قدرات عملية وتكنولوجية هائلة.. لماذا ستصبح الأعمال الرقمية أبرز أولويات 2019؟
يشهد العالم حاليا نموا في الأعمال الرقمية، لا سيما مع تطور استخدامات الإنترنت، وذلك لمواكبة وتيرة التقدم الذي يشهده العالم، حيث تسعى الشركات، ليس فقط، لتحديث أو ترقيم العمليات الحالية، ولكن أيضا تتيح إمكانية لتسويق المنتجات الجديدة بشكل أسرع.
والتحول الرقمي عبارة عن مبادرة تؤثر بالإيجاب على الأعمال التجارية والعمليات التي تواجه العملاء بالنسبة لنموذج أعمال الشركة.
التحول الرقمي
وأكدت دراسات اقتصادية أن الأولوية الاستراتيجية بالنسبة لـ77٪ من الشركات هي التحول الرقمي خلال السنوات المقبلة، حيث تسعى الشركات الرقمية وغير الرقمية على إعادة استخدام التقنيات الحالية بشكل مثالي للغاية، وذلك من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية، حيث توفر الأعمال الرقمية إمكانية سرعة تنفيذ الأعمال، والكفاءة التشغيلية لها.
يفوق الولايات المتحدة.. صندوق النقد يتوقع نموًا اقتصاديًا هائلًا للسعودية في 2020
وفي السياق ذاته، أشارت مؤسسة «جارتنر»، إحدى المؤسسات الرائدة عالمياً في مجال الاستشارات والأبحاث، إلى أن ثلث الرؤساء التنفيذيين للمعلومات في قطاع الخدمات المالية أكدوا أن الأعمال الرقمية هي أبرز أولوية لعام 2019، أي بزيادة لأكثر من 8% في العام الماضي.
"قد تعني الأعمال الرقمية عادة أشياء مختلفة لدى الرؤساء التنفيذيين للمعلومات في الخدمات المالية".. هكذا قال يورجن ويس، نائب رئيس الخبرة في مؤسسة «جارتنر»، وأضاف: "لا نستطيع التمييز بين استراتيجيتين رقميتين مختلفتين بالكامل في قطاع الخدمات المالية: التحسين الرقمي والتحول الرقمي في الأعمال".
قدرات عملية وتكنولوجية
وقال "ويس" إن التحسين الرقمي يمكن مؤسسات المالية وقادة التقنية من تحسين وتطوير نماذجها القائمة في الأعمال والمنتجات والإجراءات وتجربة العملاء تدريجيًا، مما يعني أن القيمة المتصورة لكل منها سوف لن تتغير، بينما يقدم التحول الرقمي في الأعمال قدرات عملية وتكنولوجية جديدة تقدم أساسا استراتيجيا لإقامة نماذج أعمال رقمية جديدة متينة وتنافسية.
وأضاف: "درس محللو جارتنر، بهدف تقييم حالة تغير المشهد الرقمي في قطاع الخدمات المالية، كيفية مبادرة مؤسسات الخدمات المالية إلى خلق القيمة "نهجها في نماذج الأعمال واستراتيجيات تقنية المعلومات"، والطريقة المتبعة في أعمالها "تبنيها لأهم التقنيات الصاعدة والتوجهات التنظيمية لدفع التحول الرقمي".
وتابع: "تعد التقنية الرقمية بالنسبة لهذه الشركات بمثابة قناة تعمل على التغيير والدفع بفرص جديدة من الإيرادات".
الدراسة التي أجرتها "جارتنر" ساعدت نتائجها على تصنيف مؤسسات الخدمات المالية ضمن خمس مجموعات مختلفة لعمل تحليل أكثر دقة للاستراتيجيات الرقمية المختلفة التي نراها اليوم في القطاع المالي.
رحلة التحول الرقمي مع المؤسسات العالمية
وكان من اللافت للنظر، في نتائج الدراسة، أن قرابة نصف مؤسسات الخدمات المالية العالمية لا تزال في مرحلة مبكرة للغاية أو حتى غير ناضجة في رحلة التحول الرقمي، حيث إنها تقع إما في مجموعة الأعمال التجارية التقليدية أو مجموعة الأعمال في مراحلها الرقمية المبكرة".
كما أظهرت النتائج أن 26٪ من مؤسسات الخدمات المالية التي تنتمي إلى هذه المجموعة، عادة ما تعتمد على الأعمال التقليدية والنمو ضمن أسواقها الحالية، وذلك من دون تطوير إجراءاتها أو تحولها باستخدام تقنيات جديدة أو توسعة نموذج عملها.
فعلى سبيل المثال، أعلنت مؤسسة أوهايو ناشيونال للخدمات المالية أنها ستتوقف عن بيع عقود تأمين المعاشات ومن ثم ركزت على خطوط أخرى لمنتجات التأمين على الحياة، وذهبت مؤسسة كانساس سيتي لايف إلى شراء شركات منافسة أخرى حتى تتمكن من تنمية حضورها في الأسواق المحلية وتعزيز منتجاتها، أما شركات التأمين التقليدية الأخرى فقد تفتقر إلى دراسة جدوى أو ثقافة تجارية لإحداث تغييرات كبيرة.
التحسين الرقمي
من جهة أخرى، ترى شركات التأمين والمؤسسات البنكية الواقعة في هذه المجموعة بأن للموهبة أهمية كبرى لإجراء التحسين الرقمي، لذلك يأتي في مقدمة استراتيجيتها الرقمية توظيف أو تدريب موظفين على استخدام التقنيات الرقمية، وعلى سبيل المثال، أوجد بنك "بي إم أو" في مونتريـال، أحد الفائزين بجوائز جارتنر للابتكار، طريقة جديدة تمامًا لدفع الفواتير عن طريق تطبيق قدرات التعلم الآلي لأجل التعرف على محرر الفاتورة والمستفيد ورقم الحساب والمبلغ وتواريخ الاستحقاق ضمن مجموعة من الشركات ونماذج كشوفات الحسابات.
وتخاطر المؤسسات المالية التي تقع في هذه المجموعة بشكل محسوب عند تبنيها تقنيات جديدة أو تحسينها لإجراءات الأعمال، مع هذا فإنها لن تحقق عادة الريادة في الابتكار أو تتراجع عن تصوراتها القائمة عن القيمة في أعمالها، وتسعى مؤسسات هذه المجموعة نحو تحقيق الخفة والسرعة في السوق لتقليص زمن استجابتها للتحولات في السوق أو عند المنافسين.
مصرف تايشين انترناشيونال
فعلى سبيل المثال، طوّر مصرف تايشين انترناشيونال في تايوان، أحد الفائزين بجوائز جارتنر للابتكار للعام 2018، تطبيق "ريتشارت" الذي يقدم تجربة رقمية كاملة مع خدمات مالية ومنتجات تنافسية مبتكرة ومتكاملة يمكن الوصول إليها بسهولة عن طريق الهاتف الذكي والكمبيوتر المحمول.
ويتميز المبتكرون الرقميون بقدراتهم التقنية الأكبر والنضج في أسلوب تبني مناهج واستراتيجيات جديدة لأجل التطور، فنراهم الأوائل في تبني التقنيات الحديثة مثل بلوك تشين والذكاء الاصطناعي.
وتسعى هذه المؤسسات غالبًا إلى تقنيات تمكنها من الارتقاء بتجربة العملاء باستخدام روبوتات الدردشة وغيرها من الأدوات لتطوير التفاعل عند تقديم خدمة العملاء، فمثلاً، تمكن بنك بانكولومبيا، وهو من الفائزين بجوائز جارتنر للعام 2017، من إتمام 40 عملية خلال السنة الأولى لمشروع ضخم للمعالجة الآلية، والذي ترجم في خفض تكاليف التشغيل بقيمة 1.4 مليون دولار وزيادة في دخل البنك بلغت 7.5 مليون دولار.
أرامكو تكشف تفاصيل إنشاء أول محطة هيدروجين للسيارات في السعودية
ويتمتع 12% فقط من مؤسسات الخدمات المالية بالنضج في تحولاتها الرقمية لتنضم بذلك إلى مجموعة المتحولين الرقميين. ويكمن أبرز محرك لدى هذه المؤسسات في سعيها إلى إدخال تغيير ثوري على القطاع المالي لأجل الاستفادة من نواح جديدة في النمو أو فتح أسواق جديدة أو إيجاد روافد جديدة من العوائد "مثل تحويل البيانات إلى عوائد مادية"، وتزيد الشركات في هذه المجموعة من مضاعفتها لمعدل استخدام التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي أو بلوك تشين أو التحليلات المعززة.
فعلى سبيل المثال، قامت شركات "أولستيت" و"أكسا" و"جنرالي" وغيرها من شركات التأمين العالمية الكبرى بتنفيذ واجهات التطبيقات البرمجية لأجل توسعة سلسلة القيمة لديها والتنسيق مع أطراف أخرى أو شركائها التابعين.