طريقك للسلام الداخلي: نصائح لتجنب التوتر والعصبية في رمضان
يمثل شهر رمضان رحلة روحية للمسلمين حول العالم، لما له من خصوصية تعمل على تقريب الأفراد من دينهم، وتعزيز شعورهم بالسلام الداخلي، ولكنه يأتي أيضاً مع مجموعة من التحديات الفريدة.
فالصيام والمتطلبات الاجتماعية والثقافية والدينية للشهر الفضيل يمكنها أن تؤدي إلى الإنهاك العاطفي، وزيادة معدلات القلق والتوتر والغضب، وعليه فإن العثور على السلام الداخلي والتعامل بشكل فعال مع الغضب والقلق والعصبية، من الأمور الضرورية من أجل تجربة رمضانية مرضية دينية ونفسياً وعقلياً.
أسباب وعوامل التوتر والضيق خلال رمضان
هناك مجموعة من الأسباب الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تساهم في زيادة معدلات التوتر والعصبية والضيق خلال شهر رمضان.
أولاً: العوامل الفيزيولوجية:

تقلبات مستويات السكر:
الصيام لساعات طويلة يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، فيما يعتمد الدماغ على "الجلوكوز" للحصول على الطاقة، وعندما تنخفض مستوياته فإن ذلك يفعل استجابات التوتر ويضعف التركيز، ويزيد التوتر وردات الفعل المبالغ فيها.
الجفاف:
قلة السوائل تؤثر على وظائف الدماغ، مما يزيد من مشاعر التوتر والارتباك والإحباط، كما يرفع الجفاف من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، ما يعني عصبية مضاعفة.
اضطرابات النوم:
تغيير مواعيد النوم بسبب الصلاة أو الاستيقاظ للسحور قد يؤدي إلى الحرمان من النوم، ما يفاقم من القلق ويزيد الإرهاق والعصبية.
ثانياً: العوامل النفسية والسلوكية:

تغيير الروتين:
التغييرات المفاجئة في عادات الأكل والنوم تربك إيقاع الجسم اليومي، ما يؤدي إلى التوتر والقلق.
الكافيين والنيكوتين:
التوقف المفاجئ عن شرب القهوة والشاي والتدخين، في حال كنت من المدخنين، تؤدي إلى اختبار أعراض انسحاب الكافيين والنيكوتين، ما يسبب الصداع والتوتر والغضب السريع.
المحفزات العاطفية:
الصيام يزيد الوعي الذاتي، ما يجعل المشاعر المكبوتة، كالتوتر والوحدة والذنب وغيرها تظهر بشكل أكثر حدة، كما أن الاضطرابات الموجودة أصلاً، كالقلق والاكتئاب قد تتفاقم أعراضها بسبب تغير مواعيد الدواء.
ثالثاً : الضغوطات الاجتماعية والثقافية في رمضان
التوقعات الأسرية والاجتماعية:
خلال شهر رمضان هناك الكثير من الضغوطات، حيث القيام بكل الواجبات العائلية والاجتماعية واستضافة الأقارب والأصدقاء وتلبية الدعوات أو حضور الفعاليات والالتزام بالعبادات، وكل ذلك يؤدي إلى الإرهاق والقلق وأحياناً التوتر، بسبب عدم القدرة على القيام بها كلها، وفي المقابل قد يكون السبب هو النقيض، أي العزلة عن المحيط أو عن العائلة خلال شهر يجتمع فيه الأحبة.
الشعور بالذنب:
قد يختبر البعض مشاعر عدم الكفاءة أو الذنب أو الفشل، حين لا يتمكنون من تحقيق الروحية الدينية، مما يؤدي إلى النقد الذاتي والحزن.
عادات ونصائح لتجنب التوتر والعصبية في رمضان

إدارة التوتر والقلق والعصبية خلال رمضان تتطلب مزيجاً من الاستراتيجيات الجسدية والعقلية والروحية والغذائية.
اقرأ أيضًا: أفضل أطعمة السحور لزيادة التركيز خلال رمضان
تعزيز التوازن الجسدي:
يتم ذلك من خلال التعامل مع كل المشكلات المتعلقة بالتغذية، والتغذية الذكية هنا هي الحل، من خلال الحرص على تناول الأطعمة التي تمد الجسم بما يحتاج إليه، للمحافظة على مستويات الطاقة.
كما أن الترطيب المستمر خلال ساعات الإفطار هام جداً، وغالباً من ينصح الصائمين بشرب ما بين 8 إلى 10 أكواب من الماء، وتناول الفواكه الغنية بالماء كالبطيخ والبرتقال.
وطبعاً يجب الحرص على الحصول على قسط وافر من النوم، وبما أنه عادة ما يصعب التحكم بذلك خلال ساعات الليل، فإن الحل يتمثل في قيلولة قصيرة (20 إلى 30 دقيقة) بعد الظهر يومياً، بالإضافة إلى تحديد أولوياتك الليلية لتجنب الارهاق.
التهيئة النفسية المسبقة:
يمكن وبشكل دائم إعادة ضبط الإيقاع في شهر رمضان، وتنظيم تفاصيل حياتك اليومية خلاله، للتخلص من كل ما من شأنه زيادة التوتر والقلق.
البداية تكون بالتخطيط المسبق ليومك أو لأسبوعك، سواء لناحية العبادة أو الواجبات الاجتماعية أو العائلية، والخطط يجب ألا تكون على حساب راحتكم النفسية والجسدية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ممارسة التأمل أو الذكر أو تلاوة القرآن ولو لفترات قصيرة خلال النهار، تساعد على الشعور بالسلام الداخلي، والأهم هو تقبل النقص، والتذكر بأن رمضان لا يتطلب منكم الوصول إلى مرحلة الكمال.
النشاط الجسدي وضبط النفس:
ليس بالضرورة ممارسة التمارين الرياضية كل يوم، رغم أن المقاربة تلك مفيدة للغاية، ولكن بالحد الأدنى المشي لوقت قصير، أي نشاط بدني خفيف يساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر.
في المقابل، يعد ضبط النفس خلال ساعات الصيام هام جداً، وذلك لأنه لا يمكن التحكم بكل العوامل التي ذكرناها مجتمعة، لذلك فإن ضبط النفس من خلال الصبر والصلاة يساعد على منع الانفجارات العاطفية والمزاجية.
أطعمة تساعد في التغلب على العصبية في رمضان

يمكن للأطعمة المناسبة أن تلعب دوراً أساسياً في استقرار المزاج والتهدئة، وتعزيز التوازن العاطفي خلال ساعات الصيام في شهر رمضان، فما الأطعمة التي عليك الحرص على تناولها، والتي يمكنها المساعدة في تقليل مستويات التوتر والعصبية لديك؟
- الخضراوات الورقية (السبانخ، والكرنب، والسلق):
تحتوي على "المغنيسوم" و"حمض الفوليك" و"فيتامين بي 6“، وتسمى مصانع محاربة التوتر، وذلك لأن أحماض الفوليك تساعد على إنتاج “الدوبامين”، وهو الناقل العصبي المرتبط بالسعادة، كما أن "المغنيسوم" يحارب التعب، ويقلل من مستويات هرمون التوتر "الكورتيزول".
- البقوليات (كالعدس والفول والحمص):
غنية بالألياف والحديد وأحماض الفوليك والبروتين. ومن المعروف أن نقص الحديد في الجسم يؤدي إلى الاكتئاب ومضاعفة مشاعر القلق والتوتر وزيادة اضطرابات النوم، وفي المقابل فإن الألياف والبروتين تساعدان في المحافظة على مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، ما يقلل من تقلبات المزاج، أما أحماض الفوليك فتساعد على إنتاج "السيروتونين"، وهو هرمون السعادة.
- الأسماك الدهنية (السلمون، والسردين):
تحتوي على أحماض "أوميجا 3" الدهنية و"فيتامين د"، وكما هو معروف فإنهما السبيل الأسرع لمزاج أفضل، حيث يملك "أوميجا 3" خصائص تعزز الذاكرة والصحة العقلية، وتقلل من مستويات التوتر والقلق، وتحسن الاتصالات بين الخلايا العصبية. وفي المقابل يسهم "فيتامين د" في تقليل التقلبات المزاجية، ويحفز النواقل العصبية مثل "الدوبامين" و"السيروتونين"، التي تسهم بدورها في تحسين الحالة المزاجية.
- المكسرات (اللوز والجوز وغيرها):
تحتوي على "المغنيسوم" و"الزنك" و"فيتامين إي" والدهون الصحية و"التربتوفان"، فيما يدعم "الزنك" وظائف الناقلات العصبية، مما يحسب المرونة العاطفية، ويقلل من مستويات القلق، أما "المغنيسوم" فيدعم مستويات "السيروتونين" ويقلل القلق، و"فيتامين إي" يعمل كمضاد أكسدة، ما يعني أن مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) أقل، أما "التربتوفان" فيتحول إلى "سيروتونين"، مما يزيد من مستويات السعادة والهدوء.
- الكربوهيدرات المعقدة (الشوفان، والكينوا، والبطاطا الحلوة):
تحتوي على الألياف وفيتامينات بي والكربوهيدرات بطيئة الامتصاص، التي تثبت مستويات السكر في الدم، وتقلل العصبية الناجمة عن انخفاضه، وعليه يفضل تناولها عند السحور.