تعرف على أسباب وعلامات الإصابة وطرق العلاج.. "إدمان التسوق"!
لا نتوقّف عن الشراء من وقتٍ لآخر، خاصةً مع سهولة الدفع الإلكتروني، وتوافر المتاجر الرقمية المتنوّعة، لكن بعضنا قد يندفع في الشراء دون تفكير، بل يكاد يكون التسوق إدمانًا بالنسبة له، إذ لا يستطيع التوقف عنه حتى وإن صار مدينًا أو أهمل التزاماته ومسؤولياته المالية الأخرى!
والحقيقة أن هناك فرقًا كبيرًا بين التسوق العادي وبين إدمان التسوق، فهل وقعت فريسة للدعاية والإعلانات من حولك فصِرت مدمنًا للتسوق؟ أم ما زِلت تُمسِك زمام أمرك؟
إدمان التسوق
يعد إدمان التسوق إدمانًا سلوكيًا، يتضمّن الشراء القهري، للشعور بالرضا وتجنّب المشاعر السلبية، مثل القلق والاكتئاب، إذ يجسد رغبة مفرطة في إجراء عمليات شراء، بما قد يضرّ حياة الشخص، ويُؤثِّر في شؤونه المالية بلا شك.
وربّما يكون هوس المرء بالتسوق هو الإدمان الأكثر قبولًا في المجتمعات، خاصةً مع الإعلانات التي تحيط به من كل جانب، والتي تخبره بأنّ الشراء سيجعله سعيدًا.
ورغم تصاعد النزعة الاستهلاكية على نطاق واسع، فإنّ إدمان التسوق ليس اضطرابًا جديدًا، حيث تم الاعترِاف به منذ أوائل القرن التاسع عشر، وتم الاستشهاد به كاضطراب نفسي في أوائل القرن العشرين.
ما علامات إدمان التسوق؟
إدمان التسوق مختلف عن الشراء أو التسوق الطبيعي، وربّما تُعانِي إدمان التسوق دون أن تشعر، لكن فيما يلي أبرز علامات ذلك الإدمان:
1. لا تقدر على منع نفسك من الإنفاق:
يتميّز إدمان التسوق باتخاذ الأفراد قرارات شراء متهورة ومفرطة، دون النظر بشكلٍ كامل إلى العواقب، فغالبًا ما ينفق الأفراد الذين يُعانُون إدمان التسوق مبلغًا كبيرًا من المال أو الوقت على التسوق وشراء أشياء غير ضرورية.
وقد يكون ذلك بسبب:
- الإثارة التي يشعر بها مع الشراء.
- الرغبة في الحصول على تقدير اجتماعي.
- استخدام التسوق وسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية.
2. الشعور بالنشوة بعد التسوق:
يشعر مدمنو التسوق بنشوة أو سعادة شديدة بعد التسوق، وهذا الشعور هو ما يُغذّي إدمان التسوق، فلا يجد المرء فكاكًا ولا خلاصًا منه بسهولة لاحقًا.
اقرأ أيضًا:"سيكولوجية المقتنيات الفاخرة": الأسباب وراء اختيارنا للرفاهية
3. الندم بعد التسوق:
ليس هناك تناقض، فقد يكون الندم بعد التسوق من علامات إدمانه أيضًا، فعلى الرغم من اعتراف بعض الناس بالعواقب السلبية لأفعالهم مع التسوق، فهم يُكافِحون كثيرًا لوقف ذلك التسوق، ويُعانُون الشعور بالذنب والندم بعد الشراء.
4. الانشغال المستمر بالتسوق:
التفكير المفرط حول الشراء والتخطيط للمشتريات من الأعراض البارزة لإدمان التسوق، وغالبًا ما يُؤدِّي إلى سلوك شراء مندفع وغير منضبط، على الرغم من إدراكهم العواقب النفسية والمالية لما يفعلونه.
فهم يفكّرون باستمرار في التسوق، ويستمرون في تصفّح المتاجر عبر الإنترنت أو التحضير لمشروع التسوق التالي، بغض النظر عن المسؤوليات أو الالتزامات الأخرى.
5. الوقوع في مشكلات مالية:
قد يستمر الأفراد المدمنون على التسوق في التسوق، حتى إذا كانوا مدِينين أو لا يستطيعون دفع فواتيرهم، أو لديهم مشكلات مالية أخرى، فمثلاً يستمر مدمن التسوق في استخدام بطاقات الائتمان إلى الحد الأقصى، رغم علمه أنّه قد لا يستطيع تسديد المبالغ المستحقة عليها.
6. الكذب أو إخفاء المُشتريات:
قد يُخفِي الشخص عادات تسوّقه عن الآخرين، أو ربّما يشعر بخجلٍ أو إحراجٍ بشأن مشترياته، فمثلًا قد ينتظر المرء حتى تنام زوجته قبل جلب مشترياته من السيارة لإخفائها في الخزانة، قبل أن تلاحظ أو يلاحظ غيرها ما اشتراه!
اقرأ أيضًا:خفايا الاقتصاد السلوكي.. 4 كتب ستغير قراراتك المالية والحياتية
7. إهمال المسؤوليات:
قد يسبق التسوق المسؤوليات الأساسية الأخرى، مثل العمل أو الالتزامات العائلية، ما قد يؤدي إلى تجاهل الفرد لأفراد أسرته ورعايتهم، أو حتى إنتاجية عمله، بسبب تسوّقه المُفرِط.
لماذا يدمن البعض التسوق والشراء؟
قد لا يكون سبب إدمان التسوق واضحًا تمامًا، لكن العوامل المؤدية إليه مرتبطة بالاضطراب العاطفي أو الرغبة في السيطرة أو الضغوط المجتمعية، وفيما يلي أبرز الأسباب المحتملة لذلك الإدمان:
1. انخفاض احترام الذات:
قد ينخرط الأشخاص الذين يُعانُون تدنّي احترام الذات في الشراء القهري، للتعويض عن مشاعر عدم الجدارة، فقد يُسهِم تدنّي احترام الذات في إدمان التسوق. وقد أشارت دراسةٌ نُشِرت عام 2014 في "مجلة الإدمان السلوكي Journal of Behavioral Addictions"، إلى أنّ الأفراد الذين يُعانُون تدنّي احترام الذات، قد يستخدمون التسوق وسيلة لتعزيز تقديرهم للذات.
2. السمات الشخصية:
قد تكون صعوبة التحكّم في الرغبة في التسوق ناشئة من نمط الشخصية، فربّما يكون ذلك الإنسان سهل التأثر بما حوله، وقد يكون وحيدًا ومعزولاً، ويمنحه التسوق طريقة للبحث عن تواصل مع الآخرين.
3. الاكتئاب والقلق:
قد يؤدي التوتر أو القلق أو الاكتئاب إلى إدمان التسوق عند بعض الناس، وقد وجدت دراسة نُشِرت عام 2022 في "المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة Journal of Environmental Research and Public Health"، أنّ التوتر والقلق والاكتئاب مرتبطة بشكلٍ كبير بإدمان التسوق لدى المراهقين.
فيما وجدت الدراسة، أنّ المراهقين الذين أبلغوا عن تعرّضهم لتوترٍ متزايد أو قلق لا يمكن تخفيفه إلّا عن طريق التسوق، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وإظهار سلوكيات عدوانية.
4. المادية:
يميل الأشخاص الذين يُعانُون إدمان التسوق إلى أن يكونوا أكثر مادية من المتسوّقين الآخرين، ويحاولون دعم أنفسهم من خلال البحث عن الأشياء المادية، كما يجدون صعوبة في مقاومة دوافعهم.
5. التعرّض للإعلانات:
قد يكون من يُعانُون إدمان التسوق أكثر عرضة للتسويق والرسائل الإعلانية، فالإعلانات عمومًا مُصمّمة للمبالغة في النتائج الإيجابية للشراء، وتُبلِغ رسالة مفادها أنّ الشراء سيحلّ المشكلات، كما أنّ هناك بعض الحيل التسويقية لتحفيز دافع الشراء، واستهداف الطبيعة المتهورة للأشخاص الذين يُعانُون إدمان التسوق تحديدًا.
6. الهروب من الواقع:
قد يستخدم التسوق مدمنوه، للهروب من تحدّيات الحياة، فهم يرون التسوق نشاطًا علاجيًا مشابهًا للتسوق العلاج التقليدي، لذا فقد يكون إدمان التسوق ناتجًا عن الرغبة في نسيان الذات مؤقتًا، أو تشتيت الانتباه عن المشاعر أو الأحداث أو المواقف غير السارّة.
ما الفرق بين الشراء العادي وإدمان التسوق؟
التسوق أو الشراء العادي، هو عملية "اتخاذ قرار عقلاني"، إذ يزن الفرد الخيارات المتاحة، ويفكّر في ميزانيته، ويشتري بناءً على احتياجاته وتفضيلاته.
أمّا إدمان التسوق، فيمثل سلوك شراء قهري ومتسرّع يصعب السيطرة عليه، كما يشعر المرء بالنشوة بعد الشراء، وربّما يتبع ذلك الشعور بالذنب أو الندم.
ويُوضِّح الجدول التالي الفرق بين التسوق العادي وإدمانه:
كيف تتوقف عن إدمان التسوق؟
لا يُؤثِّر إدمان التسوق في الشؤون المالية فقط، بل قد يُؤثِّر في العلاقة بالآخرين، وربّما في الصحة النفسية أيضًا، لذا يُفضّل اتّباع النصائح الآتية للتوقف عن إدمان التسوق قدر الإمكان:
1. وضع ميزانية:
الكلام أسهل من الفعل، لكن قد تساعدك بعض الأدلة المجانية لتخطيط ميزانيتك، بالإضافة إلى بعض تطبيقات الهاتف الجوال لتوضيح وضعك المالي، ومِنْ ثَمّ اتخاذ قرارات الشراء بناءً على ميزانيتك لا الرغبات المندفعة.
اقرأ أيضًا:هل تؤثر الثروة في صفات الأثرياء أم أنّ صفاتهم جلبت ثرواتهم؟
2. حدِّد قائمة المشتريات:
قد يكون من الصعب التمييز بين الرغبات والاحتياجات، لذا ضع قائمة حدِّد فيها ما تحتاج إليه حقًا، وما لست بحاجةٍ إليه، ويمكنك مشاركة القائمة مع شخصٍ تثق به إذا كُنت بحاجةٍ إلى مشورة.
3. احذف تطبيقات الشراء:
غالبًا تمتص هذه التطبيقات أموالك وتفتك بميزانيتك، لذا إذا كُنت تقضي وقتًا طويلًا في تطبيقات التسوق عبر الإنترنت والأسواق الرقمية، فحاول أن تزيل أو تقيّد الوصول إلى تلك التطبيقات، فهذا سيساعد بالتأكيد على تقليل الإنفاق.
4. تقييد الوصول إلى بطاقة الائتمان:
لن تستطيع أن تنفق المال طالما لا تملكه؛ أليس كذلك؟ وإذا لم تكُن قادرًا على وضع حدٍ للإنفاق، فيمكنك تقييد الوصول إلى بطاقتك الائتمانية أو وضع حد للإنفاق من خلالها.
5. الدفع نقدًا دون زيادة:
إذا خصّصت 100 ريال مثلًا للتسوق للبقالة، فضع هذا المبلغ في محفظتك كما هو بالضبط، ولا تزد على ذلك، لكن إذا كُنت تخشى الحاجة إلى ما هو أكثر، فلا بأس بوضع 20 ريالاً في سيارتك للاحتياط.