نجاحك الكبير في شركة واحدة نعمة أم نقمة.. ما الذي نتعلمه من مارك زوكربيرج؟
عند الحديث عن مارك زوكربيرغ فإن ردة الفعل دائماً تكون الانبهار بسبب الإنجازات الكبيرة التي حققها رغم صغر سنه، ولكن عند النظر إلى سيرته الذاتية فلن تجدوا سوى خبرة في مؤسسة واحدة.. فيسبوك.
البعض قد يعتبر أنه لا يحتاج إلى خبرات أخرى، بحكم أنه من أنجح الرجال في العالم.. ولكن الواقع مغاير، فهذه الخبرة «الضيقة» تعني أنه يعاني من نقص في الخبرة في مجالات أخرى لها علاقة بعمله مباشرة.. أمر لا يجد زوكربيرغ نفسه حرجاً بالاعتراف به.
ففي حديث مع مجلة نيويوركر، كشفت المديرة التنفيذية لقسم العمليات في فيسبوك أن مارك وفي أكثر من مناسبات في اجتماعات مختلفة، يقول أمام الجميع إنه لم يعمل في أي مكان اخر باستثناء فيسبوك، وعليه فإن شيريل هي التي تبلغه بما عليه أن يعرفه عن أمور أخرى بحكم أنها «أكثر خبرة» فيها.
في حالة زوكربيرغ، هو يمكنه الاعتراف بذلك ولن يتأثر منصبه ولا نجاحه ولا أي من التفاصيل الأخرى المتعلقة به فهو في نهاية المطاف مارك زوكربيرغ.. ولكن ماذا عن «عامة الشعب» الذي لم يؤسسوا شركات هي الأنجح في العالم ويمضون حياتهم المهنية كاملة في شركة واحدة؟ هل البقاء في مهنة واحدة مع شركة واحدة نعمة أم نقمة؟
حياة كاملة في شركة واحدة = خبرة محدودة
إمضاء حياتك المهنية كاملة في مؤسسة واحدة يعني أنك ستملك خبرة واسعة جداً ضمن حدود ضيقة.. فكما هي حال مارك زوكربيرغ، فهو يعرف تماماً ما الذي يفعله في مجاله، وهو يملك خبرة واسعة جداً.. ولكن في كل المجالات الأخرى هو لا يملك أي خبرة على الإطلاق. فهو لم يعمل في مؤسسة أخرى، ولا يعرف كيف تسير الأمور في أماكن أخرى. بطبيعة الحال هو يملك فريقاً كاملاً يبلغه بما لا يعرفه ولكن «المعرفة» نظرياً تختلف كلياً عن المعرفة عن طريق التجربة.
وهذا الأمر ينطبق على أي شخص يمضي حياته المهنية كاملة في شركة واحدة.. هو سيملك الكثير من الخبرة في مجاله وضمن حدود شركته وقواعدها فقط.
ماذا عن من يشغل منصب مدير؟
تمت ترقيتك لمنصب مدير في الشركة التي تعمل فيها منذ بداية حياتك المهنية.. وبالنسبة إليك مغادرة هذه الشركة حالياً أو في أي وقت آخر قد يبدو ضرباً من الجنون لأن المستقبل يبدو مشرقاً. مقاربة قد تبدو لك صحيحة حالياً ولكن عليك التفكير بالجهة المستفيدة أكثر من غيرها في هذه الحالة.. فهل أنت المستفيد أم الشركة؟
الشركات تستفيد من المديرين الذي يمضون حياتهم المهنية كاملة معها، وذلك لأنه بالنسبة إليها هناك استقرار يطال كل المجالات، فعادة عندما تمر الشركات في مرحلة انتقالية عند توظيف مدير جديد، فإن إنتاجية الجميع تنخفض وبشكل كبير خلالها. وبالتالي هناك ميل لجعل المدير يبقى في الشركة عوض استبداله بمدير جديد. ولكن هناك الجانب السلبي للتمسك هذا؛ إذ إن الشركة تعاني من نقص في الأفكار الجديدة.
المدير نفسه هو من المتضررين أيضاً، فكما هو معروف أي شخص في منصب متقدم في أي شركة كانت يميل لإحاطة نفسه بأشخاص يوافقونه الرأي ويدعمونه، وبالتالي لا وجود لوجهات نظر مختلفة ولا أفكار مغايرة تماماً عن تلك التي يقررها المدير.
فما هو الحل هنا بالنسبة للطرفين.. الشركة والمدير؟
الحل هو ما قام به زوكربيرغ نفسه من خلال التنوع.. فهو يملك مجموعة من الأشخاص الذي يملكون خبرات متنوعة في مجالات مختلفة فمثلاً ساندبيرغ عملت في غوغل كما أنها تملك خبرة في العمل في المجال الحكومي. وبالتالي سيكون هناك اختلاف بالرأي ووجهات نظر مختلفة ونقاش حول كل شيء.
كيف تكشف كذب المتقدم لشغل وظيفة؟.. «إيلون ماسك» يجيبك بحيلة ذكية
موظف في شركة واحدة مدى الحياة ؟
في المقابل هناك الذين يعملون مدى الحياة في شركة واحدة في المنصب نفسه. بطبيعة الحال المقاربة هذه مدمرة على الصعيد المهني. فرص العثور على وظيفة أخرى ستكون متدنية وذلك في حال قرر الشخص القيام بعملية انتقالية، فالشركة الأخرى ستنظر إلى سيرته الذاتية وسترى شخصاً في المنصب نفسه منذ سنوات طويلة، وبالتالي هو بالنسبة إليها لا يملك الطموح، وقد لا يملك ما يؤهله كي يعمل معها، فإن كانت شركته السابقة لم تجد فيه الخصال التي تدفعها الى ترقيته ولم يكن «جيداً بما يكفي» لمن عمل معهم لسنوات طويلة، فبالتأكيد هو ليس جيداً بما يكفي بالنسبة إليها.
وللغرابة، فإن النظرة هذه تنطبق على الشركة التي يقرر الشخص أن يمضي حياته المهنية كاملة فيها. الشركة قد تنظر للموظف هذا بأنه لا يملك المحفزات ولا الدوافع للتقدم والتطور خصوصاً في حال لم يحصل على ترقية طوال حياته المهنية. الإخلاص للشركة والخبرة الطويلة تصبحان بلا أهمية في هذه المرحلة. الشركة فقط ستنظر إليه كموظف آخر لن يغادر ما لم تطرده.
هل البقاء نعمة أم نقمة؟
الغالبية تنتقل إلى وظائف أخرى في شركات أخرى من أجل فرص أفضل، راتب أفضل، منصب أعلى، أو حتى لمجرد التعلم وإكتساب الخبرات الجديدة. في حال، كان الشخص يتقدم في مسيرته المهنية ضمن الشركة نفسها، فإن الاستمرار معها مقبول ومنطقي كما أنه لن يؤثر على حظوظه بالعثور على وظيفية أخرى حين يقرر الانتقال.
في المقابل، الشخص الذي يجد نفسه في شركة لم تقم بترقيته لسبب أو لآخر ويقرر البقاء معها، فإن القرار هذا مدمر.. حظوظه بالتقدم ضمن الشركة التي يعمل بها ستصبح في حدها الأدنى كلما زادت السنوات التي يمضيها في المنصب نفسه.. والأمر نفسه ينطبق على الشركات الأخرى.
«ريتشارد برانسون» موّل أول مشاريعه التجارية بأقل من 2000 دولار.. فكيف فعل ذلك؟