هل يمكن للبشر الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط ؟
لطالما مثل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والتقليل أو التوقف استخدام قطاع الصناعات على الوقود الأحفوري المتمثل في البترول والفحم والغاز الطبيعي أو حتى الوقود النووي المُستخدم في تشغيل المفاعلات النووية لتوليد الطاقة النووية .
ولا شك أن اكتشاف البشر مصادر الطاقة الأحفورية منذ ما يزيد عن الـ 100 عام منح البشرية دفعة قوية إلى الأمام جعلت عالمنا يتغير لت 180 درجة بسبب التطور الكبير في جميع مجالات الحياة الذي صاحب اكتشاف مصادر الطاقة ولكن للأسف التطور والتقدم التكنولوجيا لم يحصل عليه البشر مجاناً بل دفعواً مقابله ثمناً باهضاً جداً وهو ذلك الثمن المتمثل في زيادة خطر الاحتباس الحراري وإحداث لتغييرات متعددة وخطيرة في المناخ والجغرافيا وفي كافة أشكال الحياة الطبيعية على كوكب الأرض .
ومؤخراً ومع تنامي المخاوف من الاحتباس الحراري وتحذيرات علماء البيئة من المصير المجهول الذي يقودنا إليه السابق التكنولوجي والصناعي الكبير بين الدول بدأ التفكير بالنسبة للبعض والتطبيق بالنسبة للبعض الاَخر في استخدام مصادر الطاقة البديلة بشكل أكبر والتخفيف من استخدام الوقود الأحفوري أو النووي بشكل تدريجي .
فعلى سبيل المثال أصبحت الدنمارك تنتج 43٪ من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بهدف الوصول إلى 70% بحلول عام 2020 بينما تحصل ألمانيا على الطاقة من المصادر المتجددة بنسبة 25% حالياً على أن تصل إلى قريباً جداً إلى 30% لتتخطى بعد ذلك نسبة الـ 40% و الـ 45% مع استقبالنا لعام 2025 .
والأمر لن يتوقف عند هذا الحد بالنسبة للتجربة الألمانية فنسب الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة سوف يستمر في التصاعد ليصل إلى نسب الـ 60% في عام 2035 و 80% بحلول عام 2050 .
وبالطبع لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتترك سباق الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتستحوذ عليه القارة الأوروبية والصين التي تعد المصدر الرئيسي في العالم للاستثمار في الطاقة المتجددة واعتبارها المصدر الأكبر المنتج للطاقة الشمسة في العالم فالمجال الصناعي والمدني الأميريكي يعتمد على 13% من احتياجاته للطاقة على المصادر المتجددة لها ولكن هذا ليس كل شيء فلقد نما سوق الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة بنسبة 41% لتشكل مساهمات الطاقة الشمية حوالي 20% من إجمالي الطاقة المولدة لعام 2013 داخل الولايات المتحدة الأمريكية بحسب ما أفادت به جمعية صناعات الطاقة الشمسية .
ولقد شهدت مصادر الطاقة المتجددة نمواً رائعاً وملحوظاً عام 2014 فبحسب استطلاع عالمي قامت به بلومبرغ فإن مجال الطاقة النظيفة المعتمد على الطاقة الشمسية والرياح تصاعد بنسبة 20% مثلما كان الحال في عام 2013 .
وفي الوقت الحالي وبشكل عام تشير التقديرات بحسب موقع pv-magazine.com فإن حجم الاستثمار العالمي للطاقة النظيفة في عام 2018 سوف يبلغ حوالي 333 مليار دولار أمريكي .
ولكن وعلى الرغم من كل تلك الأرقام الضخمة والهامة عن تقليل الحصول على الطاقة من مصادرها الأحفورية والاعتماد على المصادر المتجددة النظيفة إلا أن هذا لا يعني أننا نستطيع القول بأن الاستغناء عن الوقود الأحفوري بات وشيكاً .
