العالم غير موجود لتلبية توقعاتك.. لذلك "لا تتذمر.. ولا تبرر"
"لا تشكو أبداً ولا تبرر أبداً" جملة صاغها أحد الساسة البريطانيين أصبحت منهجا للتدريب على الثقة بالنفس، فتوضيحك للأمور يعني أنك لست واثقاً في نفسك وفي اختياراتك ولا تستطيع اتخاذ قرار. وتبريرك المستمر لأفعالك يعني أنك تحاول إثبات شيء ما، وتؤكد للجميع أنك لا تشعر بالأمان، أو أنك شديد الغرور.
"لا تبرر" تحث الجميع على ألا يدافعوا عن أنفسهم أبداً، ولا يشنوا هجوماً على الآخرين، وعليهم التفكير جيداً قبل أي شيء، ويتمثل ذلك في أن ترد بردود قصيرة، أو بأسلوب مرح.
لا تشرح أبداً
عندما كان ونستون تشرشل ضابطاً في سلاح الفرسان الشباب، كان يبحث دائماً عن طرق للوصول إلى المقدمة وخاض العديد من المعارك، وبعد الكثير من المثابرة، تمكن في النهاية من تولي منصب في الميدان، وأصبح ضيفا شخصيا للسير ويليام لوكهارت، الذي كان يشرف على حملات الجيش في المنطقة التي باتت تُعرف الآن بأنها باكستان.
عندما انضم تشرشل لأول مرة إلى هيئة الأركان العامة، تصرف وتعامل بطريقة تليق به، ولكنه بعد ذلك قرر أن يقدم النصائح التي ساعدت على الاقتراب أكثر من الدوائر السرية بين الموظفين، وأصبحوا يتعاملون معه باعتباره شخصا أكبر سناً رغم كونه في مثل سنهم وفي بعض الأحيان وكأنه أصغر منهم.
هكذا تسير الأمور، إذا كان هناك شخص تعرفه وتحترمه وتعتبره من دائرة المقربين لك، وقالوا لك شيئاً ذكياً وممتعاً فقد تحتاج إلى تفسير بعض الأمور له، وقد تلجأ إلى الشرح والتفسير واستمرار النقاش.
إذا كان هذا الشخص رئيسك أو عميلك، فقد تحتاج إلى تقديم توضيح للالتزام بوظيفتك أو أعمالهم، وفي حال كونه أحد أفراد أسرتك، أو صديقاً مُقرباً وحدث بينكما سوء فهم كبير، فقد ترغب في الشرح والتفسير للحفاظ على العلاقة بينكم.
على الجانب الآخر، إذا كان الطرف الآخر شخصية لا تعرفها، ولا تهتم بها ولا تحترمها، شخصا ليس له تأثير على شخصك وعلى اختياراتك وقراراتك، فليس عليك أن تُبدد وقتك وتهدر جهدك وطاقتك لتبرير تصرفاتك وشرح ما عليك القيام به.
تبرير أفعالك هو في الأساس محاولة للحصول على موافقة الآخرين. ويُظهر أنك شخصية ضعيفة وهشة، وترغب في الشعور بقبول المجتمع والعالم لك. عندما تظهر أنك تهتم برأي بعض الأشخاص، وأنهم مؤثرون للغاية في حياتك، فأنت حتماً سوف تظهر للعالم أجمع أنك شخصية لا تشعر بالثقة في نفسها، وبأنك تخوض معركة نفسية ولكنك تفشل في ضبط النفس.
لا تتذمر أبداً
في حين أن "لا تشرح أبداً" و"لا تتذمر أبداً" جزأين منفصلين، إلا أن هناك علاقة وثيقة بين الاثنين، ويربطهما خيط مُشترك يمر عبرهما، ويجمع بينهما الاستقلال والمساءلة.
بمجرد أن تُدرك لما عليك تجنب تفسير الأمور، فسوف تعرف لما عليك تجنب الشكوى، يمكنك ببساطة وضع نفسك في مكان الطرف الذي تسعى للحصول على تفسير منه، وتتصرف وفق ذلك.
إذا فشل شخص أو شركة أو أي طرف في الوفاء بوعودهم تجاهك، فيمكنك بالطبع طلب اعتذار أو تقديم شكوى أو تطلب استرداد أموالك، وما لديك من مستحقات، ولكن لا تبرر ولا تتذمر. وفي الوقت نفسه، إذا كنت تعتقد أن ملاحظاتك أو تقييمك بإمكانه مساعدة شخص ما لتحسين شيء ما، حاول أن تقدم له التقييم بطريقة بناءّة.
وإذا كنت في موقف لن تساعدك فيه الشكوى، ولن تقود لأي شيء آخر، فإنه من المنطق أن تصمت ولا تتحدث عن أي شيء، عليك دائماً أن تقوم بالتصرف السليم، وأن تعمل على تغيير نفسك للأفضل.
تذكر أن العالم غير موجود لتلبية توقعاتك، وإذا لم يتم الوفاء بها فليس عليك دائماً أن تلجأ إلى الشرح والتذمر، كل ما عليك القيام به هو محاولة تغيير الأمر، بتجربة شيء جديد، أو الذهاب إلى مكان آخر.