يعد التقييم جزءاً أساسيّاً من بيئة العمل، إذ يساهم في تحسين أداء العاملين، وقيادة المنظمة إلى تحقيق المزيد من الأهداف الجيدة. لكن على الرغم من ذلك، قد يحدث في كثير من الأحيان استخدام طرق خاطئة في توصيله، وهو ما يؤدي إلى حدوث مشكلة، والابتعاد عن الهدف الأساسي المطلوب تحقيقه.
لذا، من المهم الاهتمام بطريقة تقديم التقييم. بالطبع يصبح الأمر أكثر صعوبة إذا كان التقييم سلبيّاً للموظف. لذا، لا بد من التفكير في الطرق المناسبة للتعامل مع هذا الأمر، من أجل تحقيق الهدف من التقييم، وعدم التسبب في مشكلة نفسية للموظف. نقدم لك في هذا المقال مجموعة من الطرق، التي تساعدك على تقديم التقييم السلبي بطرق إيجابية.
ما قبل عرض التقييم: 3 أشياء يجب التفكير فيها أولًا
مع إدراك أهمية التقييم، وأثره الكبير في تحسن أداء الموظفين. هناك بعض الأشياء الهامة التي يجب الانتباه إليها، ومعرفة أنّها مطلوبة طوال الوقت. يمكن تمثيل هذه الأشياء في 3 نقاط أساسية كالتالي:
1- ردود الأفعال القاسية ستأتي بنتائج عكسية: إذا لم تركّز على الأسلوب المستخدم في تقديم التقييم، وفضلت الاعتماد على أسلوب قاسٍ، يؤدي ذلك إلى حدوث مشكلة. إذ يتحول الأمر من التقييم إلى محاولات الدفاع عن النفس، وقد تفقد ثقة واحترام الشخص الآخر الذي تقدّم له التقييم. تذكَّر أنّك بحاجة إلى عرض ملاحظاتك باحترام.
2- لا تسير التعليقات بشكل ثابت دائمًا: إذا كان الموظف يؤدي عمله على أكمل وجه، فبالتأكيد لا تسير الأمور بشكل سلبي دائمًا، وبالتالي لن تكون تعليقاتك له سلبية باستمرار. من الناحية الأخرى، دائمًا هناك العديد من النقاط التي تحتاج إلى تحسين، وبالتالي يجب تقديم النصح حول هذه النقاط طوال الوقت.
لذا، من المهم الانتباه إلى هذه الأجزاء، والتركيز على تقديم التعليقات المتوافقة مع الموقف. في حالة التعليقات السلبية، يجب دعم الأشخاص للتطور في الاتجاه الصحيح. ومن المهم عند ملاحظة أي نقاط تحتاج إلى تحسين، توجيه الموظف إلى هذه الجزئيات. يسهّل ذلك عدم ثبات مستوى الموظف، وسعيه للتطور طوال الوقت.
3- ليس ضروريّاً تقديم الإصلاح طوال الوقت: تعتمد هذه النقطة على رؤيتك الشخصية. لكن وفقًا للواقع، ليس الأنسب دائمًا هو تقديم خطط للإصلاح. في بعض الأوقات، يكون المناسب هو طرح الأسئلة على الشخص، والتفكير معه في محاولة للوصول إلى الخطوات. إذ يعزز هذا من دور الشخص في نقد ذاته، وبالتالي تعلّمه أشياء جديدة.
5 طرق تساعدك على تقديم التقييم السلبي بطريقة إيجابية
وفقًا للنقاط الثلاث المطروحة، فطريقة تقديم التقييم ستحدد تعامل الأفراد معه، ومدى تقبلهم له جيدًا. لذا، لا بد من الاهتمام بطريقة عرض التقييم طوال الوقت، والانتباه لضرورة تنفيذها بالشكل المناسب. هناك 5 طرق تساعدك على تقديم التقييم السلبي بشكل إيجابي:
1- تجنب تغليف الملاحظات السلبية بالثناء
من الطرق المشهورة في عالم التقييم، هي شطيرة التعليقات (Feedback Sandwich) التي تقترح تقديم التعليقات السلبية، بين نقطتين إيجابيتين، فكأنّ النقطة السلبية مغلفة بالتعليقات الإيجابية.
على الرغم من انتشار هذه الطريقة لفترة طويلة من الوقت، إلّا أنّها في بعض الأحيان تسبب مشكلة، فإمّا الشخص يشعر بأنّه ناجح، فلا يركّز على الأشياء السلبية التي لديه. أو يركّز على النقطة السلبية، ويظن أنّ النقاط الأخرى هي من قبيل المجاملة أو الإطراء، ويتولد لديه شعور سلبي.
في الحالتين لا تكون النتائج كما هي مطلوبة، ومن الصعب وجود أشخاص يتقبلون النقاط معًا، فيستفيدون من الإيجابي والسلبي. إذ دائمًا ينتظرون كلمة "لكن" التي تأتي، ويشعرون أنّ أي شيء آخر هو خداع لهم.
2- النقد البناء عند التقييم
من الأشياء التي تسبب مشكلة في التقييم، هي التركيز على تحديد المشكلة فقط، وإسقاطها على الشخص لا سلوكه، ثم تركه هكذا بدون حلول. يؤدي هذا إلى تفاقم المشكلة لا حلها، نتيجة شعور الشخص أنّ هناك مشكلة حقيقية لديه، وبالتالي يشعر بالضيق.
بدلًا من ذلك من المهم التركيز على نقد السلوكيات، لا نقول للشخص أنت سيئ، لكن نقول له مثلًا لقد نفذت شيئًا معينًا بكفاءة أقل من المطلوبة. بغض النظر عن الطريقة، فهنا النقد موجّه للسلوك لا الشخص. إضافة إلى ذلك، يمكن تقديم خطة للشخص يمكنه من خلالها إصلاح هذا السلوك.
3- المتابعة المنتظمة
لا يقتصر الأمر فقط على طرح المشكلة، أو تقديم الخطة وترك الشخص ليعمل بمفرده على تنفيذها. من المهم دائمًا التركيز على المتابعة المستمرة مع الأفراد، وأن تشمل خطة التطوير على اجتماعات ولقاءات منتظمة، لمتابعة التطورات وسير الأمور.
يؤدي هذا إلى تعزيز الثقة ويقوي من العلاقة بينك وبين الطرف الآخر، ويجعله أكثر تقبلًا لأي تعليقات تخبره بها لاحقًا. إذ يشعر من خلال ما تفعله، أنّك تحرص فعلًا على تطوره، لا أنّك أخبرته ببعض الأشياء، ثم تركته وحيدًا ولم تهتم به، فيشعر أنّ ما فعلته لم يكن سوى فقط لإعطائه التقييم.
4- تحلَّ بالصدق والوضوح
نعرف جميعًا بوجود مشكلات لدينا في الأداء، وأنّ هناك مناطق بحاجة إلى تحسينها باستمرار. لذا، لا نحب من يضحك علينا في التعامل بهذا الموضوع. يمكنك الاستفادة من ذلك في التحلّي بالصدق دائمًا، وعند عرض المشكلة، ركّز على كونك حريصاً على مساعدة الشخص للتحسن، لا هدفك فقط اكتشاف أخطاء الأداء.
حتى تفعل ذلك، فأنت بحاجة إلى أن تكون مباشراً وواضحاً في تقديم تعليقاتك. لا تجعل الشخص يفكر كثيراً في محاولة لتفسير تعليقاتك. أنت بحاجة إلى الحديث في النقاط التي تريدها، بأسلوب مهذب ومحترم، ويمكن فهمه بسهولة. إذا تطلب الأمر، أرسل بريدًا إلكترونيًا بعد التقييم كمتابعة، لعرض النقاط التي تم النقاش عليها.
5- شجّع مشاركة الأشخاص معك في التقييم
بدلًا من التركيز على الحديث بمفردك طوال الوقت، أنت بحاجة إلى الاستماع إلى الشخص، ومنحه الفرصة للحديث وتوضيح بعض الأسباب. يمكن لهذه الملاحظات أن تساعدك على التقييم بصورة أوضح، ومعرفة شيء غاب عنك.
حتى يمكنك فعل ذلك، أنت بحاجة إلى طرح الأسئلة على الشخص، أسئلة من قبيل: ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟ عندما يتحدث الشخص، قد يكون فعله مبرّراً، والصورة التي لديك ليست كاملة، نتيجة لاكتفائك برؤية الأشياء من زاوية واحدة.
أمثلة على التقييم البناء
لنلقِ نظرة على أمثلة بسيطة، يمكن من خلالها الاستفادة في تقديم التعليقات بالشكل المناسب، الذي يؤدي إلى تطوير أداء الموظفين بالفعل. إذا كان هناك موظف يفوّت المواعيد النهائية، أو لا يحقق المستهدفات المطلوبة منه، فكيف يمكن التعامل معه بأسلوب جيد؟
1- تفويت المواعيد النهائية: في الطريقة التقليدية المعتادة، سيكون التقييم الموجّه إليه هو: "لقد فوّت المواعيد النهائية، وهذا يؤثر سلبًا على بقية الفريق والمشروع". بدلًا من ذلك، يمكنك توجيه التقييم إليه قائلًا: "لقد لاحظت أنّك تجد صعوبة في إدارة الوقت. هل هناك أي شيء يمكنني فعله للمساعدة"؟ سيفتح هذا الرد مجالًا للنقاش حول الأسباب، ومن ثم إمكانية اقتراح حلول للتخلص من المشكلة.
2- تحقيق الأهداف: في الطريقة التقليدية المعتادة، سيكون التقييم الموجّه هو: "لم تحقق أهدافك. أنا قلق من أن يؤدي ذلك إلى انخفاض أداء الفريق". بدلًا من ذلك، يمكنك توجيه التقييم إليه قائلًا: "لم تحقق أهدافك، لكنني متفهم مدى صعوبة عملك. هل هناك أي عقبات في طريقك يمكنني المساعدة في التعامل معها؟". كما ترى، تفتح هذه الطريقة المجال للشخص للحديث والمشاركة، وبالتالي تقبل الحلول لإنهاء المشكلة.
يحتاج تقديم التقييم إلى الذكاء، فهم طبيعة الموظفين واحتياجاتهم جيدًا، والعمل من أجل توصيل ما لديك، بالشكل الذي يقود إلى النتائج المرغوبة. تذكّر أنّ الجميع لا يفكرون بالطريقة ذاتها، لذا من المهم اختيار الطريقة التي تناسب كل فرد، والحرص باستمرار على تقديم أي تقييم بطريقة إيجابية.