عائلة أبو داوود التجارية: من تجارة التجزئة البسيطة إلى 130 منشأة و 4 آلاف موظف
● صنّفت كثاني أغنى عائلة في المملكة بثروة بلغت 4 مليارات دولار عام 2017
● أنشأ أحد أبناء العائلة ساعة التحلية بجدة ثمّ أهداها إلى بلديتها عام 1385هـ
● حاز أحد مؤسسي العائلة على لقب شيخ البحارة لفترة طويلة وكان أحد أعيان جدة والحجاز .
● بايع آل داوود الملك المؤسس عبد العزيز بضم الحجاز إلى المملكة العربية السعودية. وقد شارك جميع أبناء العائلة في هذه المرحلة.
● يتجاوز عدد أفراد عائلة أبو داوود حاليا 800 نسمة في جدة، ويشغلون مواقع مميزة في نسيجها الاجتماعي والاقتصادي.
● تمكن الجيل الثالث من تنويع استثمارته والتوسع في أعماله لتشمل منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.
● تملك العائلة اليوم 130 منشأة وتشغل 4 آلاف موظف ولديها 1400 سيارة.
تعدّ عائلة أبو داوود التجارية واحدة من أكبر البيوت الجداوية العريقة التي أنجبت عدداً من رجال الأعمال والشخصيات المعروفة في السعودية، عبر أجيالها المتلاحقة، وصنّفت كثاني أغنى عائلة في المملكة بثروة بلغت 4 مليارات دولار في عام 2017.
وانطلقت العائلة من أعمال تجارية بسيطة، إلى أن غدت مجموعة تجارية كبيرة وشركات متعددة، تعمل في التجارة والصناعة، وحصلت على حيازة حقوق علامات تجارية عالمية لوقت طويل، واللافت أن هذه الأسرة لم يقتصر حراكها ونشاط رجالها في مجال معيّن، بل سلكت دروباً عدّة في مجالات مختلفة، ونجحت في أن يكون لها مساهمة واضحة في كثير من هذه المجالات.
وتعمل مجموعة أبو داوود في عدد من المنتجات الشهيرة، فهي الوكيل الحصري لـ Procter & Gamble، التي تبيع مسحوق Tide، وشفرات الحلاقة Gillette، ومعجون الأسنان Crest، كما توزّع منتجات P & G وPepsiCo في باكستان واليمن والبحرين ومصر والعراق.
البدايات والجد الأكبر
يعود تأسيس عائلة أبو داوود إلى الجد الأكبر (علي بن خضر الحضيري أبو داوود) الذي قدم من نجد إلى جدة، وكان يعمل في التجارة، واشترى البيت الموجود في حارة اليمن، وسكنه وتزوج فيه، وأنجب ابنتين وثلاثة أبناء هم: سليمان ومحمد وعلي.
انطلق الأولاد الثلاثة من بيت الأسرة إلى جهات مختلفة، حيث اختار ابنه سليمان العمل في البحر، واشترى منزلاً في حارة البحر، وتزوج وأنجب خمسة أبناء هم محمد وأحمد وعبد الله وعلي وسليمان الذي سمّي على اسم والده، لأن والده توفي وهو لا يزال في بطن أمه وكلهم عملوا في البحر.
بينما اختار الثاني محمد الهجرة إلى مكة، والابن الثالث قصد السودان، ثم إلى سافر منها إلى مصر وتزوج مصرية ولم يعد حتى مات، وبعد موته حضرت زوجته المصرية وبناته(لم يكن لديه ذرية ذكور) إلى جدة وبحثوا عن أهله، تنفيذاً لوصيته.
وحين توفي الجد الأكبر للعائلة وتوفي ابنه سليمان، سكن اثنان من أبناء سليمان في البيت الكبير(بيت الجد). ثم قام الابن محمد بوقف البيت لذريته دون الآخرين، لأنه اشترى حصص إخوانه.أما الابن أحمد فقد اشترى من إخوته أيضاً بيت حارة البحر والأراضي الأخرى، وأصبح ثاني شيخ في تلك الفترة لمشيخة البحر للمعادي وهم البحارة. كانوا يسمون أنفسهم بالمعادي، واللقب هو شيخ المعادي أو شيخ البحارة.
لقب مشايخ البحر
حظي أفراد من عائلة داوود على لقب مشايخ البحر، فقد تمكن الجد سليمان من شراء عدد من المراكب والسفن، ونشط في تجارته واشترى الأراضي، وغدا من كبار الملاكين في حي المعادي، وتابع ابنه أحمد، وتوسّع في تجارة العائلة وحاز على لقب شيخ البحارة أيضاً.
وكان منصب المشيخة يتم الوصول له بالانتخابات، ونحن نتحدث عن فترة زمنية تعود لأوائل القرن الهجري الماضي، حيث كانوا يجرون انتخابات المشيخة، وهناك أسر جداوية معروفة، كانت تملك مجموعة من السفن الشراعية، حصلوا على لقب المشيخة من بيت حمبظاظة، وأبو داوود، وأبو صفية، وبكر والمناع... حيث كوّنوا مجتمعاً خاصاً، يتعاونون في أعمالهم وأسفارهم ويتعايشون مع حياتهم البحرية، ويتشاركون في الأفراح والأتراح.. مجموعة منهم كانت تسكن في حارة اليمن.
وحتى من بيت الكيال كان هناك بحارة.. درويش كيال مثلا، كان من البحارة المعروفين، وكانت لهم مكانة كبيرة في جدة.
مكانة تجارية وصناعية
مع توسع أعمال العائلة حاز أحمد أبو داوود حضوراً اجتماعياً ومكانة في الوسط التجاري، وكان شخصية قوية جداً ومسيطرة، وتبوّأ منصب شيخ البحارة، واستمر في المشيخة فترة طويلة، وكوّن ثروة كبيرة، وكان أحد أعيان جدة والحجاز في تلك الحقبة.
كما برز في بيت أبوداوود، الشيخ محمد علي، وهو أخو الشيخ إسماعيل الأكبر. كان من رواد التجارة والصناعة في المملكة، وهو الأخ الأكبر والشريك الأساسي للشيخ إسماعيل في إنشاء أول مصنع لمنتجات الصابون (مصنع التاج)، كما أنه من المجموعة التي شاركت الشيخ العوضي، في تأسيس أول غرفة تجارية في المملكة وكان من ضمن مجموعته.
مبايعة الملك عبد العزيز
صعدت العائلة في الحياة الاقتصادية والسياسية، بفضل جهود ونشاط أحد أبنائها سليمان بن أحمد أبو داوود، وكان أحد أعضاء الحزب الوطني الحجازي الذي يرأسه حينذاك الشيخ محمد الطويل، وهم الذين بايعوا الشريف الحسين، وساعدوه أيام الأكراد، وعندما ارتكب الأخطاء، خلعوه وبايعوا ابنه علي الذي لم يستطع أن يقوم بواجبه، فخلعوه أيضاً.
وبعد ذلك بايع آل داوود الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، البيعة الشرعية، وانتهى الأمر بضمّ الحجاز إلى المملكة العربية السعودية. وقد شارك جميع أبناء العائلة في هذه المرحلة.
ولادة مجموعة أبو داوود
وأصبح لعائلة أبو داوود مجموعة تجارية باسمها على يد الشيخ إسماعيل بن علي بن سليمان بن داوود بن علي أبو داوود، الذي ولد عام 1917، في مدينة جدة، درس في مدارس الفلاح فيها، ليتخرج عام 1933، ويصبح شهبندر التجار في المدينة مدى حياته.
وتمكن إسماعيل من السفر للخارج، حيث كان أول شخص في العائلة يخرج إلى العالم الخارجي، مسافراً عبر رحلة شاقة إلى الحبشة، ومنها إلى إيطاليا ثم لندن فنيويورك، ومن ثم إلى شيكاغو، مقرّ شركة "بروكتر آند غامبل"، وجلس فيها حتى أتقن الإنجليزية.
وقد تولى إسماعيل أبو داوود بعد عام 1960، مناصب رئاسية عدة، شهدتها غرفة صناعة جدة ومجلس الغرف السعودية، واتحاد الغرف التجارية في دول الخليج، وكذلك الغرف الإسلامية، ثم تم تثبيته رئيساً فخرياً دائماً لغرفة تجارة جدة، منذ عام 2001.
ساعة التحلية
أنشأ الشيخ إسماعيل بن سليمان الداوود، ساعة التحلية بجدة ومن ثم أهداها لبلدية جدة عام 1385هـ ، وكان رئيساً لمجلس إدارة 6 شركات تجارية وصناعية كبيرة، أربع في جدة واثنتان في الدمام وهي: شركة إسماعيل أبوداوود التجارية المحدودة بجدة، وشركة الصناعات الحديثة بالدمام، وشركة المنتجات الحديثة بجدة، وشركة محمد علي أبوداوود وشركاه للصناعات المحدودة بجدة، وشركة المنظفات الوطنية المحدودة بالدمام وشركة الاستثمارات الحديثة بجدة.
توزيع حصري ومصنع مشترك
بدأت شركة أبو داوود، عبر بيع مجموعة متنوعة من السلع الاستهلاكية لتجار التجزئة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. حيث ساهم نجاح الشركة في توزيع المنتجات المستوردة من شركة Procter & Gamble ، شركة السلع الاستهلاكية الأمريكية، في تطوير الجيل الثاني في عائلة أبو داوود، وفي الأربعينات من القرن الماضي، أصبحت "أبو داوود" الموزع الحصري لماركات بروكتر أند جامبل (P&G) في جميع أنحاء المملكة. في عام 1956 ، أنشأت أبو داوود و P&G مصنعًا مشتركًا في المملكة.
الجيل الثالث والطريق إلى الدولية
توفي عميد الأسرة اسماعيل أبو داوود في عام 2015،عن عمر يناهز 88 عاماً، وخلف وراءه ثروة وسمعة طيبة، وتابع أبناؤه أسامة وأنس وأيمن مسيرة والدهم، غير أن أسامة توفي 2017، فيما عمل أنس وأيمن على توسيع مشاريع المجموعة، لتصبح فيما بعد الوكيل الحصري للكثير من المنتجات، وتقوم الشركة بأكبر عمليات توزيع في المملكة.
وتكللت جهود الأخوين بالوصول بالشركة لتكون الموزع الأول للسلع الاستهلاكية في المملكة، فضلًا عن كونها شركة دولية متنوعة الاستثمارات، في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، وتغطي استثماراتها قطاعات واسعة، بما في ذلك البيع والتوزيع والتجارة والعقارات والاستثمارات المالية والتعليم والتدريب.
130 منشأة و4 آلاف موظف
مع استمرار وجودها وتنامي أعمالها في المملكة واليمن، دخلت أبو داوود مؤخراً مصر والعراق والبحرين وباكستان. وحققت هذا التوسع عبر إبرام اتفاقيات لشراء أو تشغيل (كمشاريع مشتركة مملوكة الأغلبية) الشركات القائمة منذ فترة طويلة في هذه الأسواق.
في الوقت الحاضر ، أبو داوود هي مؤسسة تقدر قيمتها السوقية بـ مليارات الدولارات، تدير أكثر من 130 منشأة و 1400 سيارة في ستة بلدان، وتوظف أكثر من 4000 شخص.
مشاهير الجيل الجديد
يتجاوز عدد أفراد العائلة حالياً 800 في جدة، من أبرزهم: المهندس حسين حسن، ابن أخ الشيخ إسماعيل، وأنشأ هو وأسرته شركات ومصانع، وهو عضو في عدد من اللجان الصناعية والتجارية.
وهناك المهندس محمد حسن، في المجلس البلدي وهو يشارك إخوته في تكوين صناعة المنظفات والمنتجات الخاصة بالأسرة، ولهم مصانع عدة وتجارة رائجة، وله مساهمات اجتماعية كثيرة.
وهناك الدكتور عبدالرزاق، وهو ضمن مشاهير هذه الأـسرة فقد برز في المجال الرياضي، عندما كان لاعباً في النادي الأهلي، وقائداً لفريقه الكروي وللمنتخب السعودي وأستاذاً في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
دعم المشاريع الخيرية
تسهم مجموعة أبو داوود في كثير من المشاريع الخيرية، إذ كانت داره ملاذاً للفقراء والمحتاجين، ولا سيما في رمضان المبارك، فضلاً عن تبرعاته المادية والعينية، والعمل في تشغيل بعض المحميات في السعودية، ما أهّلها للحصول على تكريمات متعددة على مستوى الدولة.