مقاربات تساعدك كقائد على تحفيز فريق عملك خلال الأزمة الحالية
يمكن القول إن الأغلبية تأقلمت إلى حد ما مع المتغيرات التي فرضها فيروس "كورونا" تأقلماً ليس بالضرورة مريحاً أو ممتعاً، ولكنه ضروري للتعامل مع هذه الفترة. ولكن المشكلة الأساسية التي تتعلق بـ"كورونا"، تتمحور حول عدم القدرة على تحديد تاريخ ينتهي فيه كل هذا؛ فعدم اليقين وعدم الوضوح، هما العنوان العريض للمرحلة القادمة. البعض يقول إن الحياة لا يمكنها أن تعود إلى طبيعتها، وكل تصرفاتنا وعاداتنا وطقوسنا سواء الاجتماعية أو المهنية ستتبدل.
الوضع هذا يمكنه أن يخلق الكثير من مشاعر الإحباط، وعندما نضيف إلى المعادلة بأن الأخبار اليومية أشبه بعداد يثير الاكتئاب، فإن المحافظة على الحماسة تجاه أي شيء صعب للغاية.
ردة الفعل على النمط الجديد للحياة تختلف من شخص إلى آخر، البعض قد يتمرد والبعض الآخر قد يعاني الاكتئاب والإحباط. كونك مديراً ستجد نفسك تخوض هذه المعركة النفسية على جبهات عدة، فهناك صراعك الخاص، وصراع من حولك من أفراد العائلة، وهناك فريق عمل كل يحمل مخاوفه الخاصة وإحباطه الخاص. المشاعر السلبية تقتل الحماسة وتقضي كلياً على الشعور بالتحفيز، للقيام بأي عمل كان، وعليك التعامل مع هذه المشكلة، ليس لأنها تتعلق مباشرة بالعمل فحسب، بل لأنها تتعلق بالصحة النفسية لشخص آخر.
فكيف يمكنك مساعدة فريق عملك على الشعور بالحماسة مجدداً، رغم عدم الوضوح وعدم معرفة ما الذي سيحمله المستقبل؟
القيادة عبر الذكاء العاطفي
الذين يعملون تحت إمرتك، حالهم حال جميع الموظفين في العالم، ما زالوا يحاولون إيجاد التوازن بين سيل جارف من المشاعر المتناقضة. فهناك تداعيات البقاء في المنزل، وحالياً التخوف من العودة إلى مكان العمل حين تبدأ المؤسسات بفتح أبوابها تدريجياً، القلق على سلامة الآخرين من أفراد عائلتهم، والخوف على مصير وظيفتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وكل هذه الأمور تؤدي إلى فقدان التحفيز.
بداية يجب عدم النظر إلى الموظفين على أنهم حالة واحدة، فكل شخص يأتي مع مجموعة مختلفة من مشاعر التوتر والقلق والإحباط، فهناك مثلاً من يعاني في مجال إيجاد التوازن المثالي بين متطلبات العمل، ومتطلبات التدريس عن بعد لأولاده، ومتطلبات الحياة العائلية بشكل عام في ظل "كورونا"، وهناك من يحزن بصمت حداداً على شخص خسره بسبب الفيروس وغيرها من الأمور. كل شخص يحمل عبئاً مختلفاً وعليه فإن التعامل معها كحالة واحدة لن يجدي نفعاً، وفي الوقت عينه التعامل مع كل حالة بشكل منفصل، يعني أنك ستدخل نفسك في متاهة لا مجال للخروج منها.
كل ما عليك، أن تكون مديراً يشعر بالتعاطف مع الموظفين، أي أسلوب القيادة الخاص بك يجب أن يظهر التعاطف معهم ومع المعاناة التي يختبرونها. لذلك خصّص قنوات للاتصال لا علاقة لها بشؤون العمل وهنا يمكنك اعتماد مقاربتين كل منهما تعتمد على عدد الذين تشعر بأنهم فقدوا الحماسة تجاه العمل. في حال كان العدد قليلاً، اجتمع بشكل خاص منفرد مع كل منهم. وفي حال كان العدد كبيراً قم بلقاء جماعي عبر الفيديو.
خلال هذه اللقاءات شجعهم على الحديث عن أحوالهم بصدق، وفي حال لمست بعض التردد، تحدّث عن مشاعرك وعن الأمور التي تختبرها خلال هذه الفترة، ثم استمع إليهم.
التخلص من هذه المشاعر السلبية والتعبير عنها والشعور بأن هناك من يستمع إليهم سيمكنهم من التركيز مجدداً على العمل. فحين يشعر الشخص بأنه ليس وحيداً في معاناته، فلن يغرق أكثر في سوداويته بل سيجد آلية تساعده على الشعور بالتحفيز والعودة بقوة مجدداً.
