الدكتور László Ürögi لـ"الرجل": الصحة النفسية لم تعد وصمة
من منا لم يشعر يومًا بالتوتر والقلق المفرط، بل أيضًا بالحزن والاكتئاب؟ الصحة النفسية عامل أساسي ومهم لحياة مثمرة ومُرضية، لكن للأسف يجري تصورها كضعف للشخصية في مجتمعاتنا.
"الرجل" حاورت الدكتور László Ürögi، رئيس قسم الطب النفسي والعلاج النفسي والوقاية من الانتكاسات في مؤسسة The Kusnacht Practice بسويسرا. حصل أوروجي على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة Semmelweis في بودابست، وهو متخصص في الطب النفسي والعلاج النفسي منذ عام 2010.
في حوارنا الشائق معه، تحدثنا عن أهمية الصحة النفسية ودورها في تحسين الحياة اليومية، بالإضافة إلى نظرة المجتمع الشرقي لها، وكذلك اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) وكيفية علاجه.
كيف يؤثر الاكتئاب الموسمي بشكل خاص على الأفراد في الشرق الأوسط؟
يمكن للاكتئاب الموسمي، واسمه العلمي الاضطراب العاطفي الموسمي (Seasonal Affective Disorder) أن يمثل تحديات فريدة للمصابين به في الشرق الأوسط بسبب مناخ المنطقة، والممارسات الثقافية والديناميكيات الاجتماعية. مثال لذلك حدوث المرض وتبعاته بشكل عكسي، في المعتاد يشعر المريض بالأعراض خلال الأشهر الباردة. لكن في الشرق الأوسط، يحدث الاكتئاب والخمول خلال الأشهر الحارة، بالإضافة إلى انخفاض النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي بسبب وجود الأفراد بالداخل. يلزمنا هذا باتباع نهج مختلف مخصص للعلاج عن الأساليب المعتادة.
ما هي أحدث التطورات في علاج الاكتئاب؟
تدعم مجموعة كبيرة من الأبحاث والتجارب فاعلية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (Transcranial Magnetic Stimulation). وقد أثبت العديد من الدراسات تأثيرًا إيجابيًّا لهذا العلاج في الحد من أعراض الاكتئاب وتحسين جودة الحياة للمرضى.
اشرح لنا فضلًا عن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) لدى البالغين.
يتجلى اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى البالغين في شكل عدم الانتباه وفرط النشاط والاندفاع، ما يؤدي إلى صعوبات في إدارة الوقت وتحديد الأولويات وإكمال المهام بشكل سليم. يؤثر ذلك سلبيًّا في الحفاظ على العلاقات، وتدني احترام الذات والكفاءة الذاتية، وضعف الأداء في العمل. يتكون العلاج من العديد من الخطوات، تتضمن الأدوية والعلاج النفسي وتعديلات نمط الحياة لتحسين الصحة العامة والأداء اليومي.
ما هي العلاجات المبتكرة لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟
الارتجاع العصبي: يتضمن هذا النهج تدريب الأفراد على تنظيم نشاط الدماغ باستخدام تقنية تخطيط كهربية الدماغ (EEG). من خلال مراقبة أنماط الموجات الدماغية في أثناء حدوثها، يمكننا حينها تحديد أنماط الموجات وتوفير خطة يتعلم الأفراد من خلالها التنظيم الذاتي وتحسين الانتباه والتحكم في الاندفاعات.
التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة: إجراء غير جراحي يستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز مناطق معينة من الدماغ. تشير الأبحاث إلى أن التحفيز المستهدف للمناطق المختصة بالاهتمام والوظائف التنفيذية يمكن أن يخفف من أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
العلاج بالواقع الافتراضي (VR): العلاج بالواقع الافتراضي تقنية جديدة ويتم استكشافها كأسلوب للعلاج في الوقت الحالي. تستند إلى استعمالها من خلال توفير بيئات غامرة مصممة لمعالجة أعراض محددة. قد يساعد العلاج بالواقع الافتراضي الأفراد على تحسين الانتباه والتحكم في الانفعالات والمهارات التنظيمية من خلال المهام التفاعلية وعمليات المحاكاة.
برامج التمارين والنشاط البدني: يمكن للنشاط البدني المنتظم أن يفيد الوظيفة الإدراكية وتنظيم الانتباه. يعمل بعض الدراسات الآن على تقييم فاعلية برامج التمارين المنظمة وتدخلات النشاط البدني كعلاجات مساعدة إلى جانب الأساليب التقليدية.
التدخلات الغذائية: البحث مستمر في دور النظام الغذائي والمكملات الغذائية في إدارة أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. يمكن لبعض الإرشادات الغذائية، مثل تقليل تناول السكر أو دمج أحماض أوميجا-3 الدهنية في النظام الغذائي، دعم الوظيفة الإدراكية والسلوك لدى المرضى.
اليقظة الذهنية وممارسات العقل والجسم: يتم دراسة العلاج القائم على اليقظة الذهنية، مثل التأمل الذهني واليوغا، لقدرته على تحسين الانتباه والتنظيم العاطفي والصحة العامة لدى المرضي. تتركز هذه الممارسات على الوعي والشعور باللحظة الحالية والتعاطف مع الذات.
هل تغير التصور والوصم المحيط بأهمية الصحة النفسية في الشرق الأوسط؟
يوجد تغيير ملحوظ في السنوات الأخيرة فيما يخص الوصم المحيط بقضايا الصحة النفسية في الشرق الأوسط. تنبع المشكلة من المحظورات الثقافية والأعراف المجتمعية ومنعها المناقشات المفتوحة حول الصحة النفسية. وقد ساعدت حملات التوعية المتزايدة والمبادرات الحكومية في العمل ضد الوصم والتمييز وانعدام الفهم، ولكن لا تزال التحديات قائمة وسائدة في العديد من المجتمعات. من الضروري أن تظل الجهود مستمرة لرفع مستوى الوعي وتثقيف الجمهور ودمج خدمات الصحة النفسية في أنظمة الرعاية الصحية لتحقيق مزيد من التقدم في تلبية احتياجات الصحة النفسية في المنطقة.
ما هي الخطوات الوقائية التي يمكن اتخاذها؟
تتركز التدابير الوقائية لتحديات الصحة النفسية في الشرق الأوسط في تعزيز الوعي، والتحكم في الضغط والتوتر وتقليله، وسهولة الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، وشبكات الدعم المجتمعي، وأنماط الحياة الصحية، والحساسية الثقافية، والدعوة لتقبل الصحة النفسية كعامل أساسي في الصحة العامة.
هل يمكنك مشاركتنا بعض قصص النجاح من خلال عملك مع مؤسسة Kusnacht Practice؟
إحدى قصص النجاح البارزة تتعلق بمريض جاء إلى عيادتنا وهو يعاني الاكتئاب الشديد والقلق. عندما وصل لأول مرة، كان قادرًا على مغادرة المنزل بصعوبة، وكان يواجه صعوبة في الحفاظ على العلاقات بالإضافة إلى عدم قدرته على العمل بسبب الأعراض التي يعانيها.
من خلال نهج علاجي شامل من إدارة الأدوية والعلاج النفسي تمكننا من دعم هذا الشخص في رحلته إلى التعافي. عملنا أيضًا مع المريض على تغيير نمط حياته، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتحسين عادات النوم والتحكم في التوتر. بمرور الوقت، بدأ يستعيد ثقته وشعوره بالكفاءة الذاتية، وبدأ الاندماج تدريجيًّا في الأنشطة الاجتماعية وعاد في النهاية إلى العمل.
تؤكد قصص النجاح هذه على أهمية اتباع نهج شامل لعلاج الصحة النفسية، لا يعالج الأعراض فحسب، بل يعالج أيضًا العوامل الأساسية التي تسهم في معاناة الفرد. ومن خلال تصميم العلاج لتلبية الاحتياجات الفريدة لكل مريض ومعالجة الأبعاد المختلفة لرفاهيته، يمكننا أن نحدث فرقًا ذا معنى في حياتهم.