هل تؤثر المسكنات على الكلى فعلاً؟ وما أهم الأعراض وطرق العلاج؟
قُرص دوائي تتناوله كل يوم إذا ما أصابك ألمٌ في أي وقت، ثُمّ لا تجد للألم أثرًا كأنّه لم يُصِبك ابتداءً، وليس بإمكان أي دواءٍ فعل ذلك إلّا المُسكِّنات، لكن تناولها كُلّما أصابك ألمٌ، خاصةً بجرعات كبيرة ولفترات طويلة قد يُهدِّد كليتك من ناحيةٍ أخرى؛ إذ لا ينبغي تناول المسكنات لتسكين الآلام أكثر من 10 أيام متتالية، فكيف تُؤثِّر المسكنات على الكلى وما دلالات ذلك التأثير؟
ما هي المُسكِّنات؟
المُسكِّنات هي الأدوية المُستخدَمة في تخفيف الألم وخفض درجات الحرارة العالية، إلى جانب تخفيف الالتهابات المشتعلة في أنحاء الجسم، ومن أمثلتها إيبوبروفين وأسبرين وباراسيتامول وكيتوبروفين، وغيرها، وتحتوي معظم المُسكِّنات على مواد فعّالة قد تضرُّ الكلى لكن في ظروفٍ مُعيّنة.
هل تضر المُسكِّنات الكلى؟
نعم، قد يُؤدِّي تناول بعض المسكنات لفتراتٍ طويلة، مثل إيبوبروفين أو نابروكسين أو أسبرين، أو حتى تناولها بجرعات كبيرة إلى ضرر الكلى والإصابة بالتهاب الكلية الخلالي المُزمِن.
وعمومًا لا ينبغي تناول المُسكِّنات "التي من دون وصفةٍ طبية" لتسكين الآلام أكثر من 10 أيام، ولا لتخفيف الحمى أكثر من 3 أيام، فإن استمرّ الألم أكثر من 10 أيام، أو الحمى أكثر من 3 أيام، فلا بُدّ من استشارة الطبيب لمعرفة ما يجب عليك فعله.
إضافةً إلى ذلك، فإنّه لا ينبغي بتاتًا تناول مُسكِّنات الألم "مضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAIDS" مع ضعف وظائف الكلى أو تدهورها، بل حتى لو كانت كليتك سليمة ينبغي اتّباع النصائح الآتية:
- تناول المسكنات بأقل جرعة ممكنة ولأقصر فترة زمنية ممكنة.
- تناول الجرعة كما هي موصوفة لك من قبل الطبيب، أو حسب ما هو موجود على ملصق العبوة أو النشرة الدوائية.
ما هو اعتلال الكلية بالمسكنات "Analgesic nephropathy"؟
تلف إحدى الكليتين أو كليهما بسبب التعرُّض المفرط للأدوية المُسكِّنة للآلام، والتي لا تستلزم وصفة طبية، وينقسم اعتلال الكلية بالمُسكِّنات إلى اعتلال الكلية الكلاسيكي، إذ يستغرق تلف الكلية سنوات كي يحدث، ويتميّز بتليُّف كثيف بين أنسجة الكلى، والتفاجؤ بالإصابة بمرض الكلى المزمن، كما قد يصحبه النخر الحليمي الكلوي، وهو أحد اضطرابات الكلى.
كذلك هناك نوع ثان من اعتلال الكلى بالمسكنات، وهو القصور الكلوي الحاد، المرتبط بتناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل إيبوبروفين، وديكلوفيناك، ونابروكسين.
كيف يحدث اعتلال الكلية بالمسكنات؟
يُؤدِّي اعتلال الكلية بالمسكنات إلى نخر حليمي كلوي، خاصةً مع الاستخدام المُفرِط طويل الأمد للمسكنات، وهذا الاضطراب لا يحدث بين عشيةٍ وضحاها، بل مع تناول كميات كبيرة على مدار فترة زمنية طويلة، مثل 3 حبّات على مدار 6 سنوات.
ويحدث ذلك بسبب تكوين وسائط نشطة "مُركّبات كيميائية" إثر التمثيل الغذائي للأدوية، مثل الباراسيتامول، فتتراكم هذه المُركّبات في نخاع الكلى بتركيزات كبيرة، خاصةً عند الطرف الحليمي، ما يُؤدِّي إلى إتلاف الخلايا المُبطِّنة في تلك المنطقة.
والأسبرين مثلاً يُفاقِم ذلك باستنفاد الجلوتاثيون الذي يتخلّص من السموم من الوسائط النشطة، كما أنّه يُقلِّل تدفُّق الدم إلى الكلى، الأمر الذي قد يُؤدِّي إلى قصور كلوي حاد مع تناول المُسكِّنات.
أعراض اعتلال الكلية بالمسكنات
قد لا تدري أنّ الكلى قد بدأت وظائفها في الاضمحلال بينما تتناول المسكنات كل يوم، والحقيقة أنّ هناك علامات وأعراض تدل على اعتلال الكلية بالمسكنات:
- تقتصر الأعراض في المراحل الباكرة على كثرة التبوُّل، والبيلة القيحية المُعقّمة "صديد بلا بكتيريا وذلك يُعرَف بتحليل البول".
- قد يُعانِي بعض الناس ألم الخاصرة، أو نزول دم مع البول في مراحل متأخرة.
- ارتفاع ضغط الدم وفقر الدم في الحالات المتوسطة والشديدة.
- نزول البروتين في البول مع تدهور وظائف الكلى "الطبيعي أنّ الكلى لا تترك البروتين يمر من خلالها بكمياتٍ كبيرة".
يميل الأطباء إلى تشخيص بعض المرضى باعتلال الكلية بالمسكنات، خاصةً إذا تراوحت أعمارهم بين 30 - 70 عامًا، مع إقرارهم بتناول المسكنات لفترات طويلة، يستوي في ذلك تناولها لصداعٍ مزمن، أو ألم أسفل الظهر، أو غير ذلك.
أيضًا قد يكون هؤلاء المرضى قد عانوا سابقًا قرح المعدة؛ إذ إنَّ المُسكِّنات من فئة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، قد تُسبِّب قرح المعدة مع تناولها بجرعات عالية أو لفترات طويلة.
علاج اعتلال الكلى بالمسكنات
بدايةً يجب التوقف عن تناول المُسكِّنات التي اعتاد المريض تناولها، ثُمّ إجراء بعض التغييرات بهدف منع تدهور حالة الكلى أكثر مما هي عليه، وذلك قد يكون من خلال:
- تعديل النظام الغذائي وفق توجيهات الطبيب.
- تقييد تناول السوائل.
- الغسيل الكلوي أو زراعة الكلى في الحالات الشديدة.