نموذج الأعمال.. ما هو؟ وممَ يتكون؟ وكيف تختاره لإنجاح مشروعك؟
ازداد الاهتمام بمفهوم نموذج الأعمال Business model على مدار السنوات القليلة الماضية، لدرجة جعلت الكثير من الخبراء يؤكدون أن هذا المصطلح وصل لأعظم زخم في تاريخه، الذي ارتبط بشكل وثيق بالأعمال التجارية الإلكترونية منذ ظهور الإنترنت في أواخر التسعينيات، مع ما سمي آنذاك بالاقتصاد الجديد، وسرعان مع شهد صعودًا خلال عصر "الدوت كوم"، ليحظى بمعنى أكثر عمومية، من خلال إدراك هذه النماذج على أنها قصص تشرح كيف تقوم المؤسسات بالعمل وكسب المال، بينما أجابت على أسئلة أساسية مثل: من هو العميل؟ وما قيمته؟ وما القيمة الفريدة للشركة؟ وكيف ينبغي إبراز ذلك؟ وكيف يمكن إنشاء القيمة؟ وغيرها من الأمور التي كان لها تأثير كبير على التفكير الاقتصادي الحالي على كل المستويات.
هنا برز دور نموذج العمل كخطة تضعها الشركة لتحقيق الربح، مع تحديد المنتجات أو الخدمات التي تُخطط لبيعها، والسوق المستهدفة والنفقات المتوقعة، بما يساعد على جذب الاستثمار، وتوظيف المواهب، وتحفيز الإدارة والموظفين، والحقيقية أن نماذج الأعمال أسهمت بمعناها التخطيطي الشامل في تأطير الأفكار اللامعة، التي تسعى لحل مشكلة ما، أو لتحسين الأداء، أو لتقليل المخاطر والتكاليف، مثلما ساهمت في تطوير العلاقات مع الموردين، والوصول إلى التقنيات والرؤية الثاقبة لاحتياجات المستخدمين، وكذلك تمكين الشركات من هيكلة أفكارها وأعمالها حول الأهداف الاستراتيجية، مع تسهيل نقل الأفكار والتوقعات بين الإدارة والموظفين لخلق فهم مشترك وتنظيم معالجة قضايا العمل الرئيسة، ومن ثم العمل على تحقيق أهداف المشروع.
وحسب العديد من الدراسات التي طرقت هذه الموضوع، فقد اعتُبر نموذج الأعمال مثل مفتاح بوابة تستطيع من خلاله فهم المشروع، فهو هنا أكثر من مجرد تخطيط، إذ يقدم فهمًا متماسكًا للاستراتيجية، والهيكل الأكثر جدوى، مع تطويع الاستفادة من الحلول التكنولوجية لخلق القيمة، من خلال الأخذ بأحد أشكاله ونماذجه المطبقة حول العالم، ومنها نموذج: المصنع، المجمع، إزالة الوسيط، المبيعات المباشرة، الامتياز التجاري، الذيل الطويل، حساسية التكلفة "أو الطُعم والخطاف"، وغيرها من نماذج الأعمال التي تعد الخطوة الأولى بين مراحل تحديد خطة العمل في ريادة الأعمال، والتي سيتحدد عليها تخطيط كيفية تحويل الفكرة إلى مشروع مربح.
ما هو مفهوم نموذج الأعمال؟
نستطيع اختصار تعريف نموذج الأعمال بأنه الاستراتيجية الأساسية للشركة لكيفية القيام بأعمال تجارية مربحة، إذ يشير المصطلح إلى خطة الشركة لتحقيق الربح، حيث يحدد النموذج المنتجات أو الخدمات التي تُخطط الشركة لبيعها، والسوق المستهدفة، وأي نفقات متوقعة، فيما يصف الطريقة التي ستأخذ بها الشركة منتجها لتقدمه إلى السوق، وكيف ستعمل على زيادة المبيعات، فيما يحدد المنتجات التي من المنطقي أن تبيعها الشركة، وكيف تريد الترويج لها، ونوع الأشخاص الذين يجب أن تحاول تلبية احتياجاتهم، وما هي مصادر الإيرادات المتوقعة.
