استمرارية النجاح في عالم الأعمال.. السر في المجالس الاستشارية!
الشركات تبدأ بفكرة وبشخص واحد بشكل أو بآخر، لاحقاً وفي حال كتب للفكرة النجاح تتوسع الأعمال ويبدأ صاحب الفكرة بتوظيف آخرين وبغض النظر عن عدد هؤلاء الأشخاص الذين انضموا إلى الشركة أو حجم الشركة أو تعقيدات البنية الخاصة بها أو عدمها فإن مسؤولية نجاحها تقع على كتفي مؤسسها.
ولكن ليس بالضرورة أن تكون الصورة هكذا، لأنه عاجلاً أم آجلاً ستصل الشركة إلى مكان ما تجد نفسها عاجزة عن سد النقص والفراغات، فصاحب الفكرة بالتأكيد لا يعرف كل شيء، وليس المطلوب منه أن يعرف كل شيء كما أنه لا يمكنه أن يستمر بتحمل عبء النجاح وحده وبالتالي يحتاج إلى فريق دعم.. وفريق الدعم هذا هو المجلس الاستشاري.
ما هو المجلس الاستشاري؟
المجلس الاستشاري هو هيئة تقدم مشورة استراتيجية غير ملزمة لإدارة شركة ما أو منظمة أو مؤسسة. تتألف من مجموعة من الاختصاصين الذين يملكون خبرة طويلة جداً في مجال عملهم. هم مديرون وإنما ليس وفق التعريف التقليدي للكلمة فهم لا يمثلون المساهمين أو أصحاب المصلحة الآخرين كما لا يخدمون وظيفة الحوكمة، بل وبكل بساطة يقدمون المشورة لرجال الأعمال لتحقيق أهدافهم المهنية الحالية.
الطبيعة غير الرسمية للمجلس الاستشاري تعطي مرونة أكبر في الهيكل والإدارة مقارنة مع مجلس الإدارة، فالمجلس الاستشاري وخلافاً لمجلس الإدارة لا يملك سلطة التصويت على أي من شؤون الشركة ولا يتحمل مسؤوليات ائتمانية قانونية.
المجلس هذا يقدم المساعدة التي تحتاج إليها المؤسسات في أي جزئية كانت سواء في تحقيق هدف معين، إدارة حملة تسويق بنجاح أو حل بعض المشاكل الداخلية أو حتى تقديم تقييم لأداء الشركة بشكل عام وتقديم النصائح التي تجعل الشركة تتخلص من العقبات والمشاكل التي تواجهها.
كيف يمكن تأليف مجلس استشاري؟
بطبيعة الحال أعضاء المجلس الاستشاري هم خبراء من خارج الشركة فهم ليسوا موظفين ولا يجب أن يكونوا كذلك وإلا نسفت الغاية من وجودهم.
المقاربة الأولى التي يجب اعتمادها عند تأليف مجلس استشاري هي بالقيام بجردة للمعارف الذين تربطك كصاحب شركة علاقة مباشرة، ومن هؤلاء الأشخاص يجب اختيار الذين يملكون الخبرة الطويلة في مجالهم ويمكنهم تقديم النصائح أو سد الفجوات في مجالات معينة. الخطوة التالية بسيطة للغاية وهي التواصل معهم وسؤالهم عما إن كانوا يرغبون في القيام بهذا الدور.
في حال لم تكن المقاربة أعلاه ممكنة، برغم أنها المقاربة الأفضل، حينها يمكن اللجوء إلى الخيار البديل وهو «لينكد إن» الذي يعج بأصحاب الخبرات الذين يمكن التواصل معهم واللقاء بهم قبل عرض الدور الاستشاري عليهم.
وطبعاً هناك خيار اللجوء إلى شركات متخصصة في هذا المجال والتي تزود المؤسسات بخبراء في أي مجال تحتاج إليه. ميزة اللجوء الى شركات متخصصة يكمن في سرعة توفيرها للخبراء مقارنة بالمسارين أعلاه والذين يحتاجان الى الوقت والجهد، بالإضافة إلى أن التكلفة تكون وفق أسس يومية.
ما الذي يجب البحث عنه عند اختيار خبراء المجلس الاستشاري؟
امتلاك هدف.. وسد فجوات المعرفة
النقطة هذه بديهية، الشركة التي تبحث عن مجلس استشاري عليها أن تملك هدفاً دفعها بهذا الاتجاه سواء كان الهدف هذا تذليل عقبات حالية أو استغلال فرص جديدة. مثلاً لو افترضنا أن صاحب مؤسسة يريد افتتاح مطعم جديد ويقرر اللجوء إلى مجلس استشاري من أجل اكتساب خبرة في التسويق أو الموارد البشرية أو في التصميم أو في مجال الطهي والأطعمة. عند اختيار خبراء المجلس الاستشاري على المعني بذلك، أي صاحب الشركة، تحديد المعايير وفق المعلومات التي لا يملكها والخبرات التي يفتقر إليها.
اختيار المشككين
لا يجب تحت أي ظرف من الظروف اختيار مجلس استشاري عبارة عن أشخاص يوافقون الآخرين الرأي على كل شيء، أي لا يجب اختيار النوع الذي يصفق لكل شيء. أفضل أنواع المجالس الاستشارية هي تلك التي تجعل مصلحة صاحب الشركة أولوية من خلال قول الأمور كما هي من دون مجاملة. وظيفة المجالس الاستشارية هي تقدم النصائح حتى ولو كانت تتعارض بشكل كلي مع طرح صاحب الشركة. لذلك يجب الاختيار بحذر وعدم الخوف من الصراحة القاسية خلال المراحل اللاحقة من تقديم المشورة.
النوعية وليس الكمية
قيمة المجلس الاستشاري لا تكمن في عدد الأعضاء بل بنوعيتهم. المجلس الاستشاري يجب أن يتكون من ٣ إلى ٥ خبراء يملكون الخبرات الكافية للتعامل مع المشاكل التي يواجهها صاحب الشركة خلال الوقت الراهن. أهمية عدم توظيف مجلس مؤلف من عدد كبير من الخبراء يكمن في واقع أن المشاكل قد تتبدل مع الوقت وبالتالي سيكون هناك حاجة لاستبدال الذين لم تعد الشركة بحاجة إليهم بخبراء آخرين بمواهب وخبرات مختلفة.
الخبراء الذين لم يعد وجودهم ضروري يجب إبلاغهم بذلك وبما أن المهمة هذه ليست سهلة من الأهمية بمكان تحديد المدة الزمنية للتعاون منذ البداية.
المجالس الاستشارية ودورها في نجاح الشركات
تبني المصداقية
المجلس الاستشاري القوي والفعال يحسن من سمعة الشركة ويمنحها المصداقية في سوق العمل، كما أنه يجعل الشركة في موقع قوي عند التفاوض مع مستثمرين وعملاء محتملين. القوة هذه نابعة من واقع أن الفكرة أو المشروع أو أي ما يطرحه صاحب الشركة حظي بدعم مجلس من الخبراء وبثقتهم.
مشورة لا تقدر بثمن
خلافاً للمشورة التي قد يحصل عليها صاحب الشركة من المديرين الذي يعملون في شركته أو من الشركاء فإن النصيحة التي يقدمها المجلس الاستشاري موضوعية بشكل كلي ونابعة من خبرة طويلة، كما أن الخبير لا تربطه بصاحب الشركة أي علاقة ولا يملك أي اعتبارات عليه وضعها بالحسبان باستثناء مصلحة الشركة. المجلس الاستشاري الفعال والكفؤ يمكنه أن يحل أكثر المشاكل تعقيداً بمكالمة هاتفية واحدة، أي قد لا يحتاج صاحب الشركة إلى الاجتماع بهم حين تطرأ المشكلة، مكالمة هاتفية كفيلة بالحصول على المشورة التي يحتاج إليها. ولهذا السبب هناك أهمية بالغة باختيار الخبراء بعناية.
شبكة معارف حالية ومستقبلية هامة
العلاقة بين صاحب الشركة والمجلس الاستشاري مع مرور الوقت تصبح قوية وقائمة على الاحترام المتبادل، ففي نهاية المطاف هم يقومون بعملهم على أكمل وجه وصاحب الشركة يتقبل الصراحة والنصائح التي أحياناً تتعارض مع ما يظنه صائبا. المجلس الاستشاري يساعد صاحب الشركة على النمو على الصعيد الشخصي كما يساعده بشكل غير مباشر على أن يصبح قائداً وليس فقط مديراً.
خبراء المجلس الاستشاري، كأشخاص، يشكلون شبكة معارف هامة لأي صاحب شركة. وفي الوقت عينه هم السبيل لتشكيل شبكة معارف جديدة تتألف عادة من أشخاص يصعب التعرف إليهم من دون معارف مشتركة.
المحرك الدائم نحو النجاح
المجلس الاستشاري هو الجهة التي ستقوم بجعل الشركة تسير وبشكل دائم نحو النجاح. فإن كان هناك مشاكل وعقبات، المجلس الاستشاري يحلها من خلال خبراته الطويلة، إن كان هناك مشروع جديد فإن المشورة جاهزة ومبنية على المعطيات الموضوعية والتقييمات الدقيقة.. باختصار كل ما من شأنه أن يجعل الشركة تتراجع أو تقف في مكانها سيتم حله من قبل خبراء المجالس الاستشارية.
المجالس الاستشارية لا تجتمع عادة بشكل دائم بل غالباً ما تكون الاجتماعات ربع سنوية، وهذا يمكنه أن يؤدي إلى خلل في المهمة لذلك من الأهمية بمكان تزويدهم بمعدل شهري بتقارير محدثة ومعلومات حول مسار الأمور.
في المقابل على صاحب الشركة التعامل مع خبراء المجلس الإستشاري على أنهم أصول هامة للشركة، فهم يمكنهم تقديم المشورة والنصائح الهامة جداً حين يتم تحضيرهم بشكل صحيح للاجتماعات. كل المعلومات الخاصة بخطة العمل، أو البيانات المالية وغيرها من التقارير يجب أن يتم عرضها عليهم قبل الاجتماعات. الاجتماعات التي يتم التخطيط لها بشكل صحيح تؤدي إلى نتائج صحيحة.
في ظل تفشي كوفيد-19.. كيف تحقق الشركات أكبر استفادة من النظام الإيكولوجي؟