ما هي المفاتيح الأساسية لحل المشاكل المعقدة؟
"لن تستطيع إيجاد الحلول للمشاكل إذا استعنت بنفس مستوي الفكر الذي صنع وأدي إلي ظهور تلك العثرات أمامك؟" تعد هذه المقولة من أشهر كلمات العالم الشهير ألبرت أنيشتاين، فالمشاكل التي تواجهنا غالباً ما تبدو معقدة، وكأنها غير قابلة للحل. لكن، ما الذي ينبغي علينا اتخاذه من تدابير لرفع مستوي التفكير المتشابك في عقولنا،. حتى نتمكن من خوض التحدي وحل ما يواجهنا من تعقيدات.
المسكنات لا تدوم
كثير من القيادات المسئولة تخطئ التقدير حين تقصر النظر على تصنيف القرارات بأنها تحمل إجابات صحيحة أو خاطئة، جيدة أو سيئة، نجحت أو فشلت. ويعد هذا التفكير المزدوج قائم على خيارات تحمل في مضمونها حلول مؤقتة، إلا أن هذا التفكير غالباً ما ينتج عنه تجاوز وتخطي لفكرة البحث عن حلول جذرية للمشكلة القائمة مما قد يتسبب في ظهور المزيد من المشاكل المعاكسة.
ومن أمثال تلك القصص المألوفة تلك التي يستعين فيها المدير التنفيذي بحلول يقدمها خبير استشاري مرموق لدعمه في صنع القرار داخل مؤسسة العمل بأسلوب يضمن مركزيته في نهاية المطاف، ولكن عقب ثلاثة أعوام على الأكثر يعيد المدير التنفيذي الكـــرَّة من جديد ويطلب العون من الخبير لحل المشاكل المنعكسة على القرارات المتخذة من قبل، والتي أصبحت لا تمكنه من السيطرة على نصاب الأمور داخل الكيان المؤسسي .
إنفوجراف| كيف تستفيد من استخدام اليوتيوب بفاعلية في التسويق لمنتجاتك ؟
3 أساسيات للرعيّ بوعي
صحيح أن الأجوبة البسيطة تتسبب في شعورنا بالأمان خصوصاً في الأوقات العصيبة والأزمات، لكن بالإضافة إلى ذلك يحتاج المدراء الجدد على وجه الأخص إلى توفر أو اكتساب ثلاث خصائص شخصية من شأنها أن تمنحك مسؤولية الرعيّ بوعي وبالتالي رؤية الأمور من شتي جوانبها.
أولها عمق التفكير، المعتمد على استعدادك لتحدى النقاط المبهمة غير الواضحة، وتحليل الافتراضات العميقة، فضلا عن مواجهة المعتقدات الثابتة.
ثانياً: مفهومك للتوسع، والمقصود بذلك ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر كافة حتى لو كان إحداها يخص أصحاب المصلحة، بغرض معالجة المشكلة من جذورها بالاستناد إلى وجهات نظر متعددة من الممكن أن تضيف.
ثالثا: إدراكك لفكرة طول الأمد، والتي تتطلب التركيز ليس فحسب على التبعات الحالية للقرار ولكن أيضاً حرصك على إدراك تأثيرها على المدى البعيد.
لذلك حتى تتمكن من اعتناق ذلك المنظور فعليك أنت وفريق عملك تشجيع جميع القادة المسئولين على تبني الثلاث نَوَيات وإلحاقها بممارسات فعلية مستمرة لمعالجة المشكلات بالغة التعقيد.
إنفوجراف| كيف تتقن فن إعطاء الملاحظات الفعالة دون إيذاء أي شخص ؟!
