من التوابل وصولا للطاقة: ديروبهاي أمباني.. النظرة المستقبلية والإرادة التي لا تقهر
بدأ ديروبهاي أمباني بالعمل في ممرات بومباي، وعلى الرغم من صغر سنه أنذاك فإنه امتلك الغريزة النارية والنظرة المستقبلية والإرادة التي لا تقهر والشغف الذي دفعه لبناء إمبراطوريته الخاصة والانتقال بين تجارة التوابل إلى القماش وصولا إلى الطاقة. كان طموحه الشامل وطاقته التي لا تنضب وروحه المتجددة، الدافع الحقيقي لمواجهة العقبات والتغلب عليها، وقد أصبح أحد أهم أقطاب التجارة في الهند، وأسس شركة ريليانس للصناعات المحدودة وجعلها واحدة من أكبر شركات القطاع الخاص في الهند.
قائمة أكبر الخاسرين من انهيار البورصة الأمريكية ..«وارين بافيت» في الصدارة
ولد ديروبهاي أمباني في 28 من ديسمبر 1932 في قرية تشورواد في منطقة جوناغاره الهندية، كان والده مدرساً في حين كانت والدته ربة منزل، أدرك في سن مبكرة أوجه القصور التي تعاملت معها الأسرة بسبب ضعف دخل والده ونفقاته الكبيرة. تم انتخابه الأمين العام لاتحاد ولاية جوناغاره عندما كان في المدرسة، كان لديه شغف كبير في السياسة وشارك في مظاهرات الإستقلال والمسيرات المطالبة بالاصلاحات ولكنه رفض أن يسلتم أي منصب خاص بالأحزاب، اضطر إلى التخلي عن تعليمه من أجل تحسين ظروف معيشة الأسرة بعد سوء حالة والده الصحية.
كان أمباني يبيع "باكورا" للحجاج في جبل جرنار خلال عطلة نهاية الأسبوع، وعندما كان يبلغ 16 عاماً انتقل إلى عدن في اليمن وتولى وظيفة كتابية في شركة " A. Besse & Co"التي كانت تعد أكبر شركة تجارية عبر القارات في شرق السويس، وكانت تتعامل مع جميع أنواع السلع للشركات الأوروبية، الأمريكية، الأفريقية والآسيوية، ولكنه سرعان ما بدأ العمل في شركة الغوجاراتية التجارية في نفس الوقت، وكان قد تعلم المحاسبة وإعداد أوراق الشحن والوثائق، كما اكتسب مهارات التعامل مع البنوك وشركات التأمين.
مايكل كراسني.. بدأ بثلاث دولارات واقتحم عالم فوربس للأغنياء !
عاد إلى الهند في عام 1958 وبدأ باستكشاف الفرص التجارية في بومباي، وبما أنه لم يتمكن من القيام باستثمارات كبيرة بدأ بتجارة التوابل تحت اسم شركة ريليانس التجارية، وركز على أسلوب خفض الأرباح والأحجام الكبيرة للسلع والجودة العالية وبدأ بتصديرها إلى منطقة الخليج.
حوّل أمباني تركيزه إلى تجارة الغزل التي كانت ذات أرباح كبيرة ولكنها عالية المخاطر، بدأ من نطاق صغير وسرعان ماحصل على صفقات كبيرة في الغزل لدرجة أنه انتخب مدير جمعية تجار الغزل في بومباي، وتمكن من خلال منصبه من الحصول على اثنتين من أكبر صفقات الغزل في البلاد التي عادت عليه بأرباح هائلة شكلت رأس المال المطلوب لتأسيس شركة ريليانس للمنسوجات في عام 1966 بمنطقة أحمد أباد.
وعلى الرغم من البداية المتعثرة في تسويق منتجاته النسيجية إلا أنه تمكن من خلال فطنته وذكائه التجاري من جعل منتجات الأزياء الخاصة بشركته الأرقى والأكثر شعبية في الهند. وأدت زيادة الطلب إلى زيادة المبيعات وزيادة الأرباح مما ساهم في توسيع أعماله وإضافة أجهزة حديثة واستقدام أفضل الخبرات للعمل في مصانعه، وبحلول عام 1972 أصبحت ريليانس من أكبر الشركات الخاصة وحازت على شهادة التميز من البنك الدولي.
ماركوس ليمونيس.. من غبار الحرب الأهلية اللبنانية إلى أبرز شخصية اقتصادية في أمريكا
في عام 1981، انضم ابنه الأكبر موكيش إلى الأعمال التجارية، وشرع في رحلة تكامل ريليانس المختلفة من المنسوجات إلى ألياف البوليستر، وتمكن من توسيع الأعمال لتصل إلى مجال الطاقة والبتروكيماويات وتكرير البترول وصولاً إلى التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجه. وفي عام 1983، انضم ابنه الأصغر أنيل أمباني للعمل وتولى منصب الرئيس التنفيذي في نارودا.
وعلى مدى عقود من الزمن، تنوعت صناعات ريليانس في قطاعات أخرى مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة وتجارة التجزئة والمنسوجات وخدمات البنية التحتية وأسواق رأس المال والخدمات اللوجستية. وقد حصل أمباني على العديد من التكريمات والجوائز والأوسمة وتمت تسميته "رجل القرن العشرين" من قبل اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية، كما حصل على جائزة الإنجاز مدى الحياة للتميز المؤسسي، وبعد وفاته حاز على جائزة آسيا العالمية لمنتدى آسيا والمحيط الهادئ لقادة الأعمال. توفي ديروبهاي في 5 يوليو 2002 بعد إصابته بسكتة دماغية وتولى ابنه موكيش إدارة أعمال العائلة من بعده.