دليلك للتعرف على كيفية الحصول على نوم صحي في رمضان؟
لا يغيِّر الصيام حالتك النفسية والروحية فحسب، بل قد يكون له أثر على نومك أيضًا، ففي شهر رمضان، تقل عدد ساعات نومك بالليل، وربّما تجد نفسك بحاجةٍ إلى مزيدٍ من النوم، فيما يأتي وقت السحور، ثُمّ بعد قليل يحين وقت العمل، فكيف تتمتّع بنومٍ صحي في رمضان رغم ضِيق الوقت المتاح ليلاً؟ وما عدد ساعات النوم المناسب في رمضان؟
سبب قلة النوم في رمضان
بالإضافة إلى الحاجة للاستيقاظ ليلًا لأجل السحور، بما يؤدي إلى انقطاعك عن النوم، ومن ثم ينعكس على جودة نومك، فإنّ للصيام بحد ذاته أثرًا في النوم؛ إذ تتغيّر مستويات بعض الهرمونات والمركّبات الكيميائية في الجسم، بما ينعكس أثره على نومك، ويتمثل في:
1. زيادة مستويات هرمون الكورتيزول:
قد يزيد الصيام مستويات "هرمون الكورتيزول"، الذي تنخفض مستوياته مع اقتراب موعد النوم، بينما يبلغ ذروته قبل أن تستيقظ من نومك، بما يزيد شهيتك ومستويات الطاقة لديك.
هذا في الظروف الطبيعية، أمّا مع الصيام، فقد تؤدي زيادة مستويات "الكورتيزول" إلى صعوبة النوم ليلًا، أو الاستيقاظ المُتكرِّر في أثناء النوم، مما قد يجعل نومك قليلًا عمومًا.
2. زيادة مستويات الأوركسين:
يُفرِز الجسم "الأوركسين" خلال ساعات الصيام، وهو ناقِل عصبي، يُبقِيك يقظًا، ويرفع درجة حرارتك، فيما يجعلك ترغب بتناول الطعام، كما يعزِّز التمثيل الغذائي.
وقد يؤدي تقليل تناول الطعام (وهو الحاصِل مع الصيام)، إلى تحفيز إفراز "الأوركسين"، كما أنّ من شأن زيادة "الكورتيزول" أن تؤدي أيضًا إلى مزيدٍ من إفراز "الأوركسين".
وعندما تزداد مستويات "الأوركسين"، بسبب الصيام، فقد تواجِه صعوبة في الدخول في النوم، لأنّ "الأوركسين" يزيد الانتباه واليقظة.
3. أسباب أخرى:
ثمّة أسباب إضافية لقلّة النوم، سواء في رمضان أو في غيره من شهور السنة، مثل:
- تناول المشروبات الغنية بالكافيين، مثل القهوة، فهي تزيد الانتباه، وربّما تجعل الدخول في النوم أصعب.
- قلّة ممارسة التمارين الرياضية؛ إذ يُنصَح بممارستها بانتظام، لكن ليس مع اقتراب موعد نومك، كما يُفضّل ممارستها في رمضان بعد الإفطار أو في الصباح الباكر؛ إذ يكون جسمك حصل على تغذية وترطيب كافٍ لممارسة التمارين.
- الاضطرابات النفسية، مثل القلق أو الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب، قد تُسهِم في مشكلات النوم.
- تناول بعض الأدوية، مثل أدوية ضغط الدم أو أدوية الاكتئاب، فقد يكون الأرق أو صعوبة النوم أثرًا جانبيًا لبعض الأدوية.
- استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، إذ يؤثر الضوء الأزرق المنبعِث منها في الميلاتونين (هرمون النوم).
- غرفة غير مناسبة للنوم، بأن تكون حارّة أو شديدة البرودة، أو النوم تحت أضواء ساطعة، أو وجود ضوضاء مزعجة.
اقرأ أيضًا: منها القيلولة وتهيئة الأجواء.. 7 خطوات للتمتع بنوم صحي خلال شهر رمضان
لماذا تنام كثيرًا في رمضان؟
بينما يقلّ نوم كثير من الناس في رمضان، فقد يجد آخرون أنفسهم ينامون كثيرًا على غير العادة، وربّما يكون ذلك للأسباب الآتية:
1. الإرهاق:

تنخفض طاقة الجسم مع الصيام، مما قد يؤدي إلى الشعور بالإرهاق، الذي قد ينعكس في صورة رغبة شديدة في النوم، أو النوم كثيرًا عمّا اعتدت قبل ذلك.
2. الجفاف:
ترطيب الجسم وشُرب كميات مناسبة من الماء مرتبط بالنوم الجيد، وقد يُسهِم الجفاف في اضطراب النوم، بالإضافة إلى أنّه قد يؤدي إلى الشعور بالإرهاق، ومِنْ ثمّ الرغبة الشديدة في النوم.
3. اضطرابات النوم:
قد تكون قلة النوم المرتبطة بطبيعة شهر رمضان من أسباب النوم الكثير في رمضان؛ فربّما لا تنال كفايتك من النوم ليلًا، فيحاوِل جسمك تعويض ما يحتاج إليه بكثرة النوم نهارًا.
4. الاكتئاب:
ربّما لا يكون للصيام علاقة بكثرة النوم، وإنّما حالتك النفسية، فالاكتئاب مرتبط باضطرابات النوم، ومنها كثرة النوم، وقد اقترحت دراسة نشرت عام 2019 في "Journal of Affective Disorders"، أنَّ نحو 50.9% من المُصابِين بالاكتئاب، يُعانُون نعاسًا مفرطًا بالنهار.
5. متلازمة التعب المزمن:
تُسبِّب متلازمة التعب المزمن شعورًا شديدًا بالإرهاق، لا يزول حتى مع الراحة، كما قد يكون مصحوبًا باضطرابات النوم، مثل النعاس المفرِط في أثناء النهار.
اقرأ أيضًا: "النوم الصحي يبدأ من الطعام".. 9 نصائح لتجنُّب الأرق في ليالي رمضان
كم ساعة يجب أن تنام في رمضان؟
قد يكون من الصعب النوم 7 - 9 ساعات ليلًا في رمضان، لكن كُلّما كانت ساعات النوم مُتصلة كان ذلك أفضل، لبلوغ مرحلة النوم العميق.
لذا يُنصَح بمحاولة النوم 4 - 6 ساعات ليلًا، والحصول على قيلولة لمدة 1 - 2 ساعة بالنهار بعد الظهر، لتلبية احتياجات جسمك من النوم في رمضان.
أسرار النوم الصحي في رمضان
سواء كُنت تنام قليلًا في رمضان، أو تشعر بنعاسٍ شديد خلال النهار، فتنام كثيرًا، فإنّ النوم الصحي وسط بينهما، وهو لا يتحدد بناءً على عدد الساعات فقط، بل على جودة النوم أيضًا، ومما يساعدك على التمتّع بنومٍ صحي في الشهر الفضيل:
1. الالتزام بجدول ثابت لمواعيد النوم:
حاوِل أن تنشئ مواعيد جديدة لنومك، مناسبة لشهر رمضان، لكنّها ثابتة، فهذا أفضل لسُرعة الدخول في النوم والاستيقاظ بنشاطٍ، فمثلًا يمكنك النوم 4 - 5 ساعات ليلًا، والاستيقاظ قبل السحور، ثُمّ أخذ قيلولة بالنهار لاستكمال ما تحتاج إليه من ساعات النوم.
2. عدم النوم بعد الأكل مباشرة:
لا ينبغي النوم بعد الأكل مباشرةً، خاصةً إذا كانت الوجبات ثقيلة أو مليئة بأطعمة دسمة، وكذلك إذا كانت مليئة بالنشويات أو الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات، فقد يؤثِّر أي من ذلك على جودة نومك سلبًا.
3. أخذ قيلولة بالنهار:

قد يكون منطقيًا أن تحاوِل النوم بعض الوقت بالنهار، خاصةً مع قصر الوقت المُتاح لك للنوم ليلًا في رمضان، لذا حاول أن تحصل على قيلولة خلال النهار، تُعِيد لك نشاطك، وتُلبِّي احتياجات جسمك من النوم.
ويُفضّل أن تكون القيلولة بعيدة قدر الإمكان عن وقت غروب الشمس، كي لا تؤثر في قدرتك على النوم ليلًا.
اقرأ أيضًا: أضرار النوم بعد السحور.. أهمها زيادة الوزن
4. تهيئة غُرفة نومك:
ينبغي أن تكون غُرفة نومك هادئة مظلمة، لا تسطع الأضواء فيها على عينك مباشرة، وألا يكون هناك ضجيج من حولك، كما ينبغي أيضًا أن تكون درجة حرارتها مناسبة (18.3 درجة مئوية)، ليست شديدة الحرارة أو البرودة، فهذا يجعل أجواء غرفة نومك مثالية للنوم.
5. تقليل تناول الكافيين:
قد يساعدك الكافيين على زيادة نشاطك وتركيزك، لكنّه لن يساعدك على الدخول في النوم سريعًا، وبينما تكون بحاجةٍ إلى النوم ليلًا، إذ بك تحتسي فنجان قهوة قبل أن تذهب إلى فراشك، فأنَّى للنوم أن يأتيك ولعينك أن تغمض؟
وقد وجدت مراجعة عام 2023 نشرت في "Sleep Medicine Reviews"، أنَّ تناول الكافيين في وقتٍ متأخر من اليوم، خفض وقت النوم الإجمالي بمقدار 45 دقيقة، كما قلّل كفاءة النوم الإجمالية بنسبة 7%.
لذا يُفضّل تقليل تناول الكافيين، كُلّما اقترب موعد نومك بالليل، كي يتسنّى لك التمتّع بنومٍ عميق قبل أن تستيقظ للسحور.
6. تجنّب التوتر:
قد يؤثر التوتر أو الاضطرابات النفسية عمومًا في جودة نومك، لذا حاوِل أن تسترخي إذا باغتك التوتر، وذلك من خلال التنفّس العميق أو ممارسة هواية تساعدك على الاسترخاء، كالقراءة، أو ربّما يمكنك الذهاب لنزهة بالخارج لمساعدتك على الاسترخاء.
7. تقليل التعرّض للضوء الأزرق:
قد يُخذَل المرء من حيث لم يتوقّع، وحال الرغبة في التمتّع بنومٍ جيد، فربّما لا تدري أنّ الضوء الأزرق المنبعث من شاشة هاتفك أو الحاسوب أو غيرهما، سبب مباشر لاضطراب نومك؛ إذ يتسبَّب هذا الضوء في انخفاض مستويات "الميلاتونين" أو "هرمون النوم".
فإمَّا أن ترتدي النظّارات الحاجِبة للضوء الأزرق، أو ربّما تستطيع تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بـ1 - 2 ساعة على الأقل، كي تتمكّن من النوم بسهولة.