مأزق.. كيف ترفض طلب موظف لمنصب لا يناسبه دون تدميره؟
«آسف، لكنك لن تحصل على الوظيفة».. كمدير هذه الجملة، التي لعلك لا تحب قولها، قد تكون قد كررتها منذ توليك منصبك أكثر من مرة. رفض توظيف أحدهم في منصب معين أمر طبيعي، وقول «لا» لأشخاص من خارج الشركة ورغم صعوبته ولكنه سهل نسبياً. وبالتأكيد سنوضح هذا التناقض في استخدام الصفات، فأنت لا تعرف الشخص الذي ترفض طلبه، وعلى الأرجح لن تراه أو تسمع عنه مجدداً في حياتك.. وعليه ورغم تعاطفك معه، لكن قول «لا» له لن يترك أثره الكبير عليك.
قد تتأثر لأنك أفسدت نهاره وربما أسبوعه، وجعلته يشعر بخيبة أمل وإحباط، ولكنك على الأقل لن «تشهد» على هذه الأمور «مباشرة».
ولكن في حال كان المرشح داخلياً فهنا المعضلة الكبرى. موظف في الشركة، تعرفه وتتعامل معه بشكل يومي، وهناك التواصل اليومي أو شبه اليومي معه تقدم بطلب وتم رفضه.
رفض طلب مرشح داخلي دقيق للغاية لأنه لا يجب أن تنسى ولو للحظة واحدة أن مكان العمل هو وحدة متكاملة، وما يحدث لشخص ما، يصبح فجأة «عبرة للآخرين»، وبالتالي الأجواء العامة كلها يمكنها أن تتأثر بشكل سلبي.
بالإضافة إلى هذه النقطة الأساسية هناك أيضاً المرشح نفسه الذي عليك أن تعرف كي تبلغه الخبر، وكيف تساعده على توجيه توقعاته بالتقدم في حياته المهنية داخل الشركة.
ففي نهاية المطاف أنت تتعامل مع شخص يؤمن بأهداف شركتك، ويريد أن يطور مهاراته وأن يتولى المزيد من المسؤوليات معك ومع الشركة.. أي أنه فضّلك على الشركات الأخرى وبالتالي قدم طلباً لمنصب ما سواء في القسم الذي يعمل فيه أو طلب نقله إلى قسم آخر، وإن كان الطلب الأخير هو الأكثر شيوعاً للمرشحين الداخليين.
فكيف تسبح في هذه المياه العكرة؟
البريد الإلكتروني خيار سهل.. أرجوك لا تعتمد عليه: البريد الإلكتروني نعمة ولعنة، وفي هذه الحال هو لعنة. هو الخيار السهل بالنسبة إليك ولكنه ليس المقاربة المقبولة على الإطلاق لإبلاغ المرشح الداخلي بأن طلبه مرفوض. عليك الحديث معه وجهاً لوجه وشرح قرارك النهائي له. هناك الكثير من الأمور التي عليك الانتباه إليها، نبرة صوتك وتعابير وجهك ولغة جسدك بشكل عام. كل هذه الأمور يجب أن تترك تأثيراً إيجابياً وليس سلبياً. أصلاً، فكرة أنك خصصت له الوقت من أجل شرح الأسباب ونقل الخبر له شخصياً ستترك أثرها الإيجابي.
الوضوح الكلي حول الأسباب: قليل من التخطيط قبل اللقاء سيكون مفيداً حين ترفض طلب مرشح داخلي. عليك أن تفكر بما ستقوله والآلية التي ستعتمدها لنقل هذه الأخبار السيئة. قم بكتابة أفكارك ويمكنك حتى الاستعانة بقسم الموارد البشرية؛ لأنهم يملكون خبرة واسعة في هذا المجال. من الأهمية بمكان أن تكون واضحاً جداً حول القرار، أي لا تعتمد مبدأ المواربة ومحاولة التحايل على الموقف من خلال إيهامه بأن الرفض مؤقت، فإن كان الرفض نهائيا عليك أن تبلغه ذلك. ولكن ما هو أهم هو شرح الأسباب التي جعلتك تتخذ هذا القرار. وهذه هي المرحلة الدقيقة جداً، فحين ترفض طلب مرشح خارجي فالأسباب قد ترتبط بواقع أنه لا ينتمي إلى الشركة وثقافتها، ولكن المرشح الداخلي ينتمي إليها وبالتالي الخلل هو في الخبرة أو المهارات. ورغم صعوبة الموقف عليك أن تتحدث حول الخلل الذي جعله لا يحصل على المنصب. الآلية التي تعتمدها هي التي ستجعله إما يود العمل على الخلل وتحسين نفسه أو يشعر بالسوء الشديد وتكون ردة فعله إما الاستقالة أو التحول إلى موظف «داوم» من دون إنتاجية. عليك الإجابة عن كل الأسئلة التي سيطرحها والتي لن يطرحها.
بعد الخبر السيئ والشرح.. إبدأ المرحلة الثانية: بعد خيبة الأمل، عليك أن تقوم بكل ما بوسعك من أجل جعله يتخطى ما حصل وبأسرع وقت ممكن. ولا يوجد مقاربة أفضل من جعله يخطط لمستقبله وفق الأسباب الصحيحة. أحياناً الموظف قد يطلب نقله إلى قسم آخر لكل الأسباب الخاطئة أو قد يتقدم بطلب لمنصب ما للأسباب الخاطئة. فهو لعله يشعر بأنه عالق في مكانه، لم يتعلم شيئاً جديداً بل يقوم بالأمور نفسها مرة تلو الأخرى. وعليه المنصب الذي أراده لنفسه قد لا يكون الخيار الصحيح الذي يتماشى مع أهدافه المهنية.
ومن هنا تبدأ المحادثة المفيدة لكل الأطراف، والتي تتمحور حول أهدافه المهنية. أي لقب مهني يود الحصول عليه يوماً؟ ما الذي يحب القيام به على الصعيد المهني؟ أي قسم في الشركة أو أي جزء من وظيفته الحالية يجعله يشعر بالحماسة؟ فهم التطلعات والآمال الخاصة به تساعدك لمساعدته على فهم المسار الذي عليه اعتماده من أجل السعي خلف اهداف تحقق له بالفعل ما يطمح إليه في حياته المهنية.
فرص أخرى للنمو داخل الشركة: تحتاج لأفعال تدعم كلامك؛ لأن الوضع حساس جداً. لذلك، وبحكم موقعك أنت تعرف الفرص المتوفرة داخل الشركة والتي يمكنها مساعدته على النمو. قم بمشاركة هذه الفرص معه، واشرح له ما تسعى الشركة لتحقيقه وكيف هو شخصياً يمكنه أن يساهم في هذا النمو. ثم تحدث عن المكان الذي تؤمن بأنه مناسب له ضمن هذه الخطط.
قم بالسؤال عن حاله لاحقاً: قلت ما عليك قوله، وقمت بما يتوجب عليك القيام به. ولكن ورغم أنك خففت من التأثير السلبي لرفض طلبه، ولكنه ما زال موجوداً. وهذا طبيعي تماماً. لذلك احرص على أن تسأل عن أحواله خلال الفترات اللاحقة أو حدد موعداً للقاء به مجدداً بعد فترة قصيرة. هذه المقاربة وبكل بساطة تُظهر بأنك تهتم لأمره ولأحواله ولمشاعره. هكذا ستجعله يشعر بأنه رغم رفض طلبه لكنك تقدره وتحترمه وتقدر المهارات التي يملكها.
المصدر: ١