تقليص أسبوع العمل
العمل من المنزل يمكنه بسهولة تامة أن يتحول إلى ساعات طويلة جداً أمام الشاشة. وكما هو معروف الساعات الطويلة أمام شاشة الكمبيوتر لا تعني أن الإنتاجية في ذروتها، بل على العكس الإنتاجية ستصبح في حدها الأدنى بعد فترة قصيرة وكذلك النشاط. لذلك يجب مقاربة العمل بطريقة مختلفة بإدخال تعديلات على أيام العمل. مثلاً يمكن العرض على الموظف العمل لأربعة أيام في الأسبوع، أو لساعات أقل خلال النهار. السؤال الذي لعلك تطرحه حالياً هو: كيف يمكن لذلك أن يجعل الموظف أكثر تحفيزاً وما إذا كان سيؤثر في الإنتاجية؟
لنتفق على نقطة أساسية أولاً قبل الإجابة عن السؤال، وهي أن الإنتاجية تأثرت بشكل سلبي منذ بداية العمل في المنزل، لأن ما حصل هو أن طبيعة العمل تبدلت كما أن الأمور التي تشتت الانتباه والتركيز باتت أكبر.
حين تقصّر ساعات العمل، فأنت توفر للموظف المساحة والوقت للتعامل مع الأمور الأخرى التي عليه التعامل معها، ففي نهاية المطاف هو في المنزل مع أفراد العائلة الذين كل واحد منهم يتأقلم مع متغير خاص به؛ فإن كان يملك أولاداً مثلاً فهم يتأقلمون مع التعلم عن بُعد، وفي حال كانت زوجته عاملة، فهي تتأقلم مع العمل من المنزل.
العمل من المنزل لم يجعل الحمل أقل أو أكثر سهولة بل جعله أكثر تعقيداً. العمل لفترة أقصر يعني منح الموظف كل تركيزه لعمله، وبالتالي مضاعفة الإنتاجية لأنك منحته الوقت لتنظيم الفوضى التي تحدث في المنزل.
وفي حال لم يكن هذا ممكناً، يمكن سؤال فريق العمل عن الأمور التي قد تساعدهم على الشعور بالحماسة مجدداً والعمل يجدية. فربما يطرح بعضهم خيار العمل في وقت متأخر وآخرون قد يفضلون العمل أيام عطلة نهاية الأسبوع، مقابل عطلة في أيام أخرى. الحلول عديدة عنها وكلها ستجعلهم يستعيدون نشاطهم وبالتالي حماستهم للعمل.
خفض سقف التوقعات
من الأهمية بمكان أن تدرك بأن ليس كل الموظفين عملوا عن بُعد من قبل. وعندما تضيف إلى الصورة الوضع الراهن الذي لم نختبره من قبل، فسيسهل عليك فهم سبب قلة الحماسة للعمل.
التمسك بالمعايير السابقة خلال هذه الفترة، لن يعود بالفائدة على أحد، لأن الموظف سيشعر بالمزيد من الإحباط وبالتالي المزيد من قلة الحماسة للعمل، وأنت ستشعر بالإحباط والتوتر والغضب. المرونة مهمة جداً هنا، وعليه يجب خفض سقف التوقعات والتحلي بالصبر والتركيز على الإيجابيات، رغم أن السلبيات قد تكون كثيرة. بطبيعة الحال خفض سقف التوقعات لا يكون حيالجودة العمل، بل المدة الزمنية أو عدد الذين عليهم إنجازه. المرونة هي شبكة خلاصك هذه الفترة، لأنها ستساعدك على تحقيق الأهداف بأقل قدر ممكن من المشكلات والتوتر. فالأمور التي كنت ترفضها سابقاً قد تجد نفسك ملزماً على طرحها حالياً، كتكليف شخصين للقيام بعمل يحتاج إلى شخص واحد.
الكل يعانون ويجب الخروج بحلول ذكية من أجل مصلحة الجميع. نحن لسنا في سباق قصير بل في ماراثون طويل جداً لا نعرف ما الذي ينتظرنا عند خط النهاية.
نظام مكافآت مختلف ومبتكر
المكافآت المالية خلال الفترة الراهنة وحتى في المستقبل البعيد مستبعدة، فالشركات في العالم تعاني خسائر فادحة بسبب تداعيات كورونا. ولكن ليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً، بل يمكن أن تتخذ أشكالاً مختلفة.
الاعتراف بالجهود معظم الأحيان يعدّ مكافأة مُرضية جداً للموظف. وبما أن كل شركة تملك قنواتها الخاصة على مواقع التواصل، فإن مكافأة الموظف بالاعتراف بجهوده وتقديرها علنياً، من شأنه أن يرفع من معنوياته ويجعله يشعر بالرضا عن نفسه، وبالتالي يستعيد حماسته للعمل، ولأن الإنسان تنافسي بطبعه، فإن الرغبة في الحصول على تقدير علني، ستحفز الآخرين للعمل بجدية وتحقيق الأهداف المحددة لهم.