هل تستمع للناس حقًا أم تنتظر كي تتحدث؟ هناك فرق كبير بين الاثنين
عندما نفكر في سمات وخصائص القائد الجيد، فإن الاستماع إلى الآخرين ليس إحدى المهارات التي تتبادر إلى الذهن، ولكن ربما يجب أن تكون كذلك، تحديدًا خلال فترة انتشار وباء كوفيد-19، إذ يدير القادة موظفين يعانون من التوتر والقلق، وينفذون المهام في أحلك الظروف.
في هذا الوقت، ستصبح صفات مثل التعاطف والذكاء العاطفي من أهم السمات التي يحتاج إليها القادة، وربما تفرق بين القادة الناجحين عن الفاشلين، ويمكن القول إن أحد أكثر المهارات الضرورية التي يجب أن يتحلى بها القادة هي قدرتهم على الاستماع بصدق.
دعونا نعترف بالأمر، عندما يتحدث شخص آخر، فإننا لا نستمع إليهم حقًا، ولا نهتم كثيرًا بوجهة نظرهم أو مخاوفهم، عوضًا عن ذلك فإننا غالبًا ما نفترض أننا نعرف وجهة نظرهم ونركز طاقتنا على صياغة رد أو تجهيز عبارات نستخدمها في التعامل معهم.
أهمية الاستماع
كبشر، من الصعب الاهتمام بأمور أخرى أكثر من أمورنا، أفكارنا وآرائنا ومبرراتنا ومشاعرنا ووجهات نظرنا، وما إلى ذلك. لا يجعلنا هذا أشخاصا سيئين، ولكنه يدعونا إلى تنشيط حاسة الاستماع بالنسبة والاهتمام بما يقوله الآخرون وهي مهارة تتطلب الاهتمام بها وتنميتها لأنها عادة ما تكون غير تلقائية.
غالبًا ما يُشار إلى هذه الطريقة من الاستماع بأنها أكثر عمقًا وتعاطفًا، في الواقع يمكن أن يتسبب الاستماع السلبي إلى حدوث نتائج عكسية لأنه يرسل للطرف الآخر رسالة مفادها أن ما يقوله غير مهم، أو أنه نفسه شخص غير مُهم.
تحدث عالم النفس السريري الدكتور ليون سيلتزر في مقال بعنوان "الشعور بالفهم أكثر أهمية من الشعور بالحب" في مجلة سيكولوجي توداي عن كيف تساعد القدرة على التعبير للآخرين ومحاولة فهمهم على بناء علاقات قوية. وقال: "لقد تعلمت على مدار أعوام طويلة مدى أهمية شعور الناس بأن شخصًا آخر يمكنه فهم أفكارهم ومشاعرهم، وعلى العكس كيف يمكن أن يكون الأشخاص منزعجين عندما لا يشعرون بالفهم أو الاهتمام، في هذه اللحظات يشعرون بعدم الارتياح والوحدة والانزعاج".
يدحض مقال بعنوان "ماذا يفعل المستمعون العظماء حقًا" نُشر في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو الأسطورة التي تقول إن أفضل المستمعين أشبه بالإسفنجة التي تمتص الآخرين، وتحاول استيعاب آراء الآخرين.
أساليب لتحسين قدرتك على الاستماع
مثل العديد من مهارات القيادة الأخرى، يُمكن تحسين مهارات الاستماع من خلال بذل بعض المجهود والممارسة، وفيما يلي مجموعة من الأساليب التي تساعدك على فعل ذلك..
تجنب الاستماع المتعدد المهام
شعرنا جميعًا بالإحباط عندما كنا نتحدث إلى شخص يبدو كأنه يستمع إلينا، ولكنه في الواقع يشاهد مقطع فيديو، أو يتحقق من بريده الإلكتروني، أو حتى يركز ذهنيًا على عرضه التقديمي القادم. إذا لم تكن قادرًا على التركيز بشكل كامل مع شخص ما، فكن أمينًا وصادقًا معه واطلب منه التحدث في وقت آخر تكون فيه مستعدا للإنصات إليه، ويكون فيه ذهنك صافيًا، وافعل ذلك بأدب.
تذكر أن الاستماع الفعّال إحدى المهارات الخفية التي تميز الأشخاص الناجحين، ويقودهم في أحيان كثيرة إلى القمة. في الواقع فإن مهارة الاستماع هي العامل المميز الذي يتغافل عنه كثيرون، وغالبًا ما يكون السبب الرئيس لجذبك لأحد الأشخاص، أو ميلك إلى التحدث معه دون غيره، كما أنه يساعدك على تكوين علاقات قوية، وبالتالي يقودك نحو فرص أفضل.
اجمع آراء الآخرين
من المفيد دائمًا الحصول على تقييم لكيفية تصورك للآخرين، لذا اطلب من أصدقائك الذين تثق بهم تقديم ما يُشبه التقييم أو التعليقات الصريحة عنك، تجنب طلب التقارير المباشرة، واحرص على ألا يكون تعاملك فقط مع الأشخاص الذين تثق في أنهم سيقدمون لك تقييمًا إيجابيًا، كي تجمع كافة الآراء التي تساعدك على تقييم عيوبك، والحفاظ على الصفات الإيجابية والحميدة.
والأهم من ذلك، لا تتعامل مع التعليقات أو التقييمات بشكل دفاعي، ولا تحاول تبرير تصرفات، عوضًا عن ذلك ركز على ما يقوله لك الآخرون واشكرهم عليها، وكُن مُمتنًا لصدقهم.
الاعتراف بالعواطف أثناء الاتصالات الحساسة
عندما يكون شخص ما مشحونًا بمشاعر مُعينة، التوتر أو القلق على سبيل المثال، عليك احتواء هذه المشاعر لأن تجاهلك له سيخلق لديه مشاعر عكسية وسلبية. يحتاج الناس في بعض الأحيان إلى قلب يحتويهم، ثم ذهن يستمع إليهم فيما بعد، لذلك لا تحاول تجهيز ردود قبل احتواء مشاعر هذا الشخص، والاعتراف بأن لديه عواطف جياشة إزاء أمر أو آخر.