في سن الأربعين.. هل فات الأوان لتغيير وظيفتك؟
يبحث البعض عن الاستقرار الوظيفي، ولكن هذا الأمر لم يعد شائعاً كما كان في السابق، إذ أصبح التغيّر الوظيفي أو ما يُعرف بالـ"Career Shift" سمة مميزة بين مختلف الفئات العمرية، ربما لأسباب تتعلق بإيقاع عصرنا السريع.
وبحسب دراسة أجرتها شركة McCrindle، فإن خريجي المدارس اليوم سيعملون لدى نحو 17 جهة عمل مختلفة خلال حياتهم، وأن الموظفين الأكبر سناً، باتوا يقضون وقتاً أقل في الوظائف، مقارنةً بما كانوا عليه قبل 40 عاماً، فهل يمكن تغيير وظيفتك بسهولة في سن الأربعين؟ سؤال سنحاول الوصول إلى إجابته خلال السطور التالية.
هل يمكن تغيير وظيفتك في سن الأربعين؟
دون أي مقدمات أو تشويق الإجابة هي: "نعم"، بالرغم من بعض التحديات التي سنتناولها لاحقاً، والحقيقة تقر بوجود الكثير من الأشخاص الذين تركوا وظائفهم وسعوا وراء تحديات جديدة.
فقط حاول دائماً أن تُركز على مهاراتك وخبراتك التي كونتها على مدار السنين، بدلاً من التركيز على تاريخ ميلادك، ومرةً أخرى، سيكون هناك تحيزات وتخوفات من قِبل مسؤولي التوظيف في بعض الأحيان، إلا أنك إذا كنت واثقاً مما ستجلبه إلى الطاولة، فأغلب الظن أنك لن تواجه أي مشكلةٍ في تغيير وظيفتك بعد سن الأربعين.
والواقع يقول إن هناك أمثلة كثيرة وملهمة لأشخاص غيّروا وظائفهم، بل بدأوا من الصفر بعد سن الأربعين؛ "هارلاند ساندرز" مثلاً، صاحب سلسلة مطاعم KFC، بدأ في سن الأربعين، حيث كان يُقدم وجبات للمسافرين، ومع مرور الوقت أخذ يشتهر، إلى أن جاءته الانفراجة والنجاح في سن الخامسة والستين، عندما توصّل إلى وصفته الشهيرة للدجاج المقلي، وهناك الكثير من القصص التي تحمل عبرة واحدة: "لا تيأس".
كيف تغير مجالك المهني بعد سن الأربعين؟
يمكنك تغيير مجالك المهني بعد سن الـ40 باتباع الآتي:
1. قيّم فرصك المهنية
بمعنى أن يكون لديك خطة مُحددة قبل أن تتخلى عن وظيفتك الحالية، وذلك بالتفكير في الوظيفة الجديدة وهدفك من الالتحاق بها، وعما إذا كانت ستُرضيك مهنياً أم لا، كذلك تذكر أن التقدم الوظيفي قد يكون بطيئاً في البداية، وقد تحتاج إلى القيام ببعض التضحيات حتى تصل إلى المكانة التي تنشدها؛ تذكر أن السهم يحتاج إلى أن تُرجعه للوراء حتى ينطلق بقوة إلى الأمام.
2. افهم دوافع التغيير
لماذا تبحث عن وظيفةٍ جديدة في هذه المرحلة من حياتك؟ هذا هو السؤال الأول الذي يجب أن تسأله لنفسك، ويتبعه أسئلة أخرى: هل تبحث عن تحدٍ جديد؟ هل هذه الوظيفة هي ما كنت تسعى إليه طوال حياتك؟ هل ستؤثر على صحتك النفسية بالإيجاب؟ كل هذه الأسئلة مُهمة للغاية وستساعدك في خطوتك الجديدة.
3. ركز على مهاراتك الناعمة
تلك المهارات التي طورتها على مدار سنوات خبرتك، والتي يمكنك أن تستفيد بها في أي وظيفة جديدة مهما كانت، وهذه المهارات تشمل: التفكير النقدي، والقدرة على حل المشكلات، والذكاء العاطفي، وغيرها من المهارات التي تعطيك ميزة تنافسية بين أقرانك، وتجعل مسؤولي الموارد البشرية مهتمين بك للغاية.
اقرأ أيضًا: "الإدارة الكلية".. كيف يثق المدير بفريقه ليحقق النجاح؟
4. اعمل على تقوية مهاراتك الصلبة
فبينما تلعب المهارات الناعمة أو الـ "Soft Skills" دوراً كبيراً في رسم معالم قبولك الوظيفي، تظل المهارات الصلبة أو الـ"Hard Skills" هي الأساس، ولذلك فإن تغيير المسار المهني يتطلب في بعض الحالات تعلم مهارات جديدة تماماً، أو حتى دراسة مجال مُعين من الصفر، فإذا كان لديك قدرٌ من المعرفة، فالدورات القصيرة على الإنترنت قد تكون كافية بالنسبة لك؛ الأمر يعتمد في النهاية على الوظيفة التي تتقدم لها.
وإذا كنت تعتقد أن قطار تعلم المهارات الجديدة قد فاتك أو أن الجمع بين الدراسة والعمل هو أمرٌ مستحيل، فدعنا نُخبرك أنه في أستراليا على سبيل المثال، يعمل 67% من الأشخاص وهم يدرسون في الوقت نفسه، والواقع أنك لن تحتاج إلى تعليم شاق، حيث تتطلب الكثير من الوظائف مهارات مُحددة يمكن دراستها بدوامٍ جزئي بجانب عملك، فلا تقلق.
5. استفد من شبكة علاقاتك
بعد أن تتخطى حاجز الأربعين، ستكون على الأرجح قد كونت شبكة مُعتبرة من العلاقات؛ حاول أن تستفيد منها في الحصول على استشارةٍ بشأن الشركة أو الوظيفة الجديدة التي تسعى للحصول عليها، ومن يدري؛ قد يدلك أحدهم على فرصةٍ أفضل في مكانٍ أفضل.
6. ابحث عن مُرشد
المُرشد أو "المِنتور" هو شخصٌ مهم جداً في هذا الموقف وغيره من المواقف الأخرى، حيث سيختصر عليك الطريق ويوفر عليك الكثير من الوقت والجهد، وإذا لم تجد هذا الشخص الخبير في المجال أو الوظيفة التي تريد الالتحاق بها، فيمكنك أن تلجأ للحلول البديلة كأن تطلب المشورة من الأشخاص الذين تثق بهم، سواء على مواقع التواصل أو في الحقيقة.
7. تعلّم لغة الوظيفة الجديدة وقيّم سوق العمل جيداً
أخيراً وليس آخراً، عليك أن تُراقب العبارات والكلمات المستخدمة في السوق الجديد إذا لم يكن مألوفاً بالنسبة لك، حتى يتراءى للمسؤولين أنك قد قمت بواجبك في البحث جيداً، وأنك تمتلك المعرفة الأساسية بالصناعة.
كذلك عليك أن تدرس السوق بتمعن، وتقبل ببعض التضحيات بعد أن تدرسها، وأيضاً توازن بين العمل والحياة وصحتك النفسية لأنها كل شيء، ولأنها السبب الأساسي وراء الرغبة في الانتقال إلى مهنة جديدة الأعمار المتقدمة في العموم.
تحديات تغيير الوظيفة في سن الأربعين
هناك تحديات يجب أن تتفهمها وتتعامل معها بلطف خلال تغيير الوظيفة بعد سن الأربعين، ومنها:
1. تعلم مهارات جديدة
عادةً ما يواجه الأشخاص الذين تتعدى أعمارهم الـ40 عاماً صعوبات عند تعلم مهارات جديدة، خاصةً أن المهارات الجديدة مرتبطة بالتكنولوجيا بشكلٍ وثيق، وكلما كانت معرفة الشخص ضعيفة بالأمور التقنية، زاد التحدي.
2. المنافسة العالية
إذا لم يكن الشخص الأربعيني مدفوعاً بشغفٍ حقيقي، فغالباً سيتخلف عن الرَكب ويتخطاه الشباب المُفعم بالحيوية، والمتعطش لأي فرصة عمل.
3. التأقلم مع الأوضاع الجديدة
إن تنمية مهارات جديدة في سن الأربعين تتطلب عدة أشياء، منها القدرة على التأقلم مع الأوضاع والبيئات الجديدة، وهذا تحدٍّ ليس بالسهل نظراً لأعداد الشباب الجرارة من حولك.
4. عائلتك ومسؤولياتك
إذا كنت تبحث عن وظيفة جديدة في الأربعينيات من عمرك، فغالباً لديك عائلة مسؤولة منك، لذلك حاول أن تؤمنهم أولاً -إن لم يكونوا كذلك- وأنت تُخاطر وتبحث عن وظيفة جديدة.
5. التحديات الوظيفية المختلفة
بالإضافة إلى كل ما سبق هناك مجموعة كبيرة من التحديات الطبيعية التي قد تواجهك، أو التي قد لا تُمثل مشكلة بالنسبة لك، ومنها: المكان الجديد للوظيفة (الموقع الجغرافي)، ومتطلبات الوظيفة المعرفية، وطبعاً الماديات.
نصائح قبل الانتقال إلى مهنة جديدة
هناك عدد من النصائح التي يجب أن تفكر فيها جيداً قبل اتخاذ القرار والانتقال إلى مهنة جديدة في سن الأربعين، وهي:
1. لا تتعجل
لا شيء يلاحقك، الحياة ماراثون وليست سباقاً؛ لا تجعل شبح العمر يطاردك دائماً، فقط خذ بالأسباب وادرس الأمور جيداً، من حيث مؤهلاتك، والراتب، والسوق، والتزاماتك، إلخ، ثم اتخذ القرار المدروس، ولكن اعلم أنه كلما تقدمت في العمر، كان عثورك على وظيفة أخرى أمراً صعباً، وهذه حقيقةٌ لا مفر منها.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك التعامل مع الموظف الذي لا يلبي التوقعات؟
2. روّج لنفسك بشكل جذاب
نعود إلى فكرة مهاراتك وخبراتك التي كونتها من الوظائف السابقة، هذه المهارات والخبرات قد تضعك في منزلةٍ أعلى بكثير مما تتوقعه، والعكس، فحاول أن تُروج لها بشكلٍ جذاب، يُظهر أنك مُخضرم، على الأقل من ناحية المهارات.
3. استعن بالتكنولوجيا وبنصائح الخبراء
من الوارد، ألا يكون من هم بالأربعينيات من العمر على القدر نفسه من المعرفة التكنولوجية مثل الأجيال الشابة، التي نشأت في رحاب الهواتف الذكية والصور الأخرى للتقنيات الحديثة، ولكن، باستخدامك للتكنولوجيا ستختصر على نفسك الكثير، سواء في رحلة تعلمك أو في أثناء العمل نفسه.
كيف أحضر لمقابلة عمل بعد سن الأربعين؟
هناك عدة نصائح من شأنها أن تجيبك عن هذا السؤال، منها:
1. بناء سيرة ذاتية قوية
استثمر وقتاً طويلاً في تجميع خبراتك السابقة ذات الصلة بالوظيفة التي تنشدها، ورتبها بشكلٍ منمق في سيرةٍ ذاتية عصرية، عن طريق الاستعانة بخبيرٍ أو أحد المواقع المتخصصة.
2. ركز على الملابس والانطباع الأولي
عليك أن تبدو في أفضل حال، وتركز على الانطباع الأولي. نحن متأكدون أنك ستراعي هذه النصيحة، ولكننا نشدد عليها لأن الكثير لا يعطون المظهر الأهمية التي يستحقها، وهذه مشكلة كبيرة، خاصة في مقابلات العمل؛ اعرف ثقافة الشركة جيداً وإن لم تستطع، فعليك بالأزياء الرسمية أو شبه الرسمية، فهي خيارات آمنة دائماً.
3. التكنولوجيا ثم التكنولوجيا
يتخوف مديرو التوظيف من الأشخاص الأكبر سناً لأسباب أهمها التعامل مع التكنولوجيا، فاحرص على جمع أكبر قدرٍ من المهارات التقنية، حتى تُبدد هذه المخاوف، وحتى توصّل رسالة مفادها أنك مستعدٌ لتعلم مهارات جديدة.
4. حافظ على رباطة الجأش
من الوارد أن يكون مدير التوظيف أصغر منك بكثير، فحاول أن تحافظ على رباطة جأشك، وثق دائماً بأن حفاظك على هدوئك سيُكسبك نقاطاً إضافية.
5. لا تُفكر في التقاعد المبكر أو على الأقل لا تُظهر ذلك
يخشى مديرو التوظيف أيضاً أن يتقاعد موظفوهم الأكبر سناً مبكراً، ولذلك حاول أن تُظهر شغفك بالوظيفة الجديدة، وبأنك تسعى وراءها منذ فترة طويلة، والأهم من ذلك أكد أنك لن تتقاعد مبكراً، ولا تفكر في ذلك، أو على الأقل لا تُظهر العكس.
في النهاية، لا تنسَ أن العمر مُجرد رقم، وأن سوق العمل الديناميكي الحالي يُبرر الرغبة المستمرة في تغيير الوظائف، بغض النظر عن السن، فقط خذ بالأسباب ولاحق وظيفة أحلامك.