الملك عبد الله الثاني : التزام بالوقت ولا مكان للتعب في قاموسه
العين ناصراحمد اللوزي
رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس الأعيان الاردني
عندما انتقلت السلطة، من الملك الحسين رحمه الله، الى جلالة الملك عبد الله الثاني، كانت ليلة طويلة ، استقبلنا خلالها عشرات القادة ورؤساء الدول والوفود التي حضرت الى عمان للمشاركة في تشييع جنازة الملك حسين. وفي صبيحة ذلك اليوم، كان اداء القسم في البرلمان، وهي لحظة اقشعرت لها الابدان، وتحركت فيها المشاعر والعواطف ،من هذه اللحظة انتقل جلالة الملك من عائلته الصغيرة الى عائلته الكبيرة بشتى منابتهم واصولهم .
في محطة انتقال الحكم التاريخية، الى الملك عبد الله الثاني، كانت فيها التحديات منذ اللحظة الاولى تفوق كل التوقعات، ولكن الطريقة التي تعامل فيها جلالة الملك مع كل المعطيات والمراحل والمواجهات اضافة الى جنازة الملك حسين رحمه الله التي شهدها العالم ،اعطت الزخم والدعم ، للملك عبد الله الثاني ان يقود الاردن في ظل الحضورالكبير من قادة العالم .
كانت البداية فيها من القوة ،والدعم من الاشقاء، وعلى رأسهم القيادة السعودية، وقادة الخليج والعالم العربي والاسلامي وزعماء الدول الكبرى، حيث تعامل الملك في هذه البداية ، كعسكري في معركة وفي ساحة يجب ان تكون فيها الغلبة للتنظيم والثقة في كل الاردن .
بعد شهر تشكلت اول حكومة جديدة في عهد الملك عبد الله الثاني ،وكنت فيها وزيرا للثقافة والاعلام وهذه كانت محطة، مهمة بالنسبة لي كسياسي ،عملت مع الملك الراحل الحسين وزيرا للنقل والاشغال العامة ومع الملك عبد الله الثاني كوزير للاعلام والثقافة حيث كان الدورللاعلام في ابرازالعهد الجديد ،عهد الشباب والتغيير .
شاهد كيف رحّب شاعران أردنيان بالملك سليمان
كان جلالة الملك متحركا ،في نشاطاته وحضوره ،وفي زياراته للدول التي كانت، اولها الى سوريا من ثم الى البحرين، والى عدة دول، كنت ضمن الوفد المرافق لجلالته كان كله حركة ونشاط ومتفوقا على الجميع في قدرته في التعامل مع الامور والتحرك والسهر والمتابعة .
لدى الملك ، قضية هامة جدا، في ان يكون الانسان صادقا عند طلب الاجابة على أي موضوع وعدم المواربة في الحديث وابراز المعلومة الصحيحة المتوفرة دون زيادة او نقصان ،و يفضل وضع الاشياء في نصابها بمعنى ، ضبط وربط ووضوح ودقة وعسكرية ونقل الاشياء من الواقع بصراحة .
خلال السنة الاولى، في وزارة الاعلام بخاصة انها كانت تطل على المشهد السياسي بكامله ، كانت سنة سهلة، وصعبة في نفس الوقت لانها كانت عملية انتقال من مرحلة الى مرحلة، فكانت هذه بداية العمل مع جلالته .
جلالته مطل، على المشهد الدولي والعربي والاقليمي ،والتحديات ، فكان دائما مطلعا وجاهزا ومستعدا لكل موضوع تلك السنة مرت بسلام ، والحمد لله الامور سارت كما يجب والان نحن ندخل العام التاسع عشر ، في عهد الملك عبد الله الثاني .
في العام 2008 كلفني جلالة الملك ، بالعمل بمعيته، كرئيس للديوان الملكي وقد التقيته في اكثر من لقاء حيث تم وضع اسس العمل في الديوان والتعامل مع جميع القضايا ، وهذه الفترة كانت مرحلة بالنسبة لي من اهم المراحل التكليف والتشريف.
