باولو كويلو يكتب للرجل: الذنب والغفران
عندما كنّا أطفالاً، سمعنا أمهاتنا كثيراً تقول: "طفلي يتصرف بحماقة بسبب صحبته السيئة، هو في أصله فتى جيد".
ومن ثَمَّ لم نتحمل مسؤولية أفعالنا على الإطلاق، ولم نطلب أبداً الصفح وانتهى بنا الأمر بنسيان أنه يجب علينا أن نكون كرماء مع من يسيئون إلينا. لا علاقة للتسامح بالشعور بالذنب أو الجُبن: كلنا نرتكب أخطاء، ولا يمكننا التحسن إلا من خلال الزلل في بعض الأحيان، ومن ناحية أخرى، إذا كنا متساهلين للغاية مع سلوكنا - خاصة عندما يؤذي الآخرين - فإننا نصبح معزولين وغير قادرين على تصحيح مسارنا.
كيف يمكننا التخلص من الشعور بالذنب، وفي نفس الوقت نكون قادرين على طلب الصفح عن أي أخطاء نرتكبها؟
لا طرق سهلة لتحقيق ذلك، لكنّ هناك منطقا جيدا: يجب أن نَحكُم على نتائج أفعالنا وليس نوايانا، وفي أصل الأمور نجد أن الجميع أخيار، لكن هذا لا علاقة له ولن يبرئ أي جروح قد نسببها، وإليكم قصة جميلة توضح بالضبط ما أعنيه:
عندما كان كسرى (ملك الفرس) صغيراً، كان لديه معلم ساعده في أن يصبح طالباً متفوقاً في جميع مواده، وفي أحد الأيام، عاقبه بشدة، دون سبب على ما يبدو.
بعد سنوات، اعتلى كسرى العرش، وكان من أول أفعاله استدعاء مدير المدرسة السابق وطلب تفسير للظلم الذي وقع منه، فسأله: "لِمَ عاقبتني في حين أنني لم أرتكب خطأ؟"، فرد المعلم: "عندما رأيت فطنتك علمت أنك سترث عرش أبيك ومن هنا قررت أن أريك كيف يؤثر الظلم في الإنسان مدى حياته، والآن قد تعلمت ما رميت إليه. آمل ألا تعاقب أحداً دون سبب كاف".
يذكرني هذا أيضاً بحديث أجريته على العشاء يوماً في كيوتو (مدينة يابانية)، وكان المعلم الكوري تاي تشانغ كيم يتحدث عن الاختلافات بين الفكر الغربي والفكر الشرقي.
كلا الحضارتين لهما قاعدة أساسية، في الغرب تقول هذه القاعدة: "افعل ما سيُفعَل بك (أو لك)"، يعني هذا أن الشخص المحب يرسي نموذجاً للسعادة يحاول أن يفرضه على كل من يقابله.
ويبدو أن القاعدة الأساسية في الشرق هي نفسها تقريباً: "لا تفعل أبداً بالآخرين ما ترفضه لنفسك"، وهذا يعتمد هذا على فهم ما يجعلنا غير سعداء، بما في ذلك الاضطرار إلى الامتثال لنمط السعادة الذي فرضه علينا الآخرون - وهذا يُحدث فرقاً كبيراً.
من أجل تحسين العالم، لا نفرض طريقتنا الخاصة في إظهار حبنا، بل نحاول بدلاً من ذلك تجنب التسبب في معاناة الآخرين.
لذا أظهر الاحترام والاهتمام عند التعامل مع أقرانك. قال المسيح: "من ثمارهم تعرفونهم"، ويقول المثل العربي القديم: "الحكم على الشجرة من ثمارها لا من جذورها"، وطبقًا للمثل الشعبي: "الضارب ينسى، المضروب ما ينسى".