هل سمعت عن سيرة ذاتية للفشل؟ الخبراء ينصحون بكتابتها
السيرة الذاتية هي عنوانك الذي يتحدث عنك، لذا يحرص الجميع على إبراز كل ما هو مثالي وطمس ما هو سيئ وقبيح. وعند التفكير بالسيرة الذاتية فإن أي واحد منا وبشكل تلقائي يفكر بها بشكلها التقليدي، المعلومات الشخصية، التعليم الجامعي والشهادات ثم المساحة الأكثر أهمية والتي تتعلق بالخبرة والمهارات التي يملكها الشخص سواء من خلال تنقله بين وظائف مختلفة أو تلك التي اكتسبها من خلال التدريب في حال لم يكن قد دخل سوق العمل بعد.
باختصار السيرة الذاتية هي استعراض للمهارات والإنجازات والخبرات والنجاحات وهذا أمر منطقي إلى حد ما بحكم أنه من خلال السيرة الذاتية سيتم الحكم عليك وبالتالي إما يتم منحك فرصة للحصول على مقابلة عمل أو يتم صرف النظر عنك.
ولكن ماذا لو تم تضمين السيرة الذاتية المجالات التي فشلنا فيها أيضاً؟ فهل سيؤثر ذلك بشكل إيجابي على حظوظك أو بشكل سلبي؟
أفضل شاب أعمال في التكنولوجيا "ديفيد كارب".. ترك الاستشارات واتجه للتدوين
سيرة ذاتية للفشل
الخبراء يجدون أنه من المفيد جداً أن يملك كل واحد منا سيرة ذاتية للفشل، بحيث تتضمن هذه السيرة كل الوظائف التي تقدمت إليها ولم يتم قبولك، وكل الجوائز التي لم تفز بها وكل الإنجازات التي لم تتمكن من تحقيقها منذ بداية حياتك المهنية وحتى يومنا هذا.
الفكرة تتمحور حول واقع تقدره الشركات حالياً وفي الواقع تعتمد عليه من أجل تقييم الموظف وهي القدرة على التأقلم وعلى التعامل مع الفشل وتعلم الدروس منه.
السيرة الذاتية للفشل تحوي كل الأخطاء المهنية التي ارتكبها الشخص والتي أدت إلى فشله، وهي أشبه بخريطة طريق توضح ما تم تعلمه وتذكير للنفس أيضاً بأن الطريق إلى النجاح ليس خطاً مستقيماً.
«التريند» هذا بدأ في العام ٢٠١٠ حين أطلقت البروفسور في جامعة إدنبره ميلاني ستيفان الفكرة في مقال كتبته لدورية «نايتشر». في تلك المقالة التي طرحت فيها فكرة السيرة الذاتية للفشل والتي ذكرت فيها الأمور والمجالات التي فشلت فيها شخصياً وأشارت ستيفان إلى أن الحديث وبشكل علني عن المجالات التي فشلت فيها وعن عيوبها التي ساهمت بفشل ما مهني تساعد آخرين يعانون من نكسات خاصة بهم.
الصورة المثالية غير الواقعية للنجاح
في أي مجال كان وفي أي مكان وفي قصة أي شخص ناجح كان، الحكاية تظهر لنا بأن المسار ثابت وسلس ويسير بخط مستقيم. وحتى حين نفكر بنجاحاتنا الخاصة فإننا نميل الى وضع تصور يستند على النجاحات ما يجعل فشلنا غير مرئي لنا وللاخرين. لذلك حين نختبر الفشل على أرض الواقع نشعر بأننا منبوذين وبأننا وحدنا في فشلنا ومعاناتنا وصراعنا هذا.
السيرة الذاتية للفشل ستكون ست مرات أطول من السيرة الذاتية العادية، ان لم نقل اكثر. وهذا طبيعي تماماً، وحتى أنك للوهلة الأولى وحين تعاينها ستجد انها تبعث على الإكتئاب. ولكنها تذكير هام بالحقائق وبالأجزاء الناقصة من القصص التي نرويها من خلال إنجازاتنا.
الخبراء والعلماء نشروا سيرهم الذاتية للفشل
ميلاني ستيفان صاحبة الفكرة نشرت سيرتها الذاتية للفشل والتي تضمنت لائحة بالجامعات التي حاضرت فيها أو تعلمت فيها ولكنها ضمنت كل مرحلة النكسات التي تعرضت لها، مثلاً عند حديثها عن برنامج الدكتوراه فهي ذكرت الى جانب المعلومات المعتادة نقطة إضافية وهي انها تقدمت بطلب زمالة لـ ٤ جهات ولكنها حصلت على واحدة فقط.
جوهانس هاشوفر، وهو برفسور في جامعة برينتسون نشر سيرته الذاتية للفشل على موقع الخاص مباشرة أسفل سيرته الذاتية التقليدية. سيرته الذاتية للفشل منشورة منذ العام ٢٠١٦ وهو يقوم بتحديثها بشكل دائم. السيرة هذه تتضمن أقساماً مختلفة، فهناك قسم مخصص للشهادات التي لم يحصل عليها أو لم يتمكن من الحصول عليها».. تمويل الأبحاث الذي لم يتمكن من الحصول عليه. وحتى إنه يملك قسماً خاصاً للأمور «الصغيرة» واليومية التي يفشل في تحقيقها.
لماذا سيرة الفشل هامة؟
سيرة الفشل هامة لأنها تبرز القوة الدافعة. أنت في حياتك المهنية تحاول ومعظم الوقت تفشل، حالك حال كل شخص على هذا الكوكب، ولكن الفشل هذا مخفي ولا أحد يراه ولكن النجاح هو ما يراه الجميع. حين يكون النجاح فقط هو البارز حينها أنت تعطي الانطباع بأن كل شيء يسير على خير ما يرام في حياتك المهنية، وعليه فإن ما يحدث هو أن الآخرين من حولك وحين يفشلون سيعتبرون أنفسهم فاشلين ولن يتمكنوا من رؤية واقع أننا نعيش في عالم مهني قائم معظم الأحيان على التجربة وارتكاب الأخطاء. والمقلق في هذا الأمر هو أنه حلقة مفرغة حيث الكل يغذي هذا الحس عن الآخرين.
النمط هذا ينتشر وبشكل كبير والخبراء يعتبرون بأنه أداة قوية جداً تساعد على النمو المهني. الفشل يساهم بزيادة فرصة عدم ارتكابك للخطأ نفسه مجدداً والحديث عنه علنا هو إشارة بأنك قمت بمواجهة التحدي واكتسبت المهارات وامتلكت ما يكفي من الثقة بالنفس للقول، لقد أخطأت وتعلمت.
سيرة الفشل هي أسرع طريقة ممكنة لإظهار أهمية الفشل في المسار التعليمي المهني، فالشركات توظف بناء على الخبرة وكما هو معروف الخبرة لا تأتي من النجاح بل من الفشل والنهوض والتعلم.