ما هي القيادة الخادمة؟ وكيف تقود الشركات نحو القمة؟
قد يكون مُصطلح القيادة الخادمة غير مألوف بالنسبة للعديد من الأفراد أو الشركات، ولكنه نظام تتبناه بعض المنظمات والمؤسسات الأكثر نجاحًا في العالم، جوهره هو التركيز على الأفراد والهيكل التنظيمي اللامركزي. كما أنه يتبنى مجموعة من القيم الأساسية التي تشجع على الابتكار وتطوير القادة، وفيما يلي نستعرض أبرز ملامح القيادة الخادمة وكيف يمكن استخدامها كمحرك مُهم للشركات والأفراد.
مؤسس القيادة الخادمة
ظهر مُصطلح القيادة الخادمة لأول مرة في مقال لروبرت جرينليف نُشر عام 1970، تحدث المقال عن المخاوف بشأن الهياكل التنظيمية وما إذا كان اتباع أسلوب الإدارة هذا نجاحًا ويساعد الشركات على النجاح أم لا. وقتها كان جرينليف يعمل في شركة AT&T، ثم تقاعد في وقت مُبكر، ليعمل كمستشار مؤسسي يروج لعمله.
وبعد وفاته في التسعينيات، واصل المركز الخاص به الترويج لمفهوم القيادة الخادمة وكيف يمكن استخدامها لتحسين أساليب الإدارة في الشركات، ودفعها إلى النجاح، ومن أهم المبادئ التي دعا إليها جرينليف هي ضمان تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الاحتياجات القصوى، وجعلهم أولوية.
بعبارة أبسط، فإن جرينليف دعا إلى رعاية الأشخاص، على أن يخدم القادرين غير القادرين، وهو ما يميز المجتمعات الجيدة عن الخبيثة، ويساعد على بناء مؤسسات صالحة وقوية.
ما هي القيادة الخادمة؟
في جوهرها، تمثل القيادة الخادمة هيكلاً لا مركزيًا يركز على تمكين الموظفين والتشجيع على الابتكار. ما يحتم أهمية تقاسم الإدارة العُليا والموظفين عملية اتخاذ القرارات، وكذلك السماح للأشخاص الذين يعملون في الخطوط الأمامية أي هؤلاء الذين يتعاملون بشكل مباشر مع العملاء بالمشاركة في صنع القرارات ووضع السياسات.
حسب جرينليف، فإنه عندما تكون الشركات قريبة من العملاء، فإنها تتخذ قرارات أفضل تساعدها على الاحتفاظ بالعملاء لفترة إضافية وكسب المزيد من العملاء. بشكل عام فإن هذا النظام يعتبر أكثر كفاءة وفعالية ويقود المؤسسة إلى النجاح والوصول إلى القمة والتفوق على المنافسين. والأهم من ذلك، هو أن القيادة الخادمة تركز على خدمة المساهمين وأصحاب المصالح في الشركات، ويشمل ذلك الموظفين والعملاء والمجتمع بشكل عام.
السمة الرئيسية للقيادة الخادمة
هناك مجموعة من السمات الرئيسية التي تحدد القيادة الخادمة. بالنسبة للشركات، فإن الاستماع والانصات للموظفين والعملاء من أهم الأمور التي تساعدها على الحفاظ على قدرتها التنافسية، وكذلك يجب أن يبقى الموظفون متصلين بالعملاء، وعلى دراية بأهم مستجدات المجال الذي يعملون فيه، وتطورات الصناعة.
في الوقت نفسه، على الموظفين والقادة الاهتمام بالأطراف الخارجية والتي غالبًا ما يكون لها نظرة ثاقبة إذا اهتمت بها المؤسسات، فإنها قد تساعدها على تحديد جوانب الضعف والتخلص منها، ومواجهة التحديات والتصدي لأي محاولة للهجوم على الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإقناع من خلال الحصول على آراء الأغلبية من أهم السمات الخاصة بالقيادة الخادمة، ما يعني أن الإدارات ستتخلى عن السياسات القسرية أو المركزية والتي ربما تكون مدمرة وتضر بمصالح الشركات. ومن الضروري أن تركز الإدارات على تشجيع الموظفين على التعلم والتطوير من أنفسهم، وتقبل النقد البنّاء.
أهمية القيادة الخادمة وتأثيرها على الفعالية
ربما تكون أهم فوائد القيادة الخادمة هي مساعدة الشركات على أن تكون أكثر فعالية. وتعد شركة جونسون & جونسون من الشركات التي تطبق هذا المفهوم في الإدارة، لاسيما فيما يتعلق بمجال الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، فإن الشركات التي تتبنى أسلوبًا لا مركزيًا في الإدارة تسعى إلى تطوير المواهب الإدارية، وخلق قادة مميزين يركزون على خدمة العملاء وغيرهم داخل الشركة.
تقضي الإدارات العُليا قدرًا كبيرًا من الوقت في تطوير قادة المستقبل، وينصب تركيز قسم الموارد البشرية على العثور على المزيج المناسب بين الوظائف المركزية واللامركزية، ومن المفترض أن تسمح الإدارات التي تتبنى مفهوم القيادة الخادمة الشركات بالعمل بحرية وبشكل مستقبل بما لا يؤثر على روح الموظفين ويسمح لهم بفعل ما يحلو لهم كي يصبحوا أكثر قدرة على الابتكار، كما أنها تحرص على تلبية احتياجات العملاء وترى أن ما هو جيد للعميل سيكون مفيدًا دون أدنى شك للمؤسسة.
خلاصة القول، فإن القيادة الخادمة مصطلح يحمل بداخله مجموعة من المفاهيم والتي يمكن استخدامها في إدرة الأعمال، لجعل الشركات أكثر فعالية وكفاءة. بالنسبة للمستثمرين فإنه يمكن استخدامه لتحديد الشركات التي لديها أفضل فرص للنجاح، كما أنها إحدى الطرق لمساعدة الشركات والأفراد على التطور وتحقيق التقدم، وحماية وتعزيز رفاهية العاملين فيها.
كما أن القيادة الخادمة تتعامل بحذر شديد مع أسلوب القيادة المركزية والتي يتحكم فيها المسؤول بكل شيء، ومع ذلك يجدر الإشارة إلى وجود عدد من الشركات التي لا تتبع هذا الأسلوب ولكنها مع ذلك حققت نجاحًا كبيرًا، الأمر متروك للمنظمات والتي تتحمل مسؤولية تحقيق التوازن داخل المؤسسة.