كل ما سبق يعني أن نموذج الأعمال مهم لكل من الشركات الجديدة والقائمة على حد سواء، فهي تساعد الشركات الجديدة والنامية على جذب الاستثمار، وتوظيف المواهب، وتحفيز الإدارة والموظفين، بينما لا تقل أهميته بالنسبة للشركات القائمة، والتي يجب أن تعمل على تحديث نموذج أعمالها بانتظام، وإلا فإنها ستفشل في توقع الاتجاهات والتحديات المقبلة، وذلك يعني أن نموذج الأعمال يساعد أيضًا المستثمرين على تقييم الشركات التي قد تهمهم، كما يساعد الموظفين على فهم مستقبل الشركة التي قد يتطلعون إلى الانضمام إليها.
ولعل أبسط تعريف هنا لنموذج الأعمال هو تعريف "ماركيديس" 2010 الذي جاء فيه: "نموذج الأعمال هو مجموع الإجابات التي تعطيها الشركة للأسئلة الثلاثة ذات الصلة، من يجب أن يكون جمهوري المستهدف؟ ما هي المنتجات أو الخدمات التي يتعين عليّ تقديمها لعملائنا؟ وما الذي يجب أن يميز عرضي؟ كيف يمكنني القيام بذلك بكفاءة؟".
ما هي مكونات نموذج الأعمال؟
يتألف أي نموذج أعمال من 9 مكونات أساسية تحدد الإجراءات اللازمة لبدء المشروع وتطوره، مع متابعة آلية العمل والتقييم، ونظرًا لأهمية هذه المكونات أطلق عليها بعض خبراء الاقتصاد "أحجار البناء التسعة لنموذج الأعمال"، وهي تنقسم من حيث الشكل إلى قسمين، أولهما يتعلق بالإجراءات المرتبطة بالتواصل مع العميل خارج الشركة، بينما يركز القسم الآخر على الأعمال الداخلية للشركة لتقديم المنتج أو الخدمة، وبينهما منطقة يتقاطع فيها الجانبان الداخلي والخارجي لأعمال الشركة في مكون عرض القيمة، التي تمثل التبادل الحاصل بين أعمال الشركة وعملائها، وكلها ترتبط بالتأكيد بالمضمون نفسه المتعلق بتحقيق الربح ونجاح المشروع ككل، وفيما يلي سنقدم نبذة مختصرة حول كل مكون من هذه المكونات التسعة الأساسية لنموذج الأعمال.
1- شرائح العملاء Customer Segments
على الرغم من أن كل نموذج عمل يختلف عن الآخر، فإنّ أحد الأهداف المشتركة لجميع أصحاب الأعمال هو أهمية العثور على العملاء والاحتفاظ بهم، بينما يمكن أن يشكّل التسويق نفقات كبيرة على ميزانية الشركة، ما يجعل من الضروري تعظيم تأثير جهود التسويق لضمان النجاح على المدى الطويل، وهنا يلعب فهم عملائك دورًا حاسمًا، ومن خلال استخدام نموذج الأعمال ومكونه الأساسي المتمثل في شرائح العملاء، تستطيع تقسيم العملاء إلى مجموعات متمايزة، لتتمكن من تحديد حجم السوق، وعدد العملاء المحتملين والمستهدف، مع الإجابة على أسئلة مثل من تريد أن تخدم بمشروعك؟ هل يمكن الوصول إلى جمهورك هذا؟ هل لديهم الدوافع لشراء سلعتك؟ هل هم أفراد أم منظمات؟ وهل ينتمون لفئة محددة؟
بمعرفتك لشرائح العملاء ستتعرف إلى الأفراد أو المنظمات التي ستجلب لك المال، ومن خلال استخدام استراتيجية تجزئة العملاء، يمكن للشركات تحديد مجموعات متميزة داخل قاعدة عملائها بناءً على الخصائص والتفضيلات والسلوكيات المشتركة، ما يتيح تصميم رسائل تسويقية وتقديم خدمات ومنتجات تتناسب مع الاحتياجات المحددة لكل شريحة، ما يعزز مشاركة العملاء ورضاهم.
و لتحديد شرائح العملاء، تحتاج الشركة إلى تقسيم عملائها من خلال وجهات نظر مختلفة، كالتقسيم الديموغرافي، والتقسيم السلوكي حسب النمط الشرائي، والتقسيم الجغرافي، والتقسيم حسب أنماط الحياة، وعلى أساس الدخل والاحتياجات، وغيرها الكثير من طرق وأساليب التقسيم حسب اهتمامات وأنشطة كل مشروع ورؤيته الخاصة، التي يجب أن تراعي معايير مثل مدى حاجة العملاء للخدمة أو المنتج، ميزانياتهم، وإمكانية الوصول إليهم، وحجم السوق والقيمة التي تقدمها الشركة، ولعل أبرز الأمثلة هنا ما تقوم به شركات الاتصالات من تقسيم لعملائها بناءً على أنماط استخداماتهم واحتياجاتهم، حيث يتم تصنيفهم في مجموعات مختلفة، مثل مستخدمي البيانات الكثيفة، وعملاء الأعمال، والمسافرين الدوليين، لتقديم خطط بيانات متخصصة لكل نوع منهم.