بغرض التطبيق، ابدأ بتحدي قناعاتك الشخصية للأبد:-
يبدأ التمرين بطرحك سؤالين أساسيين على نفسك عند مواجهتك أي من المشكلات أو القرارات الصعبة وهما:" ماذا لو لم أدرك ما حدث؟"، "ما الذي من الممكن أن يكون صحيحاً أيضاً؟". إن معظم البشر يميلون لقناعاتهم التي من خلالها يدركوا الأمور المحيطة بهم، ولكن "التأكيد بتحيز" من أكثر المؤثرات ضرراً على مساحة رؤيتنا للمشكلة و كيفية حلها. ففي باكورة حياتنا نبدأ بتطوير إدراكنا بالروايات المصطنعة بواسطة عقولنا حول ما نعتقد إنه صحيح، أو كيفية دورة الحياة في العالم أجمع، وغيرها من التساؤلات التي يتم تحليلها عبر سرد شخصي داخلي، وبمرور الوقت وبدون وعي نصدق تلك القصص والروايات التي صنعها خيالنا، بل ويظل أناس كُثر ملتصقون بها بقية حياتهم. لذا اعلم جيداً أن التأكيدات القائمة على التحيز على قدر أنها تمنحنا شعور بالأمان، إلا أنها تعيق رؤيتنا للصورة بشكل أكثر دقة.
التطبيق الثاني: مارس مهام فيها تحدي يومياً
تعد كل دقيقة لدى معظم القيادات المسئولة غير متاحة سوى في عقد الاجتماعات والمقابلات والاتصالات الهاتفية واستلام رسائل البريد الإلكتروني وغيرها، بالإضافة إلى المهام المرجو انجازها وضرورة استعداده الدائم لتوفير الردود السريعة على كل التساؤلات المطروحة عليه والتي من شأنها أن تقوض التفكير العقلي الأكثر تعقيدًا لدي المسؤولين.
ومن أجل التغلب على تلك المصاعب الروتينية على المسئولين، عليكم بإتباع واحدة من أقوى الطقوس التي تُعين على حل القضايا المعقدة التي تواجههم بدقة وتتمثل في تخصيص أول 60 دقيقة من بداية توقيت عملك لنفسك وبدون أية مدخلات خارجية أو مقاطعات، وهي طريقة مثالية تساعدك على ضمان تخصيص الوقت والاهتمام الممتزج بالتدقيق العميق في أركان إحدى القضايا المعقدة لديك.
التطبيق الثالث: انبته لمشاعرك
تبنيك واعتناقك لأمر متشابك ومعقد لا يعد مجرد تحدي معرفي إنما يعد تحدي حسي وشعوري أيضاً، بمعني أنك تتعلم من مواجهة التحديات كيفية إدارة مشاعرك السلبية كالغضب والشعور بالخوف وغيرها. فعندما تمر بصراع أو أزمة فعادة تتعرض رؤيتنا للحصار وتضيق بالتبعية، بالإضافة إلى إغلاق تام يصيب ناصيتك أو الفص الأمامي للجبهة وهي أمور من شأنها أن تعيق التفكير العقلي السليم. في تلك اللحظات يتحول تركيزنا تلقائياً للمهمة التي تكون في متناول أيدينا، حيث أن وعي الفرد لتلك المشاعر السلبية تساعده على تعديل الميل للهجوم أو اللوم، الأمر الذي يؤدى إلى استعادة حالة التوازن الشعوري لدى الفرد.
ومن أكثر الطرق فعالية للحفاظ على اتزانك النفسي والشعوري، حين تتدفق داخلك أي من مشاعر الغضب أو القلق أو غيرها من الأحاسيس السلبية الناتجة عن مواقف حياتية سيئة، أن تقتنص من الوقت حوالي 60 ثانية فقط للتنفس بعمق شهيقاً وزفيراً،. والتي سيكون لها مفعول سحري عليك وقتها. ومن الطرق ذات المفعول السريع أيضاً وتتسم ببساطتها، حين تقوم من مقعدك وتستغل من وقتك 5 إلى 10 دقائق في المشي.
ويفوق كل ما تم ذكره، أن القدرة على إدارة الأمور ومواجهة المتطلبات شديدة التعقيد هي شجاعة في حد ذاتها، فإن الاستعداد لاتخاذ مقعد الجلوس في المنطقة غير المريحة أو غير الآمنة يعتبر من أقوى التمارين على الإطلاق لما لها من دور أساسي في رفع مستوي التفكير المتشابك في عقولنا. إلا أنه وفي مختصر من القول ذكر أحد الاستشاريين في عالم القيادة ظفار آشي، أن "في الأنظمة المعقدة، لا توجد وصفة بعينها إنما هي مهارة مملوكة وفن متقن ليس أكثر".