هل اقتربت نهاية التسلسل الهرمي الوظيفي في عالم ريادة الأعمال ؟
كثير من الأسباب تعد أحد العوامل الرئيسية في عرقلة استمرار ما يعرف بهيكل التسلسل الهرمي النموذجي المتبع في الشركات والكيانات المؤسسية الكبرى واحتمالية توقفه بشكل جذري نهائياً، وذلك في ضوء السياسات الإدراية المنفرة والمثيرة للاكتئاب والاحباط بين موظفي تلك الشركات كأساليب الإلزام وعقد عدد مكثف من الاجتماعات التي يكون جزء منها في بعض الأحيان لا لزوم له.
وداعا لكل تقليدي في عالم الريادة
فلا عجب من رؤية المسؤولين يناضلون من أجل ابتكار الجديد في ظل تنقلهم من اجتماع إلى آخر طوال يوم العمل، فإذا لم توفر الشركة لموظفيها والمسؤولين على إدارتها جو من التشجيع وإتاحة الفرص لهم لتنفيذ المطلوب من مهام وظيفية يومية، ومن ثم خلق المستحدث من الأفكار، كيف من الممكن لشركة أن تتقدم أو تحقق معدلات النمو والازدهار المطمح لها؟.
7 قصص ملهمة لرؤساء تنفيذيون.. كيف تُحول النكسات لأعظم النجاحات؟
إلا أن الإجابة ببساطة هي أنه لا يمكن لهذه الأمور أن تكون لها مجالاً للحدوث في ظل اتباع هذه السياسة الهرمية التقليدية، وهنا نستطيع أن ندرك جيداً لماذا هذا النوع من البناء الهرمي سيظل يواجه الموت البطئ حتي تأتي لحظة انتهائه المحقق واختفائه على الاطلاق والمتوقع قريباً في ضوء ثورة المعلومات التى لا زالت وستظل مستمرة في التكاثر وخلق المزيد من المستحدثات في عالم التكنولوجيا، وابتكار الجديد في نشأة المشروعات، وإحداث تطورات لحظية في الأساليب الديناميكية بالعمل، بينما أصبحت الطرق التقليدية القديمة في إدارة العمل أشبه بتطبيقات الهاتف المحمول نوكيا شديدة التأخر بعد ظهور جهاز الآيفون.
التكيف مع نموذج "فلاتر" لريادة الأعمال.. ما هي الكيفية؟
وهنا يُطرح التساؤل، كيف من الممكن أن يصبح الطامحين للقيادة قادة بالفعل في ضوء استبدال نظام الشركة التقليدي ببنية "فلاتر" المستحدثة للشركات؟. والإجابة هي أن تعريف القائد في ضوء هذه النظم الحديثة أساسه مبنيٌ على صفات الشخص وسماته التي تؤهله بالضرورة لإمساك الزمام، وليس بناءاً على ما يملكه من ألقاب وظيفية.
وللتوضيح تمت الاستعانة بأمثلة واقعية لرواد عظماء في عوالمهم كالزعيم المهاتما غاندي، والذي لم ينتظر تصريح أو نيل لقب نبيل قبل إقباله على مهمته لتوظيف حملة العصيان المدني في قيادة الهند نحو الاستقلال، أو مثل الإعلامية أوبرا وينفري والتي أيضاً لم تظل واقفة في الصف في انتظار دورها وفرصتها لتصبح قطبًا إعلاميًا. ومثلهم المبتكر الريادي الشهير ستيف جوبز، الذي كان له دور أساسي في "ظاهرة أبل" والتي استمرت في الجزء الأكبر من العقد الماضي. وهنا يكمن السؤال الأهم كيف يمكن لك أن تسلط الأضواء على القادة المحتملين في كيانك المؤسسي؟.
للقيادة معايير
بدءاً ذا بدء، من الضروري تحرى الدقة والانتباه بشدة إزاء اختيار أعضاء فريقك بمنظمة العمل والذين يتدفقون على المقر بغرض الحصول على الوظائف المطلوبة. ومن أهم مايراعي التركيز عليه بخصوص صفات العاملين المستجدين أولئلك الذين يمتلكون سمات عدة تميزهم عن غيرهم كمداومتهم على التعلم، والبحث عن طرق جديدة للنمو والتقدم، وممن يُنصت لهم باحترام خلال الاجتماعات، فهؤلاء هم القادة المحتملون والمسؤولون المستقبليون المعتمد عليهم داخل إطار أى شركة أو منظومة عمل تسعي لكسب مزيد من الاستحقاقات.
ومن هنا يتضح لنا أن القيادة وإدارة المهام لم تعد في حاجة إلى الكفاح الهرمي التقليدي من أجل بلوغ المنصب المستحق، وهذا الأمر لايعني في المقابل أن تكون أبواب الشركة مفتوحة على مصراعيها للجميع ولكن المقصود هو أن تهتز أركان الشركة من قوة أداء العاملين بها، ومن بعدها تبدأ مهمة رئيس المؤسسة في رصد من يستحق بجدارة منصب القيادة ثم الاعتراف به وفقاً لذلك.
المعيار المهني لم يعد بالتقادم
من العلامات الأخرى المدللة على التغيرات الطارئة بحكم الوقت والزمان تلك التي حلت على مايعرف بالقوس المهني والذي يعتمد على التقادم الوظيفي والمناصب والألقاب في علميات التقييم المهني للشخص وذلك في إطار النظم النمطية القديمة، والتي تم استبدالها في كثير من المؤسسات بمعيار يقيم صاحب المهنة بما ينجزه من مهام ويحققه من نجاحات.
وللعلم، ليس كل البشر لديهم الرغبة في نيل منصب القيادة والريادة، وهذا بدروه يضاعف الحمل على المسؤول الأكبر في مؤسسة العمل بضرورة توفير الأجواء المساعدة للتحفيز بغرض تطوير أداء الموظفين والعمل على إبراز نتائجهم والإعلاء من شأنها، بدلا من تركيز كل الأضواء فحسب على المؤهلين لمناصب المسؤولية دون الآخرين لمجرد أنهم في الصف التالي.
الموظفون ليسوا أقل أهمية من القادة
لذلك فمن الضروري أن تتحلي كمسؤول أكبر بصفات الحكمة لخلق كوادر بشرية مؤثرة وقادرة على تفعيل مالديها من إمكانيات لصالح العمل، فإذا كنت ترغب في الفوز بإدارة عدد أكبر من المشاريع وعلى أكمل وجه، فينبغي عليك منح فرق العمل
بالمؤسسة الثقة بتكليفهم بمشروعات مختلفة لإدراتها وإتمامها،. لما لها من دور كبير في تعزيز قيمة المسؤولية لديهم فضلا عن علو نزعات التقدير والاحترام بداخلهم تجاه أنفسهم من جهة ومقر العمل من جهة أخرى.
وفي ملخص للقول فإن التحدي المرجو ظهور نتائجه على أرض الواقع وفقا لنماذج ريادة الأعمال المستحدثة، إثبات العاملين موظفين وقادة جدارتهم وقدراتهم على أن يكونوا أمثلة جيدة يحتذي بها كثيرون على المستوى المهني، ومن ثم الاستغناء نهائياً عن الطرق التقليدية للريادة وفقاً للبناء الهرمي النمطي القديم.