2- عرض القيمة Value Proposition
- لماذا يشتري عملاؤك منك؟
- ما الذي يحفز الزبائن على اختيارك واختيار منتجاتك؟
- ما الذي يجعل شركتك ومنتجاتك أفضل؟
أسئلة يطرحها الخبراء ويجيبون عليها بجملة مختصرة: "عرض القيمة"، فإذا تمكنت من تحسين عرض القيمة الخاص بك، ستتمكن من زيادة معدل التحويل، وتحسين استراتيجيات التسويق عبر العديد من القنوات، ولعل غالبية التعريفات تتفق على أن عرض القيمة هو ذلك البيان الموجز، الذي ينقل المزايا والقيمة الفريدة التي يقدمها المنتج أو الخدمة إلى العملاء المستهدفين، إذ يسلط الضوء على المشكلة المحددة التي يحلها، والمزايا التي يوفرها، ولماذا يتفوق على منافسيه، ما يساعد على تمييز الأعمال وجذب العملاء، بشرط أن يستوفي عدة معايير كأن يكون محددًا للفوائد التي سيحصل عليها العميل المستهدف، بينما يسلط الضوء على ميزتك التنافسية.
ويجب أن يركز عرض القيمة على أعظم ما سيحصل عليه العملاء المحتملون، وليس المقصود هنا المنتج، فنادرًا ما تكون القيمة المقترحة هي المنتج نفسه أو ميزاته، ولكنها الطريقة التي تعمل بها العلامة التجارية أو المنتج على إصلاح حاجة ما، وتحسين حياة الجمهور المستهدف بعد فهمهم واستطلاع آرائهم قبل توجيه الكلمات الدقيقة المناسبة لهم، ويمكنك هنا دراسة أمثلة عرض القيمة لمنافسيك، ما الذي يفعلونه بشكل صحيح؟ وما الذي يمكن تحسينه؟ مع ملاحظة كيف يتحدثون مع عملائهم، ويكمل ذلك ضرورة التأكيد على الوضوح والتركيز على الفوائد دون مبالغات، وهناك أربعة أنواع من هذه العروض:
- عرض القيمة لشركتك: فهناك فرق بين عرض القيمة لشركتك وعرض القيمة لمنتجاتك.
- عرض قيمة صفحتك الرئيسة: يتمثل في العنوان الكبير والجريء على صفحتك الرئيسة، الذي يعتمد بالأساس على نوع النشاط الذي تديره.
- عرض القيمة الخاصة بفئتك: تتمثل في دعم وتعزيز فئة منتجك، مع بيان العملية والحصرية.
- عرض قيمة المنتج: إذ يحتاج كل منتج ضمن كل فئة إلى عرض قيمة محددة.
3- علاقات العملاء Customer Relationships
تأتي علاقات العملاء في الخانة الرابعة من نموذج الأعمال، لتوفر فرصة اتخاذ خيارات تعمل على تحسين القدرات لاكتساب العملاء والاحتفاظ بهم وتنميتهم، ويتم ذلك من خلال الدمج الدقيق بين ما يريده العمل ويقدمه مع ما يريده العميل ويتوقعه، حيث يشكل ذلك المكون الأساسي في النموذج مساحة تفكير وتخطيط لخطوات تنفيذية لكيفية اكتساب الشركة للعملاء، والاحتفاظ بهم، وتنمية المبيعات، إذ يتم هنا الإجابة على ثلاثة أسئلة مهمة:
- ما الطرق التي تستخدمها الشركة لاكتساب العملاء؟
- ما الأساليب التي ستساعد على الاحتفاظ بالعملاء؟
- ما الأنشطة والقدرات التي ستُمكّن الشركة من التوسع؟
ويؤثر التفكير من خلال هذا الشكل بعمق على تجربة العملاء، إذ يحدد العلاقات المستهدفة، ويتضمن ذلك كيفية تكامل علاقات العملاء مع أجزاء مختلفة من نموذج الأعمال، وتساعد الاستراتيجية الجيدة لعلاقات العملاء على بناء الثقة وسمعة العلامة التجارية، حيث يوازن بين حقيقة أن تكلفة الحصول على عملاء جدد أكبر بكثير من تكلفة الاحتفاظ بالعملاء، بينما يغذي التوقعات الواقعية للنمو، بشرط تطوير واختبار الفرضيات حول ذلك وتعديلها حسب الحاجة، وهناك أنواع متعددة من علاقات العملاء، منها:
- الخدمة الذاتية: وهي علاقة قائمة على المعاملات الأساسية العابرة.
