فلنتعلم من ألأخطاء.. الشركات الكبرى وحملاتها الإعلانية الفاشلة عام ٢٠١٨
الفكرة قد تبدو جيدة في غرف الإجتماعات، وعلى الورق هي تعد بنجاح ساحق. ولكن وبعد التنفيذ النتيجة تكون الفشل الذريع. الأفكار الجيدة يمكنها أن تتحول الى كل ما كارثي بطرق لم نتخيلها، والامر هذا وارد الحدوث وبشدة في مجال الإعلانات سواء كان الامر يتعلق بطريقة التنفيذ أو بطريقة تلقي الجمهور لهذا الإعلان أو ذاك. وفي النهاية المتضرر الوحيد في هذه المعادلة هو الماركة نفسها. الماركات في عصرنا الحالي تحاول إستكشاف قنوات جديدة فالمنافسة شرسة وقدرة الوصول الى الأجيال الجديدة صعبة عليهم.
ولأن الحملة الإعلانية الفاشلة لا تعني فقط الخسائر المادية بل إلحاق الضرر بصورة الشركة نفسها، سنقوم بإستعراض لأفشل الحملات الإعلانية لشركات كبرى في العام ٢٠١٨ كي نتعلم من أخطائها.
بينها دولة عربية.. دول تضم أكبر عدد مليارديرات في العالم (صور)
أتش أند أم
ألم يكن هناك شخص واحد يملك دقة الملاحظة في شركة أتش أند أم ليقول بأن هذا قرار كارثي؟ كيف يمكن لقسم إعلانات، ثم قسم التنفيذ، وربما حتى المصور نفسه، ولاحقاً الذين يعلمون في مجال التسويق ألا يلاحظوا بأن نشر صورة لطفل ببشرة سوداء وهو يرتدي كنزة كتب عليها «ألطف قرد في الغابة» فكرة كارثية بكل المعايير؟
الإعلان العنصري وبشدة أثار موجة غضب عارمة ما جعل الشركة تلغي جميع حملاتها التسويقية وحينها اعلن نجم موسيقى البوب الكندي ذا ويكند عدم تعامله مجدداً مع الشركة اذ كان قد تعاون معها في العام ٢٠١٧.
الشركة إعتذرت وجاء في بيان اعتذارها«نشعر بعميق الأسف لالتقاط مثل هذه الصورة كما نأسف أيضا لطباعة الشعار نفسه» وقالت إنها ستدقق في ممارساتها الداخلية لتفادي حدوث مواقف مماثلة مستقبلاً. إعتذار لم يكن على قدر موجة الغضب وبالتالي كان بإمكان الشركة القيام بعمل افضل كما فعلت بيبسي في بيان اعتذارها والذي سنذكره لاحقاً.
ما الذي يمكن تعلمه من الحملة؟ الفكرة برمتها كانت كارثية وواقع ان احداً لم يلاحظ ذلك دليل على فشل ذريع، وبيان الاعتذار سيء وبالتالي على الشركة أن تدقق فعلاً فيما حصل لانه اغرب من الخيال.
دوف : حملتان كارثيتان
الشركة هذه ومنذ ١٥ عاماً تعتمد مقاربة إعلانية ناجحة قائمة على إظهار نساء «حقيقيات» في إعلاناتها وذلك في محاولة لتعزيز رضا النساء عن أنفسهن وخلق صورة جسد إيجابية . ثم جاء القرار بإصدار محدود الغاية منه إظهار التنوع في أشكال الجسد.. فكانت العبوات مصممة على شكل أجساد النساء لتختار كل واحدة الشكل الذي يمثلها. المشكلة هي أنها إصدرت ٧ أشكال فقط وعوض ان تقوم بخدمة الرسالة التي تسعى اليها قامت بالنقيض كلياً.
ما يمكن تعلمه من هذه الحملة هو أنه يجب أن يكون الهدف الكلي في الحسبان عند تصميم الاعلانات أو الحملات الترويجية. الإستراتيجية العامة للحملة هذه لم تتمكن دوف من رؤيتها حين وافقت على تصميم ٧ أشكال .
إعلان اخر ورغم ظهوره في العام ٢٠١٧ ولكننا سنتحدث عنه لانه وبكل بساطة «غبي». فكيف يمكن لشركة أن تتخيل بأن إعلان عبارة عن تحول إمرأة ذات بشرة سوداء الى إمرأة بيضاء بعد إستخدام احد منتجات الشركة لن يثير زوبعة؟
الشركة إعتذرت ولكن البعض إتهمها نشرت ذلك الإعلان بشكل متعمد وذلك كي تجذب الإنتباه اليها. أي اعتماد مبدأ انه لا يوجد ما يسمى دعاية سيئة.. المهم جعل الناس يتحدثون عن الماركة.
بيرغر كينغ.. ١٠ سنوات من الاعلانات الكارثية
ربما على بيرغز كينغ التفكير بإعادة هيكلة شاملة لقسم الإعلانات والتسويق لانه من الجنون أن تستمر شركة بالنهج نفسه رغم فشل حملاتها سنة تلو الاخرى فالفشل مستمر منذ أكثر من ١٠ سنوات. معاناة بيرغز كينغ بدأت مع بروز نجم وينديز ولاحقا تاكو بيل.. فحينها قررت الشركة بأنها ستعتمد مبدأ الغرابة في إعلاناتها كي تتمكن من جذب الزبائن.
في البداية اعادت الشركة جالب الحظ الخاص بها وهو «الملك» الغريب الشكل. ثم قررت الترويج للفطور في مطاعمها من خلال الاعتماد على امرأة بملابس السباحة وهي تغني صباح كل يوم عند الساعة التاسعة والنصف صباحاً للترويج للفطور.
الدرس هنا واضح وضوح الشمس، مبدأ الغرابة لم ينفع فلماذا الإصرار؟ الجهات المعنية بإخراج الشركة من مأزقها فشلت إعلانياً فلماذا لم تقم الشركة بالتغييرات الضرورية؟
بيبسي
رغم أن الإعلان هذا طرح في الـ ٢٠١٧ ولكن لا بد الحديث عنه لأن الخطأ الذي ارتكبته بيبسي في هذه الحملة كبير ولكن بيان الإعتذار مثالي.
الإعلان طرح في خضم موجة إحتجاجات شهدتها الولايات المتحدة إحتجاجاً على إنتهاكات حقوق الإنسان بعد مقتل عدد من الأميركيين من أصول افريقية برصاص الشرطة. في الإعلان تظهر كيندل جينز في جلسة تصوير ثم ترى المحتجين فتخرج وتقدم للشرطي بيبسي فيبتسم ويبدأ الجميع بمعانقة بعضهم. الإعلان سخف ما يحدث وأثار موجة إستغراب. وهذا صحيح، فالاعلان كليشيه وسخيف وسطحي بشكل يفوق الوصف. بيبسي اصدرت بيان اعتذار قالت فيه انها كانت تحاول أن تقدم رسالة عالمية عن الوحدة والسلام «من الواضح أننا أخفقنا ونحن نعتذر. لم نقصد الاستخفاف بأي قضية جادة. لقد حذفنا المحتوى وأوقفنا نشره».
يمكن تعلم الكثير من تجربة بيبسي وهي أن التطرق الى مواضيع حساسة يجب أن يتم بحذر شديد وأيضاً ما يمكن تعلمه هو الإعتذار، فالشركة إعتذرت بطريقة مثالية قللت من حجم الضرر الذي وقع خلافاً لإعتذار اتش أند ام البارد الخالي من المشاعر.
هيونداي
اعلانات السوبر بول في أميركا لها أهميتها بقدر الحدث نفسه.. فهي فرصة لإستعراض العضلات ولإظهار الجانب المبدع للشركة. هيونداي لم تقم باي من هذه الامور. في إعلان غريب من نوعه قررت هيونداي إستغلال «الأطفال المصابين» بالسرطان من اجل الترويج للسيارات. الاعلان يصور مجموعة من الاشخاص الذين يمرون من خلال ما يسمى «كاشف الامل» وهذا الكاشف كان يتعرف على مستخدمي هيونداي من خلال مفاتيح السيارات. الفكرة كانت من اجل دعم حملة تقوم بها هيونداي وتسمى «هوب أون ويلز» وهي تسعى لجمع المال للدعم الابحاث للأطفال المصابين بالسرطان.
الفكرة سيئة جداً ولكن ما جعل اعلان هيونداي يفشل هو ما هو بديهي. ان كان الهدف الدعم فعوض انفاق الملايين على اعلان يمكن دفع هذه الاموال مباشرة للجهة المعنية.