"تهذيب للنفس وإشباع للروح".. مزارات دينية لا تفوتك بالمملكة في رمضان
تتجه الأفئدة إلى أرض الحرمين الشريفين طوال العام، بينما تهفو النفوس إلى مزاراتها الدينية خلال شهر رمضان الفضيل، إذ يسعى الجميع إلى تهذيب النفس وصقل الروح بزيارة مهبط الوحي، مع الاستمتاع بأجواء لن تجدها سوى في المملكة العربية السعودية، فهنا يمتزج الماضي بالحاضر ليكونا تلك المنارة الشامخة في عالمنا الإسلامي، وفي السطور التالية تصحبكم مجلة "الرجل" بين بعض المزارات الدينية بالمملكة، وهي الأماكن التي يجب ألا تفوتها خلال زيارتك في رمضان من هذا العام.
جبل النور وغار حراء
يبعد جبل النور عن مكة المكرمة بنحو 4.8 كيلومتر، في الشمال من المسجد الحرام، حيث يطل بارتفاعه الذي يبلغ نحو 634 مترًا على أجواء ساحرة، فيما يحتضن غار حراء، وهو المكان الذي أكرم الله فيه رسوله الخاتم محمد "صلى الله عليه وسلم" بمقام النبوة، إذ كان يقضي وقته هناك في التفكر حتى نزل عليه الوحي الأمين، فكانت الرسالة التي غيرت البشرية وأخرجت الدنيا من الظلمات إلى النور.
وغار حراء عبارة عن فجوةٍ في جبل النور، بابها نحو الشمال، فيما تتسع لقرابة 9 أشخاص جالسين، ويبلغ ارتفاعها مقدار قامة متوسطة، وبينما لا تُعد زيارة الغار أو الجبل من أحكام العمرة أو الحج، إلا أن زيارة هذا الموضع في ذلك الشهر الفضيل الذي أُنزل فيه القرآن ستشكل فرصة للتفكر والخشوع، بينما تستلهم مما عايشه رسولنا الكريم في هذه البقعة المباركة، إلا أنه من الضروري التنبيه أن الوصول إليها يصعب على كبار السن والمرضى.
جبل ثور وغار ثور
لثلاث ليالٍ في هجرته إلى المدينة المنورة "يثرب" ظل الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" مختفيًا عن أعين المشركين، تحفظه عناية الله، بين جبل ثور الذي يبلغ ارتفاعه نحو 748 مترًا تقريبًا، فيما يبعد عن مكة المكرمة بنحو 4 كيلومترات، وقد مكث نبينا الكريم مع صاحبه أبي بكر الصديق "رضي الله عنه" في ذلك الكهف الصغير المسمى بغار ثور، والذي يقع بالجهة الشمالية من أعلى جبل ثور، وهو عبارة عن صخرة مجوفة بارتفاع 1.25 متر، لها فتحتان من جهتي الشرق والغرب.
ورغم أن زيارة جبل وغار ثور ليست من أحكام العمرة أو الحج، فإنها تشكل فرصة للتفكر في حياة الرسول الكريم، واكتساب العبر والدروس في الأخذ بالأسباب، إلا أن الوصول إلى غار ثور قد يكون صعبًا بالنسبة لكبار السن والمرضى لطول المسافة وصعوبة المشي، فيما يظل أحد المزارات الدينية بالمملكة التي يجب ألا تفوت التعرف إليها.
اقرأ أيضًا: "القصار".. جوهرة تراثية نادرة في قلب جزر فرسان السعودية
جبل أُحد وجبل الرماة
يقع جبل أُحد على قرابة نحو 4 كيلو متر شمال المسجد النبوي، وكما نعرف جميعًا فقد كان لهذا الجبل مكانة خاصة عند رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، كما شهد واحدة من أعظم معارك الإسلام، معركة أُحد التي استشهد فيها 70 من الصحابة دفنوا عند قاعدته في مقبرة الشهداء، منهم سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب "رضي الله عنه".
وقد سُمي أُحد بهذا الاسم، لتوحده عن الجبال التي حوله، إذ يظهر منفردًا عن بقية الجبال، وهو يمتد كسلسلة من الشرق إلى الغرب، ويميل نحو الشمال، بطول نحو 7 كيلو مترات، وعرض يتراوح بين 2 إلى 3 كيلو مترات، فيما يصل ارتفاعه إلى نحو 1077 مترًا. وعند زيارته ستشاهد مقبرة الشهداء عند قاعدة الجبل، وكذلك جبل الرماة وهو جبل صغير مجاور استُخدم في غزوة أُحد وله قصة شهيرة أعطت العبر، وهي الأماكن التي خلّدها التاريخ، فيما عطّرها بروائح ونسمات إيمان الرعيل الأول من صحابة رسولنا من الشهداء والأبرار، ما يمنح الزائر دفقات إيمانية خلال شهر رمضان الفضيل، وباعتباره أحد المزارات الدينية المهمة في المملكة تتوفر الكثير من وسائل النقل إليه، مع عديد من الجولات السياحية المنظمة.
جامع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "التنعيم"
أُقيم هذا الجامع التاريخي في المكان الذي أحرمت منه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق "رضي الله عنهما" لعمرتها بعد حجة الوداع، وهو يقع خارج الحرم غرب مكة المكرمة، ويبعد نحو 7 كيلومترات عن المسجد الحرام، وقد كان أول بناء هذا المسجد في عهد الخليفة المتوكل عام 240 من الهجرة، وقد أُعيد بناؤه في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز "طيب الله ثراه".
وتعود قصة هذا المنطقة إلى عهد الرسول الكريم، إذ تمنت أم المؤمنين عائشة "رضي الله عنها" أن تعود من مكة بحج وعمرة مثل باقي الصحابة والصحابيات، ولكنها لم تستطع أن تأتي بالعمرة لعذر شرعي، وبعد إتمام الحج أمر رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أخاها أن يأخذها إلى التنعيم، مكان المسجد اليوم، لِتُحرم بعمرةٍ بدل تلك التي فاتتها، ومن هذا الجامع يُحرم أهالي مكة لأنه أقرب نقطة خارج الحرم بالنسبة لهم، كما يُحرم من التنعيم من أراد تكرار العمرة بعد أخذ الإذن والتصريح عبر تطبيقي "اعتمرنا" أو "توكلنا"، ومن ثم ستستمتع بأجواء المكان بينما تحظى بعمرة مقبولة إن شاء الله، فيما تهذب نفسك وروحك بزيارة بعضٍ من أطهر بقاع الأرض.