- الخدمات الآلية: توفر بعض التخصيص الآلي بناءً على سجل العميل.
- المجتمعات: تقوم الشركة بإنشائها ليتشارك العملاء تجاربهم، مع مراقبة ذلك.
- المساعدة الشخصية: يمكن للعملاء الوصول إلى شخص حقيقي للمساعدة والدعم.
- المساعدة الشخصية المخصصة: يتم تعيين ممثل لعملاء تنطبق عليهم شروط معينة.
- البناء المشترك: يكون للعملاء رأي فعلي في مختلف الجوانب المتعلقة بالمنتج أو الخدمة.
والحقيقة أن الشركات المختلفة غالبًا ما تقوم بدمج أنواع متعددة من أشكال علاقات العملاء في نظام متكامل وفريد خاص بها، لتكوين رحلة مميزة للعميل في أثناء تفاعله مع الشركة، ولتحديد النقاط المشتركة والطرق المتاحة للتواصل الناجح.
4- القنوات Channels
قد يكون لديك منتج أو خدمة عظيمة، لكن دون قنوات البيع اللازمة لتوعية العملاء وتقديم القيمة، فإن مشروعك محكوم عليه بالفشل، تلك هي الخلاصة التي يبرزها الخبراء، إذ يعد الوصول إلى العملاء المحتملين بمثابة العمود الفقري لنجاح أي شركة، ولذلك تحتل مكانة واضحة في نموذج الأعمال، ويجب هنا الفرز لتحديد أفضل القنوات لتقديم عروض القيمة، بعد سلسلة من التباديل وتقييم التغييرات بعناية، لما لهذه القنوات من أهمية كنقاط اتصال أساسية تتفاعل من خلالها الشركة مع السوق وشرائح العملاء، ومن ثم تتحكم في كيفية تسليم المنتج وتسهيل المبيعات، وتشكيل تجربة العملاء الشاملة.
والحقيقة أن نطاق القنوات قد توسع بشكل كبير، حيث أصبح لدى الشركات وفرة من الخيارات للتعامل مع العملاء، فيما فتح المشهد المتطور آفاقًا جديدة للابتكار، الذي دعّم التواصل مع العملاء، وتقديم عروض القيمة، وتسهيل التقييم، ودعّم ما بعد الشراء، ومعالجة الاستفسارات وتحقيق تجربة سلسة للعملاء، مع ضمان رحلة ناجحة للمنتج حتى وصوله للعميل. ومن المهم هنا ملاحظة أن هناك حالات يصبح فيها التكرار مفيدًا، مثل مرحلة بناء الوعي من خلال الإعلان والتسويق، ومرحلة تقييم العميل للمنتج، ومرحلة الشراء وتسليم المنتج، وصولاً إلى مرحلة ما بعد البيع التي قد تساعد في الاحتفاظ بالعملاء، وتنمية المشاعر الإيجابية للشركة والمنتج، وهناك ثلاثة أنواع للقنوات، هي:
- قنوات التوزيع المباشر: حيث تتواصل الشركات مباشرة مع العملاء، ولعل شركة "أمازون" تقدم مثالاً واضحًا هنا، إذ تُصنّع "جهاز كيندل" وتبيعه مباشرة من خلال منصتها.
- قنوات التوزيع غير المباشرة: كتجار التجزئة والوسطاء والموزعون، وهناك أمثلة شهيرة لشركات تعتمد هذا النوع مثل "بروكتر أند جامبل".
- قنوات التوزيع الهجينة: حيث يستخدم هذا النوع أساليب مباشرة وغير مباشرة، إذ لدى المصنعين علاقات مع الموزعين، ولكنهم يبيعون بأنفسهم أيضًا مثل شركة "أبل".
5- الأنشطة الرئيسة Key Activities
واحدة من اللبنات الأساسية التسعة المكونة لنموذج الأعمال، وهي تعرض تفاصيل أي أنشطة تشارك فيها الشركة لتحقيق الربح، وتشمل أي إجراءات تجارية يتم تنفيذها بشكل مباشر أو غير مباشر لنفس الهدف، كما تشمل عادةً التسويق، والعمليات، والإنتاج، والإدارة، وحل المشكلات، وإدارة العملاء، وتعد القيمة هنا أحد العوامل التي تعكس فعالية الأنشطة، لذلك قد تختار الشركة تغيير أنشطتها لزيادة القيمة التي تقدمها.
كما يمكن للأنشطة الرئيسة أن تؤدي لنتائج توفر فرصًا لأنواع جديدة من الأنشطة، فإذا كانت الأنشطة الرئيسة لشركة ما تتضمن مثلاً إدارة برامج الاجتماعات عن بُعد، فيمكن للشركات الأخرى استخدام برامج الاجتماعات كأحد أنشطتها الرئيسة، وقد تصبح الاجتماعات عن بُعد اتجاهًا في العمليات التجارية، وقد تؤدي المشكلات التي فجرها هذا الاتجاه إلى البحث عن حلول كطبقة أخرى من النشاط، وقد تتطور الأنشطة الرئيسة مع تغير الإحساس بالقيمة لدى المستهلكين ورجال الأعمال، وعندما تحدد المنظمة أنشطتها يجب أن تركز على الإجراءات التي تعزز نموذج أعمالها بتحقيق ما يلي:
- مساعدة المنظمة على تقديم عرض القيمة الخاص بها.
- تمكين المنظمة من الوصول إلى شرائح العملاء القائمة.
- الحفاظ على علاقات العملاء.
- إنشاء واستدامة تدفقات الإيرادات على المدى الطويل.
وبشكل عام هناك ثلاث فئات مبنية على استراتيجيات تشغيلية مختلفة لأنشطتها الرئيسة، منها شركات تنتج لتحقيق الإيرادات، وأخرى موجهة نحو الخدمات، وثالثة موجهة نحو البنية التحتية، بينما تساعد أبحاث الشركات على اكتشاف العروض التي قد تكون الأسواق جاهزة لها، وقد تتطلب العديد من نماذج الأعمال البحث كنشاط رئيس لجذب الاهتمام من خلال تطوير شيء جديد أو مطلوب، ومن ثم تطوير الحلول، بالإجابة على الآتي:
- ما هي الأنشطة الرئيسة المرتبطة بعرض القيمة؟
- ما الذي يجب على الشركة فعله يوميًا؟
6- الموارد الرئيسة Key Resources
تشير الموارد الرئيسة إلى الموارد المطلوبة لتنفيذ الأنشطة الرئيسة المُدرجة ضمن نموذج الأعمال الخاص بالشركة، وبمعنى آخر فإنها تمثل المدخلات والأصول الرئيسة التي تستخدمها الشركة لتعمل بفعالية، على سبيل المثال، المعدات، البنايات، الموظفين، الملكية الفكرية، برامج الكمبيوتر، الخبراء، الاتصالات، وغيرها من الموارد الملموسة وغير الملموسة المتداخلة معًا، ويمكن تقسيم هذه الموارد إلى ثلاثة أقسام:
- الموارد البشرية الرئيسة، وتضم الأشخاص الذين تحتاج إليهم الشركة للقيام بهذا العمل.
- الموارد المالية الرئيسة، إذ تحتاج الشركات إلى الأموال النقدية للعمليات أو المشاريع.
- الموارد الرئيسة غير الملموسة، مثل براءات الاختراع التي تسمح للشركة باحتكار منتج ما.
ولكن كيف تستطيع تحديد الموارد الرئيسة الخاصة بك؟ سؤال يساعدك خبراء الاقتصاد في الإجابة عنه من خلال الإجابة على أربعة أسئلة، وهي:
- ما هي الموارد الرئيسة التي تتطلبها عروض القيمة الخاصة بك؟
- ما هي الموارد الرئيسة التي تتطلبها قنوات التسويق والتوزيع لديك؟
- ما هي الموارد الرئيسة المطلوبة لتحقيق علاقات مع العملاء؟
- كيف تدعم الموارد الرئيسة مصادر إيرادات الشركة؟
كما أن هناك عدة طرق لتحديد الموارد الرئيسة لمشروعك، أبسطها أن تلقي نظرة على ما تفعله الشركات المماثلة الأخرى، مع النظر إلى مواردها الرئيسة، ثم تصميم نموذج الأعمال الخاص بك ليعكس كيفية عمل الشركات الأخرى في الصناعة، كما يمكنك العمل بشكل عكسي بعد تحديد ما يجب القيام به من أجل تقديم عرض القيمة، ثم العمل على ما تحتاج إليه من أجل تنفيذ الأنشطة الرئيسة، إذ يمكنك التفكير في الأمر كبناء جسر، فهنا أنت تعلم أن عليك تصميم الجسر وبنائه، فما الذي ستحتاج إليه للتصميم؟ المهندسين والمعماريين، وما الذي ستحتاج إليه لبنائه؟ مواد البناء وأذونات التخطيط ومعدات البناء والمزيد من المهندسين، وهكذا، فيما يعتمد الأمر على شهيتك للمخاطرة والعوائد المتوقعة والميزانية المتاحة.
7- الشركاء الرئيسون Key Partners
يتضمن الجزء الخاص بالشركاء الرئيسين في نموذج الأعمال قائمة بجميع الجهات الخارجية التي تحتاج إليها الشركة لإتمام أعمالها، وتحقيق عرض القيمة للعميل، كما يتضمن الشركات التي تمثل العلاقات الأساسية التي تربط الشركة بالكيانات الأخرى، مثل الموردين أو الشركات المصنعة أو المستشارين، وتوفر هذه الشراكات دعمًا حيويًّا يساعد نموذج الأعمال على العمل بفعالية، إذ يلعب الشركاء الرئيسون دورًا حاسمًا في نجاح الأعمال، فعلى سبيل المثال فإن الشركاء الرئيسين كالشركات اللوجستية ومنصات التواصل الاجتماعي وبوابات الدفع تتعاون معًا في تسليم المنتجات وإتمام المعاملات بكفاءة، فيما تعمل على تعزيز ظهور العلامة وجذب العملاء من خلال الإعلانات والعروض الترويجية، والحقيقة أنه يمكن تصنيف الشراكات الرئيسة بأربع طرق، هي:
- شراكات التحالفات الاستراتيجية: وفيها توافق الشركتان على تنفيذ مشروع يحقق منفعة متبادلة مع الحفاظ على استقلاليتهما.
- شراكات التعاون: تتضمن شركات متنافسة لتحقيق المنافع المتبادلة.
- علاقات المشاريع المشتركة: توافق شركتين مستقلتين على العمل معًا في مشروع محدد ومشاركة موارد معينة.
- العلاقات بين المشتري والمورد: تتضمن اتفاقيات تجارية لشراء وتوريد السلع أو الخدمات.
وتوفر الشراكات الفرصة لبناء العلاقات وخفض التكاليف وتقلل من المخاطر، وفي كثير من الأحيان، تشكل لبنة بناء قوية لنموذج الأعمال من خلال إتاحة الموارد الرئيسة بتكلفة يمكن التحكم فيها، والأهم من ذلك أنها تؤدي إلى إنشاء شركاء رئيسين لكلا الكيانين، ومن ثم يجب إدارتها وتنميتها ومراجعتها بانتظام، بينما لا يمكن تحديد قواعد لاختيار شركائك الرئيسين بسهولة، إذ سيعتمد ذلك على الكثير من التفاصيل في نموذج الأعمال الخاص بكل طرف، ورغم ذلك هناك عوامل يجب وضعها في الاعتبار عند اختيار شراكاتك، منها:
- إنشاء الشراكات الرئيسة التي يتطلبها عرض القيمة الخاص بك.
- مراعاة إنشاء الشراكة المعقولة جغرافيًا.
- يجب أن تؤدي الشراكة إلى تحقيق القوة لكلا الشركتين ضد المنافسين.
- مع الإجابة على سؤال: هل الشريك المحتمل مناسب لنموذج عملك العام؟
8- هيكل التكلفة Cost Structure
يُعرف هيكل التكلفة اختصارًا بكونه إجمالي التكاليف النقدية التي يحتاج إليها عمل الشركة، إذ تشير إلى جميع الطرق التي تتبعها الشركة لدفع فواتيرها، سواء الثابتة أو المتغيرة، فهناك الإيجارات، الأجور، الرواتب، التأمينات، الإصلاحات، المرافق، مستلزمات الإنتاج، تكاليف التصنيع، عمولات المبيعات، النقل والشحن والتوزيع، التخزين، التسويق والإعلان، البحث والتطوير، دعم العملاء، والطوارئ، وغيرها من البنود المهمة، بما يعني أن استعداد الشركة للتكاليف الثابتة والمتغيرة والنفقات العامة وأي اهتمامات أخرى، يجب أن تنعكس بشكل كامل في هيكل تكاليفها، ويمكن للشركات استخدام ذلك ضمن نموذج الأعمال الشامل لتحديد أين يمكن تخفيض النفقات، بالإضافة إلى تحقيق أقصى استفادة من كل تكلفة يتكبدها العمل.
