كيف يُحافظ رواد الأعمال على صحتهم في عالم الخُطى السريعة؟
أظهرت إحدى الدراسات أنّ أكثر من 27% من رواد الأعمال قد يُعانُون القلق، وأن هناك نسبة لا تقل عن ذلك قد تعاني الاكتئاب أيضاً، حيث تتدهور الصحة النفسية لهؤلاء بينما يحاولون إدارة أوقاتهم وموظفيهم، بما ينعكس على قدرتهم على إدارة المشاريع.
الدراسة التي نشرت عام 2015 للدكتور "مايكل فريمان"، الأستاذ السريري بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، حققت مدى شيوع وخصائص المشكلات النفسية التي قد يُعانِيها روّاد الأعمال وأقاربهم من الدرجة الأولى، فأظهرت أن احتمالية إصابة رواد الأعمال بالاكتئاب ضِعف احتمال إصابة عموم الناس بالاكتئاب، فيما كان رواد الأعمال أكثر عرضة للإدمان بثلاثة أضعاف، ولاضطراب فرط الحركة مع نقص الانتباه بستة أضعاف!
أبرز المشكلات الصحية التي قد تصيب رواد الأعمال
ولكن وقبل أن نتناول كيفية الحفاظ على صحتك بينما تدير عملك بكفاءة، يجب أن نشير أولاً إلى أبرز المشكلات الصحية التي قد يواجهها رواد الأعمال، حسب تلك الدراسة:
1. الاكتئاب
خلصت الدراسة التي أجراها الدكتور "مايكل فريمان" إلى أنّ 49% من رواد الأعمال الذين شملهم الاستطلاع يُعانُون مشكلات نفسية، إذ أبلغوا عن الاكتئاب باعتباره المشكلة الأولى لديهم، لذا يُنصَح رواد الأعمال بتحديد أهدافٍ صغيرة محددة، بدلًا من القيام بأعمالٍ كثيرة في وقتٍ واحد، فهذا سيُعزِّز الشعور بالإنجاز ويخفض وتيرة الاكتئاب.
2. القلق
أشارت الدراسة كذلك إلى أنّ 27% من رواد الأعمال يُعانُون القلق، لذا يُوصِي خبراء الصحة بممارسة الأنشطة التي تجعل الجسم يطلق "الإندورفين" الصحي، الذي يُخفِّف القلق، وقد يكون ذلك من خلال المشي أو السباحة، أو غيرها من الأنشطة الحركية.
3. الإدمان
بينما تحدث الدراسة السابقة حول الإدمان، كانت دراسة أخرى أجريت عام 2014 في كلية "ويتمان للإدارة بجامعة سيراكيوز Whitman School of Management at Syracuse University" الضوء على إدمان ريادة الأعمال، وكيف يمكن أن يؤدي التفكير المهووس بشأن الأعمال إلى إدمان سلوكي، مثل تعاطي الكحول أو حتى المخدرات، وهذا الإدمان قد يؤدي إلى إهمال الأسرة أو الذات، أو حتى بدء مشاريع جديدة دون الانتهاء من المشاريع السابقة.
اقرأ أيضًا:كيف يمكن إنشاء بيئة عمل صحية؟ إليك هذه النصائح لزيادة الإنتاجية
4. متلازمة المحتال
يُعانِي ما يقرب من 84% من رواد الأعمال متلازمة المحتال، وهي ليست مشكلة صحية بالضرورة، لكن قد يؤدي استدعاؤك لها في وقت باكر جداً إلى الاستسلام والتشكيك في قدراتك، بل الشعور بالهزيمة، كما قد يؤدي ترك هذه المتلازمة لفترة طويلة إلى مشكلات أخرى، مثل القلق والاكتئاب.
ولتفادي تلك المتلازمة، حاول أن تتحدث عن نجاحاتك مع الأصدقاء والعائلة، أو احتفظ بدفتر صغير تُدوِّن فيه إنجازاتك الكبيرة أو الصغيرة كتذكير بما يمكنك فعله.
5. اضطرابات النوم
النوم الجيد ضروري لرواد الأعمال، إذ أشارت دراسةٌ نشرت في Harvard Business Review، إلى أنّ رواد الأعمال الذين ينعمون براحة جيدة، أكثر قدرة على ابتكار أفكار جيدة، كما قد تؤدي مشكلات النوم إلى قلة الإبداع والابتكار، وضعف التفكير وزيادة الإرهاق.
ومِمّا يساعد على تفادي ذلك، التعرّض لضوء النهار، والمحافظة على أوقات نوم واستيقاظ ثابتة كل يوم، وتقليل النظر إلى الشاشات الإلكترونية في الليل، مثل الهاتف الجوّال، بالإضافة إلى عدم شُرب القهوة بعد الظهر.
6. أمراض القلب
التوتر سِمة أساسية في حياة كثير من رواد الأعمال، خاصةً مع بدء عملٍ تجاري ومحاولة الحفاظ عليه، ومِنْ ثَمّ فقد يعمل رائد الأعمال ساعات أطول للحفاظ على مشروعه، لكن دراسة نشرت عام 2016 في "مجلة الطب المهني والبيئي Journal of Occupational and Environmental Medicine"، أظهرت أنّ الذي يعملون 60 ساعة في الأسبوع، كانوا أكثر عرضة بنسبة 35% للإصابة بأمراض القلب، وأنّ الذين يعملون أكثر من 70 ساعة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بها بنسبة 74%.
لذا يجب إيلاء الراحة أولوية، بالنوم لنحو 7 ساعات على الأقل كل ليلة، وممارسة الرياضة، والتزام نظامٍ غذائي صحي، حتى تتجنب هذه الأمراض التي قد يكون رواد الأعمال أكثر عرضة لها.
كيف تحافظ على صحتك في عالم الأعمال المتسارع؟
يمكن لرواد الأعمال الحفاظ على صحتهم بتنظيم أوقاتهم وجدولة ساعات عملهم، إلى جانب اتباع نظام غذائي صحي، فكيف تُحافِظ على صحتك وتحميها من شرور الأمراض، بينما تدير عملك بكفاءة؟
فيما يلي خطة جيدة لتحقيق ذلك:
1. إنشاء روتين
يساعد الروتين على تثبيت جدول أعمالك وتنظيم وقتك، وتحديد أوقات مُحدّدة لأنشطتك اليومية، مثل التحقق من رسائل البريد الإلكتروني وما شابه، كما يساعد الروتين أيضاً في تعزيز الإنتاجية، من خلال التركيز على الأمور الأهم، فمثلاً يمكن تخصيص ساعات الصباح للمهمات ذات الأولوية العالية، وجدولة المقابلات بعد الظهر، فيما يساعد الالتزام بالروتين رواد الأعمال على تحقيق توازن بين حياتهم المهنية والشخصية، ما ينعكس إيجاباً على صحتهم.
اقرأ أيضًا:كيف يضمن رائد الأعمال صحته النفسية في بيئة عمل تنافسية؟
2. جدولة أوقات الراحة
إنّ الحصول على فترات راحة منتظمة أمر ضروري لكي يعيش رائد الأعمال حياة صحية، فأخذُ فترات قصيرة للراحة على مدار اليوم، يمنع الإرهاق ويزيد الإنتاجية، ويمكن أن تتضمّن فترات راحتك بعض الأنشطة، مثل التنزّه، أو حتى الابتعاد عن العمل قليلاً، إذ يساعد ذلك عقلك على إعادة الشحن، كما أنّك تكون أكثر تركيزاً وإبداعاً عند عودتك إلى العمل.
3. تفويض المهام
يُنصَح أيضاً بتحديد المهام التي يمكن تفويضها، فمثلاً يمكنك تعيين مساعد افتراضي لتخفيف عبء المهام الإدارية عنك، أو الاستعانة بأصحاب العمل الحر لتفويض بعض المهام إليهم، ولتُركِّز أنت على أنشطتك الأساسية، فالتفويض يساعدك على الاستفادة من خبرة الآخرين، وزيادة كفاءة العمل، وتحقيق توازن صحي بين العمل والحياة.
4. تعلّم مهارات تنظيم الوقت
إدارة الوقت من أهم الأمور التي يحتاج إليها رواد الأعمال لعيش حياة صحية، وما يساعد على ذلك تحديد المهام ذات الأولوية حسب الأهمية والمواعيد النهائية، فهذا يساعدك على التركيز على الأنشطة ذات الأولوية القصوى، ويضمن عدم إضاعة الوقت في المهام الأقل، كذلك، فإنّ تقسيم المشاريع الكبيرة إلى مهامٍ أصغر لإدارة وقتها بصورةٍ أفضل، حيث يساعد ذلك على زيادة الإنتاجية وتخفيف الإرهاق.
كما يمكنك استخدام التقويمات أو قوائم المهام "To-do lists"، أو برامج إدارة المشاريع لتنظيم وتتبع مهامك، ومتابعة المواعيد النهائية، وتخصيص فترات زمنية للأنشطة المختلفة.
5. اتّباع نظام غذائي صحي
لا غنى لرواد الأعمال للحفاظ على صحتهم اليوم عن نظامٍ غذائيٍ صحي، فالوجبات المغذية التي تمد الجسم بالطاقة ضرورية لإتمام المهام اليومية، وللحفاظ على صحتك أيضاً، ويُفضّل أن يكون النظام الغذائي متوازناً وغنياً بالفواكه والخضراوات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة، بالإضافة إلى الأطعمة التي تحسّن صحة الدماغ، مثل الأسماك الدهنية والبذور والمكسرات.
اقرأ أيضًا:ما الفرق بين التوتر الجيد والسيء؟
6. شرب كميات مناسبة من الماء
لا بد من الحفاظ على رطوبة الجسم، لأنّ ذلك يساعد على التركيز، ويزيد مستويات الطاقة، ويُحسِّن الصحة عموماً، كما أنّ الجفاف قد يؤدي إلى التعب وصعوبة التركيز وانخفاض الإنتاجية، لذا احتفظ بزجاجة ماء في مكان قريب منك باستمرار، وإذا مللتَ شرب الماء، فيمكنك نقع الفواكه أو الأعشاب بالماء للحصول على مذاق منعش، أو تناول مشروبات مرطبة أخرى، مثل شاي الأعشاب أو ماء جوز الهند.
7. ممارسة التمارين الرياضية
تُحسِّن التمارين الرياضية المزاج، كما تساعد في الوقاية من أمراض القلب، كما تُحسِّن الطاقة والتركيز، وتُقلِّل التوتر، وربّما تجد صعوبة في وضعها ضمن جدولك المزدحم، لكن ينبغي أن يكون لها أولوية في حياتك، ويمكنك هنا اختيار التمارين التي تستمتع بها على الأقل، كالجري أو السباحة مثلاً، لكن المهم عدم إهمال الرياضة، والحرص على جعلها جزءاً من حياتك.
8. تحديد ساعات العمل
لا بد من تحديد ساعات عمل، لا يتجاوزها العمل إلى غيرها، كي تكون حياتك منظمة، وتتجنّب إدمان ريادة الأعمال، وقد يكون وقت العمل بالنسبة لك في الصباح الباكر أو الليل أو في أوقات محددة على مدار اليوم؛ أياً كان ذلك الوقت، فلا تهمل التزاماتك الشخصية ولا تجعل العمل يطغى عليها.
9. تخصيص وقت لنفسك
يُفضّل تخصيص وقت لنفسك كما حدّدت وقت العمل، فهذا يساعدك على إعادة شحن طاقتك وتقليل الإرهاق، كما يمكنك تحديد فترات معينة على مدار اليوم أو الأسبوع مخصصة حصراً للأنشطة الشخصية خارج نطاق العمل، مثل قراءة كتاب أو قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء.