟
وفقاً لدراسة صادرة عن معهد ماكينزي العالمي، سيكون ما يقرب من نصف العمل الذي نقوم به قادراً على الأتمتة بحلول عام 2055، ومع ذلك فإن مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك السياسة والمشاعر العامة تجاه التكنولوجيا، يمكن أن تعيد ذلك إلى الوراء لما يصل إلى 20 عاماً.
وبرغم العناوين الإخبارية المخيفة التي تتحدث عن اقتراب الذكاء الاصطناعي والروبوتات للسيطرة على الوظائف، فإن الأمور لا تتم بهذه البساطة.
يشير التقرير إلى أن الانتقال نحو الأتمتة سيحقق معه أيضاً زيادة عالمية في الإنتاجية: "استناداً إلى نمذجة السيناريو لدينا، نقدّر أن الأتمتة يمكن أن تزيد من نمو الإنتاجية عالمياً بنسبة 0.8 إلى 1.4 بالمائة سنوياً".
يمكن أن تساعد إزالة القدرة على الخطأ البشري والانخفاضات في السرعة بسبب المرض أو الإرهاق أو الشعور بالضيق العام على زيادة الإنتاجية في أي مهمة يمكن أن تكون آلية.
تدور العديد من المناقشات حول الأتمتة حول كيفية تأثيرها على العمل اليدوي، ومع ذلك في حين أنه من السهل معرفة كيف يمكن للروبوتات أن تتولى مهام تصنيع دقيقة ومتكررة، فإن ظهور الذكاء الاصطناعي (AI) يسمح بمزيد من المهام القائمة على الإدراك ليتم توليها بواسطة أجهزة الكمبيوتر أيضاً.
لماذا الأتمتة تشكل تهديدا على العمال والموظفين؟
تتيح التطورات التكنولوجية السريعة للآلات أداء عدد متزايد من المهام التي يقوم بها البشر تقليديّاً، تستخدم شركات المحاماة الآن الذكاء الاصطناعي (AI) منها برامج الكمبيوتر المتطورة التي يمكن أن تتعلم من التجربة لإجراء تحليل العقود، والبحث عن نزاعات العملاء، وحتى صياغة استراتيجية التقاضي.
تقوم ماكدونالدز باستبدال العمال الذين يتنقلون من سيارة إلى أخرى بذكاء اصطناعي لأخذ الطلبات، وعمال الأكشاك إلى الأكشاك التلقائية.
تقوم Walmart بأتمتة تفريغ الشاحنات، بينما تستخدم مزارع كاليفورنيا الروبوتات لحصاد المحاصيل.
من عام 1990 إلى عام 2007 حلَّت الروبوتات محل حوالي 670 ألف وظيفة في الولايات المتحدة معظمها في التصنيع.
كل روبوت تم إدخاله في الاقتصاد المحلي حصل على 6.2 وظيفة، سيتسارع هذا الاتجاه خلال العقد المقبل، حيث تسمح التطورات في تكنولوجيا الهاتف المحمول والذكاء الاصطناعي ونقل البيانات وسرعات الحوسبة للروبوتات بالعمل باستقلالية أكبر.
خلص باحثو جامعة أكسفورد في دراسة رئيسة أُجريت عام 2013 إلى أن 47 بالمائة من الوظائف الأمريكية معرضة "لخطر كبير" من الأتمتة خلال عقدين من الزمن.
توصل معهد ماكينزي العالمي إلى استنتاج مماثل في عام 2017، مُحذِّراً من أنه بحلول عام 2030، ستجبر الروبوتات من 16 مليوناً إلى 54 مليون أمريكي - ما يصل إلى ثلث العمال الأمريكيين - لإعادة التدريب على وظيفة جديدة.
المشكلة أن هذا التطور المتسارع في الولايات المتحدة يحدث في بقية دول العالم. ففي الإمارات لجأت العديد من متاجر التجزئة وصناعة اللحوم وخدمات الشحن إلى استخدام الروبوتات بصورة كبيرة منذ بداية أزمة كورونا.
أعلنت كارفور منذ أسابيع عن إطلاق 11 روبوتاً جديداً في المخزون في الإمارات العربية المتحدة في المتاجر المنتشرة في جميع أنحاء الدولة.
تُستخدم "Tally Robots" لدعم إدارة المخزون والتحكم فيه للتأكد من أن الأرفف ممتلئة وأن المنتجات المطلوبة موجودة دائماً في المتجر.
تأتي هذه التقنية لتأخذ مكان الموظفين الذين ينتشرون على أرضية المتجر، الذين يراقبون حالة توافر المنتجات والسلع على الرفوف ويعملون على تقديم التقارير واتخاذ القرارات.
الوظائف التي ستختفي أولا
بشكل عام هي تلك التي تنطوي على مهام جسدية متكررة في بيئات يمكن التنبُّؤ بها، على سبيل المثال بدأت بعض المطاعم في الصين بالفعل في استبدال العمال بالروبوتات.
بدأت محكمة مقاطعة بالم بيتش مؤخراً في استخدام أربعة روبوتات لقراءة ملفات المحكمة وملء جداول البيانات وإدخال البيانات في نظام إدارة القضايا.
من الناحية النظرية يمكن أتمتة ما لا يقل عن 91 في المائة من مهام طباخ الطلبات القصيرة باستخدام التكنولوجيا الحالية.
على العكس من ذلك ستشهد الوظائف التي تتضمن إدارة الأشخاص والتفكير الإبداعي والتفاعل الاجتماعي قدراً أقل من التشغيل الآلي، لكن حتى الوظائف التي تعتقد أنها آمنة ليست كذلك.
نشرت صحيفة The Guardian Australia مقالها الأول هذا العام كُتب بالكامل بواسطة جهاز كمبيوتر.
أنشأ موقع التجارة الإلكترونية الهندي Myntra مؤخراً أحد قمصانه الأكثر مبيعاً من خلال تفويض التصميم إلى خوارزميتين حللت التصميمات السابقة واخترعت تصاميم جديدة، وقد حققت نجاحاً من حيث المبيعات.
الوظائف البسيطة المتكررة ستختفي بالفعل في السنوات القادمة ثم الوظائف التي تتضمن القليل من الإبداع والكثير من التكرار اليومي.
متى يمكن أن نفقد وظائفنا أمام الذكاء الاصطناعي؟
أظهر التاريخ أن التحذيرات المروعة السابقة حول التكنولوجيا التي تلغي الحاجة إلى العمالة البشرية أثبتت عدم صحتها على الرغم من وجود فترة انتقالية صعبة في كثير من الأحيان إلى وظائف جديدة تتطلب مهارات جديدة.
في القرن التاسع عشر، وجد المزارعون الذين عفا عليهم الزمن بسبب الزراعة الآلية طريقهم إلى وظائف جديدة ذات رواتب أفضل في المصانع.
عندما هددت الأتمتة الصناعية في القرن العشرين عمال المصانع، انتقل العديد من النازحين إلى العمل الخدمي (غالباً مع رواتب أقل).
قالت ماكنزي في دراستها: "إذا كان التاريخ دليلاً، فيمكننا أيضاً أن نتوقع أن 8 إلى 9 بالمائة من الطلب على العمالة لعام 2030 سيكون في أنواع جديدة من المهن التي لم تكن موجودة من قبل".
وحسب بنك أوف أمريكا سيؤدي هذا إلى إجبار حوالي 100 مليون عامل على تبديل المهن بحلول عام 2030. قال البنك في تقرير إن هناك فرصة بقيمة 14 تريليون دولار لمستقبل العمل، حيث سيتعاون البشر والروبوتات.
يمكن أن تظهر هذه الوظائف "الجديدة" في قطاعات تتراوح من الرعاية الصحية إلى مصادر الطاقة المتجددة، بينما ستختفي الوظائف التقليدية والعادية وحتى وظائف البنوك وسينتقل هؤلاء إلى وظائف جديدة وبديلة في نفس القطاعات أو قطاعات مختلفة.
تعد التكنولوجيا والصناعة والتكنولوجيا الطبية والتعليم من بين القطاعات الرئيسة التي ستستفيد من قيام الشركات بتطوير مهارات العمال وإعادة تدريبهم.
بحلول عام 2025 وحده، ستؤدي الأتمتة إلى إضافة صافية قدرها 12 مليون وظيفة حيث ستلغي الروبوتات 85 مليون وظيفة ولكنها ستخلق 97 مليون وظيفة جديدة، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي.
يمكن أن يقضي البشر والآلات قدراً متساوياً من الوقت في إكمال مهام العمل بحلول عام 2025، مع مضاعفة قاعدة الروبوت العالمية المثبتة إلى 5 ملايين وحدة مقارنة بمستويات عام 2019.
مجال "cobots" - التعاون بين الإنسان والروبوتات الصناعية - هو مجال سريع النمو بمعدل نمو سنوي مركب متوقع بنسبة 50 في المائة حتى عام 2023.
وهذا يعني أنه في حال فقدت وظيفتك الحالية وأخذ الروبوت والذكاء الاصطناعي مكانها يمكنك التغيير إلى وظيفة جديدة من خلال القليل من التدريب والدراسة والبناء على مهاراتك الحالية.