هل شُرب الماء يمنع الجلطات حقًا؟.. الجواب ليس كما تعتقد
لطالما نصح الخبراء بشُرب الماء للوقاية من الجلطات، فالماء يُحسِّن تدفّق الدم، وهو يُشكِّل غالب تكوين الجسم، ونقصه أو الإصابة بالجفاف قد يُضعِف تدفّق الدم ويزيد خطر الإصابة بالجلطات، لكن هل هذا حقيقي بأن شُرب الماء يمنع الجلطات أم أن هذه النصيحة غير دقيقة؟ وإذا كانت كذلك فكيف تحمي نفسك من الجلطات؟
من الأكثر عُرضةً للجلطات؟
قد تُصِيب جلطات الدم أي إنسان، لكن بعض الأشخاص مُعرّضون لها بدرجةٍ أكبر من غيرهم، ومن العوامل التي تُسهِم في زيادة خطر الإصابة بها:
- العمر: يزداد خطر الإصابة بالجلطات الدموية بين كبار السن مِمّن تخطّت أعمارهم 65 عامًا، بسبب ضعف الأوعية الدموية مع تقدُّم العمر، وتأثُّر تدفّق الدم عبر الأوردة بسبب ذلك.
- الجنس: الرجال أكثر عُرضةً للجلطات من النساء عمومًا، لكن النساء قد يصرن أكثر عرضة للجلطات عندما تزداد مستويات هرمون الاستروجين لديهن أثناء الحمل أو مع تناول حبوب منع الحمل، أو مع تلقّي العلاج الهرموني بعد سن اليأس.
- الأمراض: قد تزيد بعض الأمراض فرص الإصابة بجلطات دموية، مثل السرطان، والسكري، وتصلّب الشرايين، والتهاب الأوعية الدموية، والرجفان الأذيني، والسمنة، ومتلازمة الأيض.
- قلة الحركة: البقاء ساكنًا لفترات طويلة أو عدم الحركة كحالك عندما تكون مُستلقيًا في فراشك طوال اليوم أو مع الجلوس في الرحلات الطويلة خلال السفر؛ قد يزيد خطر الإصابة بالجلطات.
- التدخين: يُغيِّر التبغ أسطح الصفائح الدموية "خلايا تساعد على تكوين الجلطات"، ما يجعلها أميل إلى الالتصاق بعضها البعض وتكوين جلطات، كما أنّه يضرّ بطانة الأوعية الدموية، ما يجعلها بيئة خصبة لتكوين الجلطات أيضًا.
- الجراحة: قد تزيد العمليات الجراحية خطر الإصابة بالجلطات، خاصةً لو ظل المريض ماكثًا في فراشه دون حراك في الأيام التالية للعملية الجراحية.
ما تأثير شُرب الماء على تدفُّق الدم في الجسم؟
يزيد الماء تدفُّق الدم في الجسم من خلال زيادة حجم الدم، وتحفيز استجابة الجسم الطبيعية لضبط تدفّق الدم عبر الأوعية الدموية، فعندما يزداد حجم الماء في الأوعية الدموية، يستجيب الجسم تلقائيًا بتغيير معدل ضربات القلب وضغط الدم، لضمان تدفّق ما يكفي من الدم إلى الأعضاء الحيوية، مثل الدماغ والقلب والرئتين والكلى.
اقرأ أيضًا:"وقاية وحماية من الأمراض".. أفضل الأوقات لشُرب الماء خلال اليوم
هل شُرب الماء يمنع الجلطات؟
من المنطقي أنّ الماء يُسهِم في منع جلطات الدم بتأثيره في تدفق الدم، وعلى الرغم من النصائح المستمرة بشُرب الماء للوقاية من جلطات الدم، لكن هذا التأثير قد لا يكون مُؤكّدًا.
ولفهم ذلك بصورةٍ أوضح، لنناقش معًا جلطات الأوردة العميقة في الساق، التي تحدث مع انخفاض تدفق الدم عبر الأوردة - على الأرجح مع قلة المشي أو عدم استطاعته - ثُمّ يبدأ الدم في التجمع في الأوردة بدلًا من التدفق.
ومع تجمّع الدم، تسنح الفرصة للمواد المُتخثّرة في الدم للالتصاق ببعضها البعض، ما قد يُؤدِّي إلى تكوين جلطة في نهاية المطاف.
لذلك فإنّ أي شيء يُحسِّن تدفّق الدم، مثل الحركة أو شُرب الماء، يُساعِد الدم على المضي قدمًا في مساره عبر الأوعية الدموية، بدلًا من أن يتجمّع، وهذا من الناحية النظرية يمنع الجلطات.
لكن الباحثين غير مقتنعين بأنّ شُرب الماء يُحدِث فرقًا كبيرًا في هذا الأمر، بل خلصت إحدى الدراسات في المجلة البريطانية للتغذية "Birtish Journal of Nutrition" إلى أنّ كمية ما يشربه الإنسان لا تُحدِث فرقًا في لزوجة الدم (وبالتالي احتمال تكوين الجلطات).
من ناحية أخرى يعتقد بعض الباحثين أنّ شُرب الماء لا يُحدِث فرقًا في لزوجة الدم إلّا إذا عانى الإنسان الجفاف منذ البداية، فقد أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ الجفاف قد يزيد خطر الإصابة بجلطات دموية.
ومن المهم الإشارة إلى أنّ هذه النتائج نظرية، ففي النهاية هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كانت كمية الماء التي تشربها يُمكِن أن تُؤثِّر مباشرةً في خطر الإصابة بالجلطات الدموية أم لا.
هل الإكثار من شُرب الماء يزيد سيولة الدم؟
قد يُؤثِّر شُرب الكثير من الماء على كمية البروتينات التي تساعد على تكوين الجلطات في دمك، ومع ذلك فهذا لن يزيد سيولة الدم، ولن يمنع تكوين الجلطات.
هل يُمكِن أن يؤدي الجفاف إلى جلطات؟
إذا كان الجفاف بدرجةٍ تُسبِّب انخفاض تدفّق الدم، فقد يزيد خطر الإصابة بالجلطات، لكن الجفاف وحده "نقص الماء" ليس كافيًا لأن يُسبِّب الجلطات، خاصةً إذا كُنت تتمتّع بصحة جيدة.
أمّا إذا اجتمع الجفاف مع أحد عوامل الخطورة المذكورة سلفًا، مثل قلة الحركة أو الإصابة ببعض الأمراض، مثل تصلب الشرايين، أو التدخين، أو غيرها، فهُنا قد يزداد خطر الإصابة بالجلطات.
اقرأ أيضًا:"رغم كل الموروثات".. فوائد لن تتوقعها لشرب الماء في أثناء الأكل
نصائح للوقاية من الجلطات
على كلٍ، فإنَّ شُرب الماء يَحفظ صحتك، سواء كان يُسهِم في منع الجلطات أم لا، فإلى جانب ذلك، يُمكِنك اتّباع النصائح الآتية للوقاية من الجلطات:
- ممارسة الرياضة: الحركة وممارسة الرياضة من أفضل طرق الحفاظ على تدفّق الدم والوقاية من الجلطات، وأقل نشاط بدني تفعله المشي قليلًا في أي وقتٍ من يومك.
- تجنُّب الجلوس لفترات طويلة: هذا مهم خاصةً إذا كُنت تُسافِر في رحلات طويلة، فإذا كان عليك البقاء جالسًا، فحاوِل أن تُحرّك قدميك قليلًا من وقتٍ لآخر، أو الوقوف فكل ذلك يُسهِم في تقليل خطر الإصابة بجلطات الدم.
- التوقف عن التدخين: قد ثبت أنّ التدخين يزيد خطر الإصابة بالجلطات؛ إذ يضرّ بطانة الأوعية الدموية، لذلك ينبغي التوقف عن التدخين في أقرب وقت للوقاية من الجلطات.
- الجوارب الضاغطة: تُقلِّل فرص الإصابة بالجلطات الدموية من خلال الضغط على الكاحلين والساقين؛ إذ يمنع ذلك تجمّع الدم، ومِنْ ثَمّ يمنع الجلطات.