إحدى استراتيجيات النجاح غير التقليدية للموظفين: كيف تدير مديرك؟!
في عام 1980، نشرت مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" مقالًا للبروفيسور "جاك غابارو" و"جون كوتر" بعنوان متناقض إلى حد ما: إدارة مديرك: هل يمكنك حقًا إدارة رئيسك في العمل؟ وهل يجب عليك حتى المحاولة؟!، وقد أجابا على كلا السؤالين بنعم، بل وأكدا أن الأشخاص الذين لا يديرون رؤسائهم عادة لا يحققون نتائج عظيمة، وربما لا يتم التعرف على إنجازاتهم!
وعلى الرغم من مرور أكثر من 44 عامًا على هذا المقال، إلا أن الدروس الأساسية التي احتواها ظلت خالدة، كإحدى استراتيجيات النجاح غير التقليدية. فلكي تكون فعالًا في وظيفتك، لا يمكنك الاعتماد على رئيسك في تحديد شروط علاقة العمل المثمرة، بل يجب عليك أيضًا العمل على إدارة ذلك، من خلال فهم أسلوب عمل رئيسك وتفضيلاته، ونقاط القوة والضعف لديه، وأهدافه وتوقعاته، بغض النظر عن مدى جودة أدائه، فهو يعتمد عليك بشدة للقيام بهذه الأشياء، التي سيدعمها الفهم والتواصل الهادف، والتنفيذ الفعال، بما يمكنك من إدارته مثلما يديرك.. فكيف يحدث ذلك؟!
المحادثات النقدية مع رئيسك
تناولت العديد من الكتابات ضرورة بناء علاقة فعالة مع رئيسك في العمل منذ اللحظة الأولى لتولي وظيفتك الجديدة، وتناولت جميعها ضرورة إجراء محادثات نقدية، ليس فقط عند تولي المنصب الجديد، بل ينبغي إجراء محادثات شاملة ومنظمة مع رئيسك حول كيفية العمل معاً بشكل منتظم، وذلك على الأقل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، حول عدة مواضيع مهمة تمثل نقاط انطلاق جيدة للعمل، مثل:
- الرؤية: من خلال طرح سؤال إلى أين نحن ذاهبون، ولماذا؟ في ظل التغيرات الأوسع في الصناعة والعالم، وبالوقوف على الإجابة ستدرك كيفية توصيل الرؤية بشكل فعّال، للتحدث مع رئيسك حول الموضوع بطريقة متسقة.
- الأهداف: هنا نناقش ماذا سنفعل لتحقيق رؤيتنا؟ فهل أنت ورئيسك على دراية بأهدافكم، وتتشاركونها بنفس الأولويات، وتعرفون كيفية تقييم تقدمها وقياسه؟ هل خريطة الطريق الخاصة بك منطقية؟ كيف ستتعامل مع التهديدات أو الفرص؟
- التوافق: ينبع التوافق من الأهداف، ويتعلق بكيفية إحرازك أنت ومؤسستك تقدماً نحو أهدافكم، ويمكنك تناول كيفية إشراك المنظمة والفريق الأوسع، والتعرف على كيفية اتخاذ القرارات واستكشاف الأسئلة المهمة.
- الإيقاع: إن الإيقاع هو في الأساس الطريقة التي تعمل بها أنت ورئيسك معًا، وليس هناك إجابة صحيحة بخلاف ما هو أفضل لكما، كم مرة تلتقيان، وهل هذا كافٍ؟ وهل مستوى الأخذ والعطاء مناسب؟ وهل التوقعات من الجانبين واضحة؟
- العلاقة: الحديث عن العلاقة يعني تناول الأسلوب والتفضيلات، التواصل والشخصية، وفي النهاية الثقة، حيث تعيد هذه المحادثة أيضاً الحوار إلى الدائرة الكاملة، مرة أخرى: ما الذي نحاول القيام به، ولماذا سيكون تحقيق رؤيتنا مهماً بالنسبة لنا؟
بناء الثقة مع مديرك
إذا تمكنت من وضع جميع النقاط السابقة في الاعتبار، وإعادة النظر فيها مع رئيسك في العمل بشكل دوري، فستجد أن علاقة العمل الخاصة بك أصبحت أقوى بكثير وأكثر إنتاجية. وإليك بعض النصائح لإجراء هذه المحادثات:
ليس من الضروري أن تكون هذه المحادثات رسمية أو منظمة، ففي كثير من الحالات تتم بعض أفضل هذه الحوارات أثناء تناول وجبة إفطار أو خلال رحلة طيران مثلاً، حيث تستطيعان التوافق حول الأهداف، بينما يترك النقاش أثره.
سواء كان رئيسك صارمًا أو مثالًا جيدًا للقيادة، فإن الخطوة الأولى هي تعلم كيفية بناء الفهم والثقة. وإليك بعض الخطوات الأخرى التي قدمتها عالمة الاجتماع "تريسي بروير":
- بذل الجهد مع تحديد توقعات عالية الجودة، لتحقيق أهدافك الخاصة، مع ثقتك بدورك وقدراتك على التحقيق، وبغض النظر عن المهمة التي تشارك فيها، أدرك أنك مهم وأن لديك نفس القدر من القيمة التي يتمتع بها رئيسك في العمل، كما أنه بدونك لن يتمكن من إنجاز العمل، وبمجرد تبني هذه العقلية، يمكنك إظهار قيمتك لرئيسك، ومن خلال تحقيق جميع أهدافه وإظهار أنك موظف يمكن الاعتماد عليه، تعد المتابعة إحدى أفضل الطرق لتحسين العلاقة مع رئيسك في العمل وترك انطباع إيجابي.
- فكر مثل رئيسك في العمل، وفهم الأهداف التي يحاول تحقيقها. على سبيل المثال، إذا كان رئيسك يريد إبقاء العملاء سعداء، فستحتاج إلى إعطاء الأولوية لذلك أيضًا. ضع في اعتبارك التحديات التي يواجهها، لذا فإن إظهار التعاطف والرغبة في إحداث تأثير سيكون مهمًا للعلاقة. وبالإضافة إلى ذلك، تأكد من أنك واضح بشأن توقعات مديرك منك، فينبغي أن يكون هذا شيئًا تتحدث عنه بانتظام. كما أن هناك طريقة أخرى لإدارة رئيسك في العمل وهي التأكد من أنك تدعمه دائمًا. ويمكنك التدخل دون تحفظات عندما يحتاج إلى الدعم. وأبقِ رئيسك على اطلاع حتى لا تكون هناك مفاجآت.
- لدعم نجاحك، تأكد من إخبار رئيسك عن أهدافك وتطلعاتك المهنية. من الطبيعي أن نواجه جميعًا أشياء صعبة أو محبطة، وفي هذه الحالات، كن حذرًا بشأن ما تطرحه على رئيسك في العمل. قاوم الرغبة في تقديم شكوى وتأكد من أنك تشارك معلومات حول العمل وأهدافك المشتركة، بدلاً من مجرد التعبير عن الإزعاج الشخصي. مع تجنب الغضب بشأن الأشياء الصغيرة. وهناك طريقة أخرى لإظهار ما تحتاجه لرئيسك، وما يمكنه فعله في النهاية لمساعدتك، وهي اتخاذ زمام المبادرة والتواصل. وعند الاجتماع، كن مستعدًا بقائمة المواضيع الخاصة بك، وكن فعالًا في الطريقة التي تستخدم بها وقتكما معًا.
اقرأ أيضًا: لماذا تتجه الشركات للتعامل مع الموظفين المستقلين؟
كيفية إدارة رئيسك في العمل
حسب علماء الاجتماع والإدارة، فإن لدى رئيسك العديد من علاقات العمل التي يتعين عليه إدارتها، وقد لا تكون علاقته معك على رأس أولوياته، لكن ينبغي أن تجعلها كذلك. فبالطبع، لا يمكنك حقاً "إدارة" رئيسك في العمل، حتى إذا كنت تعتقد أنه تم ترقيته بشكل غير عادل. فقط تقبل حقيقة الموقف، وتحمل مسؤولية جعل العلاقة تعمل لصالحكما. فإن تنحية الاختلافات والخلافات في وجهات النظر جانبًا من أجل الصالح العام يُظهر المبادرة والذكاء العاطفي، وهما من الصفات الحاسمة التي تبحث عنها المؤسسات. وفي أفضل حالاتها، ستكون علاقتك مع رئيسك مبنية على الاحترام والثقة والتعاون والتواصل الفعال. لكن عندما لا تسير الأمور على ما يرام، فمن المفيد معرفة ما يمكنك القيام به لتحسين الوضع، وما يحق لك أن تتوقعه في المقابل. ومن ثم عليك:
- فهم أسلوب رئيسك في العمل، والبحث عن الأرضية المشتركة، ثم تحديد المناطق التي تسبب الاحتكاك أو الخلل الوظيفي للبدء في معالجتها.
- ما هي توقعات مديرك المحددة منك فيما يتعلق بالإنتاجية والسلوك؟ على سبيل المثال: هل يحب معرفة ما تفعله في جميع الأوقات، أم أن أسلوبه يعتمد على عدم التدخل أكثر؟ هل يشجع الابتكار أم يفضل القيام بالأشياء حسب الكتاب؟
- انظر بعناية إلى أسلوب التواصل مع رئيسك في العمل. هل يهتم بالحقائق فقط، أم يطلب آراء وأفكار الآخرين قبل اتخاذ القرار؟ هل يفضل البريد الإلكتروني أو المراسلة على المحادثات وجهاً لوجه؟
- انظر إلى الصفات التي يقدرها مديرك في أعضاء الفريق الذين قاموا بعمل جيد تحت إدارته، واعمل على تطويرها بنفسك.
- إن إظهار قيمتك أمام رئيسك في العمل لا يعني التفاخر، بل يتعلق بإظهار الهدف المشترك واتخاذ الاتجاه لتحقيقه وإيجاد الحلول, وهذا يساعد على بناء الثقة والعلاقة.
- عندما تبدو جيداً، يبدو مديرك في العمل جيداً أيضاً وهذا يفيد الجميع, فضع أهداف فريقك في الاعتبار دائماً، وتذكر أنها قد تتوافق مع أهداف رئيسك.
- قم بإشراك رئيسك في العمل من خلال الاستفسار عن توقعاته وأهدافه الرئيسية وطرقه المفضلة لتلقي التحديثات.
- استمع باهتمام وأكد فهمك لضمان التوافق مع احتياجات مديرك، وتكييف نهجك ليناسب أسلوبه الإداري.
- إذا كان مديرك سيئًا، يمكنك المساعدة في التعويض عن نقاط ضعفه أو أخطائه.
- يجب عليك السماح لمديرك بمعرفة الطريقة التي تفضل أن تتم إدارتك بها، ومدى الاستقلالية التي ترغب في التمتع بها. ويمكنك جعل هذا الجزء من لقاءاتك الفردية المعتادة.
- يجب أن تكون علاقتك مع رئيسك في العمل مثمرة ومفيدة للطرفين، لأنكما تشتركان في هدف واحد يتمثل في إنجاح مؤسستكم. فأعمل على ذلك بكل طاقتك وتجاوز العقبات وذللها بكل الطرق، كإحدى استراتيجيات النجاح غير التقليدية.