كيف تمارس دورك القيادي خلال فترة تغييرات شاملة في الشركة؟
هناك عدة أسباب تدفع الشركات الى تغيير الطريقة التي تنجز بها الأعمال، منها ما قد يتعلق بعدم تحقيق الرؤية السابقة وطرق تنفيذها للأهداف أو ما قد يرتبط بضرورة القيام «بنفضة» شاملة من أجل ملاقاة حاجات السوق والتأقلم مع المتغييرات التي طرأت على عالم الأعمال.
التغييرات في عالم الأعمال تسير بشكل سريع جداً وأي شركة تحصن نفسها ضده تحكم على نفسها بالموت..وعليه نادراً ما نجد شركات تقاوم التغييرات وتتمسك بالجمود. ولكن الأهمية كلها لا تتمحور حول «قرار» التغيير أو وضع الخطة بل بكيفية التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع.
آلية التطبيق هي من مسؤولية القادة في الشركات بغض النظر عن موقعهم في الهرم الوظيفي سواء كانوا في أعلاه أو في وسطه. والعائق الأكبر الذي يواجه أي مدير هو واقع أن البشر بطبيعتهم يقاومون التغييرات ما يعني أنه ليس فقط أمام تحديات تتعلق بخطط العمل، بل بتحديات تتعلق بفرق العمل. فكيف تمارس دورك القيادي خلال فترة تغييرات شاملة في الشركة؟
كيف حقق "الأخوان كوليسون" ثروة تقدر بمليارات الدولارات من شركتهم الناشئة؟
التواصل
البشر لا يتفاعلون بشكل جيد مع واقع كونهم في مرحلة انتقالية تجعلهم يعلقون بين الواقع وبين ما يأملونه في المستقبل. لذلك هناك ضرورة للتواصل الصحيح والفعال على كل المستويات.
التوقيت هو كل شيء: التوقيت يضاهي الرسالة التي تريد إيصالها للفرق العاملة. أهميته تتضاعف في هذه المجالات:
الأفكار الجديدة: عندما تمر شركة بتغييرات فإن هناك مجموعة من الافكار الجديدة التي ستطبق. المدير الذي «يشارك» هذه الأفكار فقط مع فريقه حين يريد منهم تطبيقها يعتمد مقاربة خاطئة؛ لأن ذلك يخلق الارتباك والفوضى لان غالبية الافكار الجديدة عادة تتعارض مع القديمة. ما على كل قيادي التفكير به عند عرض الافكار الجديدة هو ما إن كانت المعلومات التي يبلغ بها الآخر فعلاً مفيدة بالنسبة إليه؟ وما هو تأثيرها العاطفي والنفسي عليه؟
الأخبار السيئة: الأخبار السيئة لا يتم نقلها عن طريق البريد ولا من خلال تفويض شخص آخر. المدير هو الذي يتولى هذه المهمة، والذي يقوم بها بأسلوب يحد من الأضرار.
وعود قليلة.. وإنما محددة
يقع المدير خلال مرحلة التغييرات بخطأ كلاسيكي، وهو أنه وبسبب رغبته بتحفيز الفريق وتشجيعه يقوم بإطلاق وعود عديدة ضخمة. خلال فترة التغييرات الشاملة في الشركات الوعود يجب أن تكون في حدها الأدنى، ولكن محددة وقابلة للتحقق.
الوعد قد يبدو الطريقة الأسهل للتشجيع والطريق المختصر لإعادة الاستقرار إلى مكان العمل، ولكن الوعد الفارغ هو أسرع طريق لتدمير الثقة.
"ريتيش أغاروال".. من عامل نظافة إلى رأس شركة قيمتها مليارات الدولارات
استمع في الاجتماعات الفردية وتحدث في الجماعية
بطبيعة الحال خلال فترة التغييرات في الشركة على المدير الاجتماع بالأشخاص الذين يعملون ضمن فريقه فرداً فرداً. خلال تلك الاجتماعات على المدير الاكتفاء بالاستماع، وذلك كي يتمكن من تفهم وجهات النظر، أما الحديث فهو فقط خلال الاجتماعات الجماعية؛ كي لا يجد المدير نفسه في معمعة إبلاغ هذا وعدم إبلاغ ذاك.
خلق ثقافة الشركة
التغييرات تطال ثقافة الشركة وربما اسمها وهويتها بشكل كلي أو جزئي وهذا الواقع يؤدي إلى الضياع عند الجميع من دون استثناء، مديرين كانوا أم موظفين. لتجاوز المرحلة بسلام يمكن الاستعانة بهذه النقاط:
- ما هي الأمور التي كانت جزءاً من ثقافة الشركة ويمكن الاستمرار بها بعد التغييرات؟
- كيف يمكنك خلق تجارب تساعد الفريق أو الأفراد الذين يخافون من التغييرات؟
- أي لغة مشتركة يمكنك اعتمادها مع القادة الآخرين في الشركة من أجل وضع الأسس الثابتة لفريق العمل؟
في المقابل يجب الاعتراف بأن للتغييرات تأثيرها العاطفي، وبالتالي هناك ضرورة ملحة لتفهم هذه النقطة.
اتخاذ القرارات
رؤية طويلة الأمد: خلال مرحلة التغييرات قد تجد نفسك كمدير تركز على بعض الأمور التي سيتضج لك لاحقاً بأنها لم تكن هامة كما كان يخيل اليك. في الواقع يسهل على المدير التركيز على أمور غير مهمة لكونه منهكا ويحاول العمل على أكثر من جبهة.
لتجنب الوقوع في هذا الفخ تخيل الوضع بعد ١٠ سنوات وفكر بالأمور التي كنت تود لو قمت بها خلال هذه المرحلة. مثلاً لو افترضنا أنك تضع أهمية كبرى على الاسم الجديد للشركة محاولة رؤية أهمية هذا الشيء بعد ١٠ سنوات من الآن يساعدك على فهم ما إن كان يجب فعلاً إضاعة كل هذا الوقت على اللوجو.
تحدث عن «تحيزك»: عند وضع الخطط الاستراتيجية كل قائد أو مدير سيجد نفسه يميل لتقبل بعض الأمور ورفض بعضها الآخر، وذلك إنطلاقاً من تحيزه لأمر معين. السبب هو أن كل مدير يريد نتيجة معنية، وبما أن كل شخص ينظر إلى هذه الأمور من زواية مختلفة فإن التصادم قد يبرز. لذلك من الأهمية بمكان أن يكشف كل مدير عن الأمور التي قد تدفعه للتحيز ودعم هذه الجزئية أو رفض تلك.
قرارات الحرب وقرارات السلم
قرارات الحرب هي القرارات التي يجب تنفيذها وبالتالي هناك ضرورة للتمييز بينها وبين القرارات الأخرى. أما القرارات الأخرى فهي أقل صرامة لناحية الحسم والتنفيذ. لذلك من الأهمية بمكان وضع هذين المبدأين بالحسبان عند اتخاذ القرارات خلال فترة التغييرات:
- القرارات قابلة للتعديل، ذكر نفسك بهذا الأمر دائماً. جيف بيزوس كتب لحملة الأسهم في رسالته السنوية أن غالبية القرارات التي تتخذ قابلة للتعديل وحتى أنه يمكن تنفيذها بشكل معاكس إن استدعت الحاجة. هذه المقاربة تسرع عملية اتخاذ القرارات، لأنه يمكن تصحيح القرارات الخاطئة لاحقاً. الجمود غير مقبول لذلك خذ القرارات وحدد موعداً دورياً لإعادة تقييمها.
- تحديد الأمور التي لا مجال للتفاوض عليها. هذا الأمر بشكل عام يتمحور حول القرارات الكبيرة والمؤثرة. لذلك قسم قراراتك وفق «ما يجب الحصول عليه أو تنفيذه» وبين ما «يمكن الحصول عليه أو تنفيذه ».