فحتى الأن وفي مجال الأعمال والصناعات بشكل عام لا تتعدى نسبة اعتماد سوق الصناعات الهامة داخل الولايات المتحدة الأمريكية على الطاقة من المصادر المتجددة النظيفة أكثر من الـ 1% من إجمالي مصادر الحصول على الطاقة وبالانتقال إلى دول العالم الكبرى الأخرى في عالم الصناعات فإن تقريراً كان قد صدر عن الوكالة الدولية للطاقة عام 2013 أوضح الصورة بشكل كبير بشأن إمكانية الاعتماد بشكل كلي أو كبير في الحصول على الطاقة من المصادر النظيفة أو المتجددة حيث أشار التقرير بأن نسبة الاعتماد على الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة هي نفس النسبة منذ عام 25 عاماً وهي 82% ولكن مع زيادة الطلب والتوسع الكبير في سوق الطاقة النظيفة والمتجددة فإن تلك النسبة من المتوقع أن تتناقص لتصل إلى 75% عام 2035 .
ولكن يختلف الأمر قليلاً في مجال توفير الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة النظيفة ففي الولايات المتحدة الأمريكية فمن المتوقع أن تغطي المصادر المتجددة للطاقة 80% من الاحتياجات الأمريكية من الكهرباء بحلول عام 2050 .
وفي إطار السعي المتواصل نحو الحفاظ على البيئة بقدر الإمكان أوضحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) بأن استخدام مصادر الطاقة المتجددة النظيفة في قطاعات مختلفة مثل الإسكان وقطاع النقل والمواصلات سوف يساهم بشكل كبير في تقليل الانبعاثات الضارة لغاز ثاني أكسيد الكربون داخل الولايات المتحدة .
ولكن وحتى تلك اللحظة لا تزال هناك تحديات كبيرة وصعبة أمام مصادر الطاقة البديلة المتجددة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وتحديداً في مجال الكهرباء فهيمنة استخدام الغاز الطبيعي والطاقة النووية سوف تستمر بحسب التوقعات حتى عام 2040 خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط بشكل غير مسبوق .
- وفي ظل كل تلك الصعوبات والتحديات التي تقف عائقاً أمام اعتماد الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والصين هناك بعض الأطروحات والحلول النظرية للمشكلة
فوفقاً لسربجيت ناهال العضو المنتدب ورئيس إدارة الاستثمار الاستراتيجي في - بنك أوف أميركا ميريل لينش وببيجيا ما -عالمة في أبحاث السرطان في جامعة هارفرد- ورئيسة إحدى فرق العمل داخل بنك أوف أميركا ميريل لينش بان هنا حاجة كبيرة في إحداث تغييرات كبيرة لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة .
ولقد أصدر الفريق الدولي المعني بتغير المناخ في داخل منظمة الأمم المتحدة عام 2014 تقريراً يوضح أن استمرار انبعاثات الغازات سيؤدي إلى العديد من التغيرات على مكونات النظام المناخي مما سيزيد من من احتمالية حداث تغييرات مناخية قاسية غير قابلة لعلاج .
ومع تجاهل الدول الصناعية الكبرة لتلك التحذيرات وزيادة الطلب على مصادر الطاقة الأحفورية لتصل إلى 40% في عام 2035 فإن النتائج الكارثية لزيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سوف تزداد شراسة وقوة .
ولقد أشار رئيس ليستر براون معهد سياسة الأرض بأن الحضارة البشرية في حاجة ماسة إلى تبني مصادر الطاقة المتجددة بشكل سريع وفوري للحد من الأضرار التي أحدثتها ولا تزال تحدثها مصادر الطاقة الأحفورية على المناخ والبيئة من حولنا .
وبجانب تصريحات معهد سياسة الأرض اتفقت دراسة قام بها المعهد الوطني للطاقة المتجددة (NREL) بضرورة استخدام المصادر المتجددة عن طريق الاعتماد على التكنولوجيا المتاحة حالياً في الأسواق للتقليل من الانبعاثات الضارة لوسائل الطاقة الأحفورية الضارة المستخدمة لتوليد الكهرباء .
ولقد أوضحت الدراسة بأن الاعتماد على الأدوات المتاحة الحالية سوف يكفي الولايات المتحدة لتوفير 80% من احتياجات السوق الأمريكية بحلول عام 2050 .
وفي نفس السياق ويرى رئيس معهد سياسة الأرض بأن التوسع السريع في الاعتماد على المصادر المتجددة المتمثلة في طاقة الرياح كفيل بتوفير خمسة ملايين ميغاوات من الطاقة بحلول عام 2020 وجنب إلى جنب من التوسعات الطموحة في مجال الطاقة الشمسية والمائية فإن توليد 7.5 مليون ميغاواط من الطاقة النطيفة قادر على إزاحة الاعتماد على الموارد الأحفورية المستخدمة في توليد الكهرباء حالياً .
ولقد وضع مارك جاكوبسون-أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في ستانفورد- ومارك ديلوتشي -عالم أبحاث في جامعة كاليفورنيا معهد ديفيس للدراسات المواصلات- سيناريو طموح للاعتماد على الطاقة المتجددة وذلك عن طريق المزج بين استخدام ملايين التوربينات الهوائية وآلات المياه بالإضافة إلى المنشآت الشمسية". وعلى الرغم من أن أرقام تلك المعدات كبيرة جداً ولكن على أي حال الأعداد ليست عقبة مستحيلة وسهل التغلب عليها .
وتعتمد الخطة في الأس على استخدام أكثر من 90.000 من لوحات إنتاج الطاقة الشمسية بالإضافة غلى 490.000 من التوربينات المائية بجانب 5350 محطة للطاقة الحرارية و900 محطة كهرومائية وعلى الرغم من الأعداد الهائلة من المعدات والمولدات إلا أن تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بتلك الطريقة النظيفة أقل تكلفة بالمقارنة بتوليد كل كيلوواط في كل ساعة باستخدام الوقود الأحفوري أو الطاقة النووية .
وفي تقرير للاتحاد العالمي للحياة البرية (WWF) نشر في عام 2011 يرى الاتحاد بأنه يمكن للبشر تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة البديلة في غضون 4 سنوات إذا ما أرادو ذلك فطاقة الرياح والطاقة الشمسية بالإضافة إلى الطاقة المائية بالإضافة إلى الطاقة الحرارية للأرض هي أهم العناصر الأساسية في سبيل تحقيق هذا الهدف فالطاقة المستمدة من العناصر السابقة قادرة على تلبية احتياجات العالم من الكهرباء وتوفير طاقة احتياطية أيضاً .
ويرى الاتحاد العالمي للحياة البرية بأن تواجد من التوربينات التي تعمل بطاقة مياه البحر و 100.000 من التوربينات العاملة بطاقة الرياح سوف تلبي ربع الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050 .
ويعتقد الخبراء أنه للحفاظ على مستوى ارتفاع درجات الحرارة الأرضية بنسبة درجتين مئويتيين ومنع تجاوز تلك النسبة فإن الدول الصناعية الكبرى في مؤتمر كوبنهاغن للتغيرات المناخية عام 2009 يجب أن تحافظ على النسب الحالية في استخدام مصادر الطاقة الأحفورية حتى عام 2020 على الأكثر مع زيادة الاعتماد تدريجيا على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة للطاقة حتى تصل النسبة إلى 100% بحلول عام 2050 .
- كارثة استخدام الفحم لتوليد الطاقة على المستوى الأميركي والعالمي
وعلى الرغم من أن استخدام المصادر الأحفورية في توليد الطاقة داخل أي قطاع من قطاع الصناعات يتسبب بانبعاثات شديدة الخطورة على البيئة والمناخ إلا أن مكمن المشكلة الرئيسية يتمحور حول الفحم فهو يتسبب بحجم انبعاثات تفوق بنسبة 25% من تلك التي يتسبب بها النفط أو أي مصدر طاقة أحفوري اَخر وفقاً للصحفي الأميركي المخضرم تشارلز مان .
وتسبب مصانع الفحم حول العالم بحوالي 40% من الانبعاثات الضار لغاز ثاني أكسيد الكربون حول العالم ولقد انخفضت نسبة الاعتماد على الفحم في قطاع الصناعات وتوليد الكهرباء في العديد من الدول العالم وبالأخص داخل الولايات المتحدة الأمريكية والتي انخفض فيها نسبة اعتماد المصانع على الفحم في الطاقة من 50% في عام 2004 إلى 39% في عام 2013 ولكن قرار إدارة دونالد ترامب الجديد بإعادة شركات الفحم الأمريكية التي عانت من الركود في عهد الرئيس السابق باراك أوباما سوف يفتح أبواب جديد للمشكلة .
فلقد أدى الانخفاض المستمر في الفحم بالفعل إلى خفض العمالة في الصناعة الأمريكية لتنخفض العمالة في حقول الفحم الأمريكية من أكثر من 280،000 وظيفة في عام 1978 إلى أقل من 100،000 اليوم حتى مع زيادة إنتاج الفحم حديثاً بالمقارنة بالسابق.
ولا تقل تعقيدات وصعوبات الوضع الدولي فيما يخص استخدام الفحم عن الوضع الأميركي فالطلب العالمي لا يزال يتزايد وبقوة وترى وكالة الطاقة الدولية أن نمو الطلب سوف يرتفع بنسبة 2.1٪ سنوياً حتى عام 2019 وفي نفس السياق شهدت العمالة في مجال الفحم والمقدرة بنحو سبعة ملايين وظيفة على مستوى العالم بعض الخسائر فوفقاً لمعهد فيتال سيغنز التابع لمعهد الرصد العالمي أن هناك مئات الآلاف من فرص العمل في مجال استخراج الفحم التي تم تعليقها ووقفها في الصين والولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا خلال العقدين الماضيين على الرغم من الإنتاج المتصاعد في مجال استخراج الفحم .
ولكن وعلى الرغم من أن استخدام مصادر الطاقة المتجددة قد أثر سلباً على مجال استخراج الفحم ومصانعه إلا أن الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة يمكنه التعويض عن فقدان فرص العمل في صناعة الفحم فبحسب مؤسسة سولار فونداتيون فقد قطاع استخراج الفحم وصناعته 142،698 وظيفة وفرصة عمل في عام 2013 بنسبة تقدر بنحو 20% من قوته بينما سوف يحتاج الاعتماد على مصدر مثل الرياح لتوليد الطاقة نحو 2.1 مليون إنسان في عام 2030 ومن المتوقع أن تصل فرص العمل المتوفرة إلى 6.3 مليون فرصة .
وبشكل عام دخول مصادر الطاقة البديلة بقوة في سوق الطاقة والتوقف التدريجي الذي يصل إلى الاستغناء النهائي عن مصادر الطاقة الأحفورية وعلى رأسها الفحم سوف يخلق 4.2 مليون وظيفة بشكل عام كما سيؤدي الاستغناء التدريجي عن الفحم ومصادر الوقود الأحفوري في توليد الطاقة إلى التخلص من 40% من الانبعاثات الضارة بحلول عام 2035 .
وعلى الرغم من التخفيضات في استخدام الفحم والزيادات المتوقعة في الاعتماد على المصادر النظيفة للطاقة في العديد من دول العالم فإن اعتماد الصين على الفحم لا يزال يشكل عقبة هائلة. حيث تعتمد القوة الاقتصادية الأولى في العالم على الفحم بنسبة 70٪ من إنتاج الطاقة داخل الصين وهو الأمر الذي تسبب في استهلاك 4 مليارات طن عام 2012 وجعل الصين أكبر باعث للغازات الضارة في العالم.
ولقد تصاعد إنتاج الصين من الطاقة باستخدام الفحم في الفترة من عام 2005 إلى مستويات بلغت 600 ميغاواط كل أسبوع كما قامت الحكومة الصينية ببناء محطتان إضافية تعادل قوتها نصف ما تنتجه الولايات المتحدة من الطاقة المعتمدة على الفحم .
ولكن مع كل هذا الاعتماد على الفحم كأحد مصادر توليد الطاقة الأساسية تلتزم الحكومة الصينية باستخدام وسائل الطاقة المتجددة وتهدف إلى مضاعفة إنتاجها من الطاقة النظيفة قبل عام 2030 وعلى سبيل المقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد الصين على الطاقة المائية بنسبة 20% في توليد الطاقة بالمقارنة بـ 13% فقط من الاعتماد الأميركي عليها .
- العقبات التكنولوجيا والتنظيمية
وبالحديث عن الصعوبات المتعددة التي تقف في وجه اعتماد الدول الصناعية على مصادر الطاقة المتجددة النظيفة لا يمكن إغفال المشاكل التكنولوجية المتعلقة باستخدام تلك المصادر فلا يزال التداخل بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية عقبة رئيسية حيث يعمل على حلها مارك جاكوبسون -بروفيسور الهندسة في جامعة ستانفورد- ومارك ديلوتشي -الباحث في الاقتصاد والبيئة بجامعة كاليفورنيا- حيث يعتقد الباحثان بأن الربط بين موارد الرياح والشمس والموارد المائية المشتتة جغرافي من خلال شبكة ذكية سيكون أحد الحلول الذكية والمناسبة في حل هذا التداخل حيث يمكن تخزين الطاقة الفائضة في بطاريات متواجدة داخل موقع توليد الطاقة أو في السيارات الكهربائية المتصلة بالشبكة الذكية.
ولقد اتفق أبيد كرمالي المدير التنفيذي لتمويل المناخ في بنك أوف أميركا ميريل لينش مع جاكوبسون وديلوتشي أن هناك الكثير من الحلول التي سوف تزيد الاقتناع باستخدام مصادر الطاقة المتجدد لتكون بديلاً عن المصادر الأحفورية ولعل من أهمها مزج القوى الطبيعية مثل استخدام الطاقة الكهرومائية .
بينما يرى دانييل إستي مدير مركز ييل للقانون البيئي والسياسة البيئية أن تخزين البطارية بشكل أفضل التي تعد أهم أجزاء شبكات توليد الطاقة باستخدام وسائل الطاقة المتجددة هو مفتاح حل مشكلة الانقطاع في الطاقة التي يتخوف منها المشككين في قدرات تلك المصادر الطبيعية في توليد الطاقة .
ويقول آرثر فان بنثم الأستاذ المساعد لاقتصاد الأعمال والسياسة العامة في جامعة وارتون في بنسلفانيا إن السياسة التنظيمية الحالية تمثل عقبة حاسمة أخرى أمام الرغبات الرامية إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة فمن يعتمد على المصادر الأحفورية لتوليد الطاقة يجب أن تفرض عليهم ضرائب إضافية لاستخدام الكربون في توليد الطاقة بدلاً من المصادر المتجددة والنظيفة للطاقة .
- إجراءات إيجابية
على الرغم من الصورة القاتمة لاستخدام مصادر الوقود الأحفورية لتوليد الطاقة أو عدم الإيمان قوة وكفاءة وسائل الطاقة المتجددة والبديلة في تلبية احتياجات البشرية وقطاعات الصناعة من الطاقة تعمل بعض البلدان بالفعل على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وتعتبر ألمانيا مثالا بارزاً. فالحكومة الألمانية قلصت الاعتماد على الطاقة النووية إلى 15% على أن يتم التخلص نهائياً في الاعتماد على الطاقة النووية إلى 0% بحلول عام 2021 وذلك بالاعتماد على فرض القوانين الجديدة المتعلقة باستخدام مصادر الطاقة النظيفة التي ووفق الخطة الموضوعة سوف تغطي 80% من احتياجات الطاقة في ألمانيا بحلول عام 2050 .
في الربع الأول من عام 2014 27٪ من الكهرباء داخل ألمانيا، عن طريق مصادر الطاقة المتجدد لأول مرة وأفاد معهد الطاقة الشمسية بجامعة جورج واشنطن إن ما يقرب من نصف إجمالي توليد الكهرباء في أوروبا يتم إنتاجه بالاعتماد على الرياح أو الطاقة الشمسية.
ولكن من بين أبرز التحديات التي تواجه نجاح ألمانيا في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدد بشكل كلي هي الرسوم الإضافية على أسعار الطاقة والتي ضاعفت فواتير المرافق الصناعية وأحدثت الكثير من الاضطرابات في المصانع الألمانية التي تستخدم المصادر المتجددة في توليد الطاقة وتسبب هذا الأمر إلى زيادات قصيرة الأجل في استخدام الفحم لتوليد الطاقة .
ويصل اعتماد ألمانيا على المصادر المتجددة لإنتاج الطاقة إلى ضعف اعتماد الولايات المتحدة على تلك المصادر كما أن التزام أوروبا بتخفيض الكربون بنسبة 40٪ بحلول عام 2030 سيرفع من تلك النسبة وسيزيد من الجهود الأوروبية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المصادر المتجددة واستخدام الموارد الكهرمائية الكبيرة.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يزداد توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى 16٪ في عام 2040 والتي وضع خطة لتوزيع الطاقة من خلال المصادر المتجدة بحسب احتياجات 30 ولاية أمريكية بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا .
ولقد دخلت الشركات العملاقة في مجال الاعتماد على المصادر المتجددة للطاقة فشركة أبل الأمريكية تحصل 94٪ احتياجاتها من مصادر الطاقة النظيفة بينما وضعت شركة وول مارت ألواح الطاقة الشمسية في مواقع أنشطتها الصناعية وعملياتها التجارية منذ عام 2005 .
ومنذ عقد أول اتفاقية لاستخدام طاقة الرياح في توليد الطاقة وشركة وول مارت تمتلك أكثر من 335 مشروعا للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم منذ عام 2013 335 مشروعا للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم حيث تتج تنتج 2.2 مليار كيلوواط / ساعة سنوياً وتلبي ما يقرب من ربع احتياجات الشركة من الطاقة ولعل هدف وول مارت الأبرز هو الوصول إلى سبعة مليارات كيلوواط / ساعة وسد احتياجاتها من الطاقة النظيفة بنسبة تقترب من الـ 100٪بحلول نهاية عام 2020 .
وسعي استبدال الحصول على الطاقة من مصادر نظيفة ومتجددة أمر لا تنفرد به الشركات والمصانع العملاقة فقط الشركات الصغيرة أيضاً حققت خطوات هامة فمؤسس شركة ميلينك ستيف ميلينك في أوهايو الأمريكية قدم نحو 100 استراتيجية للوصول إلى الاعتماد بنسبة 0% على استخدام المصادر الأحفورية في الحصول على الطاقة واستبدالها بالمصادر النظيفة المتجددة ولقد نمت أعمال الشركة في مجال تركيب ألواح الخلايا الشمسية وتعاقدت على تركيب أنظمة الاعتماد على الطاقة الشمسية في العديد المؤسسات والأنشطة التجارية والترفيهية مثل للسيارات في سينسيناتي والعديد من حدائق الحيوان .
- وسائل النقل والطاقة النظيفة
تعد وسائل النقل والمواصلات المصدر الأسرع في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم ولعل من أخطر الأمور هو أن تصاعد عدد السيارات ووسائل النقل التي تعمل عن طريق الوقود الأحفوري سوف تزيد من الكوارث البيئية والتلوث حيث سيتم زيادة استهلاك النفط من 87 مليون برميل يومياً إلى 120 مليون برميل في ظل الابتعاد عن توفير وسائل تعتمد على بدائل الطاقة النظيفة .
وقد يحد الانتقال إلى السيارات الكهربائية من استهلاك النفط و آثار السيارات المتواجدة حول العالم و الإضرار بالمناخ ولكن هناك طريق طويل لتعميم استخدام تلك السيارات ففي الولايات المتحدة الأمريكية تم بيع 119،710 سيارة كهربائية عام 2014 أصل 16،5 مليون بيعت في هذا العام داخل الولايات المتحدة .
ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لدول العالم المختلفة ولكن يأمل صانعي تلك السيارات أن تزداد شعبيتها وانتشارها خصوصاً لانخفاض أسعارها بالمقارنة مع السيارات العادية وانخفاض سعر أجزائها أيضاً مما سيجعلها جذابة أكبر في أعين المستهلكين على المدى البعيد .
ولعل تخفيض نسبة استهلاك السيارات للوقود هو الهدف الأبرز الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة بجانب محاولة استخدام وسائل النقل المواصلات الجماعية بشكل أكبر بحلول عام 2025 وبمقارنة التجربة لأوروبية بالأمريكية في هذا المجال سوف نجد فوارق كبيرة جداً فمدن مثل هلسنكي وهامبورج في أوروبا لديها طموحات لمنع استخدام السيارات في شوارع المدينة من الأساس أو على الأقل الوصول إلى الحد الأدني واستخدام الدراجات والسكك الحديدية الكهربائية وخدمة طلب الحافلات عبر الهاتف تعد من أبرز الخطط الأوروبية لحل مشكلة الانبعاثات الضارة التي تتسبب بها السيارات ووسائل النقل .
ويتفق جميع الخبراء تقريبا على أن الانتقال إلى اقتصاد الطاقة النظيفة سيكون صعباً حيث يشير كارل بوب المدير التنفيذي السابق لنادي سييرا إلى أنه إذا أدت استثمارات الطاقة النظيفة خفض الطلب العالمي على الوقود الأحفوري بنسبة 5٪ فإن قانون العرض والطلب سيؤدي إلى انخفاض حاد بنسبة 25٪ إلى 30٪ في أسعار الوقود
بينما يرى روبرت جيجنكاك، الأستاذ الفخري لعلوم الأرض والعلوم البيئية في كلية الآداب والعلوم بجامعة بنسلفانيا على أن الانتقال إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة في وسائل النقل والمواصلات لن يكون سهلاً " ولكنه أمر لا مفر منه".
ويعتقد إريك أورتس - مدير مبادرة وارتون للقيادة البيئية العالمية (إيغل) وأستاذ القانون في جامعة بنسلفانيا- أن الطريق صعب و لكنه هدف يمكن تحقيقه وأضاف "لا أعتقد أنها عملية سهلة على الاطلاق ولكني اعتقد أن ذلك ممكن ونحتاج بالتأكيد الى التحرك في هذا الاتجاه".
وأضافت "أورتس" بأن الرياح والطاقة الشمسية لن تجعل نسبة الانبعاثات الصادرة من السيارات ووسائل النقل والمواصلات تصل إلى 0% فقط بل ستقلل من تكاليف التصنيع والتعدين والصيانة وينبغي القول إن الحركة المطالبة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة يجب أن تقترن بجهود تحقيق الكفاءة في استخدامها الطاقة ولعل بدء عمالقة صناعة السيارات بإصدار أنواع كهربائية لسياراتهم الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف .