برغم أزمة كورونا.. لهذه الأسباب لا تستغنِ أبدًا عن الموظفين الشباب والمتدربين
يمكن القول إنه لم تشعر أي مجموعة بالعبء الأكبر من التسريح من العمل بسبب الإغلاق الناتج عن انتشار وباء كوفيد-19، وتعطيل الأعمال في الأشهر الستة الماضية أكثر من العمال الشباب أو صغار السن. أظهر تقرير لمنظمة العمل الدولية أن واحدًا من بين كل ستة أشخاص دون سن الـ24 عامًا تم تسريحه من العمل منذ مارس الماضي، وتم تخفيض عدد ساعات العمل بنسبة وصلت إلى 23 % لهؤلاء الذين لا يزالون محتفظين بوظائفهم.
عاش العالم ظروفا مشابهة من قبل وكان آخرها في فترة الركود العظيم، عندما تلقى الشباب في سوق العمل ضربة قوية، وتعرضوا لضرر كبير بسبب ارتفاع معدّل الضرائب وانعدام الأمن المادي. في الوقت الحالي يفكر العمال الشباب صغار السن في وضعهم ويبحثون عن أفضل طرق للتعامل مع حالة انعدام اليقين الاقتصادي.
خطورة الاستهانة بالعمالة صغيرة السن
في الأزمة، يرى العديد من المديرين أن الموظفين الشباب لا يستحقون العناء والجهد لأنهم ليس لديهم خبرة، وأن قدراتهم محدودة، غير أن البيانات والأبحاث تُشير إلى عكس ذلك. في حقيقة الأمر لا يوجد عائد استثمار مالي أكبر من الاستثمار في الموظفين المبتدئين، لاسيما وأنهم في بداية حياتهم المهنية، ما يعني أن القدرة على تطويرهم ومساعدتهم على النمو أكبر كثيرًا، كما أنهم أكثر قدرة على تحمل المخاطر.
خلال الاضطرابات، يعتقد أرباب العمل والمديرون أن الموظفين الأكبر سنًا أصحاب الخبرات الكبيرة هم الوسيلة الأفضل للخروج من الأزمات والوصول إلى بر الأمان، خاصة وأنهم على دراية بكل التفاصيل ومرّوا بالعديد من الأزمات السابقة واكتسبوا الخبرة اللازمة التي تساعدهم على النجاة.
إلا أن حالة الركود الناتجة عن الجائحة مختلفة عن أي أزمة اقتصادية حدثت من قبل، خاصة أن كل الموظفين سواء كان لديهم خبرة أم شباب صغير السن لم يعيشوا تجربة مشابهة من قبل، ولا يعرف شخص واحد من القوى العاملة الموجودة في أي مكان كيفية التعامل مع أزمة كبرى كذلك، علاوة على ذلك فإن العمال الأكبر سنًا أصحاب الخبرات غير مستعدين للمجازفة.
ولا يعني ذلك أن الموظفين الكبار ليس لديهم دور يلعبونه، ولكن هناك مسألة لا يمكن تجاهلها أبدًا وعلينا التعامل معها للتعامل مع هذا الركود، وهو أن تعيين موظفين جدد شباب أمر لا مفر منه، ومن المحتمل أن هؤلاء الموظفين الصغار قد يساعدونك على استعادة التوازن والاستقرار، لهذا السبب من الضروري ألا تتخلى أبدًا عن أي متدرب يعمل في شركتك بعد انتشار الوباء.
الاستثمار في الشباب
يميل أرباب العمل إلى افتراض أن المواهب الشابة ستطرق أبوابهم طوال الوقت بمجرد الإعلان عن وظيفة شاغرة، ولكن الأبحاث والدراسات التي أجريت في الفترة الأخيرة وجدت أن هذا خاطئ تمامًا، إذ أظهرت مدى صعوبة جذب الشركات الناشئة أو تلك التي لا تزال في طور النمو للمواهب الشابة، مقارنة بالشركات العملاقة الراسخة التي ينجذب إليها المتدربون ويسعون إلى العمل فيها.
الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الأمر هي السير على خطا الشركات الكبرى الناجحة والاستثمار بكثافة في التوظيف وتطوير الموظفين الشباب والمتدربين بغض النظر عن الوضع الاقتصادي. انظر مثلاً إلى شركة أبل التي لديها برنامج تدريب داخلي خاص بها على غرار الجامعة، وأمازون التي أنفقت 700 مليون دولار لتحسين مهارات موظفيها.
يمكن الاستثمار في الموظفين الشباب من خلال تدريبهم في المشروعات الجديدة، وقد يتطلب ذلك توفير قدر هائل من الموارد، ولكن كُن متأكدًا من أن كافة المبالغ التي تنفقها لن تكون مُهدرة، ولكنك ستستعيدها بمجرد تأهل هؤلاء المتدربين وتحسين قدرتهم على العمل.
وأظهرت الأبحاث التي أجريت في الآونة الأخيرة وفي وقت سابق أن الموظفين الذين لا يتلقون الدعم ولا يشعرون أن إدارتهم تسعى إلى تطوير مهاراتهم هم الأكثر عُرضة للمغادرة، ما يعني أن الاستثمار في الموظفين الشباب، وتدريبهم ليس أمرا مبالغا فيه، ولكنه أمر يضمن بقاءهم.
قد يكون هذا النوع من الاستثمار في الوقت الحالي أمرا جنونيا، وقد يكون معك حق إذا شعرت ببعض التردد أو خشيت من إنفاق مبالغ مادية إبان الأزمة خاصة أنك لن تحصل على عائد فوري.
يجدر الإشارة إلى أن الاستثمار في الموارد البشرية والاهتمام بالمتدربين والموظفين الجدد سيكون له تأثير كبير على المدى الطويل، سيساعد الشركة على تحقيق نجاح كبير كما أنه سيزيد ثقة الشباب بأنفسهم وبالمؤسسة التي يعملون بها.