وبالتأكيد فإن لكل نوع من التكاليف الثابتة والمتغيرة مزايا وعيوبًا، كما أن هناك الكثير من الشركات التي تعتمد مزايا النموذجين معًا بتطبيق نموذج التكاليف الهجينة، لتحسين القدرة على التنبؤ، والتحكم بشكل أفضل في التكاليف، مع زيادة الاستقرار، وتحسين إدارة التدفق النقدي، وزيادة المرونة، لكنّ الأمر لا يخلو أيضًا من بعض العقبات التي يتربع على قمتها التعقيد وزيادة التكاليف العامة، ولذلك يجب قبل الاختيار من بين هذه النماذج تحديد حجم الأعمال والتطور ونوع الصناعة والمنافسة والمنتج المقدم وحجم الطلب وسلوك العملاء.
9- مصادر الدخل Revenue Streams
دون مسار واضح لجلب الأموال والموارد إلى المؤسسة، فإن جميع الشركات محكوم عليها بالفشل، ولذلك يجب أن يوضح نموذج الأعمال مصادر الإيرادات، فقد تكون لدى المشروع أفكار ودوافع عظيمة ورغم ذلك تفشل، لأنها اعتمدت نموذج لا يأخذ بشكل صحيح كيفية توليد الإيرادات، إذ يعتمد نجاح أي مؤسسة على إنشاء مصادر إيرادات قابلة للاستمرار واستراتيجيات للحصول على الموارد وتجنب المخاطر المحتملة.
وهناك مصادر عدة للدخل، سواء عن طريق بيع السلع أو تقديم الخدمات أو مزيج من الاثنين معًا، كما يمكن أن تختلف مصادر الإيرادات هذه في طبيعتها، فمن الممكن أن تكون متكررة، أو قائمة على المعاملات، أو قائمة على المشروع، أو مزيج من الأنواع المختلفة، اعتمادًا على الطبيعة المحددة للعمليات التجارية وآليات الشركة لتسعير منتجاتها أو خدماتها، كما يمكن أن يتضمن نموذج الأعمال أيضًا إيرادات المعاملات الناتجة عن مدفوعات العميل لمرة واحدة كالبيع، أو المدفوعات المتكررة كالاشتراك.
والحقيقة أن هناك أهمية كبيرة لتدفق الإيرادات، كتحقيق الاستقرار المالي والنمو والاستمرار والقدرة على التكيف والتنافس وتحسين الإيرادات والاستثمار والنمو والابتكار. وعمومًا فإن استخدام مصادر إيرادات متعددة بجانب دخلك الرئيس يحمي رهاناتك في حالة فشل جزء من العملية أو تغير بيئة العمل، وهنا يجب أن تستكشف كل شركة إجابة أسئلة مثل:
- ما هي مصادر الإيرادات المتاحة للشركة؟
- ما هي القيمة التي يرغب العملاء حقًّا في دفعها؟
- ما هي البدائل الرئيسة لمنتجات الشركة؟
كيف تختار نموذج الأعمال الصحيح؟
هناك عديد من الخطوات لبناء واختيار نموذج الأعمال الصحيح، ورغم أن خبراء الأعمال لم يحددوا ترتيبًا جامدًا لهذه العملية، إلا أنهم يتفقون بشكل عام أن هذا النموذج يجب أن يحدد عملاءك والمشكلة التي تحاول حلها، وكيفية شراء منتجك، والطرق التي ستجني بها الأموال، مع ضرورة مراجعة نموذج عملك بشكل دوري، لتقييم خطتك وتعديل الجمهور المستهدف أو خطة الإنتاج أو الأسعار حسب الحاجة، على اعتبار أن الشركة ليست مجرد كيان يبيع البضائع، بل نظام بيئي يجب أن يكون لديه خطة لإنشاء قيمة طويلة المدى بشكل منهجي.
ويتطلب تحديد نموذج العمل الصحيح نفس العناية التي يتطلبها تصميم المنتج المناسب، ولكن النهج والمهارات المطلوبة مختلفة. ولهذا السبب يعتقد بعض المستثمرين أن اثنين من المؤسسين المشاركين غالبًا ما يكونان أفضل من واحد، حيث يركز أحدهما على الحل الفني، والآخر يركز على تحديد وبناء نموذج العمل، ويجب القيام بهاتين الوظيفتين بالتوازي، لتبدأ خطوات إنشاء نموذج العمل الصحيح، والتي نجملها فيما يلي:
- قياس قيمة الحل الخاص بك في الشريحة المستهدفة.
- التأكد من أن المنتج أو الخدمة المقدمة تحل المشكلة.
- اختبار قناة الشركة واستراتيجية الدعم الخاصة بها.
- التحدث إلى خبراء الصناعة والمستثمرين لمعرفة آرائهم.
- تخطيط وتنفيذ إصدار تجريبي لاختبار التكاليف والجودة والأسعار.
- جمع شهادات وآراء العملاء.
- المشاركة في المعارض التجارية والصناعية.
وبشكل عام يجب أن يحتوي نموذج الأعمال الصحيح على المكونات التسعة التي سبق شرحها، دون تجاهل أي منها أو التقليل من أهميته، مع ضرورة تحديد العملاء، وعرض القيمة، والسوق، وقابلية التوسع، والتكاليف، وعلاقات العملاء، والشركاء، مع ملاحظة أن نموذج الأعمال يتغير بمرور الوقت، ولكنه يجب أن يحتوي المجموعة الصحيحة من العناصر الأساسية التي ستساعد على زيادة فرص نجاح المشروع، وحسب "جوان ماجريتا"، المحررة السابقة لمجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" فإنه "عندما لا تنجح نماذج الأعمال فذلك لأن القصة ليست منطقية و/أو أن الأرقام لا تضيف إلى الأرباح"، وهنا تسوق نموذج صناعة الطيران الأمريكية التقليدية، التي تكبدت خسائر فادحة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
مثال لنموذج الأعمال الناجح
هناك أمثلة على نموذج الأعمال الناجح لشركات كبرى استطاعت أن تقود قطار التطوير في هذا المجال، لدرجة جعلتنا ندرس ونستخدم نماذجها واستراتيجياتها للتطبيق في مشاريع أخرى، ومنها أسماء غنية عن التعريف مثل "أبل"، "فيسبوك"، "غوغل"، و"أمازون"، وأسماء أخرى كثيرة، ولكننا اخترنا هنا الحديث بإيجاز حول نموذج "أمازون" المربح، الذي قدم حلولاً متنوعة للعملاء بأفكار مبتكرة، جعلته يتصدر مجاله كرائد لتطوير هذا القطاع.
توصف "أمازون" غالبًا بأنها أكبر بائع تجزئة عبر الإنترنت في العالم، وهي تدير نموذجًا يحتوي على العديد من الأجزاء الديناميكية، إذ تبيع البضائع للمشترين مباشرة من خلال واجهة متجرها عبر الإنترنت مع هامش ربح صغير، فيما يتم الاحتفاظ بالمخزون في شبكة مستودعات الشركة، حيث يقوم معظم المستهلكين بزيارة هذه الواجهة على افتراض أن منتجاتها أقل تكلفة ومتاحة بسهولة للشراء والشحن، كما أنها تعرض منتجات الغير، من خلال الشراكات مع تجار التجزئة، وبشكل خاص المنتجات النادرة أو مرتفعة الأسعار، ما يسمح لشركة "أمازون" بتجنب الاحتفاظ بمخزون بطيء الحركة، وهي لا تقوم بتحصيل رسوم من تجار التجزئة لإدراج عناصرهم المعروضة للبيع في واجهتها، ولكنها تحتفظ بجزء من سعر البيع كعمولة.
كما تحتفظ "أمازون" أيضًا بنموذج أعمال قائم على الاشتراك، من خلال خدمة "أمازون برايم"، بالإضافة إلى خط إنتاج صغير للإلكترونيات، وفي "برايم" يدفع العملاء رسومًا شهرية أو سنوية لتأمين شحن مجاني سريع للمنتجات المؤهلة، مع الاستفادة بإمكانية الوصول إلى بعض الخدمات الرقمية التي يقدمها شركاؤها، كما تحقق إيرادات من بيع قارئها الإلكتروني، والكتب الإلكترونية وتطبيقات الهاتف المحمول، وكلها تروس تؤدي في النهاية لانطلاق الشركة العملاقة نحو آفاق أكثر ربحًا وإبداعًا، باستخدام نموذج الأعمال الناجح الذي صنعته لنفسها.