والعمل مع جلالته متواصل والخدمة مريحة ولكنها تتطلب جهد وحضور دائم 24/7 بمعنى اربعة عشرين في الاسبوع وان تكون جاهزا وحاضرا وفي حالة استعداد دائم .
وبالنسبة للوقت فان جلالته ملتزم جدا بالوقت، ولكن التعب لايوجد له مكان في قاموسه ، بالتالي يجب ان يكون هناك استعداد تام للتعامل مع اي قضية مهما كانت سواء قضية شخص بحادث سيراو قضية أمن قومي في احدى مؤسسات القرار بالتالي يجب ان تكون بنفس الاستعداد والتأهب والتحدي .
وبالنسبة لي هذه محطة مع جلالة الملك كرئيس ديوان طيلتها ثلاث سنوات من اهم المحطات ترتب عليها التنسيق مع السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية والمؤسسات الامنية والعالم الخارجي والتي يترتب عليها مرافقة جلالته في كل السفرات الخارجية والزيارات الداخلية والإعداد لكل برنامج احيانا ، والتنظيم بالنسبة لجلالته شيء مقدس وكذلك الاعداد والتحضير والاخراج والاداء وقياس الاداء وترتيب البرامج والجداول واحترام الناس والاعداد لكل صغيرة وكبيرة وهذا الامر لا يقبل فيه اي مساومة من حيث الخطأ .
موقع رئيس الديوان الملكي، الذي يتعامل مع الجميع، خاصة انه مفوض من الملك ، وجو العمل ممتاز ،ومريح ولكن ضغط العمل ، نتجاوزه بالتقدير والتقيم لهذا الاداء، بالتالي العلاقة تكاملية واخوية وليست علاقة رئيس بمرؤوس.
ملك الأردن عبد الله الثاني: ربان في بحر هائج
احيانا بقود جلالة الملك السيارة بنفسه وبجانبه المسؤول سواء رئيس الديوان او رئيس التشريفات او رئيس الوزراء حتى قيادة الطائرة العمودية يتولى الملك شخصيا قبادتها مع المسؤولين .
الملك قارئ جيد ، ويقرأ باستمرار ،سواء كان في الطائرة خلال سفراته او فترة الراحة او في المنزل وطبيعة الكتب التي يطالعها شاملة كل المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها اضافة الى حرصه على التمارين الرياضية .
الملك له طريقة في التشاور مع والطلاب و الاخرين بحيث يرغب بالاستماع لكل التفاصيل خاصة عندما تكون هناك قضايا تهم الناس خلال اللقاءات الشعبية .
وبالنسبة لبرنامجه اليومي يعطي الملك كل وقت حقه سواء بالزيارات او الاجتماعات او وقت الاستراحة والطعام والمطالعة والرياضة او اية نشاطات اجتماعية .
بالنسبة لعلاقاته مع الدول والرؤساء هناك علاقة قائمة على الشعور الاخوي الصادق والحميم حتى مع رؤساء الدول الاجنبية هناك ترحيب على المستوى الشخصي ودائما هناك رغبة بالاستماع والحوار والحديث الصريح وابراز وجهة نظره ، ولديه القدرة على الاستشراف والتحليل مسبقا ولا يتوانى باعطاء رايه بصراحة في اي موضوع يطرح على طاولة البحث، وفي نفس الوقت يحترم خصوصية اي شخص يقابله .
وبالنسبة للحالات الانسانية ،هناك حالات كثيرة ولا مجال لسردها في هذا المقال ودائما في شهر رمضان والمناسبات الدينية والوطنية يتواصل مع ابناء شعبه ويحب الاطلاع على التفاصيل ، والحضور شخصيا لزيارة المرضى في المستشفيات او المواساة ببيت العزاء او زيارة الفقراء في منازلهم.
وهناك تفاعل كبير مع الفقراء من خلال مبادرة سكن كريم وتنمية الريف والبادية ومبادرات جلالة الملك سواء بالمعالجات الطبية والمستشفيات الطبية المتنقلة والبعثات الدراسية كثيرة ومستمرة وبرنامجه مكرر وليست محطة واحدة ثابتة واخرها افتتاح مشروع توسعة مركز الحسين للسرطان بمنحة مباشرة من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة .