مراحل متلاحقة من التطور والإبتكار.. كيف بدأ نظام الويندوز؟
من الصعب أن تجد شخصًا لم يستخدم نظام التشغيل "ويندوز Windows" من قبل، إذ يعد هذا النظام جزءًا أساسيًا من حياة معظم مستخدمي الحواسيب المكتبية والمحمولة.
ظهر هذا النظام في أواخر القرن الماضي، تحديدًا في الثمانينيات، ولم يكن يحتاج سوى 1 ميجابايت كمساحة تخزينية فقط، بالإضافة إلى 256 كيلوبايت من الرامات ليعمل بكفاءة!
ظل هذا النظام، الذي ابتكرته "مايكروسوفت Microsoft"، يتطور إلى أن أصبح متربعًا على عرش أنظمة التشغيل في العالم، بواقع أكثر من 1.6 مليار مستخدم نشط في عام 2024، وعليه، كان لزامًا أن نتحدث في سلسلتنا عن كيف بدأ نظام الويندوز؟
ما قبل نظام الويندوز

بدأت شهرة "مايكروسوفت" تذيع مع نظام MS-DOS، الذي كان يعمل عن طريق كتابة الأوامر، ما يعني أنه لم يمتلك واجهة رسومية؛ لا صور، لا أيقونات، لا شيء تقريبًا مما نحن مُعتادون عليه حاليًا.
ما قد لا يعرفه البعض، أن "مايكروسوفت" لم تكن هي المطور لذلك النظام، حيث اشترت فكرة نظامٍ مُشابه يُسمى QDOS وطورته، لكن على كلٍ؛ كانت هناك أنظمة بواجهات رسومية في ذلك الوقت، ولعل أشهرهما كانا: Alto من شركة "زيروكس Xerox"، وLISA من "أبل Apple".
مناصرو نظام ويندوز (نظام DOS)، كانوا يطلقون على أنظمة الواجهات الرسومية بالـ "WIMPs"، وهي اختصارٌ لـ "Windows, Icons, Mouse, and pull-down menus"، أي عناصر الواجهة الرسومية كما نعرفها اليوم.
"بيل جيتس"، مؤسس "مايكروسوفت"، كان يرى أن الأنظمة الرسومية هي المستقبل، وقرر تطوير نظام تشغيل جديد يَسهُل على المستخدمين التعامل معه، وليتميز عن المنافسين، قرر جعل هذا النظام أرخص.
ويندوز 1.0 وصدام مايكروسوفت وأبل
في عام 1983، أعلنت "مايكروسوفت" عن أول إصدار من نظام الويندوز؛ Windows 1.0، واقتبست بعض العناصر التي كانت مُرخصة من قِبل "أبل"، وأصدرت النظام رسميًا في عام 1985.
بعد ذلك بثلاث سنوات، وتحديدًا في عام 1988، قاضت "أبل" شركتي "مايكروسوفت" و"أتش بي HP"، واتهمتهما بسرقة عناصر من واجهة المستخدم الخاصة بها دون إذن، مُطالبة بتعويض قدره 5.5 مليار دولار، غير أن المحكمة قضت لصالح "مايكروسوفت" و"أتش بي".
لم يكن إصدار "ويندوز" الأول إصدارًا مستقلًا كما نعهد نُسخ الويندوز اليوم، بل كان كبرنامج يعمل داخل نظام DOS، ويلاحظ أن "مايكروسوفت" تأخرت لمدة سنتين حتى أطلقت الويندوز بشكله الرسمي في الأسواق عام 1985، وهذا جعل الناس يعتقدون أنه مجرد نظامٍ وهمي أو دعاية لشيء آخر.
وكطبيعة الإصدارات الأولى، لم يكن نظام ويندوز 1.0 مستقرًا، ومع ذلك، كان أفضل كثيرًا من نظام الـDOS الذي يعمل بالأوامر، كما أنه احتوى على العديد من العناصر التي نراها اليوم، ونعتمد عليها بشكل أساسي في أجهزة الكمبيوتر، مثل زِر "OK" وأشرطة التمرير.
ويندوز 2.0 والتحسن الملحوظ
في عام 1987، وبعد نجاح الإصدار الأول، أطلقت "مايكروسوفت" الإصدار الثاني من نظام ويندوز، الذي احتوى على مميزات أكثر، وإن كانت شبيهة نوعًا ما بما كان موجودًا بنظام LISA من "أبل".
رأينا للمرة الأولى "لوحة التحكم Control Panel"، ورأينا لأول مرة برامج Excel وWord على الويندوز، هذا وكان النظام قادرًا على دعم "الذاكرة الموسّعة Extended Memory"، مع معالج Intel 80386 الذي كان متطورًا في ذلك الوقت.
لقد أصبحت "مايكروسوفت" أكبر شركة برمجيات في العالم، بالتزامن مع بدأت انتشار أجهزة الكمبيوتر، ولعل ما جعل الكمبيوترات تنتشر هو شيوع أنظمة التشغيل سهلة الاستخدام مثل الويندوز، لا سيما وأن أسعارها أصبحت معقولة نسبيًا.
اقرأ أيضًا: مايكروسوفت تطور مراكز بيانات تحت الماء عبر مشروع ناتيك
ما قبل ويندوز 95

نحن الآن في مطلع العقد الأخير من القرن العشرين؛ حيث أطلقت "مايكروسوفت" الإصدار الثالث من الويندوز، والذي لا يزال يعتمد على نظام DOS، والويندوز الآن يدعم 16 لونًا، ويتضمن ألعابًا مألوفة لنا جميعًا مثل لعبة سوليتير، وغيرها من الألعاب التي تطلبت قوة معالجة أكبر.
كان ذلك في عام 1990، لكن في عام 1993، أطلقت الشركة إصدارًا فرعيًا هو الويندوز 3.1، وأخيرًا، بات بالإمكان تشغيل النظام دون الاعتماد على "الدوس"، الذي تحول بدوره لخدمة متاحة عبر موجّه الأوامر (CMD)، وأعطى هذا الأمر للنظام قوةً أكبر، بالتالي أصبح بالإمكان تشغيل ألعاب وتطبيقات أكثر تطلبًا.
ويندوز 95
في عام 1995 قدّمت "مايكروسوفت" ويندوز 95، والذي يعتقد أغلب الناس أنه أول إصدار للويندوز على الإطلاق، ولا عجب في ذلك، حيث حظي بحملةٍ ترويجية كبيرة، كما كان تثبيته على الجهاز سهلًا للغاية.
ويندوز 98
كسابقه، يدعم ويندوز 98 ميزة التثبيت السريع (Plug and Play) عبر الـUSB، لكنه حقًا إصدار فريد من نوعه، حيث قدّم لنا "شريط المهام Quick Launch taskbar" الذي يوجد بجوار أيقونة "Start"، ويسمح لنا بتشغيل البرامج بسرعة، ولكن المشكلة أن شهرة ويندوز 98 جنت عليه وجعلته هدفًا رئيسيًا للمخترقين، الذين سعوا لإغراقه بالفيروسات والبرمجيات الضارة.
وقبل أن ننتقل للحديث عن الإصدار القادم، دعونا نُخبركم بأن ويندوز 98 قدّم لنا المتصفح الأيقوني Internet Explorer، وذلك لأنه كان أول إصدار يدعم تقنيات الإنترنت، وبالمناسبة، قاضت وزارة العدل الأمريكية شركة "مايكروسوفت" بسبب هذا المتصفح الأسطوري، واتهمتها بمحاولة الاحتكار والسيطرة على المتصفحات بطريقة غير عادلة.
ويندوز XP

قبله كان يوجد نظام Windows ME (Millennium Edition)، لكنه لم يكن مستقرًا، وكان يعتمد على الكود الأساسي الخاص بويندوز 95.
ظهر ويندوز XP في عام 2001، وكان أول نظام تشغيل مبني على نواة Windows NT، وموجه للمستخدمين العاديين، وقبل ويندوز XP، كانت الأنظمة المبنية على هذه النواة موجهة أكثر للشركات والسيرفرات وما إلى ذلك، لكن إصدار الـXP غير هذا.
أتى ويندوز XP بتحسينات كبيرة في الواجهة، التي أصبحت أكثر حيوية، كما أصبح أكثر استقرارًا بكثير عن سابقه، ومع الوصول لهذا المستوى المتطور -حينها- من الويندوز ووصول واجهة DirectX، أنهت "مايكروسوفت" إمكانية اللعب على نظام DOS.
جديرٌ بالذكر أن ويندوز XP كان أول ويندوز يدعم نظام 64 بت، لكنه لم يعمل جيدًا، حيث كان يفتقر إلى الدعم الكافي.
اقرأ أيضًا: "أبل" تكشف عن أكبر تحديث لأنظمتها منذ iOS 7
ويندوز فيستا
امتلك نظام "فيستا Vista" (صدر عام 2006) مظهرًا مثيرًا للاهتمام، لكن على ما يبدو أن هذا أتى على حساب الأداء، حيث كان النظام يحتاج بعض الوقت ليُقلع.
وبشكلٍ عام، لم يحظ فيستا بالمكانة التي كانت تتوقعها "مايكروسوفت" أو المستخدمون، وهذا اتضح في خسارة الشركة لبعضٍ من أسهمها لصالح أنظمة "أبل" وأنظمة "لينكس" السريعة والعملية جدًا.
من ويندوز 7 إلى ويندوز 11

نظرًا لأن معظم من يقرأون هذا التقرير استخدموا جميع أنظمة ويندوز، بدايةً من ويندوز 7 وحتى ويندوز 11، أو على الأقل نظام واحد منهم، قررنا أن نجمعها في نفس المساحة.
الاختلاف الأكبر بين ويندوز 7 (صدر عام 2007) وويندوز فيستا، تمثل في سرعة الإقلاع وتحسن الأداء والاستقرار بشكلٍ عام، لقد حظينا بواجهةٍ جديدة، وإصدار Internet Explorer 8، ودعم أفضل بكثير لنظام 64 بت، والمزيد من مميزات DirectX، وغيرها من الخصائص التي جعلت ويندوز 7 الأعظم في التاريخ بالنسبة للكثيرين.
أما ويندوز 8 (صدر عام 2012)، وويندوز 8.1، فأتيا أيضًا بتحسينات واضحة، خاصة على مستوى معالجة الأنوية المتعددة Multicore processing، والتعامل مع أقراص الـSSD وشاشات اللمس، وغيرها.
لم نحصل على ويندوز 9، حيث ذهبت "مايكروسوفت" مباشرةً إلى ويندوز 10 (صدر عام 2015)، الذي يُصنّفه الكثيرون أيضًا كأفضل نظام تشغيل على الإطلاق، نظرًا للمميزات العديدة التي أتى بها، والشيء نفسه يمكن أن نقوله بالنسبة لويندوز 11 (صدر عام 2021)، حتى وإن كان لا يعمل على العديد من الأجهزة نظرًا لمتطلبات تشغيله الخاصة.