أندرو كارنيجي من عامل فقير لقائمة أغنى 10 شخصيات في التاريخ
بالرغم من الحياة الصعبة التي عاشها الملياردير أندرو كارنيجي رجل الأعمال الأمريكي الأسكتلندي المشهور، لكنه كان شخصًا حالمًا قادرًا على التنبّؤ بالفرص واغتنامها بشكلٍ جيّدٍ، مما جعلّه قائد الصناعةِ المعدنيّةِ في أمريكا فنجح في النهوض من الفقر المدقع ليصبح ثاني أغنى رجلٍ في التاريخ بعدما أسس شركة كارنيجي للمعادن التي كانت أضخم وأكثر الشركات الصناعيّة ربحًا في العالم في تسعينيّات القرن التاسع عشر.
وُلد كارنيجي في جنوب اسكتلندا عام 1835 لأب فقير، عمل نساجا يدويا في صناعة النسيج واشتغلت أمه في إصلاح الأحذية وبدأ تعليمه الرسمي وسنه 8 سنوات، وكان هذا هو القسط الوحيد من التعليم الذي حصل عليه، ولمساعدة عائلته الفقيرة في كسب عيشها، بدأ الفتى العمل في مصنع للقطن، وكان أول راتب حصل عليه أندرو بلغ 1.20 دولار أسبوعيًا، علمًا بأن مدة الدوام اليومي بلغت 12 ساعة لستة أيام في الأسبوع، وبعد عامين انتقل للعمل في شركة البريد "أوهايو تلغراف" وحصل على 2.50 دولار أسبوعيًا .
وقد ساعد عمل كارنيجي في البريد في معرفة جميع المواقع التجارية في بيتسبرغ، ما ساهم في بناء علاقات مهمة، وبعد 7 سنوات من العمل بدأت أول استثمارات "أندرو"، وكانت قيمته 500 دولار في قطار المراسلة "أدامز إكسبريس"، وكان هذا المجال الذي عمل فيه لفترة طويلة وبدأ جمع ثروته الخاصة منه، وفي عام 1861، تم تعيينه مشرفا للسكك الحديدية العسكرية.
وبعد 3 سنوات، استثمر ما يقرب من 40 ألف دولار في "أويل كريك" بولاية بنسلفانيا، ومع اكتمال عقده الثالث أصبح دخله السنوي 50 ألف دولار وبحلول عام 1873، بدأ "أندرو" التركيز على الصلب وأسس شركة "جيه إدغر طومسون ستيل وركس" والتي تغير اسمها لاحقًا إلى "كارنيجي ستيل". وبنى بعد ذلك أول مصنع صلب في الولايات المتحدة ووسع أعماله في مجال الصلب .
وبفضل الابتكارات الصناعية والحلول الإدارية والمحاسبية المبدعة إضافة إلى التكامل الصناعي الذي حققته أعمال "كارنيجي"، استطاع "أندرو" بيع الصلب بأقل سعر ممكن، ونما النشاط التجاري سريعًا، وبحلول عام 1887 بلغ إنتاجه من حديد الزهر ألفي طن يوميًا.
وخلال الأزمة الاقتصادية سنة 1892 والاضطرابات الدموية عرفت شركات كارنيجي على عكس مثيلاتها الازدهار، مستفيدة من بعض التشريعات التي كانت تسهّل أعمالها. وفي عام 1900، بلغت أرباح "كارنيجي ستيل" 40 مليون دولار، نصيب "أندرو" منها 25 مليون دولار، لكنه قرر في العام التالي بيع إمبراطوريته الصناعية لمصرف "جيه بي مورجان" مقابل 480 مليون دولار، وهو ما كان يعادل 2.1% من اقتصاد أمريكا آنذاك وعندئذ قال له مورجان: "سيد كارنيجي: أود أن أهنئك لكونك أغنى رجل في العالم". وقدرت ثروة كارنيجي بحوالي 500 مليون دولار.
وقدرت ثروة "أندرو كارنيجي" الذي توفي عام 1919، بنحو 372 مليار دولار وفقًا لقيمة العملة الأمريكية في عام 2014 مع احتساب فروق التضخم، ما يجعله يتفوق على "جون روكفلر" بـ31 مليار دولار ليكون بذلك واحدا من أغنى عشر شخصيات في التاريخ.
وعقب تقاعده، كرس كارنيجي وقته إلى حد كبير للكتابة والدعوة إلى القضايا النبيلة. وفي مقالةٍ بعنوان "الثروة"، نشرت في عام 1889م صاغ كارنيجي أفكاره حول استخدام ثروات طائلة من أجل تطوير المجتمع حيث كان يرى أن على الأشخاص الأثرياء أن يستخدموا ثرواتهم في مساعدة الآخرين لكي يساعدوا أنفسهم أساسًا من خلال توفير الفرص التعليمية.
وقد تبرع بأكثر من نصف ثروته لدعم مختلف القضايا حيث ذهبت 62 مليون دولار منها إلى الأعمال الخيرية والخدمات المجتمعية والثقافية في بريطانيا و288 مليون دولار في أمريكا فأنشأ أكثر من 2,500 مكتبة عامة في مختلف أنحاء العالم، وموّل إنشاء قاعة كارنيجي الموسيقية الشهيرة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة. وتم إنشاء مؤسسة كارنيجي بواشنطن لتشجيع الأبحاث في العلوم الأحيائية والفيزيائية وهناك مؤسسات أخرى باسم كارنيجي تعنى بالتعليم والسلام العالمي.