عائلة الحلاب : الاسرة التي جعلت طرابلس عاصمة الحلويات اللبنانية
بيروت: ثائر عباس
يشتهر شماليّ لبنان بالحلويات الشرقية والعربية، حيث يتفنّن صناع الحلويات في ابتكار أصناف جديدة ومتنوّعة من الحلوى. وتعدّ طرابلس بحق عاصمة الحلويات في لبنان، ويعود جزء كبير من الفضل في ذلك، الى عائلة واحدة امتهنت صناعة الحلوى منذ أكثر من مئة سنة، فتوارثت أجيالها المهنة وأسهمت في بناء سمعة عائلة "الحلاب".
ازدهرت صناعة الحلويات في طرابلس منذ عام 1881 التي بدأت مع عائلة "الحلاب"، فتحولت صناعة الحلويات مع هذه العائلة، إلى صناعة متكاملة وعلامة تجارية امتدت شهرتها خارج المدينة والوطن، وعبر القارات، حتى أصبح الطلب على هذه المنتجات يتمّ عبر الانترنت إلى جميع مناطق العالم، وبطريقة مجهّزة. وقد عرفت طرابلس تاريخياً بشهرتها بنوعين اثنين من المحصولات الزراعية، هما قصب السكر والحمضيات، وهذا ما كان يدفع بالأهالي إلى صناعة أصناف كثيرة من الحلويات في منازلهم، لاستهلاك فائض السكر لديهم. وفي غياب أي محل للحلويات، كانت سيدات البيوت يطبخن الحلو ويتباهين به، ويتنافسن على صنع أحسنه.
بدأت الحكاية مع الجدّ محمود الحلاب الذي كان أول من امتهن بيع الحلويات، على عربة صغيرة حمّلها أصنافاً مختلفة من "المعمول" و"النمّورة"، وبقي يسوّق حلوياته بطريقته هذه حتى وفاته. ومن بعده فكر ابنه رفعت - أو الحاج رفعت - عام 1881 في فتح محل لبيع الحلويات في طرابلس، وتحديداً في منطقة التل، أطلق عليه اسم "رفعت الحلاب وأولاده". ونما عمله بمساعدة أبنائه الثلاثة عمر وعبد الرحمن ومحمود.
وبوفاة رفعت احتفظ عمر بدكان أبيه وارثاً اسمه، في حين أسس محمود شركة «ميلكا» لإنتاج الحليب، وفتح عبد الرحمن محله الخاص لصنع الحلويات، الذي يحمل حاليا اسم «قصر الحلو». وقد استطاع أبناء عبد الرحمن، سامر وأسامة وعامر وعدنان، أن ينهضوا بالمهنة ويقطعوا أشواطاً في مجال تطويرها، لا بل وعولمة الحلويات العربية، ليصل صيتها إلى أوروبا والأمريكتين.
في البداية، لم يكن أولاد عبد الرحمن متحمّسين للعمل مع والدهم، وذهب كل منهم يشقّ طريقه في اختصاص مختلف، لكنه كان حريصاً على تعليمهم المهنة. وعندما توفي عبد الرحمن، وجد الأولاد أنفسهم مضطرين لإدارة هذا الإرث. وهكذا ترك أسامة مهنة الصيدلة التي كان تخصّص بها في بلجيكا، وترك سامر هندسة الميكانيك التي درسها في أمريكا، ومثلهما فعل عامر الذي كان يدرس إدارة الأعمال، وانضمّ إليهم صغيرهم عدنان الذي كان لا يزال في الثانوية. وجاهد الأربعة ليس للاستمرار فحسب، وإنما للتطوير أيضاً. ومن طريف هذه القصة أن العقبة الأهم التي واجهتهم، هي عدم وجود آلات صناعية للحلويات العربية، مما دفع سامر للاستفادة من اختصاصه في الهندسة، للعمل مع مهندسين آخرين من جنسيات مختلفة لتطويع آلات موجودة، أو تعديلها، لتصبح صالحة للحلويات الشرقية. فآلة صنع البوتيفور (وهو نوع شبيه بالبسكويت) مثلاً، تم إجراء تعديلات عليها لتصير قادرة على قولبة المعمول وحشوه بطريقة آلية، وبأحجام صغيرة. حتى الأفران الجاهزة ليست صالحة لخبز الحلويات العربية التي تحتاج درجة حرارة معيّنة، ومستوى من الرطوبة، مما استدعى تعديلها وتطويعها.
ويقول عادل سنجقدار، مدير المبيعات في "قصر الحلو"،"إن الجودة والنكهة لا يمكن ضمانهما بالاعتماد على الآلات وحدها، فهناك المواد الأولية التي يتم الحرص على أن تكون من الدرجة الأولى"، مشيراً إلى أن "حلويات عبد الرحمن الحلاب هي المؤسسة الوحيدة في الشرق الأوسط لصناعة الحلويات الشرقية، التي لها مختبر خاص بها لفحص المواد، قبل التصنيع، وخلاله، وبعده أيضاً، للتأكد باستمرار من أنها خالية من الميكروبات، يشرف على هذه الاختبارات الدائمة متخصّصون في مجال التغذية. لذلك فإن كل فروع الحلاب في لبنان لا تنتج الحلويات، وإنما تبيع المنتجات التي توزع عليها من المركز الأساسي، حرصاً على الاحتفاظ بالجودة المطلوبة. لهذا فإن حصول الحلاب على أيزو 9001 وأيزو 22000 لم يأت بضربة حظ".
الطريف في قصة انتشار صيت حلويات الحلاب، هو أن المغتربين اللبنانيين أسهموا فيها إلى حدّ كبير. فالأهل يرسلون لأولادهم الحلويات في غربتهم، وهؤلاء بدورهم يقدمونها لأصدقائهم ومعارفهم. وهذا الأمر جعل حتى غير العرب يعرفون الحلاب ويطلبون حلوياته عبر الإنترنت. غير أن هذا التطور السريع، والطلب المتزايد، يصطدمان اليوم بعقبة العنصر البشري.
"قصر الحلو" :
هو أحد محلات الحلاب الأكثر شهرة في المدينة وخارجها، ففيه يعمل نحو 600 موظف، فيما يشبه خلية نحل لا تتوقف، وينتجون ما يقارب الـ1000 صنف من الحلويات بين شرقية وغربية، ويقدمون الخدمات لزبائن المحل اليوميين، كما يلبّون طلبات المنازل، ويوزعون على الفروع الخمسة الموجودة على الأراضي اللبنانية، إضافة إلى تلبية طلبات زبائنهم حول العالم، عبر إرسال طرود الحلويات بالبريد السريع. ومع هذا، يشعر آل الحلاب أنهم عاجزون حتى الآن عن سدّ حاجات كل زبائنهم لأسباب لوجيستية وفنية، تجري معالجتها بشكل علمي مدروس.
"قصر الحلو" أو ما كان يسمى سابقاً بـ"حلويات عبد الرحمن الحلاب"، هو مبنى قديم رضخ للتحديث، ويتكون من طبقات عدة، فيه مصنع خلفي يحوي أحدث الآلات التي تنتج على مدار النهار، وصالات متعددة لاستقبال الزبائن، بالإضافة إلى مطعم وحديقة مكشوفة، بحيث أصبح أحد أهم المحطات السياحية لزوار "عاصمة الشمال".تضاف إلى المركز الأساسي خمسة فروع في لبنان، وثلاثة في المملكة العربية السعودية وآخر في قطر.
يقول أسامة الحلاب إن أصول عائلة الحلاب تعود إلى عائلة "السندروسي" الإقطاعية، وبحسب التقاليد، فإن أفراد العائلة لا يعملون نسبةً لنسبهم الإقطاعي. وتمرّد أحد أفراد العائلة وبدأ بالعمل الخاص لإعالة نفسه. فنشب خلاف بينه وبين العائلة، وخرج عن إرادتها، بعدما قرروا التبرّؤ منه. وبدأ هذا الرجل ببيع الحليب في البيوت، ومن هنا جاءت كنية الحلاب وتوارثنا هذه الكنية.
نشأت العائلة في طرابلس، وبدأت بالتوسع نحو فلسطين، حيث كان الحلاب يشارك في معارض الحلويات وحاز "الحلاب" جوائز من معارض فلسطينية ودمشقية. حافظت العائلة على امتدادها في الشارع الطرابلسي، حتى تفرعت لاحقاً مع توالي الأجيال. ونزح جزء كبير منها إلى بيروت، لكنهم من أصول طرابلسي. لكن في سوريا، لا يوجد امتداد لعائلة الحلاب، بل شكلت دمشق المصدر الأساسي للمواد الأولية التي تستخدم في صناعة الحلويات، ونستورد من سوريا - على سبيل المثال - السمن الحموي والفستق الحلبي وغيرهما من المواد.
ويقول أسامة:"طورنا عملنا حتى أصبح يحاكي المنتجات العربية من الحلويات، ابرزها "الكنافة" النابلسية المستوردة من مدينة نابلس الفلسطينية. وهناك اصناف محلية، مثل البقلاوة، اخترعت في طرابلس في عهد الأتراك، والرواية تقول آنذاك، إن أميرة اسمها "لاوة" أتت إلى طرابلس، فصنعوا لها حلوة تكريماً لمجيئها، و"باق" باللغة التركية تعني "تفضلي"، لذلك بقلاوة تعني تفضلي يا "لاوة".موضحاً أن الحلاب الجدّ، كرم الملك فيصل في طرابلس وصنع له طبقاً من الحلوى أطلق عليه الفيصلية.
يشير أسامة الى أن طرابلس مدينة الحلويات العربية، ووجودها في شمالي لبنان المحاذي للجمهورية العربية السورية، شكل عملاً أساسياً لتوسع هذه الصناعة، حيث نستورد المواد الأولية من دمشق، تزامناً مع زراعة قصب السكر الذي يشكل العصب الأساسي للحلويات, وهو موجود بوفرة في طرابلس. ويوضح أن فكرة إنشاء محل للحلويات مستوحاة من حلويات الأعياد المصنوعة في المنازل، حيث تجسّدت هذه التجارب في "حلويات الحلاب" في سنة 1881.
ماذا يختلف الحلاب اليوم عن الأعوام السابقة ؟ ولمن يعود هذا النجاح ؟
"بحكم التقدم، تطورت الحلويات التقليدية وباتت تحاكي الحلويات الغربية، مثل البوظة والكاتو. يكمن سرّ نجاحنا بالشفافية التي نعتمدها وليس بالسرية، حيث يمكن للزبون الدخول إلى معاملنا ومشاهدات كيفية صناعة الحلويات، كما اننا بصدد إطلاق مشروع صياغة كتيّب عن مقادير الحلويات العربية، لتصبح عالمية وبمتناول الجميع. وتميّزنا عن المنافسين يعود للإدارة الحاكمة التي نتبعها ونحن "أولاد عبد الرحمن" أول من فكر في تثبيت النوعية من خلال الحصول على شهادة "نظام ISO للنوعية", بالإضافة إلى شهادة "HACCP" الخاصة بالمستشفيات، للحفاظ على نوعية المنتوجات وجودتها. وهذه المقادير والشهادات برسم الأجيال القادمة.
يرد أسامة الى والده عبد الرحمن الكثير من الفضل في بناء اسم العائلة. ويقول:"حوّل الوالد صناعة الحلويات من التقليدية إلى المكننة، للحفاظ على استمرارية المؤسّسة، ثم اكملنا نحن طريقه، وأضفنا المزيد من التطوّر عليها. ويرى أن الإختلافات ضمن العائلة موجودة منذ زمن، لا يوجد مهنة إلا وينفصل عنها أحد الأفراد، ويبدأ التوسّع. لدينا مشروع فروع ضخم ونعمل على تطويره بمسؤولية وخطوات حذرة، ضمن قوانين ونظام الامتيازات (franchise) بعد تجربة فاشلة في الأردن. وباشرنا العمل بدفتر شروط لفتح فروع في الدول العربية، ولكن ضمن شروط معيّنة من الجودة والخدمة.
كيف تتفادون المنافسة، لا سيما مع وجود أسماء كبيرة في عالم الحلويات؟ يقول:" تعدّ المنافسة شيئاً إيجابياً وليس سلبياً بالنسبة لنا، وهذا يدفعنا إلى التقدم، ونحن نسعى ونشجع الآخرين على ذلك، ومن خلال حصولنا على شهادتي " ISO و HACCP"، اصبحنا مؤشراً يهتدى به بقية مصانع الحلويات، وتقارن منتوجاتها بمنتجاتنا. لا نخاف المنافسة، ولكن يبقى لدينا هاجس يدفعنا إلى الانتباه إلى الأخطاء وتفاديها، نحن نقيّم أنفسنا من خلال ردود فعل الزبائن، ومن خلالها نستطيع معرفة مستوى قدرتنا التنافسية.
ولماذا اقتصرت أعمالكم على الحلويات العربية ولم تتجه إلى الحلويات الغربية ؟
يجيب: "طبعاً، الحلويات الغربية موجودة، ولكن ليست بقوة الحلويات الشرقية، نحن منذ عام 1999 نصنع بعض الحلويات الغربية، مثل البوظة (oriental ice-cream) وهي تطوير للبوظة الغربية، بالإضافة إلى الكاتو، ونحن بصدد تطوير هذا القسم الغربي، ولكن تبقى الحلويات الشرقية محطة اهتماماتنا الأولى".
ممّن تتألف العائلة ؟ يجيب: "تتألف عائلة "عبد الرحمن" من خمسة شبان، استقل أحدنا مهنياً، وأراد أن يكون لديه فرع خاص به، وبقينا أربعة.
وما هو دور كل منكم في العمل ؟، يرد:"نتعاقد مع شركة خارجية لتنظيم الإدارة دخل محلاتنا ، ونحن نعتني في العلاقات والإدارة العامة، ونضع الخطوط الإستراتيجية، ونشرف على التنفيذ. في الكثير من الأحيان نمارس عملنا كباقي الموظفين، بغضّ النظر عن مركزهم في العمل وهذا سر نجاحنا.
هل لهذه المهنة من مستقبل، أم انها من الممكن أن تتعرض للانقراض كمهن أخرى؟
يقول: "نركز على الجودة، ونقوم بعمل دؤوب، ونسعى دائماً للتطور المهني والبشري، كما نوجّه اولادنا لاختصاصات قريبة لصناعة الحلويات أو إدارة صناعتنا، لنضمن استمرارية المؤسسة.
غازي الحلاب:
لا يمكن نترك عمالنا في مصانعنا دون إشراف أحد أبناء العائلة
يقول غازي الحلاب، إن جذور عائلة الحلاب تعود إلى طرابلس، منذ نشأتها الأولى، حيث بدأ "جدي" محمود الحلاب في العمل بالحلويات منذ عام 1861, وبالطبع لم تكن المهنة بهذا الحجم الذي نراه اليوم. وتوارثت أجيال العائلة هذه المهنة وسنورثها إلى أحفادنا.
اولادنا وأحفادنا يتخرجون في الجامعات، ويأتون للعمل في المهنة، لكي يبقى هذا الاسم "الحلاب" متداولاً مع مرور الزمن. مهنة الحلويات ليست تجارة، بل يجب أن يكون صاحب المهنة كريماً، فإذا فكرت يوماً بصنف حلويات من باب مردوده المالي، فهذا خطأ، وسيؤدي حتماً إلى زوال المهنة، لذلك نحن منذ 130 سنة نعمل على تحسين اصنافنا من الحلوى، كذلك يفعل جميع فروع العائلة من الأبناء والأقارب.
بدأنا بالحلويات مثل "المفروكة" و"زنود الست" و"حلاوة الجبن"، أو ما يسمّى "بالقشطاويات"، ولاحقاً طور أفراد العائلة الأصناف الأخرى، كالبقلاوة وتوابعها. ونحن اليوم طورنا هذه الأصناف بالنوعية والبضائع. أفراد عائلة الحلاب متعلمون، يوجد أفراد يملكون شهادات بالصيدلة، والهندسة، وشهادات دكتوراه. ومنهم مديرو مصارف، وليسوا جميعاً يعملون في الحلويات.
ما الصعوبات التي واجهت العائلة خلال مراحل تطورها؟
يجيب: "لا يوجد صعوبات تذكر، جيلنا اليوم لديه خبرة في التعاطي مع الجيلين القديم والجديد. في بداية الطريق كان العمل باستخدام الفحم والحطب، و"بابور الكاز"، لم تكن في ذلك الوقت آلات للعجن قد استعملت، وكان العمل يدوياً، وكنا - آل الحلاب - نصنع الحلويات بأنفسنا، وكان العامل عنصراً ثانوياً في معاملنا، واليوم لا يمكن نترك عمالنا في مصانعنا دون إشراف أحد أبناء العائلة، نتيجةً لقلة الضمير المهني لدى الكثير من الأشخاص، ونؤمن بأن المهنة لا تكون منتجة دون إدارة صارمة، ونحن لا نسمح بالأخطاء في عملنا على الإطلاق، لأننا نريد أن نحافظ على سمعتنا في السوق، بالإضافة إلى ايماننا الكبير، بأن مهنة المأكولات تضع أرواح البشر بين أيدينا، لذلك يجب أن نكون عند حسن ظنّ الناس وثقتهم بنا، ونقدم أفضل ما نستطيع القيام به من ناحية النظافة. ودائماً تكون حالة محلاتنا مثل حال "مستشفى الجامعة الأمريكية" من حيث النظافة.
لكن قديماً كانت الصعوبات أكثر من اليوم، بسبب عدم وفرة وسائل العمل التي نراها اليوم، فالآن أصبح لدينا افران تعمل بالكهرباء، وآلات تعمل بالغاز، وأصبح العمل أسهل بكثير؛ فالعامل اليوم يضع المقادير، والآلة هي التي تعجن وتعمل وتنتج صنف الحلوى. سابقاً كنا نضع عشرات الكيلوغرامات من الطحين لعجنه يدوياً، لكي يصبح ليّناً وطرياً، والمهنة تطورت كثيراً، ما جعلها سهلة وذات إنتاجية أكبر.
أين توجد العائلة اليوم؟ وهل لديكم معرفة بعدد أفراد عائلة "الحلاب" في الأماكن الموجودة فيها؟
يجيب: "توجد العائلة في لبنان وهي تفوق 150 نسمة. وأنا شخصياً لدي خمسة أولاد وواحد وعشرون حفيداً، و ثمانية إخوة، وستة عشر ابن عم . يوجد أفراد كثر من عائلتنا خارج لبنان، مثل السعودية، وقطر، والبحرين، وهم يعملون هناك بمهن عدة، ومنهم من افتتح فروعاً لحلويات الحلاب هناك.
لدينا شهادات من فلسطين منذ سنة 1933 من "المعرض العربي القومي" في القدس، ونال "الحلاب" الجائزة الأولى في صناعة الحلويات، بالإضافة إلى حيازتنا الجائزة الأولى من معرض دمشق الدولي سنة 1936، والجائزة الأولى من "معرض الفنون الجميلة" في بيروت سنة 1931، في زمان الوالد "حسن الحلاب".
ما العوامل التي دفعت عائلة الحلاب للعمل في الحلويات بشكل خاص؟
يقول:" بدأ جدنا في مهنة الحلويات، وبعدها أبي وإخوته، وكنا في العائلة جميعاً تحت "اسم واحد"، حتى سنة 1940، حيث كان أول محل أنشأناه في سوق الصاغة في طرابلس، حيث كنا نملك محلات هناك. سنة 1935، اصبحنا في منطقة "التل"، وتنقلنا في محلات عدة، في هذه المنطقة التي كانت مشهورة بوجود المطاعم والمقاهي والمشروبات الروحية، حيث استغرب البعض عندما افتتحنا فرع لنا في "التل" التي كانت تعدّ قديماً خارج البلدة، "نظراً لتقاليدها المغايرة للتقاليد المحافظة التي تتميّز بها طرابلس.
وفي "التل" اشترك أبي وأعمامي حتى سنة 1940، إلى أن كبرت المهنة وانفصل أبي وعمي عن أخيهما الكبير، وأصبح في التل محلان اثنان "رفعت الحلاب"، و"حلاب اخوان"، ومن هذين المحلين تفرعنا نحن "حلويات غازي الحلاب"، بالإضافة إلى "حلويات عبد الرحمن الحلاب" و "أحمد عوني الحلاب"، أي فرخت المهنة إذا صحّ التعبير.
ما تقاليد العائلة قديماً؟ وهل مازال بعضها قائماً حتى اليوم؟
يجيب:"من عادات العائلة المحافظة على سمعتها في السوق، وجودة بضائعها. وهي عائلة مترابطة ومتماسكة، ومن تراثها الكرم. تعمل العائلة بما يرضي الله، ولا يتعاطى افرادها المحرّمات، وهي عائلة محافظة. نرفض ما يقوله الكثير من شائعات عن خلافات عائلية؛ فنحن بالإضافة إلى ترابطنا الروحي والعائلي، تجمعنا علاقات مهنية طيّبة، ويساعد بعضنا بعضاً في كثير من الأفكار المهنية، ونعطي النصيحة، والانتقاد البنّاء، لكن من حق كل فرد أن يكون له محله الخاص. وننتسب إلى جمعية عائلية أيضاً.
نقوم كعائلة الحلاب بخدمات اجتماعية، حيث نهتمّ بعائلات عدة، ونعطيهم مساعدات شهرية، وبفضل من الله، لا يوجد أحد له صلة بآل الحلاب يطلب مساعدة من أي شخص سياسي في هذا البلد، لأننا نقوم بالواجب تجاههم. الوالد أتى بكثير من الشهادات التي تفتخر بها العائلة، وأعمامي انتجوا وكان لهم أثر كبير، فترابط جهودهم كان له الأثار الأكبر.
وماذا يميّز عائلة الحلاب عن غيرها من العائلات الطرابلسية ؟
يقول:" مهنياً نحن نتميّز عن غيرنا بنوعية البضائع وجودتها، وخدمة الزبون التي تفوق توقعاته. بفضل الله، أفراد العائلة لا يشربون المشروبات الكحولية، وليس لهم صلة بالميسر، ولا يعتدون على الناس، وحقوق الناس محفوظة عندهم، لذلك عندما أشتري بضائع بملايين الدولارات، تصل البضائع قبل أن ادفع كلفتها، وهذا خير دليل على الثقة الكبيرة التي حصدناها من العالم التي نتعامل معها. ورثنا عن آبائنا ثروة كبيرة، لا تقدر بثمن، وهي ثقة الناس، ويجب أن نحافظ عليها.
كيف أثر تاريخكم العريق في حاضركم ؟
يقول:"تاريخنا القديم أثر كثيراً في حاضرنا من خلال السمعة الحسنة التي ورثناها من أجدادنا، وكثير من الأشخاص يعدّوننا مرجعاً لهم، وهناك الكثير من التواصل بيننا وبين الناس ولا ننقطع عنهم. وكذلك عندما نواجه أي مشكلة، الدولة والجهات الرسمية تعرف هذا التاريخ جيداً، وهذا ما يسهّل حل مشكلاتنا، لأن صفحتنا بيضاء منذ بداياتنا "إذا صحّ التعبير".ويختم بالقول " نسأل الله أن يحافظ اولادنا على مسيرتنا، مثلما حافظنا على مسيرة